تشـــــظــــــــــــــــــــــــــــــــــــي....!

[English Literature]

كينيا ....!

كنتُ انا وصاحبي ننهي اخر اجراءات الحجوزات صيف 2005 ووجهتنا الى جنة الله في ارضه الى مملكة النمسا التي طالما حلمت بها وكانت اجراءات السفر من حجز فنادق وانهى الفيز وتحديد اماكن التنقل وامكانية ان نزور الدول المجاورة للسيدة الفاضلة النمسا بمثابة ممارسة اللذة مع تلك التفاصيل ...حتى اتى صاحبي بخبر يشبه الصاعقة ..بل يشبه المطرقة وهي تهوي على - نافوخي - وقال انه غيّر وجهتنا من النمساالى كينيا !!!

لم استوعب الخبر اول الامر ...على انه يمزح معي الا ان الرجل مصر بان في كينيا لا اذن سمعت ولا عين رات ولا خطر على قلب بشر ...طال نقاشنا واحيانا احتد وخروج عن اخلاق الحوار لان الرجل لم ينقلنا من الجنة الى النار بالتدريج !! ولم يغير دولة بل غير قارة بأكملها فلم استوعب هذه النقلة ولم يعادل هذه الصدمة الا انهيار الاسهم المفاجئ التي ادخلت الكثير الى المصحات النفسية والبعض الى دار الاخرة !!

في الاخير عندما وجدت اني قد قسوت عليه وخرج مني بعض الكلام الغير لائق تنازلت عن النمسا لعيون الحجة كينيا ...اعدنا الحجوزات مجددا ولكنها من غير لذة هذه المرة الا كلذة (زوج شاب يافع يواقع زوجته العجوز المريضة !!)

توجهنا بعد اسبوع الى المطار وكنتُ البس طقم رياضة عبارة عن شورت فضفاض لونه اصفر فاقع اللون وبه بقع صفراء باهتة وخطوط مستقيمة على شكل دوائر تتقطع مع مربعات مدورة وفنيلة علاقي عليها حيوانات افريقيا بما فيها صورة لزميلي الغبي كنوع من الامتعاض والاعتراض وتسجيل موقف حضاري ...!

وزميلي كان يلبس جنز سماوي فاتح وقميص ابيض وسلسال علقه في عنقه ومن غير مبالغة من ضخامته ظننته - خبطه - ..توجهنا الى بوابة صعود الطائرة واذا بالمسافرين معنا جلهم من الافارقة ! لا قصد انني كنت اتوقع فرنسيين او المان او حشد من الاسكيمو .. اقصد من الافارقة الذين كانت إقامتهم غير شرعية وكانت حالتهم توحي بانهم كانوا مطرودين لانهم غير قانونيين وكان عفشهم عبارة عن بسطات في شراشف كوّروها على ظهورهم وما يقارب من حمولة ويات موية زمزم في جوالين (دبات بلاستك) وكنت انا وصاحبي الوحيدين اللذين نسافر بمحض ارادتنا مع سبق الاصرار والترصد ...!

دخلنا الطائرة - استغفر الله العظيم - اقصد دخلنا ما يشبه الطائرة واذا بها ممتدة المقاعد دون حواجز من غير درجة اولى كلها درجة واحده كنوع اعتقد انه اثبات للديمقراطية الناشئة لديهم ورفض للطبقية والبورجوازية والرسمالية والمقاعد كان اغلبها مشقق وتالف واعتقد انهم كانوا يكتبون ذكرياتهم بالسكاكين والآلات الحدة على المقاعد ! حتى ان حشوة بعض المقاعد قد كشفت عما بداخلها ..ومن حسن اللحظ والطالع ان مقعدي كان افضلها حالا ...وزميلي جلس على – سبرنق - وقد تعذب ولكنه يكظم لم يكن يريد ان يشعرني بذلك لأنه صاحب فكرة لا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..وفعلا لم يخطر على بال صاحبي ولا على بالي حالة الطائرة التي اعتقد انها كانت مخصصة لنقل الحيوانات من و الى المحميات حتى رائحتها تؤكد بما لا يدعو مجال للشك بان ركابها من درجة الحيوانات ..!

