الدُّعاء
هو تلك ( الرسائل الباكية )
التي نرسلها إلى السّماء بِوجل
وننتظر عودتها بإنكسار
و نحن نردّد :
( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)
الدُّعاء
هو تلك (اليد المُتعبة)
التي نطرُق بها أبواب السّماء
وننتظر أن يُؤذن لنا
ونحن نُكرّر :
( إدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )
الدُّعاء
هو أن تَمُدّ يدك و أنت الفقير
إلى.. غنيٍ .. كريمٍ .. قدير
وأنت مُتيقن تمام اليقين
أن اليد الممدودة إلى السماء
لا تعوُد فارغة أبداً
يا أعزائي .. الدُّعاء
لقلوبِنا عزاء .. و ليأسِها رجاء .. و لِحُزنِها جلاء
فلنحمد الله .. أن وفّقــنا إليه
ودلّـنا عليه ..
وأهدانا إياه .. رحمةً مِنهُ وكرما
قال ابن عيينة:
( لأنا مِن أن أُمنع الدُعاء أخوف .. مني أن أُمنع الإِجابة)
- لله دُره من قلب -
أن تُـمنع الدُعاء
يعني أن ( تُـضنيك الدُروب)
و ( تَشغلَك المسافات )
وتقضي عليك
( صروف الدّهر)
أن تُـمنع الدُعاء
يعني أن تخوض( معركة الحياة ) .. بلا ( سيف )
وتواجه ( تقلُباتِها ) .. بلا ( درع )
وتتلقى (ضرباتِها) .. بلا (حِجاب)
فـتخِـر
جريحاً .. كسيراً .. صريعاً
لا حول لك .. ولا طَول
أن تُـمنع الدُّعاء
هو أن تَألف الموت و تَتوهم الحياة
وأيّ حياةٍ تُريد .. و أيّ عيش ترجوا
وقد أمسيت مُرتهناً إلى ضعفِك
( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً )
وأيّ حياةٍ تُريد .. و أيّ عيشٍ ترجو
وقد فقدت وقود الأمل بداخلك
و حُرمت فضل القوي الجبار القادر على كل شيء
القويّ الذي أمره بين كاف ونون
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
إن أضناك الإنتظار .. و أردت القرار
وإشتقت إلى أن تعود دعواتك
بفرج ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )
وتُشفى جِراحك
بـ ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ )
فلا بُد لك أن تقف
مع (أعظم قصص الفرج في التاريخ)
لتملك المُفتاح وتعرِف السّرّ
سرّ الفرج .. سرّ زوال الكَرب
سرّ المِنحة الإلهية :
( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )
جمع الله جل جلاله
كل تلك القصص العظيمة في سورة واحدة
هي سورة الأنبياء
التي أهدتنا ( مفتاح باب السماء )
سورة ..أنبأتنا
بأعظم قصة صبر
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
وأبكتنا
بأعظم قصة سجن
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
وأحزنتنا
بأعظم قصة عُـقم
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)
ليأتي الشِّفاء في الأولى:
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ
وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)
وتأتي النّجاة في الثانية:
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)
ويأتي الوليد في الثالثة:
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ)
إقرأ بقلبِك
ما قاله الله جلّ في عُلاه
بعد أن ساق لنا كُلّ تلك القصص
( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)
أسنان مُفتاح الفرج ثلاثة:
(1)
( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ )
قال ابن سعدي
( لا يتركون فضيلة يقدرون عليها، إلا انتهزوا الفرصة فيها )
(2)
( وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً )
قال ابن جريج :
( رغبا في رحمة الله ، ورهبا من عذاب الله) .
(3)
( وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ )
قال أبو سِنَان:
( الخشوع هو الخوف اللازم للقلب، لا يفارقه أبدًا ) .
أما وقد
سارعت نفسك .. في الخيرات
و إرتوى دعائِك .. رغبةً ورهبةً
و تدثّـر قلبك .. بخشوعٍ لا ينفكُّ عنه
فإنتظرها بيقين :
( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )