عرض مشاركة واحدة
قديم 2011- 12- 23   #8
كلانكوف
Banned
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 91015
تاريخ التسجيل: Tue Oct 2011
المشاركات: 454
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : -16
مؤشر المستوى: 0
كلانكوف can only hope to improve
بيانات الطالب:
الكلية: كلية التربية
الدراسة: انتساب
التخصص: اللغة العربية
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
كلانكوف غير متواجد حالياً
رد: أفكار دخيله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وليس بمنهج السلف اللهم إحفظ بلادنا من الفتن؟؟؟؟؟؟؟؟؟

السلام عليكم ,

اخي الحبيب درع الجزيرة ، ارجوا ان يتسع حلمك ، ولاتستعجل علي ، ولا تغضب ، وان شاء الله ستكون كلمتنا هي الحق المبين ، ولا نتعصب للباطل ، ولا لآرآء الرجال ، بل نسير على ماسار عليه الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، ولا أقصد بذلك الا وجه الله الكريم ، وإتباع ماأمر به ، وانتهاء مانهى عنه وزجر ، وأعوذ به من الفتن ، ماظهر منها ومابطن ، عن بلادنا وبلاد المسلمين أجمعين إنه سميع قريب مجيب.

أخي الغالي درع ، أرجوا منك أن تحاورني ، وأرجوا أن يكون حوارنا حواراً راقياً ، بعيداً عن التعصب للرأي ، والمشاحنة ، والبغضاء ، إمتثالاً لقول الله تعالى: " ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَ‌بِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُۚ إِنَّ رَ‌بَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " [النحل: 125] ، لأنني وجدت كثيراً من طلبة العلم يتعصبون لمشائخهم ولآرآئهم ويختلفون مع بعضهم ، ويبدع أحدهم الآخر ، ويسب أحدهم الآخر ، ويشتم أحدهم الآخر ، وينفر أحدهم الآخر ، بعيداً عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يسبب الفرقة والتعصب للرأي بين المسلمين واتباع الهوى وإثارة الفتن ، اللهم أجمع كلمة المسلمين على راية التوحيد ، ولآ تشمت بنا الأعداء يارب العالمين ، اللهم آمين .
ونبدأ ونقول كما قال موسى عليه السلام لربه عزوجل: " قَالَ رَ‌بِّ اشْرَ‌حْ لِي صَدْرِ‌ي ، وَيَسِّرْ‌ لِي أَمْرِ‌ي ، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ، يَفْقَهُوا قَوْلِي " [طه: 25-28]، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل ..
ماهو تعريف الفتنة في ديننا الإسلامي الحنيف ؟

