رد: مراجعة تاريخ الجزيرة االعربية القديم من المحتوي
المحاضرة السادسة
الدولة الحميرية
(115ق.م – 525 م) - تمهيد .
- الحميريون في المصادر العربية .
- موطن الحميريين .
- الدولة الحميرية الأولى (ملوك سبأ و ذي ريدانا) .
- الدولة الحميرية الثانية (ملوك سبأ وذي ريدانا وحضرموت ويمنت) .
تمهيد :
أتفق المؤرخون على أن عصر ”ملوك سبأ وذي ريدان ” والعصر التالي له المعروف بعصر ( ملوك سبأ وذي ريدان وحضر موت ويمنت ) هما العصران اللذان برز فيهما الحميريون على مسرح الأحداث في بلاد العرب الجنوبية ولذلك اصطلحوا على تسمية هذين العصرين بعصري الدولتين الحميرية الأولى والثانية .
الحميريون في المصادر العربية :
شغل الحميريون في الكتب العربية صفحات مما شغلت العرب الجنوبية مجتمعة وقد نسبوهم ٳلى ( زيد ) الذي لقبوه حمير ثم جعلوه ٳبنا لسبأ فهو ( حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ) وأنه توج بالذهب وقد ورث أباه في عرشه .
أصل تسمية حمير :
يرجع بعض الإخباريين تسمية حمير بهذا الاسم لأنه كان يلبس حلة حمراء.
موطن الحميريين :
وأما موطن الحميريين ، فقد كان الي الشرق من القسم الجنوبي الغربي من شبة الجزيرة العربـية حيث يكون جزءا من أرض قتيبان فيقع الي الجنوب من أرض ( رشاي) و( حبان ) والي الغرب من حضرموت والي الشرق من ( ذياب ) وتكون ارض (يافـع) الموطن القديم للحميريين قبل هجرتهم الى مواطنهم الجديدة حيث حلوا في أرضين ( دهـس ) و ( رعـيـن ) مكونين حكومة ( ذي ريدان ) ومتخذين من ( ظيفار) عاصمة لهم .
ورغم أن هناك من يرى أن الحميريين فرع من السبئيين أو علي الأقل يمتون إليهم بصلة قوية ، فنجد اللغة الحميرية ما هي إلا مزيج من اللهجة السبئية واللهجة المعينية ، فكانت العلاقة بين سبا وحمير يسودها طابع العداء في اغلب الأحيان ، وكثيرا ما أشارت الكتابات السبئية إلي ذلك .
أ - الدولة الحميرية الأولى :
(ملوك سبأ و ذي ريدانا) (115ق .م -300م)
مؤسس هذه الدولة :هو آل شرح يحضب الذي ينسب إلية الأخباريون بناء قصر غمدان أشهر قصور اليمن وفي عصر هذه الدولة كانت الحملة الرومانية المعروفة بحملة اليوس جالوس حاكم مصر الرومانية للاستيلاء على اليمن بغية السيطرة على طرق التجارة التي كان يحتكرها ملوك سبأ واستغلال ثروات اليمن وتطهير البحر الأحمر من القراصنة واعتمد اليوس جالوس في حملته على مساعدة الأنباط في عهد ملكهم عبادة الثاني الذي وعد الرومان بتقديم كافة المساعدات ،كما وضع وزيره صالح تحت تصرفهم ليكون دليلا لهم في بلاد العرب .
خط سير حملة اليوس جالوس :
ويذكر استرابون أن الحملة خرجت من ميناء لويكة ميناء الأنباط وسلكت الطريق البري عبر الحجاز ووصلت إلى نجران ونشق وبعد ستة أشهر تعرض الجند خلالها لأمراض وأوبئة فضلا عن متاعب لا حصر لها بسبب وعورة الطريق، ثم عادت الحملة بعد ذلك الى مصر عن طريق نجران بعد أن فقد قائد الحملة معظم رجاله من الجوع والمرض ، وهكذا أخفقت الحملة الرومانية وأصيب رجالها بكارثة ألقيت تبعتها على عاتق صالح النبطي الذي اتهم بالخيانة وسوء المشورة، كما اتهم بالسعي عمداً لإهلاك أجناد الرومان ولقد خيبت حملة اليوس جالوس آمال الرومان في بلاد العرب
ويبدو أن فشل حملة اليوس جالوس كان السبب في قيام الرومان بتغيير خطتهم السياسية نحو بلاد العرب ،فعدلوا نهائيا عن فتح هذه البلاد عسكريا واقتصروا على محاولة السيطرة على التجارة البحرية وتدعيم مصالحهم التجارية في هذه البلاد عن طريق تحسين علاقتهم السياسية بالدول العربية والأمارات في الجنوب العربي وأن الرومان عقدوا حلفا مع ملك الحميريين الذي كان يملك مناطق واسعة من سواحل بلاد العرب الجنوبية على البحر الأحمر وعلى ساحل المحيط الهندي حتى حضر موت .
