عرض مشاركة واحدة
قديم 2013- 1- 27   #5
ام افنان1
أكـاديـمـي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 109692
تاريخ التسجيل: Mon May 2012
المشاركات: 93
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 748
مؤشر المستوى: 49
ام افنان1 will become famous soon enoughام افنان1 will become famous soon enoughام افنان1 will become famous soon enoughام افنان1 will become famous soon enoughام افنان1 will become famous soon enoughام افنان1 will become famous soon enoughام افنان1 will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب الاحساء
الدراسة: انتساب
التخصص: الدراسات الاسلامية
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
ام افنان1 غير متواجد حالياً
حديث(3)

المحاضرة العاشرة
عناصر المحاضرة
1- الكلام عن حقوق الجار؛
1/1 تعريفُ الجار لغة وبيان حدّه وحقّه اصطلاحا
2/1 الآيات والأحاديث الواردة في حق الجار
3/1 فوائد وآثار(حق الجار)
4/1 بيان حقوق الجار
2- دراسة لحديث يتعلق بحقوق الجار، وهو:
1/2 حديث , مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ -

[1/1] – تعريف الجار وبيان حدّه وحقّه اصطلاحا
1- تعريف الجار لغة:
قال الرّاغب: (الجار من يقرب مسكنه منك)، وجمع الجار (جيران)، و(جاوره مجاورة، وجوارا): إذا لاصقه في السّكن، وحكى ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: (الجار الّذي يجاورك بيت بيت).
و(الجار): الشّريك في العقار، مقاسما كان، أو غير مقاسم.
2- حدّ الجوار اصطلاحا:
قال ابن حجر: اختلف في حدّ الجوار: فجاء عن عليّ t :«من سمع النّداء فهو جار»، وقيل «من صلّى معك صلاة الصّبح في المسجد فهو جار»، وعن عائشة t :«حدّ الجوار أربعون دارا من كلّ جانب»، وعن الأوزاعيّ مثله، وأخرج البخاريّ في (الأدب المفرد) مثله عن الحسن.
تابع [1/1]
وقال القرطبيّ: الجار يطلق ويراد به الدّاخل في الجوار، ويطلق ويراد به المجاور في الدّار وهو الأغلب.
وقال ابن حجر: والجار القريب: من بينهما قرابة، والجار الجنب بخلافه، وهذا قول الأكثر، وأخرجه الطّبريّ بسند حسن عن ابن عبّاس، وقيل الجار القريب: المسلم، والجار الجنب: غيره، وأخرجه أيضا الطّبري عن نوف البكاليّ (تابعي).
3- حق الجار اصطلاحا:
المراد بحق الجار امتثال الوصيّة بالجار بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطّاقة. كالهديّة، والسّلام وطلاقة الوجه عند لقائه، وتفقّد حاله، ومعاونته فيما احتاج إليه، إلى غير ذلك. وكفّ أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه حسّيّة كانت أو معنويّة.
تابع [1/1]
قال ابن حجر: واسم الجار يشمل المسلم والكافر، والعابد والفاسق، والصّديق والعدوّ، والغريب والبلديّ، والنّافع والضّارّ، والقريب والأجنبيّ، والأقرب دارا والأبعد، وله مراتب بعضها أعلى من بعض، فأعلاها من اجتمعت فيه الصّفات الأول كلّها، ثمّ أكثرها وهلمّ جرّا إلى الواحد، وعكسه من اجتمعت فيه الصّفات الأخرى كذلك، فيعطى كلٌّ حقّه بحسب حاله.
أمّا حقّ الجار تفصيلا فقد أشارت إليه أحاديث كثيرة سيأتي بعضها فيما يلي.
[2/1] – الآيات والأحاديث الواردة في حقّ الجار
أولا: الآيات الواردة في ذلك:
قَالَ الله تَعَالَى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً) [النساء:36].
ثانيا: الأحاديث الواردة في ذلك:
1- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص t قَالَ: قَالَ رَسُول الله r: « خير الأصحاب عند اللّه: خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه: خيرهم لجاره » رواه الترمذي وَقالَ:(حديث حسن غريب)، وقال محقق جامع الأصول (6/ 640): إسناده صحيح.

تابع [2/1]
2- عن عبد الله بن عمر t قَالَ: قَالَ رَسُول الله r: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه » رواه البخاري ومسلم.
3- عن عبد الله بن عمر t عن النّبيّ r قَالَ: «من أغلق بابه دون جاره مخافة على أهله وماله، فليس ذلك بمؤمن، وليس بمؤمن من لم يأمن جاره بوائقه. أتدري ما حقّ الجار؟: إذا استعانك أعنته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإذا مرض عدته، وإذا أصابه خير هنّأته، وإذا أصابته مصيبة عزّيته، وإذا مات اتّبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الرّيح إلّا بإذنه، ولا تؤذه بقتار ريح قدرك إلّا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرّا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده».
رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق، وروى أبو الشيخ الأصبهاني نحوه في كتاب التوبيخ عن معاذ بن جبل. ونحوه عند البخاري (6016)، ومسلم (73-74) إلا أوله.

تابع [2/1]
4- عن أبي ذرّ t قال: إن خليلي r أوصاني قال: «إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه،
ثمّ انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف». رواه مسلم (2625).
5- عن أبي هريرة t أن رَسُول الله r قال:« لا يمنع جارٌ جارَه أن يغرز خشبه في جداره» رواه البخاري (2463)، و مسلم (1609).
6- عن أبي هريرة t قَالَ: قَالَ رَسُول الله r: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت » رواه البخاري (6018)، و مسلم (48).
5- عن أبي شريح الخزاعيّ t أن رَسُول الله r قال:«من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت» رواه مسلم (48).

