(( الحديث الثالث ))
وَعَنْهَا رضيَ اللَّهُ عَنْهَا قالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ سَالِماً مَوْلى أَبي حُذَيْفَةَ مَعَنا في بَيْتِنَا وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ؟ فَقَالَ: أَرْضعِيهِ تَحْرُمي عَلَيْهِ" رَوَاهُ مُسْلمٌ .
الشاهد والدليل : في سنن أبي داود: فأرضعيه خمسة رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة معارضاً لذلك.
--
فأرضعيه خمسة رضعات = الشاهد و الدليل
--
س: ما حكم رضاع الكبير ؟
· أن رضاع الكبير يحرم مع أنه ليس داخلاً تحت الرضاعة من المجاعة .
· أن أبا حذيفة كان قد تبنى سالماً وزوجه وكان سالم مولى لامرأة من الأنصار فلما أنزل الله { ادعوهم لآبائهم } كان من له أب معروف نسب إلى أبيه ومن لا أب له معروف كان مولى وأخاً في الدين؛ فعند ذلك جاءت سهلة تذكر ما نصه الحديث في الكتاب.
() قد اختلف السلف في هذا الحكم فذهبت عائشة رضي الله عنها إلى ثبوت حكم التحريم وإن كان الراضع بالغاً عاقلاً .
() قوله تعالى: { وأمهاتكم اللائي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } فإنه مطلق غير مقيد بوقت .
() وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والفقهاء إلى أنه لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الصغر .
--
س: ما هو حد الصغر الذي يحرم في الرضاع ؟
اختلفوا في تحديد الصغر :
() فالجمهور قالوا : مهما كان في الحولين فإن رضاعه يحرم ولا يحرم ما كان بعدهما مستدلين بقوله تعالى: {حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}.
() وقال جماعة : الرضاع المحرم ما كان قبل الفطام ولم يقدّروه بزمان .
() وقال الأوزاعي : إن فطم وله عام واحد واستمر فطامه ثم رضع في الحولين لم يحرم هذا الرضاع شيئاً .
() وإن تمادى رضاعه ولم يفطم فيما يرضع وهو في الحولين حرم وما كان بعدهما لا يحرم وإن تمادى إرضاعه.
() واستدل الجمهور بحديث : "إنما الرضاعة من المجاعة" وتقدم، فإنه لا يصدق ذلك إلا على من يشبعه اللبن ويكون غذاءه لا غيره؛ فلا يدخل الكبير سيما وقد ورد بصيغة الحصر .
--
س: بماذا أجاب الجمهور على حديث سالم ؟
() وأجابوا عن حديث سالم بأنه خاص بقصة سهلة فلا يتعدى حكمه إلى غيرها كما يدل له قوله أم سلمة أم المؤمنين لعائشة رضي الله عنهما : لا نرى هذا إلا خاصاً بسالم ولا ندري لعله رخصة لسالم أو أنه منسوخ .
--
س: بماذا أجاب القائلون بتحريم رضاع الكبير ؟
() وأجاب القائلون بتحريم رضاع الكبير بأن الآية وحديث : "إنما الرضاعة من المجاعة" واردان لبيان الرضاعة الموجبة للنفقة للمرضعة والتي يجبر عليها الأبوان رضيا أم كرها .
() كما يرشد إليه آخر الآية وهو قوله تعالى :{وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} وعائشة هي الراوية لحديث: "الرضاعة من المجاعة" وهي التي قالت برضاع الكبير وأنه يحرم فدل على أنها فهمت ما ذكرناه في معنى الآية والحديث .
() وأما قول أم سلمة إنه خاص بسالم فذلك تظنن منها وقد أجابت عليها عائشة فقالت: أما لك في رسول الله أسوة حسنة ؟ فسكتت أم سلمة ولو كان خاصاً لبينه صلى الله عليه وآله وسلم كما بين اختصاص أبي بردة بالتضحية بالجذعة من المعز .
() والقول بالنسخ يدفعه أن قصة سهل متأخرة عن نزول آية الحولين فإنها قالت سهلة لرسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: كيف أرضعه وهو رجل كبير فإن هذا السؤال منها استنكار لرضاع الكبير دال على أن التحليل بعد اعتقاد التحريم .
--
س: ما هو الأحسن في حديث سهله وما عارضه ؟
والأحسن في الجمع بين حديث سهلة وما عارضه: كلام ابن تيمية فإنه يعتبر الصغر في الرضاعة إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذي لا يستغنى عن دخوله على المرأة وشق احتجابها عنه كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه وأما من عداه فلا بد من الصغر .
--
يتبع بعون الله
:)