يُعرفها لنا إمام أهل السنة العالم الجهبذ المحدث الثقة التقي الصالح الزاهد العابد المتبع للآثار والسنن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله رحمة واسعة ويقول: "
أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رَدَّ بعض قولِهِ أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك" [كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله] ، فالفتنة هي سبب الوقوع في الشرك الأكبر وهو الخروج عن مللة الإسلام ، فمن قدم هواه ورأيه على وحي الله عز وجل ، وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد أشرك مع الله عز وجل هواه ورأيه ، والشرك هو من أعظم الفتن ، والدليل على ذلك قوله تعالى: " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ" [الجاثية: 23] ، ويقول الله تعالى: " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [النور: 63] .
وأما الفتن ، فهناك فتن كثيرة نعوذ بالله منها ومن أصحابها ، ومن الفتن: كمن يدعوا إلى الحزبية ، والرئاسة ، والسلطة ، من أجل مُتع الدنيا وغرورها، لا من أجل رفع راية الدين ، وكذلك كمن يدعوا إلى إشاعة الفسق ، والفجور بين المسلمين ، كالإختلاط المحرم شرعاً ، والزنا ، واللواط ، وشرب الخمر ، والسرقة ، والظلم ، والإستبداد ، والقتل بغير وجه حق ، وانتهاك المحارم ، ومن يدعوا إلى الربا ، والميسر ، والقمار ، ومن يدعوا إلى بث الشهوات والشبهات بين المسلمين لِتَّشكيك في دينهم ، وعقيدتهم ، ومن يدعوا إلى البدع ، والشرك ، والكفر بالله عزوجل ، كعبادة القبور ، والأوثان ، والأصنام ، ومن يدعوا إلى تعطيل شرع الله تعالى ، وحدوده ، ومن يدعوا إلى تعطيل شريعة الجهاد في سبيل الله ، ومحاربة أهل الجهاد ، ومن يدعوا إلى معاونة الكفار والمشركين ، وموالاتهم ، ومناصرتهم على احتلال بلاد المسلمين ، وانتهاك حرماتهم وقتلهم ، وتدمير مقدساتهم ، بالمال واللسان والسنان ، ومن يدعوا إلى تحكيم المسلمين بكتب التوراة ، والإنجيل ، المحرفة ، وبالقوانين الوضعية ، ومن يدعوا إلى محاربة الله عزوجل ، ومحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم وقذف زوجاته الطاهرات المطهرات ، أمهاتنا أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، ومحاربة أصحابه رضي الله عنهم جميعاً ، بالشتم والطعن والإستهزاء والتكفير، ومن يدعوا إلى محاربة العلماء الربانيين ، والدعاة الصالحين الصادعين بالحق الذين لايخافون في الله لومة لائم ، ومحاربة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ومن يدعوا إلى الإلحاد ، والعلمانية ، والليبرالية ، واليهودية ، والنصرانية ، والوطنية ، والقومية الوثنية ، وغيرها من ملل الكفر والإلحاد
، وفتن لاحصر لها وماأكثرها! ، وكلها دعوات باطلة ، فهل هؤلاء يريدون لديننا وأمننا وبلادنا خيراً ؟
ونسأل أنفسنا :كيف النجاة من هذه الفتن ؟ فالجواب هو: أن صاحب العقيدة الصافية والإيمان الصادق بالله والمتبع لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لاتضره هذه الفتنة بل ينبذها ويحاربها ويكشف زيغها وقبحها عندما يسمعها أو يراها بحسب إيمانه ، بالقلب ، أو باللسان ، أو بالسنان ومن يفعل ذلك فقد ثبّته الله وبرأهُ من الفتنة وأما من استمع للفتنة ورآها وسكت عنها ، أصابته من غيها وقبحها ، ونكتت في قلبه نكتة سوداء ، ثم ينقلب إلى مدافع ومنافح عنها ، ويصبح ضالٌ مضل ، ومن دعاتها ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "
تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا ، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا ، لا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ، إلا ما أشرب من هواه" رواه الألباني في صحيح الجامع، ، والمعتصَم من جميع الفتن ، هو كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فبِهما العصمة من الفتن ، بل من كل الفتن ، قال صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم شيئين ، لن تضلوا بعدهما : كتابالله ، و سنتي ، و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " رواه الألباني في صحيح الجامع ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به )). قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب "الحجة" بإسناد صحيح.
والفتنة شرٌ عظيم وعذابٌ أليم ، في الدنيا والآخرة ، قال تعالى: "
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِ‌يقِ " [البروج: 10] ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بادروا بالأعمال الصالحة فتنا كِقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا، يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم والترمذي واحمد.

فهل هناك فتنة أعظم من الذي يدعوا إلى الكفر بالله عزوجل والإلحاد ومحاربة الدين؟ والله تعالى يقول: "
وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُ‌دُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواۚ وَمَن يَرْ‌تَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ‌ فَأُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَ‌ةِۖ وَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ‌ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [البقرة: 217].

أخي الغالي درع الجزيرة ، هل يجوز مجالسة الظلمة في زمن الفتن ؟ يقول الله تعالى: " وَلَا تَرْ‌كَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ‌ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُ‌ونَ " [هود:113] ، فهل يجوز الدعاء على السلطان الظالم ؟ ، قال الله تعالى: " أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" [هود: 18] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به"رواه مسلم وغيره، فالسلطان الظالم يُدعى عليه كما يدعى على سائر الظلَمة ، قال الحسن البصري رحمه الله:" من دعا لظالم بالبقاء فقد أحبّ أن يُعصى الله "رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الصَّمْتِ ،ورُوي هذا القول أيضاً عن سفيان الثوري رحمه الله وأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ ، اللهم أهلك الظالمين ، اللهم عليك بالظالمين ، اللهم آمين ، فبقاء الظالم مزيداً من الفتن والظلم والقتل والإجرام .


