رد: ما اجمل ايام الدراسة ..
بعد تفكير عميق مع نفسي وأنا استحضر موقــف المدرس الذي تعامل معي بقسوة وكذلك ما شاهدته من ضرب مبرح قام به مدير المدرسة لطلاب في مثل سن أبنائه .وجدت نفسي حينها على مفترق طرق حقيقي ومتاهة كبيرة في تقرير المصير بل اني لحظتها شعرت باني غريب في المدرسة وفي المجتمع – طوبى للغرباء - كان جو المدرسة يحمل ثقافة مغايرة ومحبطة عما عهدته و ثقافة ونهج المدرسة التي كنت فيها ! او كان الفراق لتلك المدرسة والأحباء من الزملاء يوحي لي بذلك الخاطر !
ابتلعت الفكرة بغصتها ومرارتها علِ ِأهضمها مع الوقت ..عدت الى الفصل لأكمل الحصتين الأخيرتين وكانتا أطول من الدهر كله..!! وكنت اقرأ في وجوه الزملاء في الفصل وهم ينظرون إلي نظرة الريبة ..وكلما تهامس اثنان في اخر الفصل اعتقدت أنهما يتهامسان بشأني ..ومن تبسم او قهقه قطعة يقينا انهم يضحكون علي حين تم دبغي !
انقضت الحصتين دون ان اجد ولو مواساة او تطييب خاطر كمجاملة او حتى تحت بند تخليص الذمم من احد الزملاء او من المدرس الذي تعامل معي بطريقة لا ترتبط والإنسانة بأي وشيجة ..والمشكلة انه معلم مادة دين !! ..
عدت الى البيت بعد انقضاء اليوم المدرسي الحافل بالأحداث الثقيلة (من دبغ وبهذلة وتعكير مزاج ) والتي ثقبت في الذاكرة بلحظة الم !
وأنا أفكر في القرار المصيري الذي سوف أقوم به وهو قرار صعب لطالب في سن الثالثة عشرة .!
كنت لحظتها اعتبر الولد الذي يفاخر به أبيه و الذي ينظر إليه وكأنه منحة وعطية لن تتكرر بصفتي الولد البكر – يخزي العين -! كم أنت متفاءل يا أبي !
بعد ان تناولت وجبة الغداء في الدور الثاني من بيتنا الطيني الذي يحمل كل مدماك فيه ذكريات وشقاوة مراهق مؤلمة يخالطها فرح وطيش و كأنها – تحاكي ألم الجرح المندمل حين تحك أطرافه وتشعر بألم الذي يخالطه شعور بالارتياح - وكان المطل يشرف على سفح جبل رابض بالجوار من بيتنا عشت فيه جزء من الطفولة حين كنا نأتي في الإجازات الصيفية .وكنت أطلق لأفكار تـتسلق وتسابق النظر لتقف عند قطيع من الماعز يرعى في الجبل بكل براءة غير عابئ بما سوف يكون عليه الغد يعيش اللحظة وان عدمت يجتـّـرها ! و منظر لكلاب تفترش صخرة نائية وكأنها تسجل تحرك ذلك القطيع فخطر في بالي فجأة والخواطر حين تسيل جياشة أحيانا الى حد السذاجة سيما والمرء يمر بلحظة عاطفية يخالطها ضعف وتشويش ، قلت في خاطري كم احسد تلك الكلاب وذلك القطيع من الماعز ليس لديهم دراسة !
وكنت اقصد حرفيا ما اعنيه حينها ! قد يكون هروب في لحظة ضعف !
وهنا بدأ العقل الباطن يفرز إيحاءاته ويمتحن .! .ذهبت الى خلوتي في غرفتي وأدرت أغنية وردة نخاصمهم ولا لائه ..وكنت اردد خلفها لائه ..الا في تلك اللحظة قلت نعم وكنت أحسها تتفجر من كل مسامات وتــتنفس من مشاعري ..أشعلت سيجارة ابو بس وكأنني لحظتها اكوي الألم و احرق حطب الهواجس وكل قش المشاعر السلبية .
* دائما سن المراهقة يضخم الأحداث حتى تحجب الأفق. يحب بعمق ويكره بعمق ..هكذا سلوك تلك المرحلة التي تتأرجح بين الطفولة البريئة والنضوج المشبوب بالعقل .
|