[3/1] – فوائد وآثار حق الجار
من فوائد وآثار (حق الجار):
(1) حفظ حقّ الجّار من كمال الإيمان وحسن الإسلام.
(2) حسن الجوار باب من أبواب الجنّة وسوءه باب من أبواب النّار.
(3) حسن العلاقة بين الجيران ترضي اللّه- عزّ وجلّ وتسخط الشّيطان وسوءها يسخط اللّه- عزّ وجلّ- ويرضي الشّيطان.
(4) اسم الجار يشمل عموم أنواع المجتمع فإذا حسنت العلاقة بين الجيران وسادهم الحبّ والوئام سعد المجتمع كلّه.
(5) إنّ جار الخير يعود خيره عليه وعلى جيرانه وجار السّوء يعود سوءه عليه وحده.
(6) المكافأة على الإحسان بأحسن منه.
(7) حسن الجوار ليس بكفّ أذاك عن جيرانك بل بتحمّل أذاهم وقضاء حوائجهم وكشف كربهم.
[4/1] – بيان حقوق الجار
حقوق الجار كثيرة، ومن أهمها:
1- الإحسان إليه بحسب الطاقة كالهدية والسلام وطلاقة الوجه عند لقائه
2- تفقد حاله والسؤال عنه
3- معاونته فيما يحتاج إليه
4- كف أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه حسية كانت أو معنوية
5- النصح له وموعظته بالحسنى والدعاء له بالهداية إن كان فاسقا
6- دعوته للإسلام وبيان محاسنه له والترغيب فيه برفق إن كان كافرا

[2] دراسة لحديث يتعلق بتعظيم حقّ الجار
[1/2] الحديث الأول صحيح البخاري (558/13 رقم 6015)
عن عبد الله بن عمرt قال: قال رسول الله r «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ». رواه البخاري ومسلم
تخريج الحديث: رواه البخاري في كتاب الأدب، بَاب الوصاة بالجار(558/13 رقم 6015)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب الوصية بالجار والإحسان إليه (2025/4 رقم 2625).
ترجمة الصحابي راوي الحديث : هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، تقدمت ترجمته في المحاضرة (1)، الشريحة رقم (17).
تابع [1/2]
معاني أهم مفردات الحديث :
جبريل عليه السلام: من ملائكة الرحمن المقربين، وهو أعظم الملائكة قدرا، وأن الله تعالى أوكل إليه مهمة الوحي، فهو الذي ينزل بالوحي إلى الأنبياء والرسل.
يوصيني: الوصية تأتي على عدّة معاني، ومنها الأمر، أي يأمرني بالجار، والمراد المبالغة في تأكيد حق الجار.
الجار: الّذي يجاورك بيت بيت.
يُوَرِّثَـه: التوريث معروف، واختلف في المراد بهذا التوريث فقيل: يجعل له مشاركة في المال بفرض سهم يعطاه مع الأقارب، وقيل: المراد أن ينـزل منـزلة من يرث بالبر والصلة، والأوّل أظهر.
تابع [1/2]
المعنى العام للحديث:
حفظ الجار من كمال الإيمان، وكان أهل الجاهلية يحافظون عليه، ويحصل امتثال الوصية به بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطاقة، كالهدية والسلام وطلاقة الوجه عند لقائه وتفقد حاله ومعاونته فيما يحتاج إليه إلى غير ذلك وكف أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه حسية كانت أو معنوية، وقد نفى r الإيمان عمن لم يَأمَن جارُه بوائِقه (أي الشيء المهلك والأمر الشديد الذي يوافي بغتة) كما في حديث «وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ » وهي مبالغة تنبئ عن تعظيم حق الجار وأن إضراره من الكبائر، وربط بين الإيمان وبين عدم إيذاء الجار في قوله r : «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ... »
تابع [1/2]
والجيران ثلاثة ـ كما جاء في حديث مرفوع ـ جار له حق وهو المشرك له حق الجوار، وجار له حقان وهو المسلم له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق مسلم له رحم، له حق الجوار والإسلام والرحم.
قال بن أبي جمرة: ” الميراث على قسمين حسي ومعنوي، فالحسي هو المراد هنا، والمعنوي ميراث العلم، ويمكن أن يلحظ هنا أيضا فإن حق الجار على الجار أن يعلمه ما يحتاج إليه والله أعلم، واسم الجار يشمل المسلم والكافر والعابد والفاسق والصديق والعدو والغريب والبلدي والنافع والضار والقريب والأجنبي والأقرب دارا والأبعد، وله مراتب بعضها أعلى من بعض، فأعلاها من اجتمعت فيه الصفات الأول كلها، ثم أكثرها وهلم جرا إلى الواحد وعكسه من اجتمعت فيه الصفات الأخرى كذلك فيعطي كل حقه بحسب حاله وقد تتعارض صفتان فأكثر فيرجح أو يساوي.
تابع [1/2]
بعض فوائد الحديث، وما يستنبط منه:
(1) الوصية في البر والصلة.
(2) التأكيد في وصية الجار بجاره والمبالغة في شأنها.
(3) تكرار الوصية في الجار لإظهار العناية به.
(4) الإيمان بالملائكة.
(5) التنبيه إلى أولوية أقارب الإنسان ولاسيما الوارثين ببره وإحسانه.
تابع [1/2]
(6) أن من أكثر من شيء من أعمال البر يرجى له الانتقال إلى ما هو أعلى منه.
(7) أن الظن إذا كان في طريق الخير جاز ولو لم يقع المظنون، بخلاف ما إذا كان في طريق الشر.
(8) جواز الطمع في الفضل إذا توالت النعم.
(9) التحدث بما يقع في النفس من أمور الخير.
(10) تنبيه الإنسان إلى رعاية حق الملائكة الموَكلين بحفظه، بأن يدخل عليهم السرور بفعله الطاعات ولا يسيء إليهم وإلى نفسه بفعل المعاصي.
المحاضرة الحاديةعشر
عناصر المحاضرة
1- الكلام عن برّ الوالدين؛
1/1 تعريفُ البِرّ لغة واصطلاحا
2/1 المراد ببرّ الولدين اصطلاحا
3/1 الآيات والأحاديث الواردة في بر الوالدين
4/1 من صور بر الوالدين
2- دراسة لحديث يتعلق ببر الوالدين، وفيه:
1/2 حديث , هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ ...-

[1/1] – تعريف البرّ لغة واصطلاحا
1- تعريف البرّ لغة:
البرّ مصدر مأخوذ من مادّة «ب ر ر»، و لها أربعة معان أصليّة هي: الصّدق، وحكاية صوت، وخلاف البحر، ونبت. ويرجع برّ الوالدين إلى المعنى الأوّل وهو الصّدق. يقول ابن فارس: فأمّا الصّدق فقولهم صدق فلان وبرّ، وبرّت يمينه: صدقت، وأبرّها أمضاها على الصّدق، وتقول برّ اللّه حجّك وأبرّه، وحجّة مبرورة أي قبلت قبول العمل الصّادق، ومن ذلك قولهم: يبرّ ربّه أي يطيعه وهو من الصّدق، ومن هذا الباب قولهم: هو يبرّ (والديه) وذا قرابته.
وجاء في الصّحاح للجوهري: البرّ خلاف العقوق تقول بررت والدي (بفتح الرّاء الأولى وكسرها) أبرّه برّا فأنا برّ به وبارّ به.
تابع [1/1]
2- تعريف البرّ اصطلاحا:
البِرّ: يُطلق بمعنى الصلة، وبمعنى الصدق، وبمعنى اللطف والترحم والتحفي، وحسن الصحبة والعشرة، وبمعنى الطاعة.
والبِرُّ: بكسر الموحدة هو التوسع في فعل الخير، والبَرُّ: بفتحها المُتوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى.
والصِلة: بكسر الصاد المهملة مصدر وصله كوعده، قال ابن الأثير في النهاية : (تكرر في الحديث ذكر صلة الأرحام، وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن تعدوا وأساءوا، وضد ذلك قطيعة الرحم).
[2/1] المراد ببرّ الوالدين
المراد ببر الوالدين الإحسان إليهما والتّعطّف عليهما والرّفق بهما والرّعاية لأحوالهما وعدم الإساءة إليهما، وإكرام صديقهما من بعدهما.
وقد جاء البرّ في القرآن الكريم بمعنى صلة الرّحم- أيضا- قال اللّه تعالى:
لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ (الممتحنة/ 8). أي تصلوا أرحامكم.
[3/1] – الآيات والأحاديث الواردة في برّ الوالدين
أولا: الآيات الواردة في ذلك:
البر بالوالدين أو أحدهما من صفة الأنبياء:
1- قال تعالى عن سيدنا يحي u (وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) [مريم: 14].
2- وقال تعالى عن سيدنا عيسى u (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) [مريم: 32].
بر الوالدين والإحسان إليهما مما أمر به المولى- عز وجل-:
3- قال تعالى: ( وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [البقرة: 83].
4- وقال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [النساء: 36].
تابع [3/1]
5- وقال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) [الإسراء: 23-24].
6- وقال تعالى: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) [لقمان: 14-15].
7- وقال تعالى: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف: 15].
تابع [3/1]
ثانيا: الأحاديث الواردة في ذلك:
1- عن عبد اللّه بن مسعود t قال: سألت النّبيّ r: أيّ العمل أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ؟ قال: «الصّلاة على وقتها». قال: ثمّ أيّ؟ قال: «برّ الوالدين». قال: ثمّ أيّ؟ قال: «الجهاد في سبيل اللّه». رواه البخاري (5970)، و مسلم (85) واللفظ له.
2- عن أبي هريرة t قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُول الله r فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قال: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أُمُّكَ»قَالَ ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أُمُّكَ»قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أَبُوكَ» رواه البخاري (5971)، و مسلم (2548).
3- عن عبد الله بن عمر t قال: قال رَسُول الله rبرّوا آباءكم تبرّكم أبناؤكم، وعفّوا تعفّ نساؤكم» رواه الطبراني في الأوسط (299/1 رقم 1002)، ورجاله رجال الصحيح. وقال المنذري في الترغيب (3/ 317): رواه الطبراني بإسناد حسن.

تابع [3/1]
4- عن أبي أسيد السّاعديّ t قَالَ: فيما نحن عند رسول اللّه r إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول اللّه، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ قَالَ: «نعم، الصّلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرّحم الّتي لا توصل إلّا بهما، وإكرام صديقهما» رواه أبو داود (5142)، وابن ماجه (3664)، وأحمد (3/ 498)، والحاكم في المستدرك (4/ 155) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
5- عن أبي سعيد الخدريّ t قَالَ: هاجر إلى رسول اللّهr رجل من اليمن، فقال له رسول اللّه r:«هجرت الشّرك ولكنّه الجهاد، هل باليمن أبواك؟». قال: نعم. قال: «أذنا لك؟» قال: لا. فقال رسول اللّهr: «ارجع إلى أبويك فإن فعلا، وإلّا فبرّهما» رواه أبو داود (2530)، وقال الهيثمي في المجمع (8/ 138): رواه أحمد وإسناده حسن.

[4/1] – من صور برّ الوالدين
1- أنّ اللّه أمر بعبادته وتوحيده، وجعل برّ الوالدين مقرونا بذلك، كما قرن شكرهما بشكره، فقال: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً (الإسراء/ 23)، وقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (لقمان/ 14).
2- من البرّ بهما والإحسان إليهما ألّا يتعرّض لسبّهما ولا يعقّهما.
3- وعقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أنّ برّهما موافقتهما على أغراضهما، وعلى هذا إذا أمرا أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية، وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المندوب.
4- أنّ برّ الوالدين متساو عند بعض الفقهاء الشّافعيّة، والمالكيّة، وبعض الفقهاء يرجّح الأمّ على الأب، وإلى هذا ذهب اللّيث بن سعد والمحاسبيّ في كتابه (الرّعاية).
5- لا يختصّ برّ الوالدين بأن يكونا مسلمين بل إن كانا كافرين يبرّهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد.
6- من الإحسان إليهما والبرّ بهما إذا لم يتعيّن الجهاد ألّا يجاهد إلّا بإذنهما.
تابع [4/1]
7- ومن تمام البرّ صلة أصحاب الوالدين، فقد كان صلّى اللّه عليه وسلّم يهدي لصدائق خديجة برّا بها، ووفاء لها وهي زوجته- رضي اللّه عنها- فما ظنّك بالوالدين؟
8- وخصّ ربّ العزّة حالة الكبر؛ لأنّها الحالة الّتي يحتاجان فيها إلى البرّ لتغيّر الحال عليهما بالضّعف والكبر، فألزم في هذه الحالة مراعاة أحوالهما أكثر ممّا ألزمها من قبل؛ لأنّهما في هذه الحالة قد صارا كلّا عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج إليه في صغره أن يليا منه، فلذلك خصّ هذه الحالة بالذّكر.
9- ومن برّهما والإحسان إليهما أن لا يقول لهما ما يكون فيه أدنى تبرّم، يقول الحقّ- تبارك وتعالى-: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ (الإسراء/ 23) وقوله: أفّ للأبوين أردأ شيء لأنّه رفضهما رفض كفر النّعمة، وجحد التّربية وردّ الوصيّة الإلهيّة.
10- أن يتلطّف معهما في أقواله، وسكناته ونظره، ولا يحدّ إليهما بصره؛ فإنّ تلك نظرة الغاضب.
11- ومن برّهما التّرحّم عليهما والدّعاء لهما، وأن ترحمهما كما رحماك، وترفق بهما كما رفقا بك، إذ ولياك صغيرا، جاهلا، محتاجا، فاثراك على أنفسهما وأسهرا ليلهما، وجاعا وأشبعاك.
[2] دراسة لحديث يتعلق ببر الوادين
[1/2] الحديث الأول سنن أبي داود (121/5 رقم 5142)
عن أبي أسيد السّاعديّ t قَالَ: فيما نحن عند رسول اللّهr إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول اللّه، هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرّهما به بعد موتهما؟ قَالَ: «نَعَمِ، الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِى لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا» رواه أبو داود.
تابع [1/2]
تخريج الحديث: رواه أبوداود في كتاب الأدب، باب فِى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ (221/5 رقم 5142)، وابن ماجه في في كتاب الأدب، باب صل من كان أبوك يصل(2025/2 رقم 3664)، وأحمد (3/ 498)، والحاكم في المستدرك (4/ 171) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي..
والحديث ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة، لكن يشهد لمتنه أحاديث كثيرة.
ترجمة الصحابي راوي الحديث : هو مالك بن ربيعة بن البَدْن بن عامر بن عوف الساعدي الخزرجي، وكنيته (أبو أُسَيْد) مشهور بهذه الكنية، شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول الله r، وقد عمي رضي الله عنه قبل مقتل عثمان رضي الله عنه، روى أحاديث كثيرة، توفي أبو أُسيد سنة ستين من الهجرة (60هـ)، وقيل: غير ذلك، وكان عمره خمساً وسبعين سنة.
تابع [1/2]
معاني أهم مفردات الحديث :
البرّ: بكسر الموحدة هو التوسع في فعل الخير، والبَرُّ: بفتحها المُتوسع في الخيرات وهو من صفات الله تعالى.
الصلاة عليهما: الصلاةُ هنا بمعنى الدعاء.
إنفاذ عهدهما: أيالوفاء بما التزما به تجاه الغير، كأن يكون بين الوالدين وبين أحد عهد في معونة وبرّ، ولم يتمكنا من ذلك حتى ماتا، فيقوم الولد به بعدهما.
صلة الرحم: أي صلة الأرحام، وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم.
تابع [1/2]
المعنى العام للحديث:
البر بالوالدين والأقربين وصلة الرحم هو السمة الأساسية في العقيدة الإسلامية وفي دين الله الصحيح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع رحم» . وكلمة البر تشمل جميع أنواع الخير والسعادة، ولا تكاد الأديان الأخرى تدرك بعض هذه المعاني والواجبات نحو الوالدين . فقد ورد ذكر الوالدين في القرآن الكريم في آيات متعددة، وأغلبها مقرون بالعبادة لله وحده، وقد مرّ معنا عدد من هذه الآيات.
ومعظم الأوامر الإلهية تتجه إلى التوصية بالوالدين، وكثيراً ما تكون متصلة بذوي القربى ثم تمد فيتسع نطاقها إلى بقة المحتاجين.
تابع [1/2]
والأحاديث النبوية مليئة بتوضيح وتطبيق أنواع البر نحو الوالدين، كما عدّ النبي r عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وكما ربطت الآيات بر الوالدين بعبادة الله، ربطت الأحاديث الخاصة بالكبائر عقوق الوالدين بالإشراك بالله، فقال r: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ «ثلاثاً» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» متفق عليه.
ومن هنا جاء سؤال الرجل للنبي rمستفهما: « هل بقي من برّ أبويّ شيء أبرهما بعد موتهما؟» والإجابة الكريمة تأتي في الإثبات بنعم، «نعم بقيت الصلاة عليهما» ومن أبرز معاني الصلاة الدعاء، قال تعالى: }رَبَّنَا اغْفِرْ لِى وَلِوَ‌لِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ{ومن معاني هذا الدعاء الاستغفار لهما، ثم الوفاء بما تعاهدا عليه من حقوق العباد، وما بقي عليهما من حقوق العباد، وما بقي عليهما من حقوق الله من حج وصيام ... إلخ .
تابع [1/2]
بعض فوائد الحديث، وما يستنبط منه:
(1) حرص الصحابة على فهم أنواع البر نحو الوالدين، ورغبتهم الشديدة في تطبيق أنواع الخير.
(2) ذهب بعض العلماء إلى أن الحديث صريح في انتفاع الوالدين بصدقة ولدهما أو حجّه أو صومه عنهما، ثم قالوا: لا فرق بين الولد وغيره، أي أن الإنسان ينتفع بعد موته بعمل غيره متى أهدى له ثوابه إليه.
(3) صح عن النبي r أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم.................... يتبع
تابع [1/2]
وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز ثواب العبادات المالية (كالصدقات) والعبادات البدنية (كالقراءة والصلاة والصوم) إلى موتى المسلمين وإلى أنها تصل، كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي، وذهب أكثر أصحاب مالك والشافعي إلى أنها لا تصل، وإنما يشرع في العبادات المالية.
ومع هذا فلم يكن من عادة السلف إذا صلّوا تطوعاً وصاموا وحجوا أو قرؤوا القرآن إهداء ثواب ذلك لموتاهم المسلمين ولا لخصوصهم، بل كانت عادتهم الدعاء للميت والاستغفار له، فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل، والله أعلم.
المحاضرة الثانية عشر
عناصر المحاضرة
1- الكلام عن تذكر الموت؛
1/1 تعريفُ التذكر لغة واصطلاحا
2/1 تعريفُ الموت لغة واصطلاحا
3/1 تعريفُ تذكر الموت اصطلاحا
4/1 الآيات والأحاديث الواردة في تذكر الموت
5/1 أنواع الموت ومعانيه
2- دراسة لحديث يتعلق بتذكر الموت، وفيه:
1/2 حديث , أكثروا من ذكر هاذم اللّذّات -

[1/1] – تعريف التذكر لغة واصطلاحا
1- تعريف التذكر لغة:
قال ابن منظور: الذّكر: الحفظ للشّيء تذكره، والذّكر جري الشّيء على لسانك.
واستذكره: كاذّكره، وأذكره إيّاه: ذكّره، والاسم الذّكرى.
وتكون الذّكرى بمعنى الذّكر ويكون بمعنى التّذكّر، والذّكر والذّكرى بالكسر نقيض النّسيان.
والتّذكرة: ما تستذكر به الحاجة.
2- تعريف التذكر اصطلاحا:
قال ابن القيم في مدارج السالكين: ” هو حضور صورة المذكور العلميّة (أي الّتي يعلم بها) في القلب ”.
[2/1] – تعريف الموت لغة واصطلاحا
1- تعريف الموت لغة:
المَوْتُ والمَوَتانُ ضِدُّ الحياة، والمُواتُ بالضم: المَوْتُ. يقال: ماتَ يَمُوتُ مَوْتاً.
والموت: خلق من خلق اللّه تعالى.
وحديث دعاء الانتباه: «الحمد للّه الّذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النّشور»،سمّي النّوم موتا لزوال العقل والحركة.
1- تعريف الموت اصطلاحا:
قال الجرجانيّ في التعريفات: (الموت: صفة وجوديّة خلقت ضدّا للحياة).
وقال ابن الجوزيّ في كتابه نزهة الأعين النواظر: (الموت: حادث تزول معه الحياة).
[3/1] تعريف تذكر الموت اصطلاحا
المراد بتذكر الموت هو حضور صورته وأهواله وما بعده في القلب وانعكاسها على الجوارح سلوكا.
قال ابن الجوزيّ: الواجب على العاقل أخذ العدّة لرحيله؛ فإنّه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربّه، ولا يدري متى يُستدعى؟ وإنّي رأيت خلقا كثيرا غرّهم الشّباب ونسوا فقدان الأقران، وألهاهم طول الأمل.
وقال أيضا: إذا علم الإنسان بأنّ الموت يقطعه عن العمل، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته.
[4/1] – الآيات والأحاديث الواردة في تذكر الموت
أولا: الآيات الواردة في ذلك:
1- قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُور) [آل عمران: 185].
2- وقال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) [العنكبوت : 57].
3- وقال تعالى (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء: 78].
4- وقال تعالى (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) [الأنبياء: 34].
5- وقال تعالى (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 34].
6- وقال تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر: 30].
تابع [4/1]
ثانيا: الأحاديث الواردة في ذلك:
1- عن عبد اللّه بن عمر t قال: أتيت النّبيّ r عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار، فقال: يا نبيّ اللّه، من أكيس النّاس وأحزم النّاس؟ قال: «أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا للموت، أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدّنيا وكرامة الاخرة». رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الموت والطبراني في الصغير بإسناد حسن.
2- عن أبي هريرة t أن رَسُول الله r قال: «أكثروا من ذكر هاذم اللّذّات» رواه الترمذي (2307) وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه (4258)، والنسائي (4/ 4)، وقال محقق «جامع الأصول» (11/ 14): وهو حديث حسن لشواهده الكثيرة.
3- عن بريدة بن الحصيب t قال: قال رَسُول الله rقد كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أذن لمحمّد في زيارة قبر أمّه، فزوروها، فإنّها تذكّر الآخرة» رواه الترمذي (1066)، وأصله عـنـد مسلم وأبي داود والنّسائيّ.

تابع [4/1]
4- عن عبد اللّه بن مسعود t أنّ نبيّ اللّه r قال «استحيوا من اللّه حقّ الحياء». فقلنا: يا نبيّ اللّه، إنّا لنستحيي. قَالَ: «ليس ذلك، ولكن من استحيا من اللّه حقّ الحياء فليحفظ الرّأس وما حوى، والبطن وما وعى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدّنيا، ومن فعل ذلك فقد استحيا من اللّه حقّ الحياء» رواه الترمذي (2458)، وأحمد (1/ 378)، والحاكم في المستدرك (4/ 323) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني.
5- عن عبد الله بن عباس t قَالَ: سمعت رسول اللّهr يقول: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون باللّه شيئا إلّا شفّعهم اللّه فيه» رواه مسلم (948).

[5/1] – أنواع الموت ومعانيه
أولا: أنواع الموت:
الموت يقع على أنواع بحسب أنواع الحياة:
1- فمنها ما هو بإزاء القوّة النّامية الموجودة في الحيوان والنّبات كقوله تعالى: (يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (الروم/ 50).
2- ومنها زوال القوّة الحسّيّة كقوله تعالى: (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) (مريم/ 23).
3- ومنها زوال القوّة العاقلة، وهي الجهالة، كقوله تعالى: (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (الأنعام/ 122).
4- ومنها الحزن والخوف المكدّر للحياة كقوله تعالى: (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) (إبراهيم/ 17).
5- ومنها المنام كقوله تعالى: (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) (الزمر/ 42)، وقد قيل: المنام الموت الخفيف، والموت: النّوم الثّقيل.
تابع [5/1]
ثانيا: معاني الموت في القرآن:
قال ابن الجوزيّ: ذكر بعض المفسّرين أنّ الموت في القرآن على أوجه:
أحدها: الموت نفسه، ومنه قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (آل عمران/ 185).
الثّاني: الضّلال، ومنه قوله تعالى: (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (الأنعام/ 122).
الثّالث: الجدب، ومنه قوله تعالى: (فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ) (فاطر/ 9).
الرّابع: الجماد، ومنه قوله تعالى: (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) (النحل/ 21) يعني الأوثان.
الخامس: الكفر، ومنه قوله تعالى: (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) (آل عمران/ 27) وهو الكافر.
[2] دراسة لحديث يتعلق بتذكر الموت
[1/2] الحديث الأول سنن الترمذي (553/4 رقم 2307)
عن أبي هريرة t أن رسول اللّهr قَالَ: «أكثروا من ذكر هاذم اللّذّات» رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب.
تخريج الحديث: رواه الترمذي في كتاب الزهد، باب فِى ذكر الموت(553/4 رقم 2307)، وابن ماجه في في كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد (1422/2 رقم 4258)، والنسائي في كتاب الجنائز (4/4 رقم 1824)، وقال محقق «جامع الأصول» (11/ 14): وهو حديث حسن لشواهده الكثيرة، وقال الألباني: حسن صحيح.
تابع [1/2]
ترجمة الصحابي راوي الحديث : هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، مشهور بكنيته، مات سنة 57هـ، تقدمت ترجمته مفصلا عند المحاضرة رقم (3) الشريحة رقم (10).
معاني أهم مفردات الحديث :
هاذم: يُروى بالدال المهملة أي دافعها أو مخربها، ويُروى بالذال المعجمة أي قاطعها، فمعناه مزيل الشيء من أصله.
وقال في القاموس: هذم بالمعجمة قطع وأكل بسرعة، وهدم بالمهملة نقض البناء.
اللذات: أي اللذات الفانية والشهوات العاجلة.
والمراد بهادم اللذات: هو الموت.
تابع [1/2]
المعنى العام للحديث:
هذا حديث عظيم من جوامع كلم الرسولr يأمرنا فيه بالإكثار من تذكر الموت،والمراد بتذكر الموت هو حضور صورته وأهواله وما بعده في القلب وانعكاسها على الجوارح سلوكا، لأن الإنسان يلهيه طول الأمل وينسيه الموت والاستعداد له، ويشغله عن الآخرة والعمل لها بما ينفعه.
فينبغي للمسلم تذكر الموت دائما؛ ليقل الطمع والشره على جمع الدنيا، ولتؤدى الحقوق كاملة، وليكثر الإنسان من الأعمال الصالحة ادخارا لثواب اللّه، وليقصر الأمل في اتساع الثروة وتشييد القصور، وغيرها مما يجلب الغفلة عن اللّه تعالى.
يقول الإمام السّهيلى: تذكر(الموت) أزجر عن المعصية وأدعى إلى الطاعة فإكثار ذكره سنة مؤكدة.
تابع [1/2]
بعض فوائد الحديث :
# فيه الحث على على الإكثار من ذكر الموت، ومن فوائده:
(1) الإكثار من ذكر الموت يرغب في الآخــــرة.
(2) الإكثار من ذكر الموت يزهد في الدنيا.
(3) الإكثار من ذكر الموت ينمي في الإنسان القناعة.
(4) الإكثار من ذكر الموت يحمل الإنسان على الأعمال الصالحــة، والاستزادة منها.
(5) الإكثار من ذكر الموت يريــح القلب من هم الدنيـــا.
قال الحسن البصري : (من أكثر ذكر الموت هانــت عليـــه الدنيا)
المحاضرة الثالثة عشر
عناصر المحاضرة
1- الكلام عن الوصية بالنساء (حسن العشرة)؛
1/1 تعريفُ العشرة لغة واصطلاحا
2/1 تعريفُ حسن العشرة اصطلاحا
3/1 الآيات والأحاديث الواردة في الوصية بالنساء وحسن العشرة
4/1 أمثلة تطبيقية من حياة النبيr في (حسن العشرة)
2- دراسة لحديث يتعلق بتذكر الموت، وفيه:
1/2 حديث , اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ...-

[1/1] – تعريف العشرة لغة واصطلاحا
1- تعريف العشرة لغة:
اسم من المعاشرة، والمعاشرة مصدر قولهم عاشرت فلانا إذا خالطته، وكلاهما مأخوذ من مادّة (ع ش ر) الّتي تدلّ على المخالطة والمداخلة، قال ابن فارس: وإنّما سمّيت عشيرة الرّجل بذلك لمعاشرة بعضهم بعضا.
وقال النّبيّ r للنّساء: «إنّكنّ أكثر أهل النّار»، فقيل: لم يا رسول اللّه؟ قال: «لأنّكنّ تكثرن اللّعن وتكفرن العشير»، والعشير: الزّوج. وقوله تعالى: (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) (الحج/ 13) أي لبئس المعاشر.
تابع [1/1]
2- تعريف العشرة اصطلاحا:
لا تختلف العشرة في الاصطلاح عن معناها في اللّغة الّذي هو المخالطة والمداخلة في أمور الحياة، فإذا تعلّقت العشرة بالنّساء كان المراد بها ما يتعلّق بأمور المبيت والنّفقة والتّحدّث مع الزّوج وغير ذلك من أمور الحياة، وتدخل العشرة الحسنة بذلك ضمن التّكاليف المتعلّقة بأحوال النّساء خاصّة، لأنّ القوم قبل الإسلام كانوا يسيئون معاشرة نسائهم.
يقول القرطبيّ في معنى قوله تعالى وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (النساء/ 19) أي على ما أمر اللّه به من حسن المعاشرة، والخطاب للجميع، إذ لكلّ أحد عشرة، زوجا كان أو وليّا، ولكنّ المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج.
[2/1] تعريف حسن العشرة اصطلاحا
إذا تعلّقت العشرة بالنّساء فالمراد بها (اصطلاحا) توفية حقّ المرأة من المهر والنّفقة، وألّا يعبس في وجهها بغير ذنب، وألّا يكون فظّا ولا غليظا، ولا مظهرا ميلا إلى غيرها، وقيل: حسن العشرة (مع المرأة) أن يتصنّع لها كما تتصنّع له.
وإذا تعلّقت العشرة بعامّة النّاس فقد قالوا: إذا أردت حسن المعاشرة فعليك بـ: الطلاقة والبشاشة في وجه الناس، ولا تنظر في عطفيك، ولا تكثر الالتفات ولا تقف على الجماعات. وإذا جلست فلا تتكبّر على أحد، تحفّظ من تشبيك أصابعك، ومن العبث بلحيتك، ومن اللّعب بخاتمك، وتخليل أسنانك، وإدخال إصبعك في أنفك، وكثرة بصاقك، وكثرة التّمطّي والتّثاؤب في وجوه النّاس وفي الصّلاة، وليكن مجلسك هادئا، وحديثك منظوما مرتّبا واصغ إلى كلام مجالسك، ولا تلحّ في الحاجات.
[3/1] – الآيات والأحاديث الواردة في حسن العشرة
أولا: الآيات الواردة في ذلك:
1- قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً، وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [النساء: 20-21].
2- وقال تعالى (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم : 21].
3- وقال تعالى (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ....) [الطلاق : 2].
تابع [3/1]
ثانيا: الأحاديث الواردة في ذلك:
1- عن أبي هريرة t قال: قال رَسُول الله r : «استوصوا بالنّساء؛ فإنّ المرأة خلقت من ضلع، وإنّ أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء». رواه البخاري (3331) واللفظ له، ومسلم (1468).
2- عن عبد الله الجدلي t قال: سألت عائشة عن خلق رسول r فقالت: «لم يكن فاحشا، ولا متفحّشا، ولا صخّابا في الأسواق، ولا يجزي بالسّيئة السّيئة ولكن يعفو ويصفح» رواه الترمذي (2016) وقال: حديث حسن صحيح، وقال الألباني في تعليقه علي «مشكاة المصابيح» (3/ 1619): سنده صحيح.
3- عن عبد الله بن عمرو t قال: قال رَسُول الله rخياركم خياركم لنسائهم» رواه ابن ماجه (1978)، وقال البوصيرى في مصباح الزجاجة (118/2) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

تابع [3/1]
4- عن معاوية القشيريّ t قال: قلت: يا رسول اللّه، ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال«أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلّا في البيت». رواه أبو داود (2142)، وقال الألباني: حسن صحيح. ومعنى (لا تقبح): أي تقول: قبحك اللّه. قاله أبو داود.
5- عن جابر بن عبد الله t قَالَ: «نهى رسول اللّه r أن يطرق الرّجل أهله ليلا، يتخوّنهم، أو يلتمس عثراتهم» رواه البخاري (1801)، ومسلم (1928) واللفظ له.
6- عن إياس بن عبد اللّه بن أبي ذباب t قَالَ: قال رَسُول الله r: «لا تضربوا إماء اللّه» رواه أبو داود (2146)، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 403): صحيح .

[4/1] – أمثلة تطبيقية من حياة النبيّ في حسن العشرة
1- عن أنس t قال: «خدمت النّبيّ r عشر سنين فما قال لي أفّ قطّ، وما قال لشيء صنعته لم صنعته، ولا لشيء تركته لم تركته، وكان رسول اللّه r من أحسن النّاس خلقا، ولا مسست خزّا قطّ ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كفّ رسول اللّه r، ولا شممت مسكا قطّ، ولا عطرا كان أطيب من عرق النّبيّ r». رواه البخاري (6038)، ومسلم (2330)، والترمذي واللفظ له.
2- عن أنس بن مالك t قال: بلغ صفيّة أنّ حفصة قالت: بنت يهوديّ، فبكت، فدخل عليها النّبيّ r وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة: إنّي بنت يهوديّ، فقال النبيّ r : «إنّك لابنة نبيّ وإنّ عمّك لنبيّ، وإنّك لتحت نبيّ، ففيم تفخر عليك؟» ثم قال النبيّ r :«اتّقي اللّه يا حفصة» رواه الترمذي (3894) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
[2] دراسة لحديث يتعلق بالوصية بالنساء
[1/2] الحديث الأول صحيح البخاري (604/7 رقم 3331)
عن أبي هريرة t قال: قال رسول اللّهr : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» رواه البخاري واللفظ له، ومسلم.
تخريج الحديث: رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته (604/7رقم 3331)، ومسلم في في كتاب الزهد، باب الوصية بالنساء(1090/2 رقم 1468).
تابع [1/2]
ترجمة الصحابي راوي الحديث : هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني، مشهور بكنيته، مات سنة 57هـ، تقدمت ترجمته مفصلا عند المحاضرة رقم (3) الشريحة رقم (10).
معاني أهم مفردات الحديث :
استوصوا: قيل معناه تواصوا بهن والباء للتعدية والاستفعال بمعنى الأفعال كالاستجابة بمعنى الإجابة، وقيل معناه أقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن، قال ابن حجر: وهذا أوجه الأوجه في نظري.
خلقت من ضِلع: بكسر المعجمة وفتح اللام ويجوز تسكينها، قيل فيه إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر وقيل من ضلعه القصير، ومعنى خلقت أي أخرجت كما تخرج النخلة من النواة، فهي كالضلع.
تابع [1/2]
وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ : فيه إشارة إلى أن أعوج ما في المرأة لسانها، وفائدة هذه المقدمة أن المرأة خلقت من ضلع أعوج فلا ينكر اعوجاجها أو الإشارة إلى أنها لا تقبل التقويم كما أن الضلع لا يقبله. وذكر ذلك تأكيدا لمعنى الكسر.
أعوج : العَـوَج بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبهه، وبالكسر ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين، ويقال فلان في دينه عوج بالكسر.
فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ: قيل هو ضرب مثل للطلاق، أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها، ويؤيده رواية مسلم: (وكسرها طلاقها).والضمير في قوله (كَسَرْتَهُ) يعودللضلع لا لأعلى الضلع.
فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ : قال ابن حجر: (كأن فيه رمزا إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر، ولا يتركه فيستمر على عوجه).
تابع [1/2]
المعنى العام للحديث:
هذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرا، وأن يحسنوا إليهن، وأن لا يظلموهن، وأن يعطوهن حقوقهن، هذا واجب على الرجال من الآباء والإخوة والأزواج وغيرهم، أن يتقوا الله في النساء ويعطوهن حقوقهن هذا هو الواجب ولهذا قال: ((استوصوا بالنساء خيرا)).
وينبغي ألا يمنع من ذلك كونهن قد يسئن إلى أزواجهن وإلى أقاربهن بألسنتهن أو بغير ذلك من التصرفات التي لا تناسب؛ لأنهن خلقن من ضلع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإن أعوج ما في الضلع أعلاه)).
تابع [1/2]
ومعلوم أن أعلاه مما يلي منبت الضلع فإن الضلع يكون فيه اعوجاج، هذا هو المعروف، والمعنى أنه لا بد أن يكون في تصرفاتها شيء من العوج والنقص، ولهذا ثبت في الحديث الآخر في الصحيحين عن النبي r أنه قال: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن)).
فيجب على المرأة أن تعترف بذلك، وأن تصدق النبي r فيما قال، وأن تقف عند حدها، وأن تسأل الله التوفيق، وأن تجتهد في الخير، أما أن تحاول مخالفة الشريعة فيما بين الله ورسوله فهذا غلط قبيح، ومنكر عظيم، لا يجوز لها فعله.
المحاضرة الرابعة عشر
عناصر المحاضرة
1- الكلام عن أشراط الساعة وعلاماتها؛
1/1 تعريفُ الأشراط والعلامات لغة واصطلاحا
2/1 الأدلة من الكتاب والسنة على أشراط الساعة وعلاماتها
3/1 أشراط الساعة الصغرى والكبرى

[1/1] – تعريف الأشراط والعلامات لغة واصطلاحا
1- تعريف الأشراط والعلامات لغة:
الأشراط جمع شرط بالتحريك ، والشرط العلامة ، وأشراط الساعة أي علاماتها ، وأشراط الشيء أوائله ، ومنه شرط السلطان وهم نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من مجموع جنده.
قال القرطبي: " أشراط الساعة أي أماراتها وعلاماتها ، وقيل : أشراط الساعة أسبابها التي هي دون معظمها ، وفيه يقال للدون من الناس الشرط . . . إلى أن قال : وواحد الأشراط شرط ، وأصله الأعلام ، ومنه قيل الشرط ؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها ، ومنه الشرط في البيع وغيره ”.
تابع [1/1]
فتبين من هذا أن الأشراط في اللغة هي علامات الشيء المتقدمة عليه والدالة عليه ، ومما يدل على تسمية هذه الأشراط في السنة بالعلامات ما جاء في حديث جبريل المشهور عند النسائي ، قال : « يا محمد ، أخبرني متى الساعة ، قال : فنكس ، فلم يجبه شيئا ثم أعاد فلم يجبه شيئا ثم أعاد فلم يجبه شيئا ورفع رأسه فقال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن لها علامات تعرف بها . . .»
والساعة : هي جزء من أجزاء الليل أو النهار وجمعها ساعات وساع .
والساعة : الوقت الذي تقوم فيه القيامة، وقد سميت بذلك لسرعة الحساب فيها، أو لأنها تفاجئ الناس في ساعة فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة .
تابع [1/1]
2- تعريف الأشراط والعلامات اصطلاحا:
أشراط الساعة اصطلاحا : هي العلامات التي تسبق يوم القيامة وتدل على قدومها .
يقول الحليمي: " أما انتهاء الحياة الأولى فإن لها مقدمات تسمى أشراط الساعة وهي أعلامها " .
ويقول البيهقي في تحديد المراد من الأشراط : " أي ما يتقدمها من العلامات الدالة على قرب حينها ” .
ويقول ابن حجر : " المراد بالأشراط العلامات التي يعقبها قيام الساعة ".
[2/1] الأدلة من الكتاب والسنة على أشراط الساعة وعلاماتها
موعد قيام الساعة من الغيب الذي استأثر الله عز وجل بعلمه ، قال تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً } .
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أخفى الساعة عن الخلق ، فقد جعل لها عز وجل علامات تدل على قرب وقوعها ، ومن الآيات الدالة على ذكر الأشراط قوله تعالى : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا } .
وقد ورد في القرآن الكريم ذكر الأدلة على بعض أشراط الساعة مثل : خروج يأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى ابن مريم ، وغيرها ، وسيأتي ذكر هذه الأشراط إن شاء الله تعالى .
تابع [2/1]
وأما في السنة فقد وردت أحاديث كثيرة عن رسول الله r فيها ذكر جملة من أشراط الساعة وعلاماتها ، ومن ذلك حديث عمر بن الخطاب t، المشهور بحديث جبريل ، حيث سئل فيه r عن الإسلام والإيمان والإحسان ووقت الساعة ، وفيه قال جبريل u لرسول الله r : « . . . فأخبرني عن الساعة ؟ فقال r: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ ، قال : أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان ».
ومنها حديث أبي هريرة t أن رسول الله r قال: « لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله ، وحتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل ... يتبع
تابع [2/1]
وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه: لا إرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ».
ومنها حديث حذيفة بن أسيد الغفاري t قال : « طلع النبي r علينا ونحن نتذاكر فقال : " ما تذاكرون " ؟ قالوا : نذكر الساعة ، قال : " إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ". فذكر الدخان والدجال والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم u، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ». إلى غير ذلك من الأحاديث، وهي كثيرة جدا .
[3/1] – أشراط الساعة الصغرى والكبرى
وهذه الأشراط والعلامات منها ما هو قريب من قيام الساعة ، وهو ما يسمى بعلامات الساعة الكبرى ، مثل : نزول عيسى عليه السلام ، وخروج الدجال ، وطلوع الشمس من مغربها وغيرها ، ومنها ما يكون قبل ذلك وهو ما يسمى بعلامات الساعة الصغرى .
أولا: أشراط الساعة الصغرى:
1- بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
2- انشقاق القمر
3- نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى لها
4- الفتن
تابع [3/1]
5- خروج الدجالين الكذابين أدعياء النبوة
6- ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان
7- قبض العلم وظهور الجهل
8- تكليم السباع والجماد للإنس
9- قطع الأرحام وسوء الجوار وظهور الفساد
10- كثرة الزلازل وظهور الخسف والقذف والمسخ الذي يعاقب الله به بعض هذه الأمة
11- فتح بيت المقدس

تابع [3/1]
ثالثا: أشراط الساعة الكبرى:
1- ظهور المهدي .
2- فتنة المسيح الدجال .
3- نزول عيسى بن مريم عليه السلام .
4- خروج يأجوج ومأجوج .
5- طلوع الشمس من مغربها .
6- خروج الدابة .
7- الدخان الذي يكون في آخر الزمان .
8- الخسوفات الثلاثة .
9- النار التي تحشر الناس .