تشـــــظــــــــــــــــــــــــــــــــــــي....!

[English Literature]

وبغباء انتفض احد الاخوان لكي ينكبنا . . قبحه الله ..بان قفز على راس الجندي يقبله ويقول ( حن عيال قبايل استر علينا اللهيستر عليك ..) فعندما طال الحديث مع الجندي قال لهزميله ..اركب مع السائق وخل البقية يجون معي .!(جاك الموت يا تارك الصلاة ) كأنه صكني ببلكه بين الحاجبين .وهناحاولت ان ابلع ريقي عبثا فلم أجده ..!

وأثار انتباه الجندي لحركةغير متوقعة من التيس بين أرجلنا ..فشاهده .... ففغر فمه مندهشة ..فنادى على صاحبهوهو يقهقه بان يأتي ...فتذكرت حينها يوم القيامة في تلك اللحظة مع عذاب القبر التيكان يقولها لنا الأستاذ بيومي ..!!

نزل وفتح باب الراكب وانزلالتيس يحرره الذي بدوره نظر إلينا بنظرة شماتة وتقزز وأطلق ساقيه الى الريح وتركنا نواجهمصيرنا !


ما شاء الله تاركين المدرسة حتى تسرقونحلال الناس يا .......(-.كلام قوي شوي ..) الله يسامحه ..!

طبعا الموقف لا يحتمل الا ان نقاوم او نذلأنفسنا حتى نتجاوز تلك المحنة بأقل الخسائر .!

.فقام كل واحد منا بان رمى شماغة وطاقيتهفي أحضان أصاحب الدورية ..وصاحبنا الخفيف لم يدع موقع في جسد العسكري الا وطبع فيهقبله ..وكأنه قد فتح أمام الجميع المجال للتقبيل فهجمنا عليهم بقبل ابو ريالين شي في الجبينوشي في اللحية ..الا ان السائق (واظنه قليل مروءة) لم تثنيه كل تلك الموقف والمشاعرالجياشة (من أبناء متوسطة حطين !! ).إصر على ان نركب معه ونترك خوينا يركب معه الجندي طالة المفاوضات وتشكيلاللجان والرمي العشوائي من القبل والاشمغة وبعد ان طال الوقت على قول الشاعر وطالت مع النجوى تباريحي (واظنهم وجدوهاتسلية لتمضية وقت مناوبتهم في الدورية مع اطفال سذج )

وافقوا بشرط ..! ان لا نزورذلك المكان مجددا ..فاقسمنا يمين مغلظة بان لا تاطئ أقدامنا ذلك المكان المشئوم ..واظننا لم نحث في ذلك القسم قط






قد يساءل أحدكم بشي من الخبث ما قصتكم مع التيوس ؟
يمكن لها علاقة بكيمياء التياسة


() حتى لا ياخذ احدكم عن اداب انكليزي انه طالب فاشل ولم يحقق ما يامله منه ابيه ...فانا لو لم املك الثقة في نفسي ولله الحمد والمنه وما حققته على الصعيد التعليمي في الثانوية وكذلك ما حققته بفضل منا الله ومنه في مجال كلية متخصصة في محركات وملاحة وتقنية الطيران لم تحدث عن هذه القصة، التي هي شي من تاريخي في ايام الشقاوة والصبا وهي مرحلة يمر به الجميع اقصد الحامسة في غير موضعها وحب للمغامرات والطيش وما شابه ..!

[English Literature]

-----------------------------------------
بعد ان افرج عنا من تلك المعركة الشائكة ، عدنا الى رشدنا وأخذنا العهد على أنفسنا بان ننتظم في الدراسة وقد عاتبنا صاحب الفكرة الغبية ..

..فلقد كانت تلك الواقعة بمثابة فركة اذن .وفعلا عدنا في اليوم التالي الى المدرسة وحضرنا الفصل كأننا طباشير او كراسي او طاولات او أوراق جدارية قطعا لسنا نتشابه مع الطلبة ..والمدرس يشرح كأنه يتكلم بلغة غير اللغة التي نتحدثها ..الطلبة يشاركون ويتفاعلون ويخرجون دفاترهم ليصححها لهم المدرس والسعادة تتقافز على محياهم ونحن كأننا طائفة من البطاريق تجاوزت الصقيع فجأة !!

