اعتقد انهُ سوف يطول بنا المقام ، في حضرة شاعر أدمن طرح الأسئلة الفلسفية ، التي تبحث بين ركام العبث وسطحية المعاني وقشور السذاجة، لإجابات تشفي الغل ..وتهدئ القلق.. وتقطع الحيرة .!
بالصدفة المحضة ، ومن الصدف ماقد يصنع لحظة لقاء سعيدة ، في مكتبة جرير ، في زيارة وأنا أطوف حول رفوفها محرم بشوق القراءة، في يوم شتوي والسماء في الخارج تقبل الأرض بحرارة باردة ، كأنه التقاء زوجين طال الفراق بهما !!
في قسم الذين يهيمون على وجوههم في كل واد- قبيلة الشعراء -- وقع نظري على ديوان لشاعر اسمع به ، ولكني لم اقرأ له شي، فتناولته واقفا فإذا به يلقي بسحرة علي حتى أني لم استطع ان اتركه حتى تنملت رجلي من اثر الوقوف ..!
بمقدمة لطيفة ، قدمها الدكتور سامي الدهان كمدخل لديوان أبي ماضي ..يقول فيها
( بعد ثلاثة عشر عاما ـ، أعود الى هذا الشعر ، وأنا حزين أسيف ، لأقلب هذه النسخة الأنيقة ، في ورق كزرقة السماء وحروف ترتجف أمام عيني كما ترتجف النيازك وهي هابطة محترقة بلهب الوداع ، تغادر النجوم في الأعالي ، لتختلط برماد الأرض )
كلام ضج وفاض بالصور الإبداعية ، حتى اندلق خارج دفتي الكتاب فــ سحبني بأذني لكي أغوص معه في الديوان ، وكان حقيقة بالإضافة للشعر فيه قراءة تاريخية للشاعر وشعره ، والمناسبات التي دعته في قول بعض الأشعار ..!
شبه سيرة ذاتية عن الشاعر كإنسان مرهف، وعن المعاناة التي ألمت به ، والمطاردات والتنقل من شاهق إلى شاهق بسب الأجواء المحيطة به آنذاك، ولعلها لعنة تصيب الشعراء ،! ولنا في المتنبي عبرة وبعض الشعراء المعاصرين .حين يضيق بهم صدر مجتمعهم او صدر الطبقة الحاكمة ..!