الموضوع: الدراسات الاسلامية محاضرات مناهج مفسرين كاملة للفرقة الثالثة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011- 4- 27   #5
عيون النداوي
متميزة في منتدى كلية الاداب الدمـآم
 
الصورة الرمزية عيون النداوي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 68455
تاريخ التسجيل: Sat Jan 2011
المشاركات: 375
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 196
مؤشر المستوى: 63
عيون النداوي will become famous soon enoughعيون النداوي will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
عيون النداوي غير متواجد حالياً
رد: محاضرات مناهج مفسرين كاملة للفرقة الثالثة

المحاضرة السادسة لمناهج المفسرين :
• التفسير في عصور التدوين
ابتداء هذه المرحلة:
تبدأ المرحلة الثالثة للتفسير من مبدأ ظهور التدوين، وذلك في أواخر عهد بنى أمية، وأول عهد للعباسين
الخطوات التي تدرج فيها :
الخطوة الأولى للتفسير:
كان التفسير قبل ذلك يُتناقل بطريق الرواية، فالصحابة يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يروى بعضهم عن بعض. والتابعون يروون عن الصحابة. كما يروى بعضهم عن بعض، وهذه هي الخطوة الأولى للتفسير.
الخطوة الثانية:
ثم بعد عصر الصحابة والتابعين، خطا التفسير خطوة ثانية، وذلك حيث ابتدأ التدوين لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت أبوابه متنوعة، وكان التفسير باباً من هذه الأبواب التي أشتمل عليها الحديث، فلم يُفرد له تأليف خاص يُفسِّر القرآن سورة سورة، وآية آية، من مبدئه إلى منتهاه،
بل وُجد من العلماء مَن طوَّف في الأمصار المختلفة ليجمع الحديث، فجمع بجوار ذلك ما رُوِى في الأمصار من تفسير منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى الصحابة، أو إلى التابعين .
ومن هؤلاء: يزيد بن هارون السلمي ، وشعبه بن الحجاج و وكيع بن الجراح ، وسفيان بن عيينة
وغيرهم، وهؤلاء جميعاً كانوا من أئمة الحديث، فكان جمعهم للتفسير جمعاً لباب من أبواب الحديث، ولم يكن جمعاً للتفسير على استقلال وانفراد. وجميع ما نقله هؤلاء الأعلام عن أسلافهم من أئمة التفسير نقلوه مسنداً إليهم، غير أن هذه التفاسير لم يصل إلينا شيء منها، ولذا لا نستطيع أن نحكم عليها .
الخطوة الثالثة:
ثم بعد هذه الخطوة الثانية، خطا التفسير ثالثة، انفصل بها عن الحديث، فأصبح علماً قائماً بنفسه، ووضع التفسير لكل آية من القرآن، ورُتَّب ذلك على حسب ترتيب المصحف. وتم ذلك على أيدي طائفة من العلماء .
منهم ابن ماجة وابن جرير الطبري ، وأبو بكر بن المنذر النيسابوري ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ بن حبان ، والحاكم ، وأبو بكر بن مردويه . وغيرهم من أئمة هذا الشأن.
هذه التفاسير مروية بالإسناد إلى رسول الله وكل صلى الله عليه وسلم، وإلى الصحابة، والتابعين، وتابع التابعين، وليس فيها شيء من التفسير أكثر من التفسير المأثور، اللَّهم إلا ابن جرير الطبري فإنه ذكر الأقوال ثم وجهَّها، ورجَّح بعضها على بعض، وزاد على ذلك الإعراب إن دعت إليه حاجة، واستنبط الأحكام التي يمكن أن تؤخذ من الآيات القرآنية .
وإذا كان التفسير قد خطا هذه الخطوة الثالثة التي انفصل بها عن الحديث، فليس معنى أن هذه الخطوة محت ما قبلها وألغت العمل به، بل معناه أن التفسير تدرج في خطواته، فبعد أن كانت الخطوة الأولى للتفسير هي النقل عن طريق التلقي والرواية، كانت الخطوة الثانية له، وهى تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم جاءت بعد ذلك الخطوة الثالثة، وهى تدوينه على استقلال وانفراد .
الخطوة الرابعة:
ثم إن التفسير لم يقف عند هذه الخطوة الثالثة بل خطا بعدها خطوة رابعة، لم يتجاوز بها حدود التفسير بالمأثور، وإن كان قد تجاوز روايته بالإسناد، فصنَّف في التفسير خلق كثير، اختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال المأثورة عن المفسِّرين من أسلافهم دون أن ينسبوها لقائليها .
