(( بسم الله الرحمن الرحيم ))
العنوان واضح محاضرات مناهج المفسرين للفرقة الثالثة (( المستوى السادس ))
صراحة شفت البنات محتاسين بالويب ستي وقلت أساعد حبيباتي :
محاضرات مناهج المفسرين للدكتورة منيرة الدوسري :
((((((((( المحاضرة الأولى )))
مقدمات تمهيدية لمناهج المفسرين
تعريف مصطلح (مناهج المفسرين) ؟ (مناهج المفسرين) مركب إضافي مكون من كلمتين : مناهج ، ومفسرين
• (مناهج) : جمع (منهج) وهي في اللغة مشتقة من الكلمة الثلاثية (نَهْج) والنَهْج : الطريق الواضح . يقال : نهجت لي الطريق أي أوضحته . قال تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً)
• فالمنهج والمنهاج هو الطريق الواضح البيّن المستقيم .
• و(المفسرين) : جمع مفسر ـ بكسر السين المشددةـ وهو الذي يتصدى لتفسير القرآن الكريم ، وبيان معانيه بعد تمكنه من آليات التفسير وأدواته التي يجب توافرها في المفسر .
• فمعنى (مناهج المفسرين) هو : الخُطط العلمية الموضوعية المحددة التي التزم بها المفسرون في تفاسيرهم للقرآن الكريم ، هذه الخطط الموضوعية لها قواعد وأسس منهجية مرسومة ، ولها طرق وأساليب وتطبيقات ظهرت في تفاسيرهم .
الفرق بين المنهج والطريقة:
• لابد أن نفرق بين المنهج والطريقة عند المفسرين والمحدثين والفقهاء وعلماء العقيدة والنحو ، وغيرهم .
• المنهج : هو الخطة المرسومة المحددة الدقيقة ، التي تتمثل في القواعد والأسس والمنطلقات ، التي تعرّف عليها المفسر ، والتي انطلق منها في فهمه للقرآن الكريم والتي التزم بها في تفسيره له ، هذه القواعد والأسس كانت ضوابط له ولتفسيره ، فلم يخالفها ولم يخرج عنها
• أما الطريقة : فهي الأسلوب الذي سلكه المفسر أثناء تفسيره لكتاب لله ، والطريقة التي عرض تفسير كتاب الله من خلالها .
• وبعبارة أخرى : الطريقة هي تطبيق المفسر للقواعد والأسس المنهجية التي كانت منهجه في فهم القرآن .
• مثال على ذلك :
• من قواعد منهج الإمام الطبري في تفسيره : ذكر الأقوال المأثورة للصحابة والتابعين في التفسير ، التي وصلت إليه ووقف عليها بأسانيدها المختلفة والمكررة .
• هذا كلام ضمن الحديث عن (منهج الإمام الطبري في التفسير) ويعرض ضمن التعريف على قواعد منهجه فيه
• أما (طريقة الطبري في التفسير) فتعني بتطبيق الطبري للقاعدة السابقة ، وذكر أمثلة ونماذج لها من تفسيره ، إذ يبين الباحث كيف طبق الطبري هذه القاعدة المنهجية على أسلوبه في عرض الروايات المختلفة المسندة .
• حتى يتعرف الدارس على قواعد منهج المفسر في تفسيره لابد أن يقوم بما يلي :
• 1 ـ الدراسة الفاحصة لمقدمة المفسر في تفسيره ، واستخراج القواعد المنهجية التي أشار إليها المفسر ، وفهم تلك القواعد والأسس .
• 2ـ الدراسة الفاحصة للتفسير ، للوقوف على توضيح القواعد التي أشار لها المفسر في مقدمته ، والوقوف على قواعد أخرى ذكرها المفسر أثناء التفسير .
أهمية معرفة مناهج المفسرين:
معرفة مناهج المفسرين ضرورية للدارسين المتخصصين في الدراسات الإسلامية ، وضرورية للراغبين في العلم ، والحريصين على الثقافة الإسلامية .
فإن مدارس التفسير عديدة ، وتياراته واتجاهاته منوعة ، منذ عهد الصحابة الكرام ، وحتى العصر الحاضر ، حيث ظهر مئات المفسرين ، وكتبت مئات التفاسير ، واختلفت مناهج المفسرين في فهم القرآن وتفسيره .