أخي الكريم درع ، لنفصِّل الفتنة التي حصلت في زمن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ونكشف الإلتباس الذي التبس على كثير من المسلمين ، ونسأل: هل أمرنا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله بإتباعه وتقليده ؟ وهل واجبٌ علينا التمسك برأيه وتقليده ؟ ، الجواب: إليك أخي الحبيب درع ، أقوال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في ذم التقليد وإتباع السنة:
1- يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " عجبتُ لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان!".اهـ [تيسر العزيز الحميد: ص546-548].
2- وقال أيضا: "لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث اخذوا". اهـ (ابن القيم في إعلام الموقعين 2/302)
3- وفي رواية: (لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير)، وقال مرة: (الإتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير). (أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص276-277).

4- وقال أيضاً: (رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار).(ابن عبد البر في الجامع 2/149).
5- وقال أيضاً: (من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة). (ابن الجوزي في المناقب ص 182).

أخي الكريم درع ، لكل زمان فتنة ، والفتنة في زمن الإمام أحمد رحمه الله ، كانت فتنة خلق القرآن الكريم ، فهل سكت عنها الإمام أحمد رحمه الله وقال لو تكلمت ستكون فتنة ؟

لو نظرنا إلى سيرة الإمام أحمد رحمه الله ، لعلمنا يقيناً أنه مستضعف ؛ فهو بين منع ، ومطاردة، وسجن ، وتعذيب ، رحمة الله عليه ؛ فقد سُجن في زمن المأمون ، وجلد في زمن المعتصم ، واختفى في زمن الواثق ، فما زال يتنقل في الأماكن ثم عاد إلى منزله بعد أشهر فاختفى فيه إلى أن مات الواثق ، وقال إبراهيم بن هاني: "اختفى عندي أحمد بن حنبل ثلاثة أيام، ثم قال أطلب لي موضعاً حتى أتحول إليه. قلت: لا آمن عليك يا أبا عبد الله. فقال: إفعل! فإذا فعلت أفدتك، وطلبت له موضعاً فلما خرج قال لي: اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحول، ليس ينبغي أن يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في الرخاء ويترك في الشدة".اهـ [انظر: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص349، وسير أعلام النبلاء 11/264] ، ومع استضعاف الإمام أحمد رحمه الله إلا أنه لم يتودد إلى السلاطين ، ولم يداهن أو يجامل ، ولم يتولَّ لهم سلطات دينية كالقضاء أو الإفتاء ، بل كان صادعاً بالحق ، شديداً عليهم ، لا يقبل جوائزهم! ، جاء في الأحكام السلطانية لأبي يعلى 20 والمسند من مسائل أحمد: "ما ورد من رواية حنبل قال عن المأمون: وأي بلاء كان أكبر من الذي أحدث عدو الله وعدو الإسلام من إماتة السنة".اهـ ، وكان يدعوا عليهم ويحمد الله على هلاكهم ، فعن محمد بن إبراهيم البُوشَنجي قال: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: "تبينتُ الإجابة في دعوتين".. كانت الدعوة الأولى أنه قال: "دعوتُ الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون.. فلم أر المأمون، مات بالبذندون".اهـ [سير أعلام النبلاء 11/241-242] ، فتأمل بين إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل في زمانه وبين من ينسبون أنفسهم بالسنة ، ففي حين يُبشر هو بموت حكام زمانه ، يقيم هؤلاء دور العزاء ، ودواوين الرثاء ، في حكام زماننا!.