كنت وهذا سر سوف أذيعه لكم ، ارتب كتبي لأسبوع كامل على يوم الثلاثاء ..!! لماذا ؟ لأنه كالتالي ..قران فنية فنية تاريخ رياضة علوم . وبقية الكتب محتفظ بها نظيفة الى السنة القادمة !!!! على كل حال عندما طالبني المدرس بان اخرج الدفتر والكتاب ..أخذت ابحث عن مادة الجغرافيا الا انها لم تكن من ضمن الباقة الذهبية ! ..وعندما علم المدرس ماهر اني لم احضر الكتاب ولا الدفتر فقد أعصابه وسدد لي بكس بيده التي توازي طفل رضيع على صدري انكتمت ما يقارب ثلاثين ثانية حتى ظهرت لي تضاريس ومناخ البنجاب والبلقان ..وسحبني كخروف الى مسلخ وهو يشتم حتى وصلنا الى الإدارة وكانت القاضية ..والمصيبة ان الإدارة تغص بأولياء الأمور اتوا يساءلون عن أبنائهم ..قال المدرس ماهر هذا الطالب لا يحل الواجبات ولا يحضر كتب المادة بالإضافة انه كثير الغياب ! (عليك ما تستحق يا أستاذ ماهر كان اكتفيت بالبكس بدلاً من الفضائح المجانية !! ).
.فكان من المنظر الغريب ان احد الآباء المتواجدون في الإدارة تحمس الى درجة انه شوي ويستأذن من المدير لدبغي -اصبحت سبيل للدبغ !!-.!


..قال المدير أوقف برا بإشارة بطرف إصبعه .كأنه يخرج حشره ......وقفات واذا بحمد وسالم وابراهيم ومجموعة من فصيلة التنابلة يعلقون علي من نافذة فصولهم التي تواجه باب الإدارة.. ويحرضونني على الهروب .قبل ان ينفرد بي الاستاذ حسن !!

. ..خرجوا الآباء من عند المدير وبدأ خفقان القلب يزيد من ضرباته ...أشار اللي الفراش العم محمد بان ادخل الى المدير......

[English Literature]

حتى أضعكم في الصورة السيد المدير ...متوسط القامة يميل الى النحافة شنبه كثيف يغطئ ثلاثة أرباع فمه عيناه كانهما جمرتان غائرتان في رأسه لا اعتقد ان الابتسامة قد زارت محياه لأنني لم أشاهده متبسم الثغر حتى مع الآباء شديد وشخصيته قوية مع المدرسين .

دخلت والركبتان تتعانقان وتتفرقان من هول الموقف حتى دخلت الى الإدارة وقف المدير وفي يده ملف الغياب وهو يتأبط غصن الرمان المنقوع وقال للفراش بصوت أجش تسرب من تحت شنبه الكثيف ..اذهب ونادي على هؤلاء وأعطاه ورقة كان اسمي يحتل الصدارة فيها ...بكل فخر وتواضع .

قال ، أين أبيك ؟ فاجأني بالسؤال !

لم يسألني لماذا لم احل الواجب ؟ او لماذا لم احضر كتبي ؟ او أي شي... قال أين والدك ؟ ..طبعا انا أتمنى ان يطوق عنقي بثقل ويتم إلقائي في بئر ليس لها قرار ولا يعلم أبي ....مع انه كما قلت لا يضرب وهو أب متسامح ولكني الا أريده ان يعرف عني باني طالب من الذين يتسربون من المدرسة ..( ومع ذلك أتسرب !)

قلت له الوالد في عمره .
قال متى سوف يعود ؟
قلت إن شاء الله بعد عشرة أيام – ولو الامر بيدي لقلت له بعد سنة !-

قال انتظر برا ..

خرجت وبدات أسراب التنابلة تتوافد من كل حدب وصوب وحينها أحسست بشي من الأمان وعلى قولتهم الموت مع الجماعة رحمة ..

[English Literature]

برز إلينا المدير وكأنه السياف وهو يