عروس البحر مكلومة
لا ادري من أين ابتداء حديثي فالشق اكبر من رقعة الكلام .. والموقف اكبر من ان ُيعبر عنه بالهجاء او المواساة ..!
لا شك ان اغلبنا قد غصت في حنجرته الكلمات ..وذبُحت على أطراف شفاهه فغدت بحة..!
وهو يشاهد مدينة بأكملها تبتلعها السيول الجارفة الهادرة دون رأفة او رحمة وتأتي على كل شي ..في طريقها من .البشر والشجر والحجر والحديد ...
والمؤلم ان الصورة كررت نفسه قبل حولين ..بل أتصور ان سيل هذا العام كان يسير بسخرية على اثر سابقه ..! في صورة هزلية تراجيدية بائسة..!
..
الماء لا يجامل ..لا ينافق ..لا يرتـشي .( دفش ..جلف..واقعي ..قل ما شئت ) يقول الصراحة فاقعة اللون .. الماء لا يقبل بأنصاف او أرباع الحلول اما حلول كاملة جذرية او تسرب حتى البلل.
عندما يغيب الضمير ويفقد الإنسان إنسانيته أمام الجشع المادي واللهث وراء حطام الدنيا وسقط المتاع يخرج وحش كامن كاسر من داخل ذلك الكائن ..فتغدو كـل المبادئ والقيم والاعراف لديه مهشمة مشوهة و تصبح صور مجوفة وخاوية لا معنا لها !
ما وقع في جدة كــ القذى في العين والحسرة في النفس والوجع في القلب ....لا تستطع كل الكلمات وكل ارباب الكلام ان يبلسم جراح أهلها الذين فقدوا أقاربهم والذين فقدوا منازلهم والذين روعوا ..وللمرة الثانية على التوالي !! وكأن الطوبة أتت في المعطوبة ! كما يقال في المثل الشعب او كأن العظم الذي جُبر العام الماض كُسر مرة أخرى ..!
الدولة تـقـتطع من ميزانيتها أرقام فلكية لتصرف على البنية التحتية والتطوير والتوسع بما يخدم المواطن والمقيم على حد سواء ..!
لكن كل تلك المليارات الكفيلة بان تبني مدينة من غبار للأسف الشديد يتم تسريـبها او اهدارها او تسيلها في شقوق الفساد !! وهذا يترتب عليه محاسبة شديدة لان من قام بهذا العمل قد خان الأمانة وخان الوطن وقبلها خان دينه بالإضافة الى الأرواح التي تسبب في إزهاقها والممتلكات التي دمُرت والخوف ولهلع الذي أصاب السكان وأقاربهم .
اختم ،لأقول ان ما حدث في جدة يحدث في الشرقية والرياض وبقية مناطق ومحافظة المملكة دون استثناء تختلف في الدرجة وتتشابه في اللون من الفساد والرشاوى وغياب الضمير الذي استتر او نحر وجلب ليباع في سوق النخاسة بثمن بخس دراهم معدودة ..!
الوطن اكبر من كل ذلك العبث ..!
..اعتذر من عروس البحر التي شوهنا وجهها الجميل ومرغ في الوحل أمام العالم ..وجعلنا أحلامها الوردية كوابيس كلما قالت الأرصاد بالأمطار ! فزعت واضطربت وناحت كالام الثكلى .!
مع ان الأمطار تبُهج النفس وتلطف الأجواء وتسر العين ..ولكن هناك من يبدع في قتل تلك اللحظات الجميلة ويحيلها الى كوابيس وجراح .
..
دبوس
الأمطار تهطل على مدار السنة في الدول الأوربية والاستوائية وبعضها أكثر فقرا من المملكة ولم نسمع ان مدنهم غصت بالسيول ..والكباري اختنقت بالمياه لأنه لا يوجد مصرف ومجرى للماء !! طبيعي
الا أنهم يعملون وفق منهج ورؤى واضحة ومقصلة المحاسبة تحوم على رؤوس الجميع .
شكرا للوالد والملك خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى واعاده لارض الوطن سالما غانما ، الذي دائما ما يرمي بطوق النجاة في كل أزمة ..من الغرق في الأمطار الى الغرق في الأسهم
ولا ادري كم تبقى من طوق نجاة في يده .؟!
وطني
تختلف مواضع الألم ، لكن الإحساس في جغرافيتك يوحد الالم
التعديل الأخير تم بواسطة English Literature ; 2011- 1- 30 الساعة 12:27 AM
|