وهل أنكر الإمام أحمد رحمه الله على من خرج على الخليفة في زمانه ؟ أو قال عنه أنه خارجي وأنه صاحب فتنة أو أو مبتدع أو محدث في الدين ماليس فيه ؟

لمَّا خرج الإمام أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي رحمه الله على حكام زمانه ، لم ينكر عليه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، ولم يعده من الخوارج ، بل أثنى عليه ، كما أثنى عليه كافة العلماء الصادقين ساعتئذ ، بعكس أحمد بن أبي دؤاد ، وعبد الرحمن بن إسحاق ، وأبي عبد الله الأرمني ، وأضرابهم من دعاة الضلالة! ، الذين كانوا أعوان الخليفة وحماتهم آنذاك ، فماذا فعل الإمام أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي رحمه الله ؟

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: " قام أحمد بن نصر هذا يدعو إلى الله وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق في أشياء كثيرة دعا الناس إليها، فاجتمع عليه جماعة من أهل بغداد والتف عليه من الألوف أعداد وانتصب للدعوة إلى أحمد بن نصر هذا رجلان وهما أبو هارون السراج يدعو أهل الجانب الشرقي وآخر يقال له طالب يدعو أهل الجانب الغربي، فاجتمع عليه من الخلائق ألوف كثيرة وجماعات غزيرة فلما كان شهر شعبان من هذه السنة انتظمت البيعة لأحمد بن نصر الخزاعي في السير على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والخروج على السلطان لبدعته ودعوته إلى القول بخلق القرآن ولما هو عليه وأمراؤه وحاشيته من المعاصي والفواحش وغيرها ".اهـ [البداية والنهاية 10/317] .

ثم شاء الله تعالى أن يُقتل الإمام أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي رحمه الله بسيف السلطان الذي خرج عليه ، ومع ذلك فقد عدَّهُ العلماء شهيداً جاد بنفسه في سبيل الله ، ولم يقولوا أنه خارجي ومبتدع!.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "قد كان أحمد بن نصر هذا من أكابر العلماء العاملين القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد وسفيان بن عيينة وهاشم بن بشير، وكانت عنده مصنفاته كلها، وسمع من الإمام مالك بن أنس أحاديث جيدة ولم يحدث بكثير من حديثه، وحدث عنه أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأخوه يعقوب بن إبراهيم، ويحيى بن معين، وذكره يوماً فترحم عليه، وقال: قد ختم الله له بالشهادة.

وكان لا يحدث ويقول:
إني لست أهلاً لذلك. وأحسن يحيى بن معين الثناء عليه جداً،وذكره الإمام أحمد بن حنبل يوماً فقال:" رحمه الله ما كان أسخاه بنفسه لله ، لقد جاد بنفسه له " ، وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي وإلا فقئتا، وسمعت أذناي وإلا فصمتا ؛ أحمد بن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا الله. وقد سمعه بعض الناس وهو مصلوب على الجذع ورأسه يقرأ: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت: 1-2]. قال: فاقشعر جلدي.
ورآه بعضهم في النوم فقال له:
ما فعل بك ربك؟ فقال: ما كانت إلا غفوة حتى لقيت الله عز وجل فضحك إلي.
ورأى بعضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه أبو بكر وعمر قد مروا على الجذع الذي عليه رأس أحمد بن نصر فلما جاوزوه أعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه الكريم عنه، فقيل له:
يا رسول الله مالك أعرضت عن أحمد بن نصر؟ فقال:(أعرضت عنه استحياء منه حين قتله رجل يزعم أنه من أهل بيتي)".اهـ
وقال أيضاً: "ذهب أحمد بن نصر شهيداً وحزن عليه أهل بغداد سنين طويلة لا سيما الإمام أحمد بن حنبل".اهـ [البداية والنهاية 10/318 ، وانظر: سير أعلام النبلاء 11/166-169].

بل في زمن التابعي الجليل سعيد بن جبير رحمه الله الذي دعى إلى الخروج على الخليفة الأموي في زمانه
وقال رحمه الله: "قاتلوهم ولا تأثموا من قتالهم بنية ويقين وعلى آثامهم ، قاتلوهم على جورهم في الحكم وتجبرهم في الدين واستذلالهم الضعفاء وإماتتهم الصلاة".اهـ ، ماذا قال عنه الإمام أحمد رحمه الله ؟ ، قال الإمام أحمد رحمه الله: "قتل الحجاج سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه".اهـ (وفيات الأعيان ج2ص372) ، مع أن الحجاج لم يوالي اليهود والنصارى والمجوس ، ولم يعطل شرائع الله ، ولم يحكم بالإنجيل ، أو بالتوراة ، أو بالقوانين الوضعية ، ولم يستهزء بالدين وأهله ، ولم يُشع الشبهات والشهوات بين المسلمين ، ولم يشكك في عقيدتهم ، بل تأول تأويلا فاسداً ، وقال: أن من خرج على السلطان فهو كافر ، وجرى ماجرى للمسلمين من قتل وظلم وجور بسب تأويله الفاسد ، كما تأول الخلفاء في زمن الإمام أحمد رحمه في خلق القرآن ، وكانت الفتنة ، مع أن القول بخلق القرآن يندرج تحت باب الأسماء والصفات التي يعذر فيه الجهل بالتأويل.
فكيف لو رأى الإمام أحمد رحمه الله زماننا فيمَن يعطل شرائع الله ، المنافية لتوحيد الربوبية ، والألوهيىة ، والأسماء والصفات ، وبدلها بالقوانين الوضعية ؟! ، يقول الشيخ المجاهد أبو عبدالرحمن الأثري سلطان بن بجاد العتيبي رحمه الله: [وهل أشد كفراً الحكم بغير ما أنزل الله أم القول بخلق القرآن؟
] ، أم كيف به لو رأى زماننا فيمَن يوالي الكفار على المسلمين ، بالمال واللسان والسنان ؟! ، أم كيف به لو رأى زماننا فيمَن يحارب ويضطهد علماء ودعاة الإسلام ، الذين أعلنوا تبرأهم وعدائهم وجهادهم ، من اليهود والنصارى والمجوس والملحدين ، ومن عاونهم كما أمرهم الله ورسوله بصريح النصوص الواضحة البينة التي لاتحتمل التأويل بعداوتهم وبغضهم وجهادهم ؟! ، أم كيف به لو رأى من يعطي تصاريح بالسب والإستهزاء بالدين واهله ، وينشر الشهوات والشبهات بين المسلمين!؟.
مع ان الإمام أحمد رحمه كفَّر من قال بخلق القرآن كما جاء في كتاب السنة للخلال 5/95، قال: أخبرني أحمد بن محمد بن مطر قال حدثنا أبو طالب قال، قلتُ لأبي عبد الله: " إنهم مرّوا بطرسوس بقبر رجل، فقال أهل طرسوس: الكافر لا رحمه الله، فقال أبو عبد الله: نعم فلا رحمه الله هذا الذي أسس هذا وجاء بهذا ". ويقصد بهذا أي بخلق القران.

ف
أين يُمكن أن تُصنَّف الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين في هذا الزمان؟ ، وأين يُصنفون أولئك الحكام الذين يحكمون المسلمين؟ ، هل في خانة المجرمين الكافرين المحاربين لله ولرسوله وللمؤمنين والموالين لأعداء الله ورسوله ، أم في خانة المؤمنين الموحدين الذين يوالون الله ورسوله والذين آمنوا ؟! ومن هم حَرَسُ وعينُ الكفار والمشركين من اليهود والنصارى والمجوس والملحدين على دين الأمة الإسلامية ومصالحها وحرماتها وخيراتها ؟! ، وأي فتنة أعظم من هؤلاء !؟ ، ومن هو الواجب الشرعي علينا جميعاً نصرته والوقوف معه ؟ ، أأنصار الشريعة أم أعداءها ؟ فأعداء الإسلام يتربصون بالمسلمين في كل مكان من داخل بلادهم وخارجها ، ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلآ أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، فلنحيا من أجل ديننا وعقيدتنا ونمُت من أجلها ولنجعل منهج الإسلام هو ميزان حياتنا ، وعزنا ، وكرامتنا ، وشرفنا ، فالله سيسألنا عن ديننا ولن يسئلنا عن حكامنا.
وأختم كلامي بدعاء يوسف عليه السلام لربه عزوجل بقول الله تعالى:"
قَالَ رَ‌بِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِۖ وَإِلَّا تَصْرِ‌فْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ " [يوسف: 33].
والحمدلله رب العالمين.