رد: حديث 5 - سبل السلام -
" الحديث الرابع " وعنْ أبي أُمامةَ الباهليِّ رَضِيَ اللَّهُعَنْهُ : سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ : ((إِنَّاللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)). رواهُأحمدُ والأربعةُ إلَّا النَّسائيَّ، وحَسَّنَهُ أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ، وقَوَّاهُابنُ خُزيمةَ وابنُ الجَارُودِ.
رواهُالدَّارَقُطْنِيُّ منْ حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، وزادَ فيآخِرِهِ: ((إِلا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ))، وإسنادُهُحَسَنٌ.
س: على ماذا دل الحديث ؟
س: ما حكم الوصية للوارث ؟ § َالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ الْوَصِيَّةِلِلْوَارِثِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمَاهِيرِ مِن الْعُلَمَاءِ . - وَذَهَبَ الْهَادِيوَجَمَاعَةٌ إلَى جَوَازِهَا ؛ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {كُتِبَعَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآيَةَ.
- قَالُوا: وَنَسْخُ الْوُجُوبِ لا يُنَافِي بَقَاءَالْجَوَازِ. قُلْنَا : نَعَمْ، لَوْ لَمْ يَرِدْ هَذَا الْحَدِيثُ فَإِنَّهُ نَافٍلِجَوَازِهَا ؛ إذْ وُجُوبُهَا قَدْ عُلِمَ نَسْخُهُ مِنْ آيَةِ الْمَوَارِيثِ .
- كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ،وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ ذَلِكَ مَاأَحَبَّ .
-- س: على ماذا دل َقَوْلُهُ: ((إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ)) ؟ - دَلَّعَلَى أَنَّهَا تَصِحُّ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ إنْ أَجَازَهَاالْوَرَثَةُ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلامُفِي إجَازَةِ الْوَرَثَةِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ هَلْ يَنْفُذُ بِهَا أَوْ لا،وَأَنَّ الظَّاهِرِيَّةَ ذَهَبَتْ إلَى أَنَّهُ لا أَثَرَ لإِجَازَتِهِمْ. وَالظَّاهِرُ مَعَهُمْ؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَهَىعَن الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ قَيَّدَهَا بِقَوْلِهِ: ((إِلاَّ أَنْ يَشَاءَالْوَرَثَةُ)) .
وَأَطْلَقَ لَمَّامَنَعَ مِن الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَيْسَ لَنَا تَقْيِيدُمَا أَطْلَقَهُ، وَمَنْ قَيَّدَ هُنَالِكَ قَالَ: إنَّهُ يُؤْخَذُ الْقَيْدُ مِنالتَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ: ((إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ...)) إلَخْ؛ فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَىأَنَّ الْمَنْعَ مِن الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ مُرَاعَاةً لِحَقِّالْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوا سَقَطَ حَقُّهُمْ، وَلا يَخْلُو عَنْ قُوَّةٍ.
هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ.
-- س: إذا أقر المتوفي قبل الوفاة شئ من ماله ، ما حكم ذلك ؟ َاخْتَلَفُوا إذَا أَقَرَّ لِلْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ ؟ - فَأَجَازَهُالأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مُطْلَقاً.
- وَقَالَ أَحْمَدُ : لا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِلِوَارِثِهِ مُطْلَقاً، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لا يُؤْمَنُ بَعْدَ الْمَنْعِ مِنالْوَصِيَّةِ لِوَارِثِهِ أَنْ يَجْعَلَهَا إقْرَاراً.
وَاحْتَجَّ الأَوَّلُ بِمَا يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْهَذِهِ الْحُجَّةِ، فَقَالَ : إنَّ التُّهْمَةَ فِي حَقِّ الْمُحْتَضَرِ بَعِيدَةٌ،وَبِأَنَّهُ وَقَعَ الاتِّفَاقُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِوَارِثٍ صَحَّ إقْرَارُهُمَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي الإِقْرَارَ بِالْمَالِ .
- وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ مَا إذَا أَقَرَّلِبِنْتِهِ وَمَعَهَا مَنْ يُشَارِكُهَا مِنْ غَيْرِ الْوَلَدِ؛ كَابْنِ الْعَمِّ،قَالَ: لأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي أَنَّهُ يَزِيدُ لابْنَتِهِ، وَيُنْقِصُ ابْنَالْعَمِّ. وَكَذا اسْتَثْنَى مَا إذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ الْمَعْرُوفِبِمَحَبَّتِهِ لَهَا وَمَيْلِهِ إلَيْهَا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ مِنْغَيْرِهَا تَبَاعُدٌ، لا سِيَّمَا إذَا كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فِي تِلْكَالْحَالِ.
- أَنَّ مَدَارَ الأَمْرِ عَلَى التُّهْمَةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْفُقِدَتْ جَازَ، وَإِلاَّ فَلا، وَهِيَ تُعْرَفُ بِقَرَائِنِ الأَحْوَالِوَغَيْرِهَا .
- وَعَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلاَّلِلزَّوْجَةِ بِمَهْرِهَا.
|