يلحق.....!

[English Literature]

تم حشرنا في الطائرة هذا اقل وصف يمكن ان يشرح رحلتنا ..ونحن نكاد نغرق بين شراشف البسطات الممتلئة ببضائع وجوالين مياه زمزم ..والمضيفة التي استقبلتنا عند مدخل الطائرة لا اعتقد ان الابتسامة قد زارتها حتى في اسعد حالتها!! كانت تدفعنا دفعا ... عندما يتأخر الطابور وكأنها تدفع اضاحي في زحمة والعجيب لا احد يزعل من تلك المعاملة السيئة كأنهم قد اعتادوا على مثل تلك المعاملة او ان طاقم الطائرة على علم بان ركابهم استثنائيون ....!!!
قلت لصاحبي وانا كلي عجب وغضب !!! هل المكتب الذي حجزت من عنده يعلم بحالة طائرتنا ؟ ولماذا تحجز على الخطوط الكينية هل قلة الخطوط !! قال ان هذه اقرب رحلة على الجدول !! وكانت رخيصة في السعر .. تركته حتى لا اخرج عن طوري ! لا ادري ما الذي اصابه لم يكن بهذه الصفة الغير مبالية !!!

اخذ الجميع مقاعدهم وكأنهم غربان حطت على اسلاك كهرباء ..واذا بالفاجعة ..عندما شاهدت عائلة تفترش لها مكان عند مدخل قمرة الطائرة وقفت اعرك عيني لكي اتحقق هل ما اشاهده حقيقة ام هو من ارتفع ضغط الدم الذي رفعه لي صاحبي الذي وضعنا في هذه الورطة !! والصدمة انها كانت حقيقة ومن التمادي انهم يصبون ماء زمزم للكابتن ومساعده من زود الميانة !! قلت اذا لم تكن الطائرة مخطوفة فبالله عليكم كيف تكون حالة الخطف !؟ بدء القلق والريبة يشغلاني.. لم اعيش حالة كهذه حتى في اسوء الكوابيس والذي يزيد في قلقي ان صاحبي لم يشعرني بانه يستغرب كل هذه الامور الخارقة للعادة ..!!

بدأت الطائرة تزحف تستعيد قواها وتحرك مفاصلها المتيبسة لكي تطير ان قدر الله لها ان تطير وانا في قرارة نفسي اتمنى ان يصيبها عطل حتى اخرج من هذه المصيبة ..الجميع التزم الصمت كان لغة الكلام قد تعطلت عوض عن ان تتعطل محركات تلك الخردة ...توقف الطيار على بداية مخرج المدرج ينتظر الاذن بالطيران ..وانا بدأت خفقات قلبي تتسارع واعصابي مشدودة وكأنني بين ايدي طبيب اسنان يغرز ابرة البنج في لثتي ..فجأة انطلقت الطائرة وانطلق روعي يسابقها وانا اكاد ان انزع مقعد الذي امامي ...طارت وهي تنتفض في تسلقها كأنها مريض حطت في عظامه حمى ...والعجب ان الاغراض المتكدسة تحت المقاعد وفي الادراج التي غصت بالشراشف وجوالين المياه لم تتساقط كأنها تجامل الطائرة المهترئة ...!!! نظرت مع النافذة كأنني اندب حظي واودع ذكرياتي وعاد لي شريط حياتي ..!!

يتبع...

[English Literature]

وكلما التفت الى صديقي الذي كنت في حينها اتمنى ان تسقط عليه احد الجوالين التي فوقنا عل عقله يعود اليه لأني لا اصدق بان عاقل سوف يقبل بمثل هذه الرحلة مع متشردين وفي طائره تطير بالصدفة وتهبط باستسقاء المطر !!!

تلاشت الاشياء تحتنا حتى اختفت وذابت في بعد المسافة ونحن ابتلعتنا السماء وتوقف كل شي وكأننا قد سُمرّنا في لوحة زرقاء في كبد السماء ولا يوحي باننا نسير الا حين تمر تحتنا قطعان تهرول من السحب ...اردت ان استوعب الحالة داخل هذا المخلوق الطائر وهؤلاء الركاب الذين تصرفاتهم تجعلك في حيرة من امرك !! من اين تبدئ معهم !
صديقي غط في نوم عميق الى درجة ان شخيره قد غطى على صوت المحركات ... !
عزمتُ على ان اخرج من عزلتي على ان اجد من قد يفهمني او افهمه ولو بلغة الاشارة فاذا برجل توسمت فيه طوق النجاة والقبول تكلمت معه بعد تردد ومراوحة وكر وفر.. اخيرا فجرت في وجهه بالإنكليزي hello
..ابتسم وقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ..انت عربي وعليك ان تعتز بلغتك لغة القران والنبي واهل الجنة واترك عنك لغة الفرنجة .!!
.فكانه وضع اصبعي في فيش ضغط عالي ليصعقني ...!
قلت بدهشة كبيرة ..انت عربي ؟
قال سؤالك خطأ..قل هل اصولك عربية ؟ لان من تحدث العربية فهو عربي اللسان ؟! فلا زال بخبث يتسلى ينقل اصبعي من فيش الى آخر ..قلت. عفوا هل اصولك عربية ؟ قال انا من افريقيا مسلم ادرس في الجامعة العربية الشريعة واللغة العربية ؟
هززت راسي ومططت شفتاي وجحظت عيني ..وقلت ..ما شاء الله العظيم .. اعذرني اخي العتب على النظر ..قال بثقة لا بأس عليك ..انتم يا من جذوركم من العرب تنظرون في غالبكم لأصحاب البشرة الداكنة بدونية ..وقد استمعت لك وانت تحدث صاحبك بانكم قد اصبحتم في مصيدة مع اسراب الغربان ...!! وهذه خطيئة في الاخلاق وفي الدين لان الدين مقاساته لا تقوم على الالوان لأننا لسنا طيور بل تقوم على ماذا ؟ وفاجئني بسؤاله -الخطافي - وانا لا زلت منذهل من هذا الرجل البسيط الذي يتحدث اللغة العربية بكل طلاقة .. ! قلت... بالتقوى..!
فعندما وجدت رقبتي سوف تنتزع وانا اتحدث اليه من المقعد الخلفي بان طلبت ان اتقدم عنده ويعود الذي يجلس بجواره مكاني ..وفعلا اقنع الذي يجلس معه بان يعود وتبين لي ان له كرزما وقبول حتى مع طاقم الطائرة ... !.
قال لي اذا انت عربي ؟
قلت بل قل من اصول عربية ؟
فتبسم فاذا به يظهر مغارة ممتلئة عظام ملونه كأنها ( بكلات ) وطبعا في المقدمة سن ذهب يعطي انطباع بان الرجل جيبه دافئ واسنانه تشكو من الفوضى العارمة ..!
قال سفرك الى كينيا هل هو الاول ؟
قلت نعم .
سياحة ولا تجارة ؟
قلت تجارة..( اردت ان اللطف الاجواء واخرجها من رسميتها واجعلها بسيطة ليس من اجله بل من اجلي لأنني احس بالقلق..!
قال ما شاء الله ، تجار ة في ماذا ؟
قلت..في العاج واسنان الضباع !
قال ماذا ؟
قلت فقط امزح معك . نحن اتينا الى هنا للسياحة لان كينيا بلد عرف بسحر الطبيعة وطيب سكانها !
صحيح
قلت له انا اسمي احمد ، ما اسمك استاذنا المحترم؟
قال انا اسمي ..امباكا ..وبعد ان اسلمت ولله الحمد اصبح اسمي امباكا !
قلت واين الفرق .؟
.قال لا فرق !
لأنه من الخطأ الذي يقع فيه المسلمين وهو خطا في المنهج بالمناسبة ..حين يتم تغير اسم من ينتقل من الديانات الاخرى للإسلام بأسماء جديدة عربية وهذا تغيير في الشكل وليس له علاقة في المضمون ..!
دهشت من منطقة ،
اذن انت اعترضت على ان يتم تغير اسمك ؟
قال ، نعم وبقوة لان اسمي هو امتداد لذاكرة الاجداد وشجرة العائلة ...الاسلام هو سلوك وتعامل .
وتدلى حتى تبينت فقرة رقبته السابعة وهو يدخل راسه المفلطح في شنطة عند قدميه ليخرج كتاب عنوانه ....

[English Literature]

رفع قدرك ومقدارك .. بلا رياء أو مجاملة .. أنتم نهر نرتوي منه كل ماهو عذب ../ فهد

شكرا يا اخ فهد ورفع الله درجاتك في عليين

[English Literature]

ما الذي فعلته أيها الأديب؟؟بحق وصدق لم استطع التوقف حتى أُكمل السيرة الذاتية المثيرة بسردها وأحداثها وجمعها مابين العامية والفصحى في سلاسة وعذوبة..كان ينبغي أن تضع لافتة لمثل هذا الجمال المغيّب عن الانظار..نتابع قلمك بشغف..إلهامااات

شكرا لإلهامتك يا استاذة الهامات ..اقدر لكي هذه المجاملة اللطيفة

[English Literature]

الله مير يسلمك يَ خيي،مشكور ع كلامك في حقّ مدونتي المصونه^_^وعيدك مبآرك > بالمنصفه لعيد رمضان وضحيه > برا ههه ،، لبدن انآآآ بنتن منتازه مايصيدني ساهر الخفجي ماسرع كلش خخخ ^_* //سديم

حياك الله يا المنتازة ....واعتقد ان كل شي في الخفجي واسطة حتى الفحص الدوري ما عندهم ..والسرعة التي يسجل فيها ساهر المخالفة على 250 كيلو في الساعة !!!

[English Literature]

اخرج كتاب ضخم مذهب الاطراف معنون بــ (الغرب يتمدد في فراغنا .) .يربو على أربعمائة صفحة من القطع المتوسط ..قال تفضل ..اقرأ الملخص في اخر عشر صفحات ..ولقد استغرق مني وقت طويل لإنجازه ...ووجدته يتحدث على ضعف الامة الاسلامية بسبب تكالب قوى الشر...عليها بقيادة الغرب الإمبريالي واذنابه من المسلمين والعرب الذين مثلوا الخف والقفاز وحصان طروادة..
قلت هل اخذ هذه النسخة .؟

قال للأسف هي النسخة الوحيدة التي معي وانا اتيت بها الى كينيا لكي اضعها وقف في مسجد الرحمة في مدينة مومباسا ناولته الكتاب بعد ان تبين لي اني امام رجل يملك مشروع وهدف ورؤية ولديه ارادة لتحقيقها على ارض الواقع لمست ذلك من نبرة صوته المشحونة بالثقة والحماسة حتى وان خالف الهيئة والظرف التي قابلته فيها..اردت ان استأذنه لكي اعود مكاني بعد ان اعلن المضيف قرب الهبوط وصوت منبه حزام التهيئة للهبوط قرع اجراسه واضاء بأنواره الا انه اصر على ان ابقى بجواره واعطاني كرت فيه اسمه وعنوان مكتبه ورقم الجوال ..وقدم لي دعوة في مدينته الساحلية مومباسا الا اني بعد اصرار منه اعتذرت باني مرتبط بمجموعة من السياح وجدول اعد سلف ..وقلت له ممكن سؤال لأنه يا استاذ امباكا يلح على ؟ قال على الرحب والسعة تفضل ..قلت بعد ان اسجل اعجابي بأسلوبك ولباقتك الآسرتين الا اني استغرب رجل في مكانتك الفكرية يركب في طائرة هذا حالها وركاب محكوم عليهم بالطرد لمخالفتهم القانونية ؟
فكأني صفعته على وجهه فقال بعد ان تمتم بكلمات اظنها لغته الام ..من تواضع لله رفعه حتى وان كانت الطائرة متواضعة والركاب قدر لهم بان يقعوا في ورطة ازاء قانون لا اراه عادل لانهم اتوا للبحث عن حياة افضل بعد ان ضرستهم الحاجة وحطت عليهم الظروف بثقلها القاسي ..!! هززت راسي واستأذنت منه بإلحاح وعدت الى مقعدي بعد ان شكرته وتسجيل اعجابي به وبثقافته وبحسن تمكنه من اللغة العربية وكذلك لشفافيته وصراحته ..!

هبطت الطائرة وانا اقراء ابجديات المدينة من خلال النافذة واتفحص تضاريسها فاذا بها مدينة ساحرة المناظر مرتبة لا تعكس بحال من الاحوال ما كنت اتوقعه حين قستها بحالة الطائرة المهترئة والركاب الذين يحملون جنسيتها ..!

دب النشاط فجأة في صاحبي سامي واخذ يهنئ الجميع بالسلامة والابتسامة تشقق وجهه..بل ان الحماسة اخذته وقام بالمساعدة في تنزل الاغراض التي في الرفوف للركاب .. وقال لي يا اخي -ويش فيك- تنتظر على المقعد انهض حتى لا يفوتنا موظف الفندق الذي سوف يستقبلنا ....!

نزلنا وكأننا ركاب اتين من مجرة ليس لها علاقة بكوكب الارض ..بل كأننا اموات تم نشورنا من مقبرة على هيئة طائرة ..لا اعتقد ان احد شحن عفشه لأنني وجدت الكل محمل بأثقال تنوء بحملها الجمال ...اخذت اتلفت لصاحبي الاستاذ امباكا الا انه تبخر وسط بحر من البشر ..

[English Literature]

استقبلنا في المطار رجل يرتدي ملابس انيقة ومرتبة يحمل يافطة كُتب عليها السيد سامي حمد البخيت ..اخذ حقائبنا وقادنا معه الى حيث مواقف السيارات وكانت السيارة من الطراز الامريكي الفخم كاديلاك لموزين .ركبنا في المقعد الخلفي البرح وكانت رائحة زهور برية قد شممتها في محلات زهور الريف قد سُكبت بعناية على المقاعد وكأننا في تلك اللحظة نقلنا من عالم الاموات الى واقع الحياة والرفاه والانتعاش ...!

اغنية هادئة تتسلل من سماعات الراديو تدغدغ المشاعر للمغنية Celine Dion والاجواء في الخارج تحرض على الشاعرية وتوسوس على ارتكاب جريمة قصيدة تتمرد على قافيتها ..!
كانت السحب ناصعة البياض من حميميتها تواضعت لتهبط كي تعانق الاشجار والمرتفعات تضمها حتى تختفي في رذاذها ...!
قلت يا سامي للتو احسست اننا نسافر بعد الطائرة التي جعلـتــني اعيش تفاصيل عذاب القبر والكابوس والخوف من المفاجأة في أي لحظة !!

قال سامي ..يا احمد ..الطائرة هي فقط ناقلة الى حيث اقامتنا وكلها ساعات وتنقضي وانا بالمناسبة قضيتها في النوم ...المهم في المدينة ومكان السكن والاماكن التي سوف نزورها ،
بالله يا احمد ما رايك في هذه الاجواء ؟

الاجواء كأنها البلسم والترياق الذي غشانا بعد ان تسممنا بتلك الرحلة الموبوءة ....!

بالله عليك يا احمد انسى الرحلة فانا قد مملت من كثر ما ترددها وكأنها لعنة تعاقبني بها !

هل غيرت الفندق الذي سوف نقيم فيه يا سامي .؟
.لا ...فندق هيلتون نيروبي ...!
جميل الساعة الان تشير الى الثالثة والنص بعد الظهر يا سامي وانا اكاد اموت من الجوع ما رايك ان نتوقف عند مطعم يرشحه لنا السائق ؟
بل سوف نتناوله في الفندق بعد ان نأخذ دش ونغير ملابسنا .. !

ونحن في طريقــنا الى الفندق كنت منبهر من الطبيعة وتعانق السماء وهي تسيل بلعابها على لهات الارض تثير روائحها المختلطة بعبق الاشجار والزهور التي تخلب الألباب وتثير المهج ...!

خرجنا من السيارة والعاملين ينشرون مظلاتهم على رؤوسنا لكي تقينا من البلل ..فأزحت المظلة ومارست مع قطرات المطر خطيئة البلل ..!

دخلنا الى الفندق فاذا بفتاة استغفر الله ان قلت فتاة !!!! بل ملاك يدّعي انه بشر ..!!
العيون واسعة تسكن في محاجرها عينين عسليتين تتقافز منهما جيوش من الفتنة والشعر يميل الى الشقار كأنه خيوط حرير ولون البشرة يميل الى الصفار المشرئب بحمرة الخجل ( برنزي ) ان كان الخمر المعتق يخرج المرء من اتزانه ورصانته فقد فعلت بي تلك الحورية فعل الترنح ...! التي اخال السماء حين امطرت كانت تتوق لتبلل جسدها ....ما اجملها ...!

قال لي سامي ..(الثقل صنعة يا احمد !! )

قلت ، ولكن الله حين يبرز آياته فما على العبد الفقير الا ان يهلل لها ويكبر.. فسبحان من صنع من البشر على هيئة هذه القنبلة الانشطارية ..اني احس بشظاياها تمر في كل مسمات جسدي .....

[English Literature]

قضينا اسبوعاً كاملاً من اجمل ما مر علي في حياتي.. ومما زاد تلك الايام جمالا ًوزخمً الاجواء التي صاحبتنا والخدمة الراقية التي يقدمها طاقم الفندق والسهرات التي قضيناها بتنوع في جنبات تلك المدينة النابضة بالحياة لم اتحسر على النمسا ... !

فقط النقطة السوداء في كل ذلك البياض هو اختفاء تلك الفاتنة التي وشمت لها في الذاكرة صورة اخاذة ومستلبة ..!
ما بين شوقين قلبي فيكِ يرتحلُ......يا قاب قوسين ما للشوق لا يصـــلُ

أيوب صبري والاوجاعُ تقتلهُ.......يأسى على جرحهِ لو قيلَ يندملُ

وعندما سالت عنها علمت انه تم نقلها الى هيلتون في اسبانيا (!).عسى من نقلها بثور يهشم جمجمته (!) .هذا ما نغص علي بعض ملامح جمال تلك الرحلة ...والملفت للنظر ان الجالية العربية كانت متواجدة بكثرة وكانت علاقتهم ببعضهم البعض قوية تجمعهم المطاعم الشرقية والمراقص والحانات ...

لا اعتقد ان هناك مكان يستحق الزيارة الا وزرناه. ذهبنا الى حديقة الحيوان وكينيا حديقة العالم من غير منازع التي تعيش فيها تلك الاوابد ..واخذونا الى المتاحف التي تؤرخ حقب تاريخهم كدولة وامة تعاقبت وليس اشخاص...!

ودور السينما والمسرح والفنون الجميلة والسرك ...ودار بيني وبين سامي نقاش ونحن نخرج من مسرح عرض مسرحية بعنوان انت فرد تصنع التكامل ..يقصدون بان الفرد له كيانه الذي يحترم وهو يتكامل بالضرورة في مجموع المجتمع.. لا يهمش ..وبعد ذلك زرنا متحف عبارة عن سيرة ذاتية لسكان تلك الدولة دون ان اجد السيد يطغى حضوره على حساب العبد وتلون المذاهب والطوائف بفوارقها مسجلة عنصر تنوع وقوة و الذي يثري المشهد ويزيد في تلاوينه ..!

والفنون كان هناك اكثر من سبعين فرقة تعرض مقطوعاتها الموسيقية والغنائية بمختلف الآلات قديمها يمتزج مع حديثها والتي تروي بالتالي عن تاريخ وتؤصل لأحداث مع رقصات مصاحبة وازياء مختلفة وغريبة هي الاخرى لها مدلولاتها... كل تلك شرحها لنا السيد لبنقا المرشد السياحي وقال كثيرا حولها ..

سامي حبيب قلبي ، تعتقد ان سبب التطرف والخشونة لدينا في جزيرة العرب هو عدم وجود الفنون الجميلة والتذوق الفني بانواعه والمسرح ودور السينما .بالاضافة الى الربع الخاوي من الحياة ؟

الا تعتقد ان مثل هذه الفنون ترقى بالذوق العام وتهذب النفوس وترقق المشاعر وتجعل الشعوب تنخرط فيما يشغلها في اعمال انسانية تستسيغ الابداع والجمال وبالتالي ينعكس مثل ذلك الزخم على السلوك والاخلاق ؟

اعتقد انك تبالغ كثيرا يا احمد ؟

لماذا ؟ واين المبالغة ؟

في دولة السلف لم تكن ثمة مثل هذه الامور متواجدة وكانت الحياة راقية ؟

اعتقد ان مقارنتك غير موفقة ..! انت تعود بنا الى فترة لها ادواتها ..ومع ذلك كان هناك الفن والنقوش ومجالس السمر ومنابر الخطب والشعر والادب والفلسفة والمنطق والتراجم والتنوع كان مزدهر نفتقد لمثله هذه الأيام !!

حتى الحدود كانت غير موجودة بين الدول لا حرس حدود ولا جمارك ولا اسلاك شائكة ..!
تخيل بربك انك تسافر يا سامي من اليمن الى الأندلس مرورا بكل تلك الدول التي نعرفها الآن دون تذاكر واوراق هوية ؟! .

وبعد هذه الفترة بقليل بدأت افتقد لوجود سامي اصبح يغيب كثيرا مع تلك الصحبة من الجالية العربية وعندما اساله بانه يسرف كثيرا في الخروج مع اننا اصحاب سفرة واحدة وكان من المفترض ان نكون مع بعضنا البعض !

الا انه يعدني ويعتذر وما يلبث الا ويعود الى تلك القطيعة ..! خفت ان لا يكون متورط في عصابة مخدرات وما شابه مع ان اولئك الشباب لا يبدوا عليهم تعاطي المخدرات ولكن الحياة تجارب وكم تخدعك المظاهر ..كما التفاحة التي تضمر وراء قشرتها الدود ..!
عزمت ان اراقبه ....وفعلا اتفقت مع سائق جزائري على ان اتبعهم دون ان يشعروا اني اراقبهم ..واعطيته مبلغ محفز على ان يبقى على مراقبتنا لهم سرا ...!
في الليل لم اجد سامي متواجد فقلت ان اروح عن نفسي واذهب الى مقهى الفندق وفيما انا طلب قهوتي فاذا . ....

[English Literature]

شكراً لكل منَ مر من هنا وترك عطره واثره على خد مصفحي ولكل من ارسل رسالة انتم بجمالكم يزدان قبحي