الموضوع: اللغة العربية تحليل نصوص 3 ليلى رضوان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 12- 26   #17
مريم محزري
أكـاديـمـي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 125457
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2012
المشاركات: 34
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 50
مؤشر المستوى: 0
مريم محزري will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: طالبه
الدراسة: انتظام
التخصص: لغة عربية
المستوى: المستوى الخامس
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
مريم محزري غير متواجد حالياً
رد: تحليل نصوص 3 ليلى رضوان

قالت ليلى الأخيلية راثية توبة ومتغزلة به:
أتته المنايا بين زَغْفٍ حصَينةٍ
وأسمرَ خطيٍّ. وخوصاءَ ضامرِ

فلا يبعدنْك اللهُ ياتوبُ إنما
لقاءُ المنايا دارعاً مثلُ حاسر

فإلا تك القتلى بواءً فإنكم
ستلقون يوماً ورده غير صادر

وتوبةُ أحيا من فتاةٍ حييَّةٍ
وأجرأُ من ليثٍ بخفانَ خادرِ

فتى لاترى النّابَ إلفاً لسَقْبها
إذا اختلجت بالناس إحدى الكبائرِ

ونعَم الفتى إن كان توبةُ فاجراً
وفوق الفتى إن كان ليسَ بفاجر



الزغف: الدرع الواسعة الطويلة. الحصينة: المحكمة والمنيعة. الأسمر: صفة للرمح. الخطي: المنسوب إلى خط وهو مرفأ في البحرين. الخوصاء الضامر: الفرس عينها أصغر من الأخرى قليلة اللحم.
الناب: الناقة المسنة. السَّقب: ولد الناقة الذكر ساعة ولادته.

انفردت ليلى في معاني الغزل. وهذا التفرد يشكل انزياحاً. أو انحرافاً. عن جملة من المعاني المعروفة. فقد زاوجت الشاعرة بين الغزل والرثاء. فالتقت معاني الغزل معاني الرثاء. وتفردت الشاعرة في معاني الموضوعين. وزاوجت بين الموضوعين. فشكلت تجاوزاً على مستوى الموضوع الشعري قادها إلى تجاوز آخر. فأوصاف الغزل تختلف عن أوصاف الرثاء؛ لذلك جعلهما النقاد موضوعين مستقلين. قد يلتقي الرثاءُ المدحَ من حيث إن الرثاء مدحاً للشخص بعد موته. لكن ليلى قد أزالت الحدود بين الغزل والرثاء. فاستعارت لغة الغزل في سياق الرثاء. ظهرت من خلالها ذات موهبة شعرية فذة ومتميزة.
مايسترعي الانتباه أن المرأة لم ترث امرأة في شعرها. ولم تذكر المرأة في شعرها رثاءً أو غيره. فكأن ثمة قيداً يمنع المرأة من ذكر المرأة في شعرها. وشعر ليلى الأخيلية خال من ذكر المرأة. وكذلك شعر الخنساء على الرغم من كونه شعراً رثائياً خالصاً.
كما أن ثمة حرجاً اجتماعياً في تعبير المرأة عن عواطفها شعراً يذاع على الألسنة. فلم تستطع ليلى أن تعبر عن مشاعرها تجاه توبة وهو حيّ؛ لأن هذا الشعر سيلتقطه الرواة. وهم الأمناء الثقافيون. وسينشرونه. وهذا الأمر لايليق بالمرأة الحرّة؛ لذلك توجهت إلى الرثاء. ولن تستطيع المرأة مجاراة الفحول في الغزل. وليلى في هذه الحال شاعرة متمردة على النسق الاجتماعي والنسق الشعري. فقد تغزلت عن طريق الرثاء؛ لأنها لم تستطع أن تتغزل بتوبة وهو حيّ.
والملاحظ في شعرها المتصل بتوبة أنه حديث عن توبة وحزنها عليه. ولانجد حديثاً عن خصائص المرأة. فلم تذكر شيئاً عن ذكرياتها معه. وقد كانت متزوجة برجل آخر حين جاهرت بحب توبة.
ونلاحظ. في علاقتها بتوبة. خلو شعرها من نبرة الحزن المأسوي الذي صبغ شعر الخنساء. فنجد نبرة اليقين بحتمية الموت حلاً لجهرها بحبها؛ لأنها اتخذت الرثاء ذريعة لقول الشعر في توبة. وما أبيح لها. بصفتها امرأة. جعلها تستبدل بشعر الغزل غرضاً آخر هو الرثاء. فارتبط اسمها بالمرأة الوامقة في الشعر. وشعرها بعيد عن الندب الذي نجده عند الخنساء وغيرها من الشعراء الذكور؛ لذلك نستطيع القول: إنها المرأة التي أبدت مقاومة لتجاوز المهمة التي أعدت لها شعرياً. وقلما استطاعت شاعرة أن تكرر صنيعها! فالأثر الذي أوكل لها كان أثر المرأة الراثية. التي تقول الشعر لتحفظ للعائلة تماسكها الأخلاقي تجنباً للعار. وليلى الأخيلية بصنيعها تضع نفسها في وضع مغاير داخل سلم القيم الذكورية. وتؤكد أن إبداع المرأة يحمل سمة الغيرية والاختلاف.
حولت الشاعرة توبة إلى موضوع. فأتى بناؤها الشعري متأسساً عبر المغايرة. هدم ماهو معهود شعرياً. إذ قدمت شعرها منقطعاً عن السائد. في ظل واقع يتنفس الشعر السائد من دون الخروج عليه في البناء الشعري؛ لذلك يأتي شعرها هنا إبداعاً لااتباعاً. وتأتي أهميته من موضوعه. ومن طريقة تناوله. ومن خلخلة الثابت في الوجدان العربي.
والانحراف عن النسق الثقافي واضح في وصفها توبة بالخجل. فهو أشد حياء من الفتاة العذراء. فقد جرت العادة أن خجل المرأة جمال يتغزل به الرجل. لكن ليلى أعطت توبة صفات غير مألوفة.
  رد مع اقتباس