الموضوع: اللغة العربية تحليل نصوص 3 ليلى رضوان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 12- 26   #16
مريم محزري
أكـاديـمـي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 125457
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2012
المشاركات: 34
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 50
مؤشر المستوى: 0
مريم محزري will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: طالبه
الدراسة: انتظام
التخصص: لغة عربية
المستوى: المستوى الخامس
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
مريم محزري غير متواجد حالياً
رد: تحليل نصوص 3 ليلى رضوان

قال أبو نواس :

ودارُ ندامى عطَّلوها وأدْلَجوا
بها أثرٌ منهم جديدٌ ودارسُ
حبستُ بها صحبي فجددتُ عهدهم
وإني على أمثال تلك لحابسُ
ولم أدرِ من هم غير ما شهدت به
بشرقيِّ ساباط الديار البسابس
أقمنا بها يوماً ويوماً وثالثاً
ويوماً له يوم الترحل خامسُ


التحليل :
إن أبا نواس واحد من الشعراء المحدثين الذين انقطعت صلتهم بحياة البادية الفطرية, وقد أراد الانصراف عن تصوير معالمها في شعره أيضا , بعدما لاحظ أن تاريخ الفن في شعر معاصريه لم ينقطع , فوجد في إصرارهم على التعلق بوصف الطلل في بدء أشعارهم ما يدل على ثقافة منكمشة لا تأخذ بنصيب واف من التطور الذي يمتص على الدوام ما ينجم عن حركة الحياة من معان وفكر , ورأى أن الحداثة تستلزم حضور الحياة المعاصرة بألوانها المختلفة في الفن , من أجل ذلك خصص طائفة من أشعاره لمحاربة الموروث الفني المتمثل بوصف الطلل في فواتح الشعر , والنص الذي ندرسه , يمثل لحظة العدول عن سنن القصيدة الموروثة التي اعتور الشعراء رسومها ولم يخرجوا عن تلك الرسوم إلا في القليل النادر.
إن أبا نواس لا ينقض الطلل بوصفه موضوعا فنيا موصولا بحياة انقضت , ولم تعد هناك حاجة لتكراره في أشعار المحدثين , إنما ينقض الطلل بوصفه موضوعا لا ينجم عن تناوله لذة , أما إذا تحققت تلك اللذة التي طالما نشدها في الخمر , فإنه سرعان ما يتحول كلية عن موقفه إزاء الطلل, وقد بالغ في التحنان إليها لارتباطها بالخمر وباللذة , وكان حبس فيها أصحابه خمسة أيام , فقال :" وإني على أمثال تلك لحابس" , ثم أمعن في وصف حالها وتأسف على ما أصابها من بلاء , وعني بتحديدها فكانت ( شرقي ساباط) في مكان قريب من المدائن حاضرة الفرس.
لقد أراد أبو نواس أن يلخص لنا في نصه موضوع الدراسة هنا عناصر الوجود في رمزين : الطلل والخمر , ثم أراد تحديد موقفه من فعل التحول الذي يصيب الموجودات من حوله , وكان وعى أن حركة الزمان تدني الموجودات من العدم على الدوام , لذا لم يجد مفرا من الاحتجاج ليعبر عن ضعف وسائله في مواجهة فعل الزمان .
إن رموز الوجود بحسب وعي النواسي تتلخص في محورين : الطلل والخمر ,وهما متفقان من حيث كونهما تراثا , ومختلفان من حيث استجابة كل منهما إلى فعل الزمان , فالأطلال عرضة للفناء من أجل ذلك تثير رؤيتها الحزن والألم , وتتصل الأطلال بالصحراء والناقة وقد قامت بينهما علاقة متضادة , إذ تفعل الصحراء في الناقة كما يفعل الزمان في الطلل , وهكذا تتداخل الأشياء لتواجه في آخر الأمر مصيرها المحتوم ألا وهو الفناء والعدم , وإزاء ذلك حاول الشاعر أن يجد لنفسه ملاذا ينجيه من ذلك المصير الموجع , بمعنى أنه بحث عن وسيلة للخلود والاستمرار في هذا العالم فلم يجد خيرا من الخمر لأنها تخطت فعل العدم.
  رد مع اقتباس