المحاضره العاشره
احياء الموات واحكامه
الموات – بفتح الميم والواو : هو مالاروح فيه والمراد به هنا
الارض التي لا مالك لها
ويعرفه الفقها – رحمهم الله بان الارض المنفكه عن الاختصاصات وملك معصوم
فيخرج بهذا التعريف شيئان :
الأول :ماجرى عليه ملك معصوم من مسلم وكافر بثراء أو عطيه وغيرها
الثاني : ماتعلقت به مصلحة ملك المعصوم كالطرق والافنه وسيل الماء
أو ماتعلقت به مصلح العامر من البلد كادفن الموتى وموضع القمامه والبقاع المرصده لصلاة العيدين والمحتطبات والمراعي فكل ذالك لا يملك بالاحياء .
فإذا خلت الارض عن ملك معصوم واختصاصه واحياها شخص ملكها.
لحديث جابر رضي الله عنه مرفوعا:
(من احياء الأرض ميته فهي له رواه احمد وورد بمعناه أحاديث
وعامة الفقها ء الامصار على أن الموات يملك بالأحياء وأن اختلقوا في شروطه الأموات
الحرم , وعرفات فلا يملك بالأحياء لما فيه من التضيق في أداء مناسك والاستيلاء على محل الناس فيه سواء .
ويحصل أحياء الموات بأمور :
الأول : إذا ا حاطه بحائط مما جرت عليه العاده فقد أحياها .
لقوله صلى الله عليه وسلم : من احاط حائطا على الأرض فهي له .
وهو يدل على التحويط على الارض مما يستحق به ملكها ,
والمقدار المعتبر مايسمى حائطا في اللغه أما لو دار حول الموات أحجار أو نحوها كتراب أو جدارصغير لايمنع ماوراءه أو حفر حولها خندقاً, فأنه لايملكه بذلك لكن يكون أحق من غيره بأحيائها من غيره ولايجوز له بيعه الأ باحيائه .
ثاني: إذا حفر حفره في اللأرض الموات بئراً , فوصل الماء قد أحياها ،
فإن حفر البئر ولم يصل الماء لم يملكها بذالك وإنما يكون أحق أحيائهامن غيره لأنه شرع في أحيائها .
الثالث: إذا أوصل إلى الأرض الموات ماء أجراه من عين أو نهر قد أحيائها بذالك , لان نقع الماء للأرض اكثر من الحائط .
الرابع:إذا حبس عن الارض الموات الذي كان يغمرها ولاتصلح معه الزرعه فاحبسه عنها حتى اصبحت صالحه لك فقد احياها لأن نفع الأرض بذألك اكثر من الحائط والذالك انه يملكا بإيقامته عليها .
ومن العلماء من يرى أن احياء الموات لايقف على ذالك الامور بل يرجع فيه إلى العرف عند الناس بالاحياء.
فانه يملك الارض الموات واختار ذالك جمع من أئمه الحنابله وغيرهم ولأمام المسلمين إقطاع الارض الموات لمن يحيها لأن النبي صلى ا لله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث العقيق واقطع وائل بن حجر حضرموت وأقطع عثمان وجمعا من الصحابه .لكن لايملكه بمجرد الإقطاع حتى يحيه بل يكون أحق به من غيره فإن احياها ملكه وأن عجز عن احيائها فللإمام استرجاعها وإقطاع الغير ممن يقدر على احيائها لأن عمربن الخطاب استرجع القطاعات من الذين عجزوا .
ومن سبق إلى مباح غير الأرض الموات كالصيد والحطب فهو احق به وإذا كان يمر بأملاك الناس ماء غيرمباح(أي غير مملوك )كماء النهر و ماء الوادي فلا عليه ان يسقي منه ويحبس الماء إلى الكعب ثم يرسله للاسفل ممن يليه ويفعل الذي يليه كذاك ثم يرسله لمن بعده لقوله عليه الصلاه والسلام (اسق يازبير ثم احبس الماء حتى يصل الجدر )
وإذا كان الماء مملوكا فأنه يقسم بين الملاك بقدر املاكهم وكل واحد يترف في حصته بماشاء .ولإمام المسلمين ان يحمي مرعى المواشي ببيت المال المسلمين ك الخيل الجاد وابل الصدقه ومالم يضرهم بالتضييق عليهم .
لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ص حمى النقيع لخيل المسلمين فيجوز للإمام حمايه العشب في ارض الموات لابل الصدقه وخيل المجاهدين ونعم الجزيه والضوال إذا احتاج إلى ذالك ولم يضيق على المسلمين..
********************
الحاديه عشره
الجعاله وأحكامها:
وتسمى الجعل والجعيله ايضا :وهي
مايعطاه الانسان على أمر يفعله كأن يقول:من فعل كذا فله كذامن المال بأن يجعل شيئا معلوما من المال لمن يجعل له عملا كبناء حائط .
والدليل جواز ذالك قوله تعالى:(ولمن جاء به فحمل بعير وأنا به زعيم)أي لمن دل على سارق صواع الملك حمل بعير وهذا جعل و قد دلت الآيه على جواز الجعله.
ودليلها من السنه:حديث اللديغ وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث ابي سعيد انهم نزلوعلى حي من أحياء العرب فاستظافوهم فأبوا فالدغ سيد ذالك الحي فسعوا له بكل شيء فأتوهم فقالوا هل عندكم من شيء قال بعضهم أني والله لأارقي ولكن استضفناكم فلم تضيفوننا فما انا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من غنم فانطلق ينفث عليه ويقراء الحمدالله رب العالمين وكأنما نشط من عقال فساقوهم جعلهم
وقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذالك له فقال:(اصبتم اقتسموا وجعلو لي معكم سهما) فمن عمل عملا جعلت عليه الجعله بعد علمه بها استحق الجعل لأن العقد استمر بتمام العمل وإن قام بالعمل جماعه فقسموا الجعل عليه بالسويه لأنهم اشتركو في العمل الذي يستحق العوض فاشتركو في العوض .
فأن عمل العمل قبل علمه بما جعل عليه لم يستحق شيئا لأنه عمل غير مأذون فيه فلم يستحق به عوضا وإن علم بالجعل في اثنا العمل اخذ من الجعل ماعمله بعد العلم .
(حكمها والفرق بينها وبين الإجاره)
والجعاله عقد جائز لكل من الطرفين فسخها فإن كان الفسخ من العامل لم يستحق شيئا من الجعل لانه اسقط حق نفسه وإن كان الفسخ من الجاعل وكان قبل الشروع في العمل فاللعامل اجره مثل عمله لانه عمله بعوض لم يسلم له,
والجعل تخالف الاجاره في مسائل :
منها:أن الجعاله لايشترط بصحتها العلم بالعمل المجاعل عليه بخلاف الإجاره فأنه يشترط فيها ان يكون العمل المؤجر معلوما.
ومنها ::أن الجعاله لايشترط فيها معرفه مده العمل بخلاف الإجاره فأن مده العمل معلومه ..
ومنها::أن الجعاله يجوز فيها الجمع بين العمل والمده كأن يقول من يخيط الثوب في يوم كذا فله كذا فأن اخاطه في يوم كذا استحق الجعل والأجاره لايصح فيها الجمع بين العمل والمده.
ومنها:أن العامل في الجعاله لم يلزم بالعمل بخلاف الإجاره فإن العامل فيها قد يلتزم بالعمل.
ومنها::أن الجعاله عقد جائز لكل الطرفين فسخها بدون اذن الآخر بخلاف الإجاره فأنها عقد لازم لايجوز لأحد الطرفين فسخا إلابرضى الآخر.
(حكمها)
وقد ذكر الفقها رحمهم الله أن من عمل لغيره عملا بغير جعل ولا أذن من احب العمل لم يستحق شيئا لأنه بذل منفعه من غير عوض لم يستحقه ولأنه لم يلزم لانسان شيئ لم يلزمه إلانه يستثنى من ذالك شيئان:
الأول:إذا كان العاملقد اعد نفسه للعمل بالأجره كالدلال ولحمال ونحوها فأنه يستحق الأجره لعرف الناس لذالك ومن لم يعد نفسه للعمل لايستحق ولو اذن له إلابشرط .
الثاني:من قام بتخليص متاع غيره من هلكه كأخرجه من البحر او من الحريق او وجده في مهلكه يذهب لو تركه فله أجره المثل وإن لم يأذن له صاحبه لانه يخشى هلاكه وتلفه على صاحبه ولأن في دفع الاجره ترغيبا في مثل هذا العمل وهو انقاذ الاموال من الهلاك.