• فلابد من معرفة اتجاهاتها ومدارسها ، والوقوف على مناهج أصحابها ، وحسن ترتيبها وتصنيفها .
• ومن الواجب على الدارس في (التفسير والمفسرين) معرفة المفسرين وتفاسيرهم ومناهجهم وطرائقهم معرفة مجملة : المفسر ونسبه ، وعصره وعلمه ، والتزامه ومنهجيته ، ونتاجه وجهوده ، وهدفه من التفسير ، ومنهجه فيه ، وتقويم ذلك التفسير ، ومعرفة ما فيه من خير وفائدة ، ومعرفة ما عليه من مآخذ .
• فمناهج المفسرين تقدم للدارس القواعد والآداب والضوابط والتوجيهات التي لا بد منها في عالم التفسير ، كما تقدم له الأسس والأصول المنهجية الموضوعية التي لا بد منها في عالم التفسير ، وهي تحدث الدارس عن نشأة علم التفسير ، ومدارس واتجاهاته في التاريخ الإسلامي ، وتعرفه على أشهر التفاسير وأئمة المفسرين ، وتحدد له مناهجهم وطرائقهم في التفسير .
التفسير والتأويل معناهما والفرق بينهما :
التفسير في اللغة : مصدر على وزن (تفعيل) ، والتفسير : الإيضاح والتبيين .
ومنه قوله تعالى : (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً) أي بياناً وتفصيلا .
وهو مأخوذ من الفسر وهو الإبانة والكشف .
فسر الشيء إذا وضحه وبيّنه .
والتفسير في الاصطلاح :
هو علم يفهم به كتاب الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحِكمه
الفرق بين التفسير والتأويل :
التأويل : لغة مأخوذ من أول الشيء أي رجعه ، وأوَّل الكلام وتأوَّله : قدّره وفسره .
والتأويل في اصطلاح المفسرين فيه خلاف .
• وهو كما يوضحه ابن تيمية ينبغي في تحديد دلالته الاصطلاحية بالتفريق بين جيلين :
1 ـ السلف الصالح .
• 2 ـ متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم .
• فعند الأوائل نجد له معنيين :
• 1 ـ تفسير الكلام وبيان معناه، سواء أكان موافقا لظاهره أم مخالفا له، ومن ثم يكون التأويل والتفسير شيئا واحدا، أي مترادفين .
وهذا هو المعنى نفسه الذي استعمله محمد بن جرير الطبري حيث يقول عند تفسيره لآي الذكر الحكيم : القول في تأويل قوله كذا وكذا . واختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك . وكله محمول -كما أسلفنا - على التفسير والبيان .
• 2 ـ هو نفس المراد بالكلام، فإذا كان الكلام عن طلوع الشمس فالتاويل هو نفس طلوعها، أي هو نفس الحقيقة الموجودة في الواقع الخارجي، وهذا في نظر ابن تيمية -رحمه الله- هو لغة القرآن التي نزل بها.
• أما عند متأخري المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة : فالتأويل هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به. وهذا التأويل هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف، فإذا قال أحدهم : هذا الحديث أو هذا النص مؤول أو هو محمول على كذا . قال الآخر : هذا نوع تأويل ، والتأويل يحتاج إلى دليل .
• وهذا المعنى للتأويل معنى مبتدع، وهو يشكل خطورة كبيرة على عقيدة الأمة الإسلامية، وعلى كيانها وسيادتها، إذ أخذ مطية من طرف الروافض، وملاحدة الفلاسفة وغلاة الصوفية، ومن ثم وجدنا ابن تيمية يرفضه فيقول: " والتأويل المردرد هو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره.
نشأة التفسير وتطوره
جرت سنة الله تعالى في إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يبعث لكل أمة نبياً بلسان قومه ، وأن يكون كتابه بلسانهم ، قال تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم )
وأنزل الله القرآن الكريم بلسان عربي مبين على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب ، قال تعالى (إنا أنزلناه قراناً عربياً لعلكم تعقلون) .
