[align=right]
المحاضرة الثامنة
تابع ثانياً : نظريات المدخل المحافظ
4 - كنجزلي ديفز:
- عالم اجتماعي أمريكي أعار موضوع السكان جانبا كبيرا من اهتماماته ووضع عدة مؤلفات ومقالات في هذا الصدد وعرض قضاياه النظرية في مقال له بعنوان "نظرية التغير والاستجابة في التاريخ الديموجرافي الحديث" ،
ويمكن أن نلخص قضاياه النظرية فيما يلي :
1- يرفض (كنجزلي ديفز) النظريات التي تحاول تفسير التغير الاجتماعي بالرجوع إلى عامل واحد فقط، كالعامل الاقتصادي أو العامل الثقافي لأنها تحاول تبسيط الأمور وتتهرب من التفسيرات المعقدة.
فيما يتعلق بتغييرات الخصوبة فهو يعترض على التفسيرات التي ترى أن هذه التغيرات تخضع لعامل اقتصادي بحت مثل قلة الموارد المتاحة.
ويعترض كذلك على التفسيرات التي تعتمد على العامل الثقافي فقط.
والتوازن الذي يميل إليه المجتمع في نظر (ديفز) ليس توازنا بين عدد السكان والموارد المتاحة ولكنه توازن بين عدد السكان ومتطلبات البناء الاجتماعي.
وهو يرى انه لفهم التغيرات التي يتعرض لها المجتمع،يجب النظر إلى هذا الأخير على انه يميل دائما نحو التوازن الاجتماعي وان هذا التوازن الاجتماعي يتعرض دائما لضغوط ومؤثرات قد تنبع من داخل المجتمع أو من خارجه.
2- يفترض (كنجزلي ديفز) انه إذا اختل هذا التوازن نتيجة لزيادة عدد السكان أو للاثنين معا، يميل السكان إلى التكيف من خلال استجابات متنوعة أو ما يسميه ديفز بالمتغيرات الوسيطة كتأخير سن الزواج أو الالتجاء إلى الإجهاض أو إلى تنظيم الأسرة أو التعقيم.
3- يحاول (ديفز) تطبيق نظريته على التطورات السكانية التي حدثت في الدول المتقدمة واهم هذه الظروف هبوط المواليد.
4- قلة الموارد المتاحة ليست هي السبب الذي أدى إلى هبوط معدل المواليد في الدول المتقدمة. أن السكان ازدادوا زيادة كبيرة في الدول الأوروبية في القرن التاسع عشر وفي اليابان في بداية القرن العشرين نتيجة لهبوط معدل الوفيات، الوقت الذي ارتفع فيه مستوى المعيشة ارتفاعا كبيرا0
أما السبب الحقيقي الذي أدى إلى هبوط عدد المواليد فهو إمكانية الاستفادة من الرفاهية المتزايدة ومن الفرص الجديدة المتاحة.
فالتغير الذي حدث في مستوى الرفاهية والإمكانيات الجديدة التي أتيحت إمام الأفراد أدى إلى ظهور استجابات متنوعة كتأجيل سن الزواج في ايرلندا وانتشار وسائل منع الحمل في فرنسا والالتجاء إلى الإجهاض في اليابان0
ولم يتعرض (ديفز) لتفسير الوضع السكاني السائد في الدول النامية ولكن يبدو في ضوء نظريته ان الزيادة السكانية الكبيرة التي حدثت في هذه الدول أدت إلى اختلال التوازن بين متطلبات البناء الاجتماعي وبين السكان مما أدى إلى الضيق الاقتصادي وتمثل ذلك في هجرة الفلاحين وتطبيق برامج تنظيم الأسرة.
ملاحظات نقدية على نظرية كنجزلي ديفز:
تعد نظرية (ديفز) من أكثر نظريات المدخل المحافظ حرصا على التمسك بفكرة التوازن.
كما أنها تواجه نفس المشاكل التي يواجها الإطار البنائي الوظيفي والذي يجسد المدخل المحافظ0
كذلك نظرية ديفز تعتبر نظرية استاتيكية غير دينامكية.
ثالثاً: نظريات المدخل الراديكالي في تفسير الظواهر السكانية
1 – كارل ماركس (1818 – 1883):
كان (ماركس) مفكرا اجتماعيا ألمانيا اشتهر هو وزميله انجلز بوضع دعائم الاشتراكية العلمية ولم يفرد (ماركس) لموضوع السكان مؤلفا خاصا وإنما عرض لبعض الآراء النظرية المتعلقة بالسكان ضمن مؤلفة المعنون (رأس المال).
يسلم (ماركس) بأن المجتمع يمر بمراحل متباينة في تغيره.
ويفترض أن تزايد السكان يرتبط بمعدل التشغيل في النظام الاقتصادي.
وجد ما يدعم افتراضه هذا بناء على دراسته لنظام الإنتاج الرأسمالي، حيث لاحظ وجود فائض في السكان نتيجة لمعدل التشغيل المتناقص واختصار النفقات وتراكم رأس المال. أو يؤدي تراكم رأس المال في صورة سلع إنتاجية إلى نقص الحاجة إلى العمال.
ويتوقع (ماركس) بناء على هذه الحقائق عدم وجود فائض في السكان مع وجود نظام الإنتاج الاشتراكي. ويتحقق التوازن بين الزيادة في رأس المال الثابت والمتغير، بحيث لا يوجد فائض سكاني ويقل الفقر والبؤس.
ليس هناك قانونا عاما ثابتا للسكان وإنما لكل مرحلة من مراحل تطور المجتمع والإنتاج قانون خاص بها ينطبق عليها وحدها، قانون واحد للسكان لا يتحقق إلا في حالات النبات والحيوان.
تتلاشى مشكلة زيادة السكان مع تطور المجتمع ووصوله إلى مرحلة الإنتاج الاشتراكي وهذا معناه أن الفقر والبؤس باعتبارهما تزايد السكان لا يدينان بوجودهما إلى عامل بيولوجي يزيد أو ينقص قدرة الإنسان على الخلف والإنسان أو إلى غيرها من عوامل طبيعية وإنما يرجع إلى النظام الاقتصادي.
ملاحظات نقدية على نظرية ماركس:
على الرغم من انه قد عاب على سابقيه تحيزهم لإحدى الطبقات الحاكمة في المجتمع، إلا انه قد وقع في نفس الخطأ وتحيز لإحدى هذه الطبقات (الحكومة).
النظام الاشتراكي يقل فيه ضغط السكان على الموارد وتحل فيه مشاكل تزايد السكان. ولكن نمو السكان من ناحية أخرى محكوم بعوامل أخرى منها الحرية الشخصية فيما يتعلق بالزواج والخلف.
[/align]