فدخل الوضع في التفسير والتبس الصحيح بالعليل، وأصبح الناظر في هذه الكتب يظن أن كل ما فيها صحيح، فنقله كثير من المتأخرين في تفاسيرهم، ونقلوا ما جاء في هذه الكتب من إسرائيليات على أنها حقائق ثابتة، وكان ذلك هو مبدأ ظهور خطر الوضع والإسرئليات في التفسير
الخطوة الخامسة:
ثم خطا التفسير بعد ذلك خطوة خامسة، هي أوسع الخطا وأفسحها، امتدت من العصر العباسي إلى يومنا هذا، فبعد أن كان تدوين التفسير مقصوراً على رواية ما نُقِل عن سَلَف هذه الأمة، تجاوز بهذه الخطوة الواسعة إلى تدوين تفسير اختلط فيه الفهم العقلي بالتفسير النقلي، وكان ذلك على تدرج ملحوظ في ذلك .
تدرج التفسير العقلي
• بدأ ذلك أولاً على هيئة محاولات فهم شخص، وترجيح لبعض الأقوال على بعض، وكان هذا أمراً مقبولاً ،ما دام يرجع الجانب العقلي منه إلى حدود اللغة ودلالة الكلمات القرآنية. ثم ظلت محاولات هذا الفهم الشخصي تزداد وتتضخم، متأثرة بالمعارف المختلفة، والعلوم المتنوعة، والآراء المتشعبة، والعقائد المتباينة، حتى وُجِد من كتب التفسير ما يجمع أشياء كثيرة، لا تكاد تتصل بالتفسير إلا عن بُعْدٍ عظيم.
• دُوِّنت علوم اللغة، ودُوَّن النحو الصرف، وتشعبَّت مذاهب الخلاف الفقهي، وأثيرت مسائل الكلام، وظهر التعصب المذهبي قائماً على قدمه وساقه في العصر العباسي، وقامت الفِرَق الإسلامية بنشر مذاهبها والدعوة إليها، وتُرجمت كتب كثيرة من كتب الفلاسفة، فامتزجت كل هذه العلوم وما يتعلق بها من أبحاث بالتفسير حتى طغت عليه، وغلب الجانب العقلي على الجانب النقلي ، وصار أظهر شيء في هذه الكتب، هو الناحية العقلية، وإن كانت لا تخلو مع ذلك من منقول يتصل بأسباب النزول، أو بغير ذلك على المأثور.
• وهكذا تدرج التفسير، واتجهت الكتب المؤلَّفة فيه اتجاهات متنوعة، وتحكَّمت الاصطلاحات العلمية، والعقائد المذهبية في عبارات القرآن الكريم، فظهرت آثار الثقافة الفلسفية والعلمية للمسلمين في تفسير القرآن، كما ظهرت آثار التصوف واضحة فيه، وكما ظهرت آثار النِحَل والأهواء فيه ظهوراً جلياً.
• وإنَّا لنلحظ في وضوح وجلاء: أن كل مَن برع في فن من فنون العلم، يكاد يقتصر تفسيره على الفن الذي برع فيه، فالنحوي تراه لا هَمَّ له إلا الإعراب وذكر ما يحتمل في ذلك من أوجه، وتراه ينقل مسائل النحو وفروعه وخلافياته، وذلك كالزَجَّاج .
والواحدى في "البسيط"، وأبى حيان فى "البحر المحيط".
وصاحب العلوم العقلية، تراه يعنى في تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة، كما تراه يعنى بذكر شبُههم والرد عليهم، وذلك كالفخر الرازي في كتابه "مفاتيح الغيب".
• وصاحب الفقه تراه قد عنى بتقريره الأدلة للفروع الفقهية، والرد على مَن يخالف مذهبه، وذلك كالجصَّاص، والقرطبي..
وصاحب التاريخ، ليس له شغل إلا القصص، وذكر أخبار مَن سَلَف، ما صح منها وما لا يصح، وذلك كالثعلبي والخازن..

• وصاحب البدع، ليس له قصد إلا أن يُؤوِّل كلام الله ويُنزله على مذهبه الفاسد، وذلك كالرماني، والجبائى، والقاضي عبد الجبار، والزمخشرى من المعتزلة، والطبرسى، وملا محسن الكاشى من الإمامية الإثنا عشرية.
• وأصحاب التصوف قصدوا إلى ناحية الترغيب والترهيب. واستخراج المعاني الإشارية من الآيات القرآنية بما يتفق مع مشاربهم، ويتناسب مع رياضاتهم ومن هؤلاء ابن عربي، وأبو عبد الرحمن السلمي..