كما كان يملك ساحل عزانيا في أفريقيا وفي هذا العصر الحميري الأول بدأ الضعف يدب في كيان دولة سبأ وذي ريدان، وتطلع البطالمة ومن بعدهم الرومان إلى احتكار الطريق التجاري والتخلص بذالك من اعتمادهم على تجار العرب في اليمن وحضرموت وقد أضر ذلك باقتصاديات اليمن أضرار بالغة أكثر مما أضر بها انكسار سد مأرب. وآخر ملوك دولة حمير الأولى هو الملك(ناشر النعم) .
ب- الدولة الحميرية الثانية :
(ملوك سبأ وذي ريدانا وحضر موت ويمنت)(300م-525م)
مؤسس الدولة الحميرية الثانية : شمر يهرش المعروف عند الإخباريين بشمر يرعش بن ناشر النعم الذي تلقب بملك سبأ وذي ريدانا وحضر موت ويمنت.وشمر هذا عند الأخبار وذكروا أنه زحف بجيوشه ٳلي أرمينية وهزم الترك وهدم المدائن بدينو وسنجار ودخل مدينة السعد وهدمها فسميت شمركن عند الفرس وقيل في رواية أخرى أن شمر يهرش لما افتتح سمرقند هدمها ثم أمر ببنائها وأنه بسط نفوذه على الهند وأخضع فارس وخراسان والشام ومصر .
ولاشك أن ما رواه العرب عن فتوحاته لا يعدو قصصا خرافية ، والثابت أنه انتصر على مناطق كثيرة من بلاد العرب الجنوبية وأنه تغلب على قبائل تهامة ولعل هذه الانتصارات القليلة التي أحرزها ملوك حمير في عصر ظهور الأحباش وتطلعهم إلى التوسع في بلاد العرب الجنوبية سببا دعا هؤلاء الإخباريين إلى المبالغة في تعظيم شمر يهرعش ونسبة هذه الأعمال الخارقة ٳليه .
ففي هذه الكتابات لقب نجاشي الحبشة (بملك أكسوم وحمير وذو ريدان والحبشة وسبأ وصلح وتهامة والبجاء وكسو) .
وهناك عوامل اقتصادية لها اعتبارها في غزو الأحباش لليمن وأعتقد أن غزو الأحباش الأول لليمن كان رد فعل لسيطرة الحميريين في القرن الأول الميلادي على ساحل أزانيا لتأديب الحميريين بسبب تجرئهم على مهاجمة التجارة الحبشية .
فترة الاحتلال الأول لليمن في عصر الدولة الحميرية الثانية
يعتقد فريق من العلماء أن الحبشة كانوا في الأصل جماعات عربية يمنية كانت تعيش على الساحل الجنوبي للجزيرة العربية شرقي حضرموت ، ثم هاجرت غربا وعبرت مضيق باب المندب واستوطنت المناطق المقابلة لليمن وقد تم عبور هؤلاء العرب الجنوبيين تدريجيا في زمن قديم وأخذوا ينثرون بذور الحضارة السامية في البلاد .
ومنذ القرن الأول الميلادي نجح العرب الجنوبيين في تأسيس مملكة أكسوم . ولم يطل أمد الاحتلال الحبشي لليمن ففي عهد الملك الأكسومي عزانا الذي اعتنق المسحية قامت بعض الثورات في مناطق أفريقية من مملكته فانتهز اليمنيون فرصة انشغاله بإخماد الثورات وتمكن ملكي كرب يهمن من استرداد البلاد ، وطرد الأحباش منها .
ومنذ القرن الأول الميلادي نجح العرب الجنوبيين في تأسيس مملكة أكسوم . ولم يطل أمد الاحتلال الحبشي لليمن ففي عهد الملك الأكسومي عزانا الذي اعتنق المسحية قامت بعض الثورات في مناطق أفريقية من مملكته فانتهز اليمنيون فرصة انشغاله بإخماد الثورات وتمكن ملكي كرب يهمن من استرداد البلاد ، وطرد الأحباش منها .
الغزو الحبشي الثاني لليمن وسقوط الدولة الحميرية الثانية
كان تحول ملوك أكسوم إلى المسيحية إيذانا بتقارب هذه المملكة مع بيزنطة حامية نصارى الشرق ، وكان الأحباش يطمعون في السيطرة على بلاد اليمن لضمان توزيع البضائع الحبشية دون أن تتعرض للاعتداءات التي كان يمارسها الحميريون ويبدو أن نفوذ الأحباش على اليمن ظل قويا ولعل النفوذ السياسي الذي كان يمارسه ملك الحبشة على اليمن دعا ذا نواس أن يربط بين انتشار المسحية في اليمن وبين ازدياد نفوذ الأحباش السياسي في البلاد .
|