المحاضرة الحاديه عشر
قصيدة المســـاء
خليل مطران
دَاءٌ أَلَــــــمَّ فخِلْـــتُ فيهِ شِفَــائي من صَبْوَتي ، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَـائي
يَــا لَلضَّعيفَينِ ! اسْتــَبَدَّا بي ، ومَـــا في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَــاءِ
قَلْـــبٌ أَذَابَتـــْهُ الصَّبَــابَةُ وَالجَـوَى وَغِــلاَلَــةٌ رَثَّــتْ مِـــنَ الأَدْوَاءِ
إِنّــِي أَقَمــــْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُــنَى في غُــــرْبَةٍ قَالُـوا : تَكُونُ دَوَائي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا أَيُلَطِّفُ النِّــــيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ ؟
عَبَـــثٌ طَـــوَافِي في البــــلاَدِ ، وَعِلَّةٌ في عِلــــَّةٍ مَنــــْفَايَ لاسْتِشْفَـاءِ
مُــــتـَفَــرِّدٌ بصَبَــــابَتي ، مُــــتَفَرِّدٌ بكَــــــآبَتي ، مُـــــتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْـــرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي فَيُجيبُني برِيَــاحِهِ الهَــوْجَـــاءِ
ثَـــــاوٍ عَلَى صَخْـــرٍ أَصَمَّ، وَلَيْتَ لي قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْـــرَةِ الصَّمَّـــاءِ
يَنْتَابُهَا مَـــــوْجٌ كَمَـــوْجِ مَكَــارِهِي وَيَفتُّهَـــا كَالسُّقْـــمِ في أَعْضَــائي
وَالبَحْــرُ خَفّــَاقُ الجَــوَانِبِ ضَائِـقٌ كَمَدَاً كَصَدْرِي سَـــاعَـةَ الإمْسَـاءِ
تَغْشَى البَرِيَّــــةَ كُــــدْرَةٌ ، وَكَأَنَّهَـــا صَعِدَتْ إلَى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَـــائي
يَا لَلْغُرُوبِ وَمَــــا بــهِ مِـنْ عِـــبْرَةٍ لِلْمُسْتَهَـــامِ ! وَعِــــبْرَةٍ لِلـرَّائي !
أَوَلَيْسَ نَزْعَـــاً لِلنَّهَـــارِ ، وَصَرْعَـــةً لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِــمِ الأَضْــــوَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ طَمْـــسَاً لِلْيَقِينِ ، وَمَبْعَثَـــاً لِلشَّــكِّ بَيْنَ غَــلائِلِ الظّلْمَـــاءِ ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُـــودِ إلَى مَـــدَىً وَإِبَـــادَةً لِمَعَالِــــمِ الأَشْيَــــاءِ ؟
حَتَّى يَكُـــونَ النُّــــورُ تَجْدِيدَاً لَهَا وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْــثِ عَوْدُ ذُكَـاءِ
وَلَقَدْ ذَكَــرْتُكِ وَالنَّهـَـــارُ مُــــوَدِّعٌ وَالقَـلْبُ بَيْنَ مَهَــــابَــةٍ وَرَجَـاءِ
وَخَــوَاطِـــرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِـرِي كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَــــابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً بسَنَى الشُّعَــاعِ الغَـارِبِ المُتَرَائي
وَالشَّمْسُ في شَفَـقٍ يَسِيلُ نُضَـــارُهُ فَــوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
مَرَّتْ خِـــلاَلَ غَـمَـامَتَيْنِ تَحَــــدُّرَاًوَتَقَطَّرَتْ كَــالدَّمْعَةِ الحَمْــــرَاءِ
فَكَـــأَنَّ آخِــرُ دَمْعَةٍ لِلْكَــوْن ِ قَـدْ مُزِجَتْ بــآخِرِ أَدْمُـعِي لرِثَـــائي
وَكَأَنَّني آنَـسْــتُ يَــوْمِـي زَائِــــلاً فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَـــــائي
التعريف بالشاعر
ولد خليل مطران سنة 1872م في بعلبك من أسرة عربية أصيلة ،
وكانت أمه فلسطينية تحب الأدب ، وتقرض الشعر
وقد أجاد العربية والتركية والفرنسية .
وتنقل بين بيروت وأنقرة وباريس ، ثم استقر في مصر سنة 1892م
ولذلك لقب بشاعر القطرين ، وقد عمل في جريدة الأهرام ، وفي ترجمة مسرحيات (شكسبير ) ، توفي سنة 1949م
وهو رائد ( المدرسة الرومانسية ) في الشعر العربي المعاصر ، وله ديوان شعر مطبوع كما كانت تربطه صداقة وثيقة بكل من شوقي وحافظ.
ولد خليل مطران سنة 1872م في بعلبك من أسرة عربية أصيلة ،
وكانت أمه فلسطينية تحب الأدب ، وتقرض الشعر
وقد أجاد العربية والتركية والفرنسية .
وتنقل بين بيروت وأنقرة وباريس ، ثم استقر في مصر سنة 1892م
ولذلك لقب بشاعر القطرين ، وقد عمل في جريدة الأهرام ، وفي ترجمة مسرحيات (شكسبير ) ، توفي سنة 1949م
وهو رائد ( المدرسة الرومانسية ) في الشعر العربي المعاصر ، وله ديوان شعر مطبوع كما كانت تربطه صداقة وثيقة بكل من شوقي وحافظ.
مذهبة الشعري
إن مـطران كان على دراية واعية بتقاليد الشعر العربي الموروثة ،
قادراً على مجاراته . كون مطران لنفسه اتجاهاً شعرياً أو فلسفه في فهم غاية الشعر ،
وأهميته في تصوير معاناة الشعوب ومحاربة الظلم والبؤس
اللذان أحسهما وعاشهما في حياته الخاصة ، كما عايشهما في وطنه وفي أمته .
ويعد مجددا من أهم المجددين في نوعية الشعر وبناء القصيدة ، والاحتفاظ بالأداء الصحيح ، الخالي من الضعف ، البعيد عن التفكك ، حيث جاءت قصائد مترابطة الأجزاء ، مكتملة العناصر ، متحدة الموضوع ، فقصائده نابعة من نفسه ، مصورة لمشاعر ، معبرة عن معاناته .
تأثر الشاعر بعدة عوامل داخلية وخارجية تظهر في اتجاهاته الشعرية
العوامل الخارجية :
عاش في بيئة محبة للشعر وللأدب ناهيك بأن عمله في الترجمة أكسبه ثقافة عالمية واسعة ، وعايش مطران مدرستين معروفتين وتأثر بهما : المدرسة البرناسية التي تعتني باللغة من منطلق مبدأ الفن للفن ، والمدرسة الرومانسية التي تعتمد الوجدان و الميل إلى الطبيعة والتعلق بها بغلاف حزين كئيب كما هو واضح في القصيدة .
العوامل الداخلية :
تأثر بعوامل نفسية وحياتية ، إذ نشأ منذ صغره محباً للجمال والطبيعة ، كارهاً الظلم ، والتسلط ، والقهر ، متميزاً بحس مرهف ، وحب للحرية ، و ولوع بالعلم والثقافة .