المحاضرة الثالثة:الطبيعة العامة لخدمة الفرد وخصائصها
خدمة الفرد بين العلم والفن
- أيا كانت خدمة الفرد علما أو فنا، طريقة أم عملية ، أم هي مهنة فقد نشأت مستندة إلى الخبرات والمهارات الخاصة بالأفراد أكثر من اعتمادها على المبادئ والأسس الفنية المهنية والحقائق العلمية .
و فيما يلي عرض لأوجه الجدل وإدعاءات كل فريق :
خدمة الفرد بين العلم والفن
أدى اختلاف الكتاب فيما إذا كانت خدمة الفرد علما أم فنا إلى وجودثلاثة اتجاهات متمايزة وهى :

الاتجاه الأول: القائل بعلمية خدمة الفرد:
- وذهب أنصاره إلى أن خدمة الفرد علم شأنه في ذلك شأن العلوم الإنسانية الأخرى له مبادئه وأساليبه ومناهجه
- والسؤال الآن : هل خدمة الفرد يمكن أن تدرج في قائمة العلوم الخالصة ؟
وللإجابة على هذا التساؤل يتعين معرفة ما هو المقصود بالعلم .
يسعى العلم دائما إلى استبدال التخمين بالمعرفة الدقيقة ، وذلك بجمع المعلومات وتنظيمها وتفسيرها بغرض الوصول حقائق وقوانين عامة الشروط الواجب توافرها لتكامل أركان العلم :
1- وجود طائفة متميزة من الظواهر يتخذها العلم موضوعا مستقلا للدراسة والبحثفتصبح ظواهره لا تتداخل مع غيرها من الظواهر.
2- إمكان إخضاع هذه الظواهر لمنهج أو أكثر من مناهج البحث العلمي ؛ لأن المنهج هو الأسلوب العلمي الوحيد الذي يسلكه العقل للوصول إلى القضايا الكلية .
3- أن تُحقق هذه المناهج طائفة من القوانين والقضايا الكلية لها صفة الحتمية والعمومية تكشف الماضي والحاضر كما تتنبأ بالمستقبل ومعيار صدقها هو فى اطراد حدوث الظاهرة إذا ماتوافرت لها ظروف معينة فى كل زمان ومكان فالماضي يشبه الحاضر وكل منهما يشبه المستقبل

الاتجاه الثاني: القائل بفنية خدمة الفرد:
وذهب أنصاره إلى أن خدمة الفرد فن لاعتمادها أساسا على المهارات الشخصية والقدرات الذاتية ، ولذا فهي فن تطبيقي تتطلب استعدادا إنسانياخاصا يوهبه الله وتنميه الممارسة
وإذا كانت خدمة الفرد تتعامل مع البشر المختلفون في الشخصية والسلوك ..فهل يمكن إدراجها في قائمة الفنون ؟
§ فالفــن هو المهارة في الأداء والأسلوب الفني لتحقيق النتائج المرغوبة ، أوكما عرفه Brand بأنه المعرفة السلوكية
§ ويقرب هذا التعريف خدمة الفرد من الفن بمفهومه المهارى كما يعنيه أنصار هذا الاتجاه وليس الفن بمفهومه الجمالي
§ تأثر دعاة هذا الاتجاهبالجانب التطبيقي لخدمة الفرد على اعتبار أنها تعمل فى ميدان المشكلات الإنسانية لمساعدة الأفراد على التصدي لمشكلاتهم التي تعوق أدائهم الاجتماعي وتحول دون توافقهم النفسي مما دعاهم إلى وصف خدمة الفرد بأنها فن
§ وتذهب ( M.RICHMOND) إلى أن خدمة الفرد "فن أداء أعمال مختلفة من أجل ومع الأفراد وبالتعاون معهم لتحسين أحوالهم وأحوال مجتمعهم "والحقيقة أن فنية خدمة الفرد واقع يحتمه الطابع الإنساني لخدمة الفرد
الاعتبارات التي تؤكد أن خدمة الفرد فن :
1- هناك جوانب من حياة الإنسان وسلوكه (كطبيعة الإنسان) قد لا تخضع للدراسة العلمية البحتة .
2- هناك بعض المشكلات النفسية المعقدة لا يوفر العلم وحده تفسيرا كاملا لها .
3- الأخصائي الاجتماعي حين يعمل في العيادة النفسية أو مكاتب للاستشارات الأسرية أو المدرسة ....يلتقي بعملاء بينهم فروق فردية واضحة ومن ثم لا بد وأن يطوع أساليب عملية المساعدة بما يناسب هؤلاء العملاء فنيا وليس علميا .
4- عملية المساعدة ذاتها يلزمها الإقبال والقبول والتقبل من جانب الأخصائي والعميل .
5- عملية المساعدة تحتاج إلى مهارة وخبرة فنية خاصة في عملية الدراسة والتشخيص والعلاج والتقويم ...الخ , وفي مواجهة طوارئعملية المساعدة مثل المقاومة والتحويل
6- وأخيرا فإن كل أخصائي يضفي لمسات فنية حين يطبق عملياً ما يعرفه علميا من فنيات وأساليب للتدخل مع العملاء

الاتجاه الثالث:القائل بأن خدمة الفرد تجمع بين العلم والفن :
ويذهب أنصاره إلى أن خدمة الفرد ليست علما مستقلا , وليستأيضاً فناً بحتاً تعتمد فقط على المهارات والقدرات الذاتية ,وإنما هي مزيج من العلم والفن في آن واحد ؛ فهي "فن تستخدم فيه معارف العلوم الإنسانية والمهارة في العلاقة الإنسانية لتوجيه كل من طاقات الفرد وإمكانيات المجتمع لتحقيق أفضل درجة ممكنة من التوافق بين العميل وبيئته الاجتماعية أو بينه وبين جانب منها".
o وفي الحقيقة هذه التعاريف أكثر دقة لخدمة الفرد حيث تشير إليها كعلم وفن بنفس الكيفية التي ينظر بها إلى الطب والمحاماة وغيرها.
o فخدمة الفرد فى العالم المعاصر تقوم على فن استخدام العلم بحيث يؤتى التطبيق أفضل النتائج فى عملية المساعدة
- فالعلم يرسى للاخصائى ما ينبغي إن يلتزم به من قواعد وأسس مهنية ونظريات علمية فى الممارسة , والفن يتيح له تطبيق تلك المعارف بأكبر قدر من الفعالية لتحقيق الأهداف المنشودة
والجانب الفني فى خدمة الفرد هو الذي يقودنا إلى البحث عما يجب عمله فى المواقف المختلفة بذلك تصبح الممارسة المهنية لخدمة الفرد هي فن استخدام العلم فى عملية المساعدة
وأخيرا فان وصف خدمة الفرد بأنها علم وفن فى نفس الوقت أمر لاينطوى على التناقض لان العلم والفن ليسا متناقضين ولابديلين بل إنهما يكملان بعضهما البعض
والاخصائى الناجح هو الذى يمزج علمه بالأسس والأصول العلمية لخدمة الفرد بخبرات يتزود بها من الميدان وبذلك يمكن القول إن خدمة الفرد مزيج من العلم والفن فى آنٍ واحد فهي تحتاج إلى كل من العلم والفن معاً .