وهكذا فسَّر كل صاحب فن أو مذهب بما يتناسب مع فنه أو يشهد لمذهبه، وقد استمرت هذه النزعة العلمية العقلية وراجت فى بعض العصور رواجاً عظيماً
• التفسير الموضوعي:
• وكذلك وُجِد مِنَ العلماء مَن ضيَّق دائرة البحث في التفسير، فتكلَّم عن ناحية واحدة من نَواحيه المتشعبة المتعددة، فابن القيم - مثلاً - أفرد كتاباً من مؤلفاته للكلام عن أقسام القرآن سماه "التبيان فى أقسام القرآن". وأبو عبيدة أفرد كتاباً للكلام عن مجاز القرآن والراغب الأصفهانى أفرد كتاباً في مفردات القرآن.
• وأبو جعفر النحاس أفرد كتاباً في الناسخ والمنسوخ من القرآن. وأبو الحسن الواحدي أفرد كتاباً في أسباب نزول القرآن. و الجصاص أفرد كتاباً في أحكام القرآن.. وغير هؤلاء كثير من العلماء الذين قصدوا إلى موضوع خاص فى القرآن يجمعون ما تفرَّق منه، ويفردونه بالدرس والبحث.
• ثم إنَّا نجد متقدمي المفسِّرين قد توسَّعوا في التفسير إلى حد كبير، جعل مَن جاء بعدهم من المفسِّرين لا يلقون عنتاً، ولا يجدون مشقة في محاولتهم لفهم كتاب الله، وتدوين ما دوَّنوا من كتب في التفسير، فمنهم مَن أخذ كلام غيره وزاد عليه، ومنهم من اختصر .
• ومنهم مَن علَّق الحواشي وتتبع كلام من سبقه، تارة بالكشف عن المراد، وأخرى بالتفنيد والاعتراض، ومع ذلك فاتجاهات التفسير، وتعدد طرائقه وألوانه. مل تزل على ما كانت عليه، متشعبة متكاثرة.
• التفسير بالمأثور :
• ما هو التفسير المأثور؟
يشمل التفسير المأثور ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وما نُقِل عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما نُقِل عن التابعين، من كل ما هو بيان وتوضح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم.

• وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوِىَ عن التابعين - وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرأى - لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور، كتفسير ابن جرير وغيره، لم تقتصر على ما ذِكْر ما رُوِىَ عن النبى صلى الله عليه وسلم وما رُوِىَ عن أصحابه، بل ضمت إلى ذلك ما نُقِل عن التابعين فى التفسير.
• تدرج التفسير المأثور:
تدرَّج التفسير المأثور في دوريه - دور الرواية ودور التدوين - أما فى دور الرواية، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن لأصحابه ما أشكل عليهم من معانى القرآن، فكان هذا القَدْر من التفسير يتناوله الصحابة بالرواية بعضهم لبعض، ولمن جاء بعدهم من التابعين.
• ثم وُجد من الصحابة مَنْ تكلم في تفسير القرآن بما ثبت لديه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بمحض رأيه واجتهاده، وكان ذلك على قِلَّة يرجع السبب فيها إلى الروعة الدينية التي كانت لهذا العهد، والمستوى العقلي الرفيع لأهله، وتحدد حاجات حياتهم العملية، ثم شعورهم مع هذا بأن التفسير شهادة على الله بأنه عَنِى باللفظ كذا.
• ثم وُجِد من التابعين مَنْ تصدَّى للتفسير، فروى ما تجمَّع لديه من ذلك عن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة، وزاد على ذلك من القول بالرأي والاجتهاد، بمقدار ما زاد من الغموض الذي كان يتزايد كلما بَعْدُ الناس عن عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.

• ثم جاءت الطبقة التي تلي التابعين وروت عنهم ما قالوا، وزادوا عليه بمقدار ما زاد من غموض... وهكذا ظل التفسير يتضخم طبقة بعد طبقة، وتروى الطبقة التالية ما كان عند الطبقات التي سبقتها، كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق.
• ثم ابتدأ دور التدوين ، فكان أول ما دُوِّن من التفسير، هو التفسير المأثور، على تدرج فى التدوين كذلك، فكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الأول فى هذا. وقد رأينا أصحاب مبادئ العلوم حين ينسبون - على عادتهم - وضع كل علم لشخص بعينه، يعدون وضع التفسير - بمعنى جامعه لا مُدَوِّنه - الإمام مالك بن أنس الأصبحى، إمام دار الهجرة.
• كان التفسير إلى هذا الوقت لم يتخذ له شكلاً منظماً، ولم يُفرد بالتدوين، بل كان يُكتب على أنه باب من أبواب الحديث المختلفة، يجمعون فيه ما رُوِى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين.
ثم بعد ذلك انفصل التفسير عن الحديث، وأُفرد بتأليف خاص، فكان أول ما عُرف لنا من ذلك، تلك الصحيفة التي رواها علىّ بن أبى طلحة عن ابن عباس.
• ثم وجُد من ذلك جزء أو أجزاء دُوِّنت في التفسير خاصة، مثل ذلك الجزء المنسوب لأبى رَوق، وتلك الأجزاء الثلاثة التي يرويها محمد بن ثور عن ابن جريج.
ثم وُجِدَت من ذلك موسوعات من الكتب المؤلَّفة في التفسير، جمعت كل ما وقع لأصحابها من التفسير المروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم، كتفسير ابن جرير الطبري.
• ويُلاحَظ أن ابن جرير وغيره - وإن نقلوا تفاسيرهم بالإسناد - توسَّعوا فى النقل وأكثروا منه، حتى استفاض وشمل ما ليس موثوقاً به. كما يُلاحَظ أنه كان لا يزال موجوداً إلى ما بعد عصر ابن جرير ومَنْ على شاكلته - ممن أفردوا التفسير بالتـأليف - رجال من المحدِّثين بوَّبوا للتفسير باباً ضمن أبواب ما جمعوا من الأحاديث.
• ثم وُجِد بعد هذا أقوام دوَّنوا التفسير المأثور بدون أن يذكروا أسانيدهم في ذلك، وأكثروا من نقل الأقوال في تفاسيرهم بدون تفرقة بين الصحيح والعليل، مما جعل الناظر في هذه الكتب لا يركن لما جاء فيها، لجواز أن يكون من قبيل الموضوع المختلق، وهو كثير في التفسير.
ثم بعد هذا تغيَّرت موجهات الحياة، فبعد أن كان التدوين في التفسير لا يتعدى المأثور منه، تعدَّى إلى تدوين التفسير بالرأي على تدرج فيه،
• الضعف في رواية التفسير المأثور وأسبابه:
• علمنا مما تقدَّم أن التفسير المأثور يشمل ما كان تفسيراً للقرآن بالقرآن، وما كان تفسيراً للقرآن بالسُّنَّة، وما كان تفسيراً للقرآن بالموقوف على الصحابة أو المروى عن التابعين. أما تفسير القرآن بالقرآن. أو بما ثبت من السُّنَّة الصحيحة، فذلك مما لا خلاف في قبوله، لأنه لا يتطرق إليه الضعف. ولا يجد الشك إليه سبيلاً.
وأما ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ضعيف في سنده أو متنه فذلك مردود غير مقبول، ما دام لم تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
• وأما تفسير القرآن بما يُروى عن الصحابة أو التابعين، فقد تسرَّب إليه الخلل، وتطرَّق إليه الضعف، إلى حد كاد يُفقدنا الثقة بكل ما رُوِى من ذلك، لولا أن قيَّض الله لهذا التراث العظيم من أزاح عنه هذه الشكوك، فسلمت لنا منه كمية لا يُستهان بها، وإن كان صحيحها وسقيمها لا يزال خليطاً في كثير من الكتب التي عَنِىَ أصحابها بجمع شتات الأقوال.
• ولقد كانت كثرة المروى من ذلك كثرة جاوزت الحد - وبخاصة عن ابن عباس وعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنهما - أكبر عامل فى صرف همة العلماء ولفت أنظارهم إلى البحث والتمحيص، والنقد والتعديل والتجريح
• أسباب الضعف:
ونستطيع أن نُرجِعْ أسباب الضعف في رواية التفسير المأثور إلى أُمور ثلاثة:
أولها: كثرة الوضع في التفسير.
ثانيها: دخول الإسرائيليات فيه.
ثالثها: حذف الأسانيد.
• أولاً: الوضع في التفسير
• نشأة الوضع في التفسير:
نشأ الوضع في التفسير مع نشأته في الحديث، لأنهما كانا أول الأمر مزيجاً لا يستقل أحدهما عن الآخر، فكما أننا نجد في الحديث: الصحيح والحسن والضعيف، وفى رواته مَنْ هو موثوق به، ومَنْ هو مشكوك فيه، ومَنْ عُرِف بالوضع، نجد مثل ذلك فيما رُوِىَ من التفسير، ومَنْ روَى من المفسِّرين.
