.
.
عدنا ..
سيكلوجية الجماهير لغوستاف لوبون 1/3
مقدمة إلى علم النفس الاجتماعي وفكر غوستاف لوبون:
من المعروف أن علم النفس يهتم عادة بدراسة النفسية الفردية ومشاكلها في فترة الطفولة والمراهقة خصوصا وعلم التحليل النفسي هو قائم على استبطان الذات الفردية لا الجماعية من أجل تشخيص عقدها النفسية.
أما علم النفس الاجتماعي هو دراسة الصراع الناشب بين الفرد والمجتمع، مرحلة أولى؛ أي مدى انسجام الفرد اجتماعيا، وهو من العلوم الغير معروفة على الرغم من أنه أحد العلوم الإنسانية الأساسية، ويعتبر مؤسسيه الأوائل هم الفرنسيون وغوستاف لوبون.
الفرق بين علم النفس الاجتماعي وعلم النفس الجماعي:
الثاني يعتبر فرعًا من فروع الأول، فعلم النفس الاجتماعي يدرس العلاقة بين الفرد والمجتمع ثم عمليات دمج الإنسان في المجتمع أو تحويله إلى كائن اجتماعي، أما علم النفس الجماعي فهو ليس إلا الفرع الأخير من فروع علم النفس الاجتماعي، ومن الصعب في عصرنا هذا إهمال هذا العلم الخطير حيث نجد أن كل شئ يعبر عن نفسه بواسطة الكمية والعدد ( كالاقتصاد والدعاية والإعلان والأيدلويجييات السياسية أو الحزبية ..) كل هذه الطواهر تندرج تحت إطار علم النفس الجماعي أو علم نفسية الجماهير.
علم الجماهير بين الأيدلوجيات الدينية والأيديولوجيات السياسية:
في الماضي كان الدين أو بالأحرى كانت الأيدلوجيات الدينية هي التي تهيج الجماهير وتجيشها لكي تنخرط في الحركات الكبرى؛ ولكن بعد أن تعلمنت أوروبا في العصور الحديثة حلت الأيديولوجيات السياسية محل الأيدلوجيات الدينية في القيام بهذه المهمة.
وأصبحت الأحزاب السياسية والنقابات العمالية هي التي تعبئ الجماهير وتجعلها تنزل إلى الشارع، يقول الباحث ب.أديلمان: “لقد حلت السياسة محل الدين، ولكنها استعارت منه نفس الخصائص النفسية فأصبحت السياسة دينا معلمنًا”.
المسألة العنصرية ومفهوم العرق التاريخي:
يعرف لوبون “بنية اللاوعي الجماعي” بالتكوين العقلي للشعوب والشئ الذي يتحكم بهذا اللاوعي أو بذلك
التكوين العقلي هو ما يدعوه بالعرق التاريخي ويعرفه قائلاً: “عندما تخضع شعوب من نفس الأصل أو تتنمي إلى أصول مختلفة ولكن غير متباعدة جدا لنفس العقائد والمؤسسات والقوانين طيلة قرون عديدة فإنها تشكل عندئذ ما كنت قد دعوته في مكان آخر “بالعرق التاريخي” وعندئذ يمتلك هذا العرق نظاما أخلاقيا وحتى دينيا وسياسيا مركبا من مجموعة من المواضيع والأفكار والعواطف المشتركة التي هي منغرسة في النفوس إلى الحد الذي تقبل فيه دون نقاش”.
كيف رأى المفكرين الجماهير بعد ظهورهم على المسرح الأوربي؟
أولاً: الجماهير عبارة عن تراكم من الأفراد المتجمعين بشكل مؤقت على هامش المؤسسات وضد المؤسسات القائمة.
ثانيًا: الجماهير مجنونة بطبيعتها.
أما لوبون فيقترح خطًا جديدًا لتفسير ظاهرة الجماهير:
حيث أنه رفض التفسيرات السابقة ورد على سؤال: ما هو الجمهور؟ وكان جوابه يتلخص عمومًا على أن الميزة الأساسية للجمهور هي انصهار أفراده في روح واحدة وعاطفة مشتركة تقضي على التمايزات الشخصية وتخفض من مستوى الملكات العقلية.
ويمكن أن نخلص من كل تحليلات أن هناك نمطين من الفكر:
الأول: يستخدم الفكرة المفهومية وهو يعتمد على العقل والبرهان والمحاجة المنطقية.
والثاني: يستخدم الفكرة المجازية أو الصورية ويعتمد على قوانين الذاكرة والخيال والتحريض.
وأن أكبر خطأ يرتكبه القائد السياسي هو أن يحاول إقناع الجماهير بالوسائل العقلانية الموجهه إلى أذهان الأفراد المعزولين فالجماهير لا تقتنع إلا بالصور الإيحائية والشعارات الحماسية والأوامر المفروضة من فوق.
مثال: “السياسي اليميني موريس باريس كي يهيج الشعب الفرنسي فإنه كان يدين البرجوازية السامية الكبرى (أي اليهودية ضمنا) لأنه يعرف أن في أعماق الشعب الفرنسي عاطفة عداء موروثة ضد اليهود”.
لذا فإن معرفة نفسية الجماهير تشكل المصدر الأساسي لرجل الدولة!
الكتاب الأول: روح الجماهير
.. ولي عودة معه إن شاءالله ..
.
.