6 سورةالكهف
📜 الدرس السادس 📜
اغترار صاحب الجنتين بماله وظنه أنه لايبيد أبدا ..
واعتراف صاحبه المؤمن لله بالوحدانية ..
فوقع بهذا الكافر ماكان يحذر مما خوّفه به صاحبه المؤمن ..
وفجأة ينقلنا السياق من مشهد النماء والازدهار إلى مشهد الدمار والبوار ..
ومن هيئة البطر والاستكبار إلى هيئة الندم والاستغفار .
قال تعالى:
( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا
وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا
هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا)
يقول تعالى : ( وأحيط بثمره ) بأمواله ، أو بثماره على القول الآخر .
والمقصود أنه وقع بهذا الكافر ما كان يحذر ، مما خوفه به المؤمن من إرسال الحسبان على جنته ، التي اغتر بها وألهته عن الله ، عز وجل ..
( فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها )
وقال قتادة : يصفق كفيه متأسفا متلهفا على الأموال التي أذهبها عليه ( ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا)
(ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا) أي : عشيرة أو ولد ، كما افتخر بهم واستعز ..
( هنالك الولاية لله الحق هو خير ثواباً وخيرٌ عقبا )
أي هنالك كل مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له إذا وقع العذاب
ولهذا قال تعالى ( هو خير ثواباً ) أي جزاء ..
( وخير عقبا ) أي الأعمال التي تكون لله عز وجل خير وعاقبتها حميده رشيده كلها خير .
ففُتن صاحب الجنتين بالمال والولد ..
فالعصمة من فتنة المال والولد
هي .. فهم حقيقة الدنيا وتذكر الآخرة .
************************
في وسط سورة الكهف تقريباً يبين الله من هو محرك خيوط الفتن الأربع ...
تكلمنا سابقاً عن :
( فتنة الدين، المال )
وسنتكلم لاحقاً إن شاء الله عن فتنة : ( العلم، السلطه ) ..
فمحرك خيوط هذه الفتن يتبين في قوله تعالى:
🔸(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)
يقول تعالى منبهاً بني آدم على عدواة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم، ومقرعاً لمن اتبعه منهم وخالف خالقه ومولاه،
فقال تعالى: { وإذ قلنا للملائكة} أي لجميع الملائكة كما تقدم تقريره في أول سورة البقرة
{ اسجدوا لآدم} أي سجود تشريف وتكريم وتعظيم،
🔸 وقوله: { فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} أي خانه أصله، فإنه خلق من مارج من نار،
وأصل خلق الملائكة من نور، كما ثبت في صحيح مسلم:
خلقت الملائكة من نور وخلق إبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ""أخرجه مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها مرفوعاً"".
🔸 ونبَّه تعالى ههنا على أنه من الجن، أي على أنه خلق من نار كما قال: { أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} ،
قال الحسن البصري: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن. كما أنّ آدم عليه السلام أصل البشر ""رواه ابن جرير بإسناد صحيح عنه"".
🔸وقوله: { ففسق عن أمر ربه} أي فخرج عن طاعة اللّه فإن الفسق هو الخروج،
يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من أكمامها، وفسقت الفأرة من جحرها، إذا خرجت منه للعيث والفساد،
ثم قال تعالى مقرعاً وموبخاً لمن اتبعه وأطاعه { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني} أي بدلاً عني، ولهذا قال: { بئس للظالمين بدلا} ،
وسنتكلم غداً إن شاء الله ...
عن الفتنة الثالثة ..
🔸فتنة العلم وقصة موسى والخضر عليهما السلام .