• وكان مبدأ ظهور الوضع في سنة إحدى وأربعين من الهجرة، حين اختلف المسلمون سياسياً، وتفرَّقوا إلى شيعة وخوارج وجمهور، ووُجِدَ من أهل البدع والأهواء مَنْ روَّجوا لبدعهم، وتعصبَّوا لأهوائهم، ودخل في الإسلام مَن تبطن الكفر والتحف الإسلام بقصد الكيد له، وتضليل أهله، فوضعوا ما وضعوا من روايات باطلة، ليصلوا بها إلى أغراضهم السيئة، ورغباتهم الخبيثة.
• أسبابه:
ويرجع الوضع في التفسير إلى أسباب متعددة: منها التعصب المذهبي، فإنَّ ما جَدَّ من افتراق الأُمة إلى شيعة تطرَّفوا في حب علىّ، وخوارج انصرفوا عنه وناصبوه العداء، وجمهور المسلمين الذين وقفوا بجانب هاتين الطائفتين بدون أن يمسهم شيء من ابتداع التشيع أو الخروج، جعل كل طائفة من هذه الطوائف تحاول بكل جهودها أن تؤيد مذهبها بشيء من القرآن
• فنسب الشيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى علىّ وغيره من أهل البيت - رضى الله عنهم - أقوالاً كثيرة من التفسير تشهد لمذهبهم. كما وضع الخوارج كثيراً من التفسير الذي يشهد لمذهبهم، ونسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد أصحابه، وكان قصد كل فريق من نسبة هذه الموضوعات إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد أصحابه، الترويج للمروى، والإمعان في التدليس .
• فإن نسبة المروى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أو إلى أحد الصحابة، تورث المروى ثقة وقبولاً. لا يوجد شيء منهما عندما يُنسب المروى لغير النبي عليه الصلاة والسلام أو لغير صحابي.
• كذلك نجد اللون السياسي في هذا العصر يترك له أثراً بَيِّناً في وضع التفسير، ويُلاحَظ أن المروى عن علىّ وابن عباس رضي الله عنهما قد جاوز حد الكثرة، مما يجعلنا نميل إلى القول بأنه قد وُضع عليهما في التفسير أكثر مما وُضِع على غيرهما، والسبب في ذلك أنَّ علياً وابن عباس رضي الله عنهما من بيت النبوة .
• فالوضع عليهما يُكسب الموضوع ثقة وقبولاً، وتقديساً ورواجاً، مما لا يكون لشيء مما يُنسب إلى غيرهما. و فوق هذا فقد كان لعلىّ من الشيعة ما ليس لغيره، فنسبوا إليه من القول في التفسير ما يظنون أنه يُعلى من قدره، ويرفع من شأنه.
• وابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون، فوُجِد من الناس مَنْ تزَّلف إليهم، وتقرَّب بكثرة ما يرويه لهم عن جدهم ابن عباس، مما يدل على أن اللون السياسي كان له أثر ظاهر في وضع التفسير.

كذلك نجد من أسباب الوضع في التفسير ما قصده أعداء الإسلام الذين اندَّسوا بين أبنائه متظاهرين بالإسلام، من الكيد له ولأهله، فعمدوا إلى الدس والوضع في التفسير بعد أن عجزوا عن أن ينالوا من هذا الدين عن طريق الحرب والقوة، أو عن طريق البرهان والحُجَّة.
أثر الوضع في التفسير:
• وكان من وراء هذه الكثرة التي دخلت في التفسير ودُسَّت عليه، أن ضاع كثير من هذا التراث العظيم إلى خلَّفه لنا أعلام المفسِّرين من السَلَف، لأن ما أحاط به من شكوك، أفقدنا الثقة به، وجعلنا نرد كل رواية تطرَّق إليها شيء من الضعف، وربما كانت صحيحة فى ذاتها.

• كما أن اختلاط الصحيح من هذه الروايات بالسقيم منها، جعل بعض مَنْ ينظر فيها وليس عنده القدرة على التمييز بين الصحيح والعليل، ينظر إلى جميع ما رُوِىَ بعين واحدة، فيحكم على الجميع بالصحة، وربما وَجَد من ذلك روايتين متناقضتين عن مفسِّر واحد فيتهمه بالتناقض فى قوله، ويتهم المسلمين بقبول هذه الروايات المتناقضة المتضاربة
.
  رد مع اقتباس