9-ماذا تعرف عن حضارة بغداد في عهد الرشيد؟
حضارة بغداد في عهد الرشيد
وصلت بغداد في عهد( الرشيد) إلى قمة مجدها ومنتهى فخارها، فمن حيث (العمارة) فاقت البلاد الأخرى ،حيث بنيت فيها القصور الفخمة التي أنفق على بناء بعضها :مئات الألوف من الدنانير ،وتألق مهندسوها في إحكام قواعدها وتنظيم أمكنتها
وصارت قصور الجانب الشرقي –بالرصافة- تناوح قصور الجانب الغربي ، وكان في الشرق قصور البرامكة وما أنشأوه هناك من الأسواق والجوامع والحمامات ،وبالجانب الغربي قصور الخلافة التي كانت تبهر الناظرين اتساعا وجمالا، وامتدت الأبنية امتدادا حتى صارت بغداد كأنها مدن متلاصقة تبلغ الأربعين على جانبي دجله، وصار سكانها نحو ألفي ألف نسمة حتى ازدحمت بساكنيها وكانت متاجر البلدان القاصية تصلها برا وبحرا تجيئها من :خراسان وما وراءها من الهند.والصين. و الشام.والجزيرة. والطرق إذ ذاك أمنة والسبل مطمئنة .
أما من حيث( ثروة الدولة) فقد كان يرد على الخليفة ببغداد ما يبقي من خراج الأقاليم الإسلامية بعد أن تقضى جميع حاجاتها ،وقدر بعض المؤرخين ذلك بنحو( أربعمائة ألف ألف درهم )يدخل كله بيت مال الخليفة ،وكان( الرشيد )أسمح خلفاء بني العباس بالمال، يعطي منه العطاء الكثير وقد سار على نهجه وزراؤه وشيوخ دولته ورؤساء قواده، حتى امتلأت الكتب بذكر عطاياهم ،حتى اشتد بهم الترف والبذل حتى يقال أن (جعفر بن يحيى) بنى قصرا أنفق على بنائه( عشرين ألف ألف درهم )وتغالى الناس في حاجاتهم وتألقوا في معيشتهم حتى صارت بغداد تبهر أعين زوارها .
أما( العلم )فقد صارت بغداد قبلة لطلاب العلم من جميع الأمصار الإسلامية يرحلون ليتمموا ما بدأوا فيه من العلوم والفنون ،فهي المدرسة العليا لطلا ب العلوم الإسلامية والدينية والعربية على اختلافها، فقد كان فيها كبار المحدثين والقراء والفقهاء وحفاظ اللغة وآداب العرب والنحويون، وكلهم قائمون بالدرس والافاده لتلاميذهم في المساجد التي كانت تعتبر مدارس عليا لتلقي هذه العلوم، وجميع هؤلاء العلماء كانوا يعيشون عيشا رغدا مما كان يفيضه عليها
( الرشيد ) ولم تكن بغداد بالمقصرة في علوم الدنيا كالطب والحكمة وغيرهما من سائر الصناعات، فقد حشد إليها الأطباء والمهندسون وسائر الصناع من الأقاليم المختلفة فاستفادوا العلوم ممن سبقهم من الأمم في المدينة: كالفرس .وأهل الروم. وزادوا على تلك العلوم بما منحوا من المواهب العقلية .