و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذه القصيدة قالها الشيخ يوسف القرضاوي - حفظه اللّه -في التّوبة والإبتهال عام : 1962
إبتهال
يا من له تعنو الوجوه و تخشع === و لأمره كلّ الخلائق تخضع
أعنو إليك بجبهة لم أحنها === إلاّ لوجهك ساجدا أتضرّع
و إليك أبسط كفّ ذلّ لم تكن === يوما لغير سؤال فضلك ترفع
أنا من علمت المذنب العاصي الذي === عظمت خطاياه فجاءك يهرع
كم ساعة فرّطت فيها مسرفا === و أضعتها في زائل لا ينفع
كم بتّ ليلي كلّه متثاقلا === و ذوو التّقى حولي قيام ركّع
كم بال في أذنيّ شيطان الكرى === فإذا الصّباح على نؤوم يطلع
كم زيّنت لي النّفس سوء فعالها === فأطعتها ضعفا , و بئس الطيّع
كم وسوس الخنّاس في صدري فلم === يجد الذي يعلو قفاه و يصفع
كم أقرأ الآيات لو نزلت على === شمّ الجبال رأيتها تتصدّع
مالي أردّد وعدها و وعيدها === ما رقّ قلبي أو جرى لي مدمع
كم من نفوس بالهدى ذكّرتها === فمضت كما يمضي الجواد المسرع
أيقظتها للحقّ حين تركتني === في غفلة الدّنيا أتيه و أرتع
يا حسرتا ! أعظ الأنام ,فليتني === نفسي وعظت , فوعظ نفسي أنفع
===========================
يا ربّ حكمتك اقتضتني مذنبا === لأجيء بابك أستجير و أضرع
فترى عبيدك تائبا مستغفرا === و أراك غفّارا لذنب يفظع
أنا إن عصيتك فذاك من نقصي , و من === غير الإله له الكمال الأرفع ؟
يا ربّ أنت خلقتني من طينة === و من الذي لأصوله لا ينزع ؟!
لولا هداك و نفخة علويّة === أودعتها روحي لكان المصرع
فبها أصول على التّراب ترفّعا === و بها أحلّق حين تصفو الأضلع
الطين يجذبني إليه بشدّة === و الروح تصعدني إليك و ترفع
فإذا ارتقيت إلى رضاك فغايتي === و إذا هبطت فدائما أتطلّع
=======================
هو الابتلاء , عليه قام وجودنا === و به نهيّأ للخلود و نصعد
النّار بالشّهوات حفّت فتنة === فليمرح الفجّار وليتمتّعوا
أمّا الجنان فإنّها محفوفة === بمكاره تدمي الفؤاد وتوجع
الزّاد قلّ و الدّيار بعيدة === الظهر يضو , و الرّفيق مضيّع
وهناك قطّاع الطّريق طوائفا === شتّى ,تضلّ عن المراد و تقطع
إبليس يغوي و الهوى شرك له === و العيش يغري , و الأماني تخدع
وهناك قطّاع عتاة أعلنوا === حربا تخيف السّائرين و تفزع
جرؤوا عليك و أنت تحلم عنهمو ! === و لكلّ شيء عند ربّي مرجع
هذي الطريق , و إنّها لمخوفة === ربّ اهدني و أعن عسى لا أقطع !
==========================
يا ربّ عبدك عند بابك واقف === يدعوك دعوة من يخاف و يطمع
فإذاخشيت فقد عصيتك جاهلال === و إذا رجوت فإنّ عفوك أوسع
يا ربّ إن أك في الحقوق مفرّطا === فلأنت أبصر بالقلوب و أسمع
بين الجوانح خافق يهوى التقى === و يضيق كرها بالذنوب ويجزع
و يحبّ ذكرك , و القلوب إذا خلت === من ذكر ربّي فهي بور بلقع
و لكم ذكرتك خاليا فوجدتني === و القلب في وجل , و عيني تدمع
هل لي رجاء إنّني ممّن دعوا === يوما إليك و قال : توبوا وارجعوا ؟!
و مشيت في ركب الهداة , و إن أكن === أبطأت في طلب الكمال و أسرعوا !
حسبي أحبّهم و أقفوا خطوهم === ولكم أرى حبّ الأكابر يشفع
يا ربّ مالي غير بابك مفزع === آوي إليه إذا يعزّ المفزع
مالي سوى دمعي إليك وسيلة === وضراعتي , ولمن سواك سأضرع ؟!
إن لم أقف بالباب راجي رحمة === فلأيّ باب غير بابك أقرع ؟ !
إن لم يكن منّي الذّنوب , ومنك أن === تعفو , فأين اسم العفوّ المطمع ؟!
أين الغفور ؟وأين رحمته التي === وسعت جميع الخلق ؟أين الموسع؟!
هذا أوان العفو , فاعف تفضّلا === يا من له تعنو الوجوه و تخشع !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحفظين من كل قصيده عشرةابيات
الاوراق تلقينها في مكتبةالفالح