لو كان يعلم أوجست كونت أنه بعد ما فطس بأكثر من مائة وخمسين عامًا أن الدكتور الخريف سـ يُدرس العلم الذي أسسه ... لا فضل أن يرعى الأبقار في سفوح جبال الألب ، أو أن يصكها بلوت في مقاهي باريس على أن يجهد عقله وفكره في التأمل والتنظير والتأسيس لعلم الاجتماع .!
ولكأنيّ بــــ وليم أوجبرن يتأوه دخل قبره حسرةً على عمره الذي أفناه وهو يحاول أن ينقل العالم من التفكير الفلسفي إلى التفكير العلمي المنطقي ..ولكن هيهات هيهات مع افلاطون العصر الحديث الخريف .!
ولو أن أبا زيد ابن خلدون بُعث من مرقده لصرخ في وجه الخريف قائلًا : يا أخي حرام عليك... فكّ العالم من اللتِّ والعجن اللي قاعد تسويه !
:
ولقد قال فيلسوفه زمانه وحجة العلم ومنتهاه في المحاضرة الأخيرة : أن الأسئلة ليست فرد عضلات من الأستاذ ، ولكنه قد أُصيب بتمزق عضلي من شدة الاستعراض هذا المساء !
:
تقوم فكرة التغير الاجتماعي على أن العالم يتغير إلى الأفضل ، إلا اسلوب الخريف .!
العالم يتحول إلى التبسيط والخريف يزداد عتوًا في التعقيد .!
العالم يترابط والخريف يفرق .!
العالم بأباطرة علمائه يمنهج مناهج ميسرة ، والخريف يؤصل للتعسير .!
:
الخريف لم يأخذ في الاعتبار بأننا طلاب انتساب وشتان بيننا وبين الانتظام.!
مع أنّي أجزم أن حتى طلاب الانتظام لكانوا صرخوا من شدة الغبن من هذه الأسئلة !
ولم يأخذ في الاعتبار أن فينا العسكري المرابط على الحدود وبالكاد يجد فرصة ضئيلة يحضر فيها لقاعة الامتحان أشعث أغبر من وعثاء المرابطة ، في هيئةٍ يتفطر لها القلب رأيت ذلك بأم عيني ، بل وبعضهم يحضر بزيه الرسمي وكل ذلك لإتمام الاختبار ليعود على الثغور يحمي الوطن يبيت ساهرًا حتى يتنفس الصباح يمزق هدوء ليله الهادئ أزيز الطائرات وضجيج المدافع .... يعني فلسفتك يا الخريف مو ناقصته !
الخريف نسي أو بالأحرى تناسى أن من الطالبات الأم والزوجة فوق كاهلها مسؤولية تربية أبناء ورعاية شؤون بيت وزوج غثيث يفقع مراراتها بطلباته التي لا تنتهي ... وبالكاد تجد وقتًا تراجع فيه دروسها !
ومع ذلك أسئلة الخريف لا تجد لها حلاً لا في المحاضرة ولا في كتاب ولا وجود لها إلا في دماغ الخريف ..!
ولكنها شنشنه نعرفها من الخريف
:
إلى الله المشتكى...إلى الله المشتكى
:
أمير الصعاليك