عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 2- 14   #3
غزاله القرشي
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية غزاله القرشي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 48865
تاريخ التسجيل: Sat Feb 2010
المشاركات: 5,839
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 52333
مؤشر المستوى: 173
غزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond reputeغزاله القرشي has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: الآداب
الدراسة: انتساب
التخصص: اللغة العربية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
غزاله القرشي غير متواجد حالياً
رد: ملخصات الأخلاق الإسلامية وآداب المهنة

المحاضرة الثانية

أسس الأخلاق في الإسلام
يقوم النظام الأخلاقي في الإسلام على ثلاثة أسس هي:
1/ الأساس الاعتقادي
2/ الأساس الواقعي والعلمي
3/ مراعاة الطبيعة الإنسانية.
أولاً - الأساس الاعتقادي:
يتمثل الأساس الاعتقادي للأخلاق الإسلامية في ثلاثة أركان هي:
الركن الأول: الإيمان بوجود الله تعالى الذي خلق الكون وخلق الإنسان وخلق الموت والحياة وهو بكل شيء من الماضي والحاضر والمستقبل عليم, حتى إنه ليعلم ما يدور في خلجات الأنفس من خير أو شر كما قال تعالى: [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ]
الركن الثاني: إن الله عز وجل منذ أن خلق الإنسان فوق هذه الأرض عرَّفه بنفسه, وعرفه بطريق الخير والشر, وطريق الحق والباطل, من خلال رسالات أوحى بها إلى من اختارهم من أنبيائه ورسله. قال تعالى: [أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ, وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ, وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ] وقال سبحانه: [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا, فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا], ثم إن الله سبحانه قد خلق في الإنسان قدرة لإدراك تلك الحقائق, ونصب دلائل على جميع ذلك في هذه الطبيعة يدركها من تأمل فيها وبحث عنها في ثنايا هذا الكون, قال تعالى: [سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ] وبناء على ذلك كلفهم الله سبحانه باتباع الحق والخير, واجتناب الشر والباطل, كما بين واجباتهم تجاه خالقهم, وتجاه المخلوقات الأخرى, وبين لهم المحرمات التي يجب عليهم اجتنابها.
الركن الثالث: هو وجود الحياة بعد الموت, وهذه الحياة إما نعيم وإما جحيم. فالأولى يكافأ بها من اتبع الحق, وفعل الخير واجتنب الشر وما حرمه الله تعالى عليه, والثانية يجازى بها من اتبع الباطل وارتكب ما حرم الله. وهذه وتلك تكون بعد حساب دقيق يقوم به الخالق يوم القيامة, كما قال سبحانه: [إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ] وقال جل جلاله: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ, وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ].
• إذن فهذه الحياة ميدان عمل واختبار للإنسان لمن يريد الخير, ولمن يريد الشر, قال تعالى: [الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا], والحياة الأخرى للحساب والجزاء, قال تعالى: [وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ], وقال أيضاً: [اليَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ اليَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ]
• وهذا الأساس بهذا المفهوم في غاية الأهمية في الاتجاه الأخلاقي في الإسلام, وهو السند الذي يُعتمدُ عليه في إقامة النظام الخلقي, وفي عملية الالتزام به. فبدون هذا الأساس تفقد الأخلاق قدسيتها وتأثيرها الكبير في الإنسان, ولا يمكن أن تطبق تطبيقاً عملياً دقيقاً في السر والعلن, إلا إذا اتخذ هذا الأساس في قلوب البشر مكاناً, وآمنوا به إيماناً صادقاً. وليس هذا أساس للسلوك الأخلاقي فحسب, بل كذلك للحياة, إذ لا معنى للحياة –في الحقيقة- دون وجود هذا الأساس ودون الاعتماد عليه.
• إن الذي يقرأ كتابات الوجوديين وأمثالهم من الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يجد أنهم يعانون من قلق وحيرة واضطراب في أعماق قلوبهم, ثم يسعون إلى تعميمه على البشر كلهم بدعوى أنه من مستلزمات الوجود الإنساني, وأن طبيعة الحياة تقتضيه.
