2009- 6- 22
|
#6
|
أكـاديـمـي
|
رد: بين أروقة قسم الرياضيااات حيث تكمن الإثارة...!!
الجزء الثاني: سلوك خاطئ وعلاقات متحفظة....
لم تكن رحلتي إلى بوابة الباصات بالأمر الممتع بل على العكس تماماً, فبعد معاناة المسافة الطويلة ودرجة الحرارة المرتفعة في فترة الظهيرة .. حوالي الساعة الثانية عشرة والربع.. ارتديت عبائتي وخرجت متوجهة نحو الباصات, فرأيتها وقد اصطفت على شكل طوابير وكأنها تنتظر ساعة الصفر لتبدأ انطلاقتها في سباق للثعابين الصفراء..
لا اعلم لأي ناحية اتوجه, تسمرت في مكاني للحظات.. وإذا برجل يتجه نحوي وكأنه أحس بحيرتي التي بدت واضحة فلم تستطع العباءة ولا غطاء الوجه أن يخفيانها...
سألني: من أي منطقة أنتي...؟!
فأجبته: من......
عندها قال لي: توجهي إلى الباص رقم 130 وأومأ بيده إليه.
شكرته وتوجهت نحو الباص وصعدت إليه فإذا به اشد حرارة من الخارج.. لم يكن أمامي خياراً آخر .. جلست على أحد المقاعد واسندت رأسي على النافذة لأرحل بعدها بفكري إلى العالم البعيد.. حيث لا قيود ولا شقاء.. لا حزن ولا بكاء.. إلى عالمٍ كل مافيه جميل... إنه عالم أحلامي...
انقضت أيام الأسبوع الأول بوتيرة متشابهة لنبدأ بعدها بأسبوع أكثر جدّية... وأول مالفت انتباهي فيه زيادة عدد الطالبات بشكل كبير في الكلية..ربما لأن اغلب الطالبات لم يداومن خلال الأسبوع الأول.. لعدم وجود محاضرات..
في الثامنة إلا خمس دقائق ازدحام كبير وكثافة سكانية على السلالم وفي الممرات.. كلاً يبحث عن وجهته..وصلت إلى القاعة وجلست انتظر قدوم الدكتورة.. إلى أن جاءت والقت علينا السلام.. إنها د.مها وستدرسنا مقرر أسس الرياضيات, بدأت بشرح أولى محاضرات المقرر, لم اشعر بالحماسة تجاه المحاضرة , ربما لأنها تحمل معلومات تلقيناها في الصف الأول ثانوي... انقضى وقت المحاضرة ببرود شديد لتحل بعدها فترة الراحة.
توجهت للصالة لأتمشى قليلاً فحرارة الجو لا تساعد على الجلوس أو المشي في الخارج, لذلك لم يكن أمامي سوى الصالة الصاخبة بضوضاء تقرع طبول الأذن... سرعان ما انقضى وقت الراحة لتوشك المحاضرة التالية على البدء... ولكن قبل ذلك هناك أمراً ما لفت انتباهي بشدة ولم أكن اتصور حدوثه في صرح تعليمي يضم معلمات ومربيات أجيال المستقبل..!! حيث تقوم الطالبة من مكانها وتترك بقية طعامها وشرابها على الأرض دون أن ترفعه..!! لكم أن تتصوروا منظر الصالة وفيها الأطعمة المتناثرة في كل زاوية ومكان وعلب العصير والمشروبات الغازية منسكبة هنا وهناك مما يضطرنا لرفع تنوراتنا عن الأرض....!! إنه حقاً أمر يحز في النفس..
اذكر مرة عندما كنت في الخامسة أو السادسة من عمري في أحد الأيام بينما أنا جالسة مع جدتي وفي يدي رغيف خبز قد وقع من يدي بالخطأ وسقط على الأرض..
