رد: علوم قران 2 / منيره الدوسري .
المحاضره العاشره
المجمل والمبين
تعريف المجمل:
المجمل ما لم تتضح دلالته ، ولا يفهم المراد منه على التمام .
اختلف في وقوع المجمل في القرآن:
فالجمهور على أنه واقع، خلافا لداوود الظاهري، والواقع يَرُد قول داوود؛ فالآيات والنصوص المـُجملة جاء بيانها، وقد يتأخر بيانها، يأتي النص المجمل ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة، أما تأخير البيان عن وقت الحاجة فهذا لا يجوز عند أهل العلم، ولا يُظن أنما يتأخر البيان إلى وقت الحاجة.
أسباب الإجمال .- منها الاشتراك نحو {والليل إذا عسعس } فلفظ عسعس صالح لإفادة الإقبال والإدبار .
وقوله { ثلاثة قروء} فإن القرء موضوع للحيض والطهر .
2 ـ ومنها الحذف نحو {وترغبون أن تنكحوهن } في قوله تعالى {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ..} الآية ثمة حذف يحتمل اثنين وهما : في ، و عن . فيكون المعنى بذلك : وترغبون في أن تنكحوهن ، أو وترغبون عن أن تنكحوهن . وعلى هذا فالمعنى يختلف بسبب الاستعمالين .
3ـ ومنها اختلاف مرجع الضمير نحو {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه }يحتمل عود ضمير الفاعل في (يرفعه) إلى ما عاد عليه ضمير إليه وهو الله.
ويحتمل عوده إلى العمل والمعنى : أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب.
ويحتمل عوده إلى الكلم الطيب : أي أن الكلم الطيب وهو التوحيد يرفع العمل الصالح لأنه لا يصح العمل إلا مع الإيمان.
4 ـ ومنها احتمال العطف والاستئناف نحو قوله تعالى { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب } قالوا في (والراسخون) تحتمل العطف والاستئناف ، وهما معنيان متغايران يترتب عليهما تغاير في معنى الآية .
كون عاطفة:{ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ }، وحينئذٍِ يكون { وَالرَّاسِخُونَ } عالمين بتأويل المتشابه.
وإذا قلنا أنها استئنافية والوقف على لفظ الجلالة قلنا: أنه علم متشابه خاص بالله تعالى ولا يعلمه أحد، وأما وظيفة الراسخين هي قول {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا}.
هذا محتمل للعطف، والاستئناف؛ فوقع بسببه الإجمال
5ـ غرابة اللفظ (كالهلوع) فقد فسره السياق القرآني في قوله تعالى{إن الإنسان خلق هلوعا ً ، إذا مسَّه الشر جزوعاً ، وإذا مسّه الخير منوعاً } .
6 ـ ومنها التقديم والتأخير نحو قوله {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى } أي ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما .
{يسألونك كأنك حفي عنها} أي يسألونك عنها كأنك حفي .
أنواع تبيين المجمل :
تبيين المجمل إما أن يرد متصلاً ، نحو قوله { من الفجر} فإنه فسّر مجمل قوله تعالى {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} إذ لولا من (الفجر) لبقي الكلام الأول على تردده واحتماله .
وإما أن يرد منفصلاً في آية أخرى كقوله {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم . . الآية } فسره قوله {حرمت عليكم الميتة}
وقوله {فتلقى آدم من ربه كلمات } فسره قوله {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا . . الآية}
وقد يقع التبيين بالسنة مثل {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وقوله {ولله على الناس حج البيت} وقد بينت السنة أفعال الصلاة والحج ومقادير نصب الزكوات في أنواعها .
اختلف في آيات هل هي من قبيل المجمل أو لا؟
منها آية السرقة ، قيل إنها مجملة في اليد ؛ لأنها تطلق على العضو إلى الكوع ، وإلى المرفق ، وإلى المنكب.
ومجملة في القطع ؛ لأنه يطلق على الإبانة ، وعلى الجرح ، ولا ظهور لواحد من ذلك .
وإبانة الشارع من الكوع تبين أن المراد ذلك .وقيل لا إجمال فيها لأن القطع ظاهر في الإبانة .
ومنها {حرمت عليكم أمهاتكم } قيل : مجملة لأن إسناد التحريم إلى العين لا يصح ؛ لأن إنما يتعلق بالفعل ، فلا بد من تقديره ، وهو محتمل لأمور لا حاجة إلى جميعها ولا مرجح لبعضها .
وقيل : لا ، لوجود المرجِّح وهو العرف ، فإنه يقضي بأن المراد تحريم الاستمتاع بوطء أو نحوه ، ويجري ذلك في كل ما علق فيه التحريم والتحليل بالأعيان .
ومنها الآيات التي فيها الأسماء الشرعية نحو {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } {فمن شهد منكم الشهر فليصمه } {ولله على الناس حج البيت} قيل : إنها مجملة لاحتمال الصلاة لكل دعاء ، والصوم لكل إمساك ،والحج لكل قصد ، والمراد بها لا تدل عليه اللغة فافتقر إلى البيان.
وقيل :لا ، بل يحمل على كل ما ذكر إلا ما خص بدليل .
قال ابن الحصار : من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد .
والصواب : أن المجمل : اللفظ المبهم الذي لا يفهم المراد منه .
والمحتمل : اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدا سواء كان حقيقة في كلها أو بعضها.
قال : والفرق بينهما أن المحتمل يدل على أمور معروفة واللفظ مشترك متردد بينهما .
والمبهم لا يدل على أمر معروف .
|