كل ما تفضلتم به وقلتم فهو صحيح ولا شك به ..
ولكن ما العمل جراء هذا التلوث الذي يحيط بنا ؟
أثبتت الدراسات أن المملكة العربية السعودية في ذيل قائمة البلدان التي لا تحارب التلوث البيئي ؛ لأنها لا تعمل شيء حيال هذا الأمر !
..
نحن للأسف كشعب من مواطن ومقيم نجهل هذا التلوث البيئي , بل نجهل أنه السبب الأول في أمراضنا .
وحينما أقول التلوث البيئي , فإنني أقصد أمور كثيرة جداً منها على سبيل المثال والتي لا يعرفها إلا القليل : المواد الكيميائية المضافة الي المواد الغذائية , والحلويات والبسكويتات , والمشروبات الغازية , والعصائر ... الخ
ومنها أيضاً عوادم السيارات , والتدخين , وقطع الأشجار , والمبيدات الحشرية المستخدمة في مزارعنا ومنازلنا .. الخ
..
وبنفس الوقت نحن لا نعرف كيف نطالب بحقوقنا التي تضمن لنا حياة صحية خالية من الأمراض , إذ أن هذا التلوث البيئي سببه طمع الشركات المصنعة , مدينة ينبع على سبيل المثال : يقول لي أحدهم : أن رائحة الغاز تفوح في كل مكان , وينتبه لها أي زار حينما يدخل حدود ينبع !
..
( مقاطعة هنكلي في ولاية كاليفورنيا )
عُرض فيلم أمريكي قبل عام 2000م يتحدث عن قصة حقيقة وقعت في مقاطعة هنكلي في ولاية كاليفورنيا والتي يقال فيها: أن سكان هذه المقاطعة تعروضوا لتلوث بيئي في المياه الجوفية بسبب تسرب الكروم 6 (Chromium-6) الي المياه الجوفية , وسبب لسكان المقاطعة عدة أمراض عانت منها الأسر لعدة سنوات بسبب جشع هذه الشركة ( PG&E ) وكان من بين هذه الأمراض مرض السرطان وهو الذي فتك بهم !
وبعد عدة سنوات دافع المحامون عن سكان هذه المقاطعة , فتم الحكم لصالحهم والحكم لهم بغرامة الشركة 333 مليون دولار تقسم عليهم ( وكانوا قلة ) , وغُرمة ايضاً الشركة قيمة 5 ملايين دولار لبعض الأسر التي تعاني من السرطان مع القسمة التي تأتيهم من المبلغ الأول .
..
أنا أعمل في ( محطة معالجة مياه الصرف الصحي ) وهذه الأمكنة دائماً ما تكون غير صحية بل تعد من اسباب التلوث البيئي .. في الآونة الأخيرة توفي مهندس يعمل معنا في المحطة بالسرطان , وتوفي ايضا قبله بسنة مؤذن بسبب السرطان , ومازال أحد المهندسين السعوديين يعاني من السرطان , وهناك بعض الطفوحات الجلدية التي تصيب العاملين في المحطة تختفي وتظهر من حين لآخر .. ولا نعلم ما هي نهاية هذا الأمر !
الأمر يذل يذجرني أننا نعمل برواتب لا تتعدى 2000 ريال بل لم تصل لها !
لم تعوض اسرة المهندس !
لم تعوض أسرة المؤذن !
لم يعوض المهندس السعودي هو الآخر !
لعدة أمور :
1. لجهل العاملين في المحطة بآثار المحطة في التدهور الصحي .
2. لا يوجد قانون يحمي العاملين في الأماكن الملوثة من خطورة التلوث , هناك تأمين طبي ( في أفشل المستشفيات ) , وأنتم تعرفون أن مستشفياتنا من افشل المستشفيات في العالم !
3. الفقر , الذي بدوره يجعل العاملون والموظفون يلتزمون الصمت والسكوت عن حقوقهم .
4. الجهل , وهو العدو الأول الذي تتميز به كافة شعوبنا للأسف أو أغلبها !
..
لا أريد أن أسهب في أمر عملي - وقد أكتب عنه قريباً - لكنني أريد منكم أن تعلموا أن كل ما يحيط بنا ملوث
فالبسكوت الذي تشتريه من السوبر ماركت وتأكله مع أبناءك ملوث !
والعصير الذي تشتريه من السوبر ماركت وتشربه مع أبناءك ملوث !
المياه الطافحة أمام منزلكم تجلب لكم أخطر الأمراض !
المصانع التي بجانبكم والتي تبث سمومها هي بدوره تجلب لكم أخطر الأمراض !
المواد الكيميائية التي تستخدمها في منزلك , يجب أن تتعامل معها بالطريقة الصحيحة ؛ لأنها من مسبباتها جلب الأمراض الخطيرة , وتعتبر من ملوثات البيئة !
..
ماذا أقول .. وعن ماذا أتحدث ؟!!
هنا أمور كثيرة جداً يجهلها كثير منا , لأننا لا نتعلم .. لا نبحث .. لا نطالب .. لا نكتب .. لا نقاطع .. لأننا رقود , خمود , كسل , لا مبالاة , فشل , ذل , انهزامية , اتكالية ..
..
خبر غريب نشر في جريدة الرياض :
الخبر كان يتحدث عن الحقوق وفي سياق الخبر لقاء مع أحد المحامون السعوديون , مفاده : أن سيارة من نوع فورد سقطة في إحدى مصائد الشركات في الطرق ( الحفر ) فانعدمت السيارة .
علق المحامي وقال : لو كان هناك وعي في الشكوى ؛ لما رايت حفرة واحدة في مدينة جدة , المواطن للأسف يجهل كيفية الشكوى , ولا يعرف يطالب بالتعويض !
..
فهل فهمنا الآن ؟ ... أم أننا ما زلنا كما كنا !