مع أن الإدارة تكتسب في وقتنا الحاضر أهمية كبرى يمكن أن نتلمسها من خلال منهاجنا الدراسية الجامعية وفي معاهد التدريب الإداري ومراكزه المختلفة , إلا انه لا تزال هناك حاجه ماسه إلى توضيح أساسيات هذه الإدارة , هذا التوضيح يتعلق بمفهوم الإدارة ذاتها وتحديد طبيعتها ومجالاتها والعناصر التي يمكن أن توضحها الإدارة لتحقيق أهدافها . إن الحاجة إلى توضيح أساسيات الإدارة مردها في واقع الأمر إلى قصر تاريخ تطوير الإدارة في العصر الحديث , إذ لم يكد يتجاوز هذا العمر المئة عام إلا قليلا , وهو عمر قصير إذا ما قارناه ببعض مجالات العلوم الأخرى كالشريعة واللغة العربية وآدابها والعلوم الطبيعية والطب . لقد تجاوزت أعمار هذه العلوم القرون مما ساعد على ترسيخ مفاهيمها وطرق البحث فيها , لدرجة الوصول إلى قوانين يمكن من خلالها تفسير الظواهر التي تتعامل مع هذه المجالات من العلوم , كما هو الشأن في العلوم الطبيعية ,
من هذا المنطلق فإننا في هذا الفصل نحاول توضيح مفهوم الإدارة وتطويرها , باعتبار أن ذلك يمثل المدخل الرئيس لفهم موضوعات الإدارة في الفصول القادمة في هذا الكتاب كم يشكل الإطار الذي يمكن من خلاله معالجة موضوعات هذه الفصول وتبعا لذلك فإننا سوف نعالج في ذه الفصل الموضوعات الآتية :
لقد تعددت التعريفات التي قدمها لنا المتخصصون في مفهوم الإدارة , حتى يمكن القول إن الكتابات الإدارية الراهنة تتضمن عدداً من التعريفات بقدر عدد الكتاب في مجال الإدارة , ومن هذه التعريفات نذكر على سبيل المثال لا الحصر
· الإدارة مشتقة من الفعل " أدار " وهي تعني خدمة الآخرين وتقديم العون لهم وعلى هذا النحو , فإن من يعمل بالإدارة يقوم بخدمة الآخرين , أو يصل عن طريق الإدارة إلى أداء الخدمة .
· عرفت موسوعة العلوم الاجتماعية الإدارة بأنها العملية التي يمكن بواسطتها تنفيذ غرض معيّن والإشراف عليه .
· كما عرف كونتز و أودرونال الإدارة بأنها : " تنفيذ الأشياء عن طريق الآخرين " .
· أما فريدريك تايلور , فعرفها : " أن تعرف بالضبط ماذا تريد , ثم تتأكد من أن الأفراد يؤدونه بأحسن طريقة ممكنه وأرخصها " .
· كذلك , فقد عرف ديل بيش الإدارة بأنها " عملية استخدام الموارد من المواد الخام والعنصر البشري لتحقيق أهداف معينه , وتتضمن تنظيم الأشخاص وتوجيههم وتنسيقهم وتقييمهم لتحقيق هذه الأهداف " .
· أما القريوتي وزويلف , فقد عرف الإدارة بأنها " استغلال الموارد المتاحة عن طريق تنظيم الجهود الجماعية وتنسيقها بشكل يحقق الأهداف المحددة بكفاية وفاعلية وبوسائل إنسانية , مما يسهم في تحسين حياة الإنسان , سواء أكان عضوا في التنظيم أم مستفيدا من خدماته , وأيا كان المجال الذي تمارس فيه " .
ما سبق يتضح لنا أنه لا يوجد تعريف محدد للإدارة , بل تعريفات متعددة وذلك عائد إلى تباين خلفيات وتجارب الباحثين المتخصصين في الإدارة , غير أن تعدد هذه التعريفات لا يعني عدم وجود اتفاق بينهما في كثير من النقاط . وإجمالا , فإننا نعرف الإدارة بأنها :
" وظيفة تنفيذ الأعمال عن طريق الآخرين باستخدام التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة , وذلك من أجل تحقيق أهداف المنظمة بكفاية وفاعلية , مع مراعاة المؤثرات الداخلية والخارجية " .
من خلال هذا التعريف يمكننا أن نبين العناصر الآتية :