2011- 1- 22
|
#2
|
|
متميز في قسم المواضيع العامة
|
رد: قرأت لك ..
التغيير
وأنا أتصفح كتاب مع الآخرين لأستاذ الكلمة ومهندسها أستاذي أنيس منصور توقفت كثيرا عند خيول كلماته التي يُحررها تابعا من عقالها ليطلقها حرة مكتنزة بمعانيها في براري صفحات كتابه بكل رشاقة ولياقة
بدأ بان ساق قصة لاثنين من الأدباء الروس قرئا خطاب للكاتب العملاق الروسي تولستوى ففكرا ان يقوما بزيارته ..وهما جوركي وتشيخوف ..وكان خطابه يقول وهو مهم وقد توقفت إزاءه متأمل حتى تسمرت عيني وشاخت أوصالي ..
( يجب ان تنتج، ويجب ان تعبر عن كل ماهو ناضج في نفسك.، فلا احد يستطع ان يعبر عنه سواك، لا يهم أبدا ما يقوله الناس عنك ، لا يهم ما يقيمونه من حفلات لك ، لكن الذي يهم جدا ، وفي الدرجة الأولى ، هو ان تحس انك تقول شيئا جديدا وشيئا عاما يحتاج إليه الناس ، وعندما تحس بذلك وتعمل من اجله، فما أعظم سعادتك في هذه اللحظة )
فرائيا ان يمتحنا أدبيهم الشيخ تولستوى ويسألانه ان كان لديه جديد حقا ، وان كان لديه أفكار ناضجة قد تنفع الناس وتسعدهم ، وان كان النضج لوحده يكفي ! مع انه بإمكان الثمار ان تنضج بعيدة عن متناول الأيدي على الأغصان حتى تتعفن وتسقط على الأرض جثة هامدة لا ينتفع منها الناس ، وكذلك يسألانه ان كان لا زال متمسك بتلك القيم والمبادئ !
وفي سنة 1901 التقوا الثلاثة في لقاء يعد قيمة ولحظة قلما تحدث ..
كان تولستوى في الرابعة والسبعين
وكان تشخوف في الثانية والأربعين
جوركي في الثالثة والثلاثين
وكأن كل واحد منهم قد أرخ لحقبة زمنية وبالتالي أسلوب متفرد في التفكير تجاه الحياة وفصولها.
تولستوى يمثل بعمره وفكره الطبقة الأرستقراطية والإقطاع الفردي في تفكيره وقضاياه ,
وتشيخوف كان مثقفا يمثل الطبقة الوسطى
وجوركي يمثل الطبقة العاملة
والنتيجة التي خرجوا بها عقب ذلك اللقاء مع تولستوى انه فنان كبير وعملاق ولكنه في غير زمانه وكأنه وصل المحطة بعدا ان غادرها القطار .او انه يتحدث بلغة ما عادت محكية .ولأنه لا يعيش التفاعل الاجتماعي ويعيش العزلة والوحدة بات جبل معزول عن وديان الشعوب وبدا لهم انه يعيش في قوقعة او قمقم مع ان هناك شروق لشمس جديدة مزقت قميص الأفق الآخر من الحياة .
ويقول أنيس منصور انه قد أحدث هذا اللقاء في مسار حياته هزة جعلته ينتقل من ذات الشمال الى ذات اليمين. ومن منا يا أستاذ أنيس لا تهزه بعض الكتب التي يقراها فهناك كتب بمثابة الصاعق الذي يسبق انفجار القنبلة ، ويرى انيس منصور انه من الممكن ان يظل الإنسان قفل متين يعسر فتحه ولا يصادف مفتاحا . او لغما عائم لم يرتطم به جسم آخر ليجعلها يتفجر ، او قمقم مغمور في خضم النسيان لا يصادف يد تحرر ما بداخله من طاقة او يظل وجهه هائم دون ان يجد مرآة تقول بقسماته.فيبقى مجهولا للناس ومجهولا لنفسه أيضا .
فوجدت الأستاذ منصور كأنه كان يشكو حال حيرته ربما أجدها تتجلى في كتابه مع الآخرين..ويقول :
عندما تتاح له الفرصة ..ولو مرة واحدة في حياته فينفتح القفل وينفجر اللغم ويرى ملامح وجهه ويرى ما تحت الوجه من استعداد وإصرار على ان يعمل وينتج ويغير نفسه وبالتالي من حوله .
وهنا إشارة مهمة ان على الإنسان ان يغوص في مكامن نفسه ليخرج صدفة المحارة التي تخفي حبة اللؤلؤ .
ولذلك فقد رايا جوركي وتشيخوف بان تولستوى العظيم قد بعدت المسافات بينه وبين نفسه وبالتالي بينه وبين الآخرين وانه قد نسى ما كان يقوله وان ما يذكره ما عاد يحمل قيمة وانه أصبح أي تولستوى قيمة نقدية ورقية بلا غطاء من الذهب والغطاء الذهبي هم الناس . أي انه لا بد من ان يعيش واقع التجربة ..هو حيا ولكن دون تجارب مع الناس . وما أكثر أولئك الأحياء الذين ليس في رصيدهم تجارب .
|
|
|
|
|
|