عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 2- 14   #10
غزاله القرشي
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية غزاله القرشي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 48865
تاريخ التسجيل: Sat Feb 2010
المشاركات: 5,839
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 52333
مؤشر المستوى: 173
غزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الآداب
الدراسة: انتساب
التخصص: اللغة العربية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
غزاله القرشي غير متواجد حالياً
رد: الشعر العباسي..

المحاضرة العاشرة من أعلام الشعر العباسي أبو العتاهية


مقدمة: تناولنا في المحاضرة السابقة شاعراً من شعراء العصر العباسي ألا وهو أبو نواس .
ووقفنا على مولده وحياته ونشأته ،وشاعريته ، وعرضنا لبعض أغراضه الشعرية .
ونحاول في هذه المحاضرة الوقوف على شاعر آخر من شعراء العصر العباسي ألا وهو ” أبو العتاهية“
• مولده وحياته ونشأته: هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن المؤيد بن كيسان العنزي، ولدفي ” عين التمر“ بالقرب من الأنبار سنة130هـ، وتوفي سنة211هـ، وأوصى أن يكتب على قبره:
إنّ عَيْشاً يَكونُ آخِرُهُ المَوْ تَ لَعَيشٌ مُعَجَّلُ التّنغيصِ
كان أبوه نبطياً من مولى بني عنزة، أما أمه فكانت من مولى بني زهرة. وكان أبوه يعمل بالحجامة، ويظهر أن سيل العيش قد ضاقت به في بلدته فانتقل منها إلى الكوفة بأسرته، ومعه الصغيران:زيد وأبو العتاهية.
ولا يكاد يشب أبو العتاهية حتى نراه ينتظم في سلك المحنثين. ولعل ذلك ما يدل على ما كان يحسه هذا الغلام من ضياع.
إذ نشأ في أسرة فقيرة مغموراً، لا يعتز بأي شيء في دنياه من جاه أو ثروة، وكان دميم الوجه، قبيح المنظر.
نزعت به نفسه إلى اللهو والمجون ، وهذا مما اضطره أن يمشي في طريق وعرة المسالك وانخرط في جماعة المخنثين.
تفجر ينبوع الشعر على لسانه منذ الصغر، فكان يأتيه الأحداث والمتأدبون فينشدهم أشعاره ويكتبونها على ما تكسر من الخزف وما يشترونه من الجرار.
وهناك في الكوفة أخذ أبو العتاهية يختلف على مجالس أهل العلم والأدب في مساجد أهل الكوفة.فتعلم العربية ومهر بالشعر، حتى دوت شهرته فيما بعد .
قصد أبو العتاهية الكوفة وأقبلت عليه الدنيا حين ولي الخلافة المهدي، فأعجب الخليفة المهدي بمدحه فأخذ يغدق عليه جوائزه ، وأوسع له في مجالسه ، ويقال إنه كان يعطيه على القصيدة سبعين ألف درهم.
أحب أبو العتاهية ” عُتبة“ وهي جارية من جواري المهدي ، وراح يتغزل بها ، وكانت هي تزدريه ، كما ازدرته ” سُعدى“ من قبل.
علم الخليفة المهدي بتغزل أبي العتاهية في جواري قصره، فغضب وأمر بضربه مائة سوط وسجنه، ولم يلبث يزيد بن منصور الحميري أن شفع له لدى المهدي فعفي عنه وردَّ إليه حريته.
وقد ظل يذكر“عُتبة“ويتغنى باسمها طويلاً، ولعل ذلك هو الذي جعل المهدي يقول عنه: إنك إنسان متعتَّه، فاستوي له بذلك لقبه (أبو العتاهية)وغلب هذا اللقب على اسمه.
وظل يعيش حياة اللهو والمجون حتى سنة 180هـ ، حيث تحول من حياة اللهو والمجون إلى حياة الزهد والتقشف ولبس الصوف.
ويحاول الرشيد أن يعود به ثانية إلى حياته القديمة ، وإلى ما كان يصنع له من رقائق الغزل فيمتنع وضيق صدر الرشيد بامتناع أبي العتاهية ، ويأمر بضربه وحبسه في دار موسِّعاً عليه حتى يصدع لأمره .
ويسترسل أبي العتاهية في استعطاف الرشيد، قائلاً:
إنما أنت رحمة وسلامة زادك اللـه غبطة وكرامة
لو توجعت لي فروحت عني روح اللـه عنك يوم القيامة
ويرق قلب الرشيد ويأمر بإطلاقه ، ويأخذ منذ هذا التاريخ الإكثار من شعر الزهد وذكر الموت والفناء والدعوة لمكارم الأخلاق.
يعد أبو العتاهية من المتقدمين في طبقة بشار وأبي نواس، وكان الشعر عنده سهلاً حتى يحكى أنه قال يوماً لو شئت أن أجعل كلامي كله شعراً، وهذا دليل قاطع على سرعة بديهيته.
وكل من يطلع أشعاره تتجلى له تلك المسحة الغالبة على شعره من الزهد ؛ حيث تطغى على فنونه الشعرية الأخرى.
كما أن شعره يمثل حياته أصدق تمثيل ؛ فهو في شطر من حياته يتغزل ويصف الخمر .وهو في الشطر الثاني من حياته يكف عن الغزل ووصف الخمر مستبدلاً بها الزهد ونثر الحكم والدعوة إلى مكارم الأخلاق.
وتتميز أشاعره بطلاقة الطبع ورشاقة النظم ، وهي ذات ألفاظ تسيل نعومة وعذوبة ولاسيما في الزهديات وذم الدنيا في مدائحه تحريض على التقوى والانصراف عن الدنيا ، متمسكاً بالأسلوب القديم ، يتخلى عن وصف الصحراء والأطلال إلا ما قد يأتي عرضاً ، من مدائحه في المهدي:
أتَتْهُ الخِلافَةُ مُنْقادَةً إلَيْهِ، تُجَرِّرُ أذْيالَهَا
وَلم تَكُ تَصْلُحُ إلاّ لَهُ، ولم يَكُ يَصْلُحُ إلاّ لَهَا
ولوْ رامَها أحَدٌ غَيرَهُ، لَزُلزِلَتِ الأرْضُ زلْزالَهَا
أما الغزل عند أبي العتاهية فكثير ورقيق ، يصدر عن نفس وثابة مُلهمة ولاسيما أقواله في عتبة، والتي منها:
كأنّها ، من حُسنِها، دُرّةٌ، أخرَجَها اليَمُّ إلى السّاحِلِ
كأنّ، في فيها وفي طَرْفِها، سَواحِراً أقبَلنَ من بابِلِ
ويقول:
يا عُتبَ سَيّدَتي! أمَا لكِ دينُ؟ حتى متى قَلبي لدَيكِ رَهِينُ؟
يا عُتْبَ! أينَ أفرّ منكِ، أميرَتي! وعليّ حِصْنٌ منْ هَواكِ حَصِينُ
وينتقل أبو العتاهية من مرحلة غزله ولهوه إلى مرحلة جديدة، تعد انقلاباً في حياته ، وهي حياة الزهد، وظل نحو ثلاثين عاماً يتغنى بالكأس الخالدة كأس الموت الدائرة على الخلق ، فالكل مصيره إلى الفناء، قائلاً:
لِدوا للمَوْتِ ، وابنُوا للخرابِ، فكُلّكُمُ يَصِيرُ إلى تَبابِ
وقوله:
الناس في غفلاتهم ورحى المنيّة تطحن
ويواصل مسجلاً أن الطبيب قد يسبق مريضه إلى الموت، قائلاً:
وقَبلَكَ داوَى الطّبيبُ المَريضَ، فَعاشَ المَريضُ وماتَ الطّبيبُ
وفي زهده أدعية وابتهالات إلى رب العالمين:
إلَهي لا تُعَذّبْني، فَإنّي مُقِرٌّ بالّذي قَدْ كانَ مِنّي
وَمَا لي حَيلَةٌ، إلاّ رَجائي، وَعَفُوكَ، إن عفوْتَ، وَحسنُ ظني
وأشعاره في الزهد والمواعظ والحكم لا مثيل لها ، كأنها مأخوذة من الكتاب والسنة ، وما جرى من الحكم على ألسنة السلف.
من كل ما تقدم عرفنا أبا العتاهية في مختاراته الشعرية : لطيف المعاني ، ألفاظه سهلة، يميل إلى التجديد الشعري، فقد حرر نفسه من التقيد بالمعاني والأوزان، متأثراً بالأدب الفارسي والحكمة اليونانية ، وكان أول من ولج باب الزهد في التصوف.