• وكان القوم عرباً خلصاً يفهمون القرآن الكريم بمقتضى السليقة العربية واللسان العربي ، غير أن القرآن يعلو على سائر كلام العرب بألفاظه وأساليبه اللغوية والبلاغية فضلاً عن معانيه ، ولذا فقد كانوا يتفاوتون في فهمه وإدراكه وإن كان كل منهم يدرك ما يوقفه على إعجازه ، فكان بعضهم يفسر ما غمض على الآخر من معنى ، فإن أشكل عليهم لفظ أو غمض عليهم مرمى ، ولم يجدوا منْ يفسره لهم سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيوضح لهم ما غمض عليهم فهمه وإدراكه ، لأنه عليه الصلاة والسلام أعلم الناس بمعاني كتاب الله وإدراك أسراره ومعرفة مقاصده. بل هو الذي وجه إليه الله كلامه حيث قال: { لتبين للناس ما نزل إليهم }
• عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لما نزلت { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} ، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لا يظلم نفسه! فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه { يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } .
• ولم يكن تفسير القرآن الكريم يدوّن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كعلم مستقل بذاته، وإنما كان يروى منه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتعرض لتفسيره كما كان يروى عنه عليه الصلاة والسلام الحديث.
• وقام علماء الصحابة والتابعين يبينون للناس معاني القرآن ، ويفسرونه لهم .
• واستمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم ، لتفاوت قدرتهم على الفهم ، وتفاوت ملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
• وقد اشتهر كثير من الصحابة بتفسير القرآن منهم الخلفاء الأربعة ، وابن عباس وابن الزبير ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وعبدالله بن مسعود ، وأبوموسى الأشعري ، وعائشة رضي الله عنهم .
• وحين اتسعت الفتوحات الإسلامية انتشر الصحابة رضي الله عنهم في البلدان المفتوحة يعلمون أهلها القرآن ويفسرون لهم معانية، وينشرون لهم علومه ومعارفه ومضى عصر الصحابة رضوان الله عليهم على ما تقدم، ثم جاء عهد التابعين الذين أخذوا علم الكتاب والسنة عنهم وكل طبقة من هؤلاء التابعين تلقت العلم على يد من كان عندها من الصحابة رضوان الله عليهم، فجمعوا منهم ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الحديث، وما تلقوه عنهم من تفسير للآيات وما يتعلق بها فكان علماء كل بلد يقومون بجمع ما عُرف لأئمة بلدهم .
• فنشأت ما يصح أن نطلق عليها بالمعنى الحديث (مدارس التفسير) وهي كثيرة وأشهرها ثلاث مدارس :
• مدرسة ابن عباس بمكة
• مدرسة أبُيّ بن كعب بالمدينة
• مدرسة عبدالله بن مسعود بالعراق
• ما يميز تلك الفترة :
• أن تفسير هؤلاء وغيرهم من الصحابة والتابعين لم يكن مقتصراً على علم التفسير بمعناه الخاص بل كان يشمل مع هذا علم غريب القرآن وعلم أسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم المكي والمدني ونحو ذلك .
• كما لم يكن شاملاً للقرآن الكريم ولا مدوناً وإنما كان بالرواية والتلقين .
• ثم جاء عصر التدوين في القرن الثاني الهجري، وبدأ بتدوين الحديث بأبوابه المتنوعة ،وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير ، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير القرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو عن الصحابة أو عن التابعين
• اشتهر منهم : يزيد بن هارون السلمي ، شعبة بن الحجاج ، وكيع بن الجراح ، سفيان بن عيينة ، وعبدالرزاق بن همام .
• هؤلاء كانوا من أئمة الحديث ، فكان جمعهم للتفسير جمعاً لباب من أبوابه .
• ثم وضع بعض العلماء تفسيراً متكاملاً للقرآن وفق ترتيب آياته ، أشهرهم :
• ابن جرير الطبري المتوفى سنة (310هـ)
• ومع علم التفسير كان التأليف الموضوعي لموضوعات تتصل بالقرآن
• فألف في أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ، والقراءات ، وغريب القرآن ، وغيرها
• واستمرت حركة التفسير في مسيرتها التاريخية على مدار القرون والأجيال ، وامتلأت مكتبة التفسير بالتفاسير المختلفة ، على اختلاف مدارسها واتجاهاتها إلى عصرنا الحاضر .