ولذا تسود العالم الآن المقولة الشهيرة إن التعليم هو المصدر الرئيسي للأمن القومي في أي مجتمع ونتيجة لذلك فإن تطور أي مجتمع ومكانته بين المجتمعات الأخرى ومستقبله ( في أن يكون أو لا يكون) يتوقف بدرجة كبيرة على مدى تطور المؤسسات التعليمية بهذا المجتمع.
وفي هذا الصدد يقول د.إسماعيل دياب "إن النظام التعليمي يعتبر نظاماً فريداً في أهميته وخطورته لأي مجتمع من المجتمعات سواء أكانت مجتمعات متقدمة أم نامية على حد سواء.
ونجاحه يمثل في الواقع شرطاً ضرورياً ولازماً لنجاح الأنظمة والمؤسسات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ,..... وغيرها ؛ فهو مصدر إعداد الفرد للمواطنة السليمة لكي يكون طبيباً ,ورجل أمن ,ورجل سياسة واقتصاد , ورجل أعمال ".
ويمكن أيضا إيضاح أهمية المؤسسات التعليمية من خلال التعرف على مدى حجم النقد العام والضغوط الشعبيه التي تواجهها هذه المؤسسات من قبل أفراد المجتمع مقارناً بما يتم للمنظمات الأخرى حيث تحظى المؤسسات التعليمية بأنواع مختلفة من النقد العام والظغوط الشعبية الكثيره والتي لا تقارن في ضخامتها بأية منظمة أخرى والسبب في ذلك يرجع إلى الشعور العام بأهمية وحساسية المهام التعليمية والتربوية بالنسبة للرأي العام في المجتمع؛ فالمنظمات التعليمية توجه خدماتها المباشرة إلى كل أسرة في المجتمع من خلال أبناء هذه الأسر ليصبحوا آباء وأمهات ومواطنين صالحين لهم ولأسرهم ولمجتمعهم في المستقبل القريب .
مما سبق يتضح أنه على الرغم أن جميع المنظمات غير التعليمية المختلفة تنشأ لتقدم خدماته المختلفة إلى جميع أفراد المجتمع , إلا أنه لا تواجه بنفس الحجم من النقد والهجوم والضغط الشعبي القوي والمستمر من قبل الأفراد مثلما تواجهها المنظمات التعليمية. كما أن المدرسة تعتبر من أكثر المنظمات الإجتماعية قابلية للنقد والهجوم والضغط الشعبي الدائم بحيث لا يمكن أن يماثلها أو يحاكيها في ذلك أية منظمة أو مؤسسة أخرى في المجتمع .هذا ويمكن بيّنا أهم ماتتميز به الإدارة المدرسية عن إدارة أي مؤسسة أخرى فيما يلي :
· حتمية وجودها :
· فالخدمات المتوقعه من المؤسسات التعليمية والخدمات المفروض أن تقدمها هذه المؤسسات , وارتباط هذه الخدمات بالمنزل , وآمال الآباء وتطلعاتهم بالنسبة لأبنائهم , والحاجة إلى مواطن صالح , تكون كلها ضرورات ملحة بالنسبة لرفاهية المجتمع وتقدمه. بل إن ضرورتها أكثر إلحاحاً من ألوان النشاط الأخرى .
المنظور الجماهيري: ويعني الأهمية النسبية العامة للتربية بالنسبة للميادين الأخرى ,فبصفة عامة نجد أن مايحدث في مصنع لإنتاج الصلب – مثلاً – يبعد كثيراً من حيث المنظور الجماهيري . عما يحدث في المدرسة . فمما لا شك فيه أن إهتمام الجماهير بموضوع التربية يرجع لإتصاله بأغلى ما يملكه المجتمع – الأبناء – وهذا الوجود المتميز للمدرسة له آثاره المترتبة على إدارة المدرسة , وإلى جانب هذا تتعامل الإدارة المدرسية مع كثير من الأجهزة الإجتماعية الأخرى , وتطلب تفهمها وتعاونها.
تعقد الوظائف والفعاليات : تختلف المنظمات فيما بينها من حيث درجة الفنية والتعقد, مع عدم التقليل من تعقد أية مؤسسة أو منظمة إنتاجية ؛ فإن الواضح أن عملية التدريس والتعليم تتضمن تعقيداً يفوق ما تتضمنه إدارة أو تشغيل آلة ميكانيكية أو يدوية مثلاً , وفي نفس الوقت قد تكون اقل تعقيداً بلا شك مما تتضمنه إدارة قسم للعلاج النفسي مثلاً فإحدى سمات الإدارة المدرسية أنها تتضمن مستوى فنياً ودرجة من تعقد العمليات تفوق المتوسط أو المعدل وهذا التعقد يؤدي إلى كثير من المشاكل التنظيمية والتنسيقية , وإلى جانب هذا فإن تعقد القيم اللإجتماعية يجعل الإدارة المدرسية في موقف حرج , وكذلك تعقد الثقافات والأيديولوجيات .
· ألفة العلاقات الضرورية : فالمستوى الفني وألفة العمليات التعليمية , وما تتضمنه من إحتكاكات مباشرة بين الأفراد في داخل المدرسة , تمثل جانباً أخر مميزاً للإدارة التعليمية ؛ فهناك العلاقات بين التلاميذ بعضهم بعضاً , وبين المدرسين بعضهم بعضاً, وبين هؤلاء والآباء , وبين المديرين والمدرسين وهكذا , وهي علاقات تتضمن تفاعلاً معقداً يحدث يومياً , ويجب أن يسود الإحترام هذه العلاقات , ويجب –أيضا- أن يكون هناك تحيز بين مجال المدرسة ومجال المنزل , وبين المدرسة والمجتمع .
التأهيل الفني والمهني للعاملين : هناك بعض أو قلة من المنظمات التي تتساوى مع المدرسة أو تفوقها من حيث وجود هيئة من الموظفين المؤهلين تأهيلاً فنياً , فالمعلمون يشترط فيهم حصولهم على شهادات ومؤهلات معينة مع تدريب وإعداد مهني معين , ويترتب على ذلك أن الإدارة يجب أن تولي إهتماماً كبيراً لتوزيع هيئة العاملين في التعليم أكثر من إدارة المصنع , فهناك أمور مثل القيم المهنية وأحكام ومهارة الإتصال وغيرها , تزيد من تعقيد الإدارة وتحتم عليها أن تتضمن درجة عالية من الإعداد أوالتأهيل المهني للعاملين .
مشكلات القياس والتقويم : من المفهوم أن مشكلات التقويم على المستوى الفني في المؤسسات التعليمية أكثر صعوبة وتعقيداً في معظم المواقف الإدارية الأخرى , وكيف يمكن قياس التغير في السلوك العرفي أو المهارات أوالإتجاهات و غيرها؟ , وما المعيار النهائي لنجاح المؤسسة التعليمية ؟ وبالطبع هناك إجابات جيدة وشاملة لمثل هذه الأسئلة لكنها - على كل حال – أكثر تعقيداً و صعوبة في تنفيذها , إذا ما قورنت بحساب عائد مصنع لإنتاج الصلب – مثلا , وهناك قوى معلمه في المجتمع لها تأثيرها على شخصية التلميذ , فهناك على سبيل المثال : تأثير المنزل , والمؤسسات الدينية , والمجتمع ككل بمؤثراته الثقافية والحضارية , مما يجعل عملية قياس أثر المدرسة وحدها عملية صعبة , الأمر الذي يجعل للإدارة المدرسية أيضاً طابعاً مميزاً .