حينها قالت لي جدتي: حبيبتي ألاء ارفعي الخبز عن الأرض وقبليه وقولي استغفر الله.
فعلت ذلك ثم سألتها: لماذا نفعل هكذا يا جدتي..؟!
أجابتني: لأن الخبز نعمة من نعم الله عز وجل علينا ولابد أن نحترم نعم الله ونشكره عليها لئلا تزول .. فهناك يا بُنيتي العديد ممن لا يمتلكون مثل هذا الخبز ويبيتون وهم جياع.
لم اكن اعي تماماً ما تقوله جدتي إذ لم يكن بمقدور عقلي أن يتصور وجود أناس لا يملكون الخبز..
هكذا استعادة ذاكرتي ذلك الموقف الذي حصل لي مع جدتي.. فمع أنها لا تعرف الرياضيات ولا الكيمياء أو الفيزياء ولم تدرس نظرية اينشتاين ولا فيثاغورس بل أنها لاتجيد القراءة والكتابة أصلاً..إلا أنها قادرة على تربية أجيال افضل من أولئك الذين يظنون أنهم متعلمين وهم لا يعرفون ادنى وابسط السلوك والآداب العامة... اظنها مصيبة أن تتربى الأجيال القادمة على أيدي معلمين أمثال هؤلاء الذين لا يعرفون قيمة رغيف الخبز..
خلال الأسابيع الأولى كانت علاقات الطالبات مع بعضهن البعض اقرب إلى السطحية إلا ما ندر منها.. فيستطيع الرائي أن يرى التحفظات والعلاقات التي يشوبها بعض الحذر, فمجتمع الكلية أوسع من مجتمع المدرسة بكثير فتدخل فيه طالبات من مناطق مختلفة بسلوكيات وعادات ولهجات مختلفة..
ومع ذلك فإن أكثر التحفظات والذي بدا لي واضحاً ذلك الذي يرتبط بالإختلاف بين المذاهب الإسلامية واعني بها السنة والشيعة...فهناك من يحذر من الطرف الآخر ويعتبره منطقة محظورة فلا يحاول التحدث إليهم أو الإختلاط بهم ناهيك عن نظرات السخرية والإستهزاء......!!!
اذهلني ذلك حقيقةً فلم اكن افكر يوماً في الإنتمائات المذهبية للطالبات اللواتي اتحدث إليهن واجلس معهن...إذ أنه ليس عليّ محاسبة العباد على عقائدهم وإنما للعبادِ ربٌ يحاسبهم....
عموماً.. تعرفت على مجموعة من الطالبات خلال المدة المنصرمة ممن سيشاركوننا رحلتنا القادمة عبر السطور وهنّ:
سلمى: من نفس المنطقة التي اسكنها وتمتاز بمحاولتها للتعرف على شريحة كبيرة من الطالبات فبدت لي فضولية بعض الشيء..
بيان: هادئة ولديها معارف كُثر من الطالبات كما أن لها أخت تسبقها بعام في نفس التخصص مما أكسبها بعض الخبرة..
حوراء: مثقفة ولديها نهم للمعرفة وحب للقراءة.. دائماً ما تجلس في جانب من القاعة لتحتضن أحد الكتب بين يديها وتستغرق فيه حتى تسكن عالمه... قد يظن الرائي لها انطوائيتها وعزلتها وما إن يتحدث إليها يشعر برحابتها وعمقها... إنها فعلاً متميزة..
عقيلة: ذكية ومرحة بالإضافة إلى أنها اجتماعية بالدرجة الأولى.. دائماً ما تعطي قاعة الدرس قبل بدء المحاضرة جواً جميلاً بأحاديثها البسيطة وقلبها الطيب..
لي عودة إن شاء الله تعالى.....مع جزء جديد.... أما الآن فاستودعكم الله..:bye:
|
التعديل الأخير تم بواسطة صفاء اللجين ; 2009- 6- 22 الساعة 10:02 PM
|
|
|