• وهو ادعاءٌ باطلٌ, بدليل أن غيرهم ممن ليس على شاكلتهم لا يعاني من تلك الظاهرة, ولعله ناتج عن انعدام الإيمان لديهم. والسر فيه أن في طبيعة الحياة الإنسانية جانباً لا يملؤه إلا الإيمان, فمن انعدم لديه الإيمان عانى من الفراغ في هذا الجانب, فأحس بالقلق والاضطراب, وهو ما يدفعهم إما إلى الانتحار والتخلص من الحياة بطريق مباشر, أو الوقوع في شرك المخدرات أو المسكرات, ليقتل نفسه بطريق غير مباشر. والأمر الذي يؤكد صحة هذا التفسير هو أن هؤلاء الناس لا يعانون فقراً أو حرماناً أو مرضاً, بل هم أغنياء أصحاء, وإنما يعانون من فقدان الطمأنينة التي تجلبها العقيدة الصحيحة والإيمان القويم.
• إن اعتماد الأخلاق على أساس من العقيدة يضفي عليها طابعاً مميزاً من القداسة, وتدفع بالإنسان إلى فعل الخير, والابتعاد عن الشر, وتجعله صاحب ضمير حي, وقد اعترف بهذا الدكتور ألكسيس كاريل حيث يقول: "الفكرة المجردة لا تصبح عاملاً فعالاً إلا إذا تضمنت عنصراً دينياً, وهذا هو السبب في أن الأخلاق الدينية أقوى من الأخلاق المدنية إلى حد تستحيل معه المقارنة, ولذلك لا يتحمس الإنسان في الخضوع لقواعد السلوك القائم على المنطق إلا إذا نظر إلى قوانين الحياة على أنها أوامر منزلة من الذات الإلهية".


ثانياً - الأساس الواقعي والعلمي:
إذا كان الإسلام قد دعا إلى المثالية والسمو الروحي, وذم الذين أخلدوا إلى الأرض وشهواتها, فإن دعوته إلى المثالية كانت واقعية وكانت وسطاً بين نظرتين متطرفتين هما:
• أولهما: دعوات روحية تدعو الإنسان إلى محاربة الطبيعة, وعدم الاستسلام لها, مهما جابهته ضغوطات الحياة ومهما كانت شدتها؛ وذلك لأن سعادة الإنسان وسموه الروحي وخلاصه من آلام الحياة -في نظرهم- إنما تتم بمحاربة الطبيعة والتسامي على واقعها.
• ثانيهما: دعوات للطبيعيين الذين أخلدوا إلى الأرض, وقدموا الطاعة لدواعيها ومتطلباتها؛ لأن الحياة معها -في نظرهم- هي الحياة السليمة التي تصل بالإنسان إلى السعادة.
• فجاء موقف الإسلام نحو الطبيعة واقعياً وسطاً معتدلاً بين هاتين النظرتين, وقد تجلى ذلك في:
• 1- دعوته إلى الاستعلاء على الطبيعة وعدم الاستسلام لها؛ وذلك بدعوته الإنسان إلى أن يكون سيداً على الطبيعة, فيسخر مواردها في عمران الأرض, ونفع العباد, كما قال تعالى: [هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا] وأن يكون كذلك سيداً على نفسه, فيضبط ميوله ورغباته ويوجهها وفقاً للمثل العليا التي جاء بها الإسلام.
• 2- دعوته إلى التأقلم والانسجام مع الطبيعة ومع الواقع, وعدم التصادم معها, وذلك عن طريق اتخاذ قواعد للسلوك تنسجم تمام الانسجام مع القوانين الأساسية للحياة البشرية, وهي القوانين الثلاثة التالية: قانون المحافظة على الحياة, وقانون تكاثر النوع الإنساني, وقانون الارتقاء العقلي والروحي, وفي هذه القوانين يتجلى الأساس العلمي الذي أقام الإسلام نظامه الأخلاقي عليه.
• ففيما يتعلق بالقانون الأول – الذي هو المحافظة على الحياة- فإن الإسلام اعتبر كل سلوك من شأنه أن يحافظ على الحياة وينميها, سلوكاً أخلاقياً. وكل سلوك يضاد الحياة أو يعوقها بصورة من الصور يعد سلوكاً غير أخلاقي. فمن هنا كان القتل حراماً أخلاقياً, وكذا تهديد الآخرين وإخافتهم, والتحاسد والتباغض والتدابر. وكان من الواجب احترام الناس والمحافظة على أرواحهم وأعراضهم ودمائهم, والسعي لنفعهم.
• وفيما يتعلق بالقانون الثاني – الذي هو تكاثر النوع- فإن الإسلام اعتبر كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى إبقاء النوع وتحسينه سلوكاً أخلاقياً راقياً. فشرع الزواج وحث عليه, ونهى عن التبتل أو الرهبانية كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها. فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوموأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني). كما حث على حسن اختيار الزوجة, فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم). وحث الآباء على تزويج بناتهم من أناس صالحين, فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلاَّ تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد). ثم إن الإسلام حرم كل سلوك من شأنه أن يعوق استمرار التناسل؛ لأنه يعد منعاً لاستمرار النوع, ومن ثمَّ فقد حرم الإسلام الخِصاء, كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك". فالإسلام يعد الخروج على القوانين الطبيعية والأخلاقية تعدياً وخروجاً عن جادة الحياة المستقيمة.
• وفيما يتعلق بالقانون الثالث – الذي هو الارتقاء العقلي والروحي- فإن الإسلام اعتبر كل سلوك من شأنه أن يؤدي إلى السعادة والإقبال على الحياة بمحبة وانشراح وينمي العقل ويحافظ عليه سلوكاً أخلاقياً راقياً, وكل سلوك يضاد ذلك كأن يجعل الإنسان يعيش في عزلة من الناس متشائماً قلقاً, أو يضر بعقله ويجعله مريضاً أو متخلفاً مستسلماً للجهل والخرافات سلوكاً غير أخلاقي. ومن ثم فقد وجدناه يحث على العلم وصلة الرحم ومحبة الآخرين والرحمة بهم, والرضا بقضاء الله وقدره, كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)() أو قوله صلى الله عليه وسلم: (‏عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيراً له)() أو في تحريمه للانتحار, أو تعاطي المسكرات أو المخدرات أو ما من شأنه أن يضر بصحة الإنسان البدنية أو بعقله
• فقال تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا] وقوله سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ , إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ] . ومثلها من النصوص كثير جداً.
ثالثاً – مراعاة الطبيعة الإنسانية:
• وهذا الأساس مهم في الدراسات الأخلاقية, وذلك لوجود ارتباط وثيق بين السلوك وطبيعة الإنسان, ولتوقف نجاح النظام الأخلاقي على مدى انسجامه مع واقع هذه الطبيعة.
• فالإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه روح وجسد, وعقل وقلب ومشاعر وعواطف, وأن هناك صراعاً بين طبيعة الإنسان وتكوينه المادي الذي يميل إلى الأرض والتراب الذي خلق منه, فيستجيب للأهواء والشهوات وينساق لها, وروحه العلوية التي هي من نفخ الإله, وتدعو إلى السمو والرقي والمثالية.
• والمطلوب هو التنسيق بين هاتين الطبيعتين في الإنسان, وتوجيهه إلى السلوك الذي يليق به بصفته أشرف مخلوق على ظهر الأرض, وصاحب رسالة خُلِق من أجلها في هذه الدنيا.
• والمرجع في هذا التنسيق هو رب العالمين تبارك وتعالى.