رد: " حلم من أحلام اليقظة " ,,, محاضرات كلية العلوم في القرن 25
من أحلام اليقظة
(الجزء العاشر)

كانت مداخلة احد الطلاب تتحدث عن معانته مع الرياضيات... كان يخشى أن تكون عائقاً في طريقه...و تمنع عنه الإحساس بمتعة الفيزياء...
تلته مداخلة إحدى الطالبات... شاركته المعاناة...و قالت ببالغ الحزن و الأسى"لقد صنع بنا الصفر الصغير ما صنع...و أعيتنا الكسور...كنا مجموعة كبيرة قبل سنوات....قررنا أن نجمع لحظات السعادة و نطرح منها الهموم...لكن الرياضيات أبت إلا أن تقسمنا ...بل وعلمتنا الضرب بعد أن كنا مسالمين..."
لقد استأذن احد الحضور و أعلن عن رغبته في الإجابة...انه البروفسور محمد الخوارزمي... أستاذ الرياضيات الشهير ... والغني عن التعريف... بالطبع فهذا الشبل من ذاك الأسد الكبير...
"أيها الأعزاء ..انتم تعلمون بان الفيزياء علم الطبيعة ... و لابد أن تعلموا بأن لغتها الرياضيات بل هي لغة الجمال في أي مكان ...
كيف للرياضيات أن تكون عقبة في طريق الفيزياء...أو ليس علماء الفيزياء هم أكثر الناس احتكاك بها... لعل الرياضيات عانت قليلا من الوحدة ...لكن الفيزياء لم تتوانى عن جمع كل العلوم لتخرجها من عزلتها...
ألم يكن ألبرت أينشتاين فيزيائيا مشهوراً .. لقد تفوق أيضا على كل أقرانه في الرياضيات...
و كذلك إسحاق نيوتن...ألم تساهم عبقريته في اكتشاف حساب التفاضل و التكامل..بل انه عين أستاذا للرياضيات في كامبردج أحدى أرقى الجامعات ...
وهل نسيتم العالم ستيفن هوكنج الذي أتى بنظرية الانفجار العظيم ...العالم الذي يعيش في صمت مطبق حبيس ذاك الكرسي الكهربائي العجيب...و مع ذلك لم يمنعه المرض من تحقيق النجاح...لقد جاء بعد نيوتن بثلاث قرون ليصبح أستاذ الرياضيات الأول في جامعة كامبردج واستمر حتى حقق حلمه الجميل ...
أيها الأعزاء احمدوا الله الليل و النهار فانتم في أحضان جامعة تشجع على طلب العلم و تتبع نهج الإسلام... احمدوا الله أن جامعتكم لم تتبع سياسة الفيلسوف اليوناني العظيم أفلاطون... و أنها لم تكتب على باب الجامعة " من يجهل الرياضيات لا يدخل من هذا الباب"... حاولوا جهدكم...ابدأوا بحل المسائل...لا تكتفوا بواحدة...وان واجهتكم المصاعب فلا تترددوا بالسؤال...مكتبي و بيتي مفتوحان لكم ...وقلبي قبلهما يا أعزاء.."
ليتكم معي وشاهدتم ماذا فعل بالحضور... كلامه أزاح عنهم هم ثقيل... لم يكن من أولئك العلماء اللذين سمعت عنهم أو قرأت...علماء لم يتجاوز علمهم تلك الأبحاث التي اكتظت بها أرفف المكتبات...مع أن هناك مكان أرقى من ذاك المكان...نعم ...هي بالتأكيد عقولنا نحن الطلاب...
"الصفر .. تلك النقطة التي تغير ملامح الأعداد...جميلة في خانة الآحاد ...و أكثر جمالا في العشرات ...بل و أكثر تألقاً في المئات ...لم تشحنها الرياضيات بتلك الأقطاب...فكانت الأصل في النظام الطبيعي للأعداد...و الأصل في تدريج محاور الإحداثيات... أما الأعداد و الكسور .... الجمع و الطرح ... القسمة والضرب...هي الأساس الذي لا غنى عنه في الرياضيات ... "
"الأكثر من كل ذلك أليست الكتلة والطول والزمن كميات يمكن أن تقاس...إذن لا بأس في التعبير عنها برموز و ندخلها عالم المعادلات... انتم بالتأكيد تدركون أهمية المعادلات في تلخيص الكم الكبير من المعلومات...و لعلكم سمعتم بالمعالجة الرياضية و دورها في اكتشاف النظريات...
كيف لنا أن ندرس القوى في الفيزياء دون معرفتنا بحساب المثلثات...أم كيف لنا أن نبين حركة الكواكب و المجرات ...و نحسب ميل المنحيات .. أو تلك المساحات تحتها بدون معرفة بحساب التفاضلات والتكاملات..."
لقد كان حديثه من أروع ما سمعت...وشعرت بأنني للتو فهمت الرياضيات...

أنهى حديثه الجميل ...و لا يزل هناك وقت طويل عن نهاية المحاضرة....
في الجزء الحادي عشر ...بقايا حلم وباقة علم تكللها زهور المعرفة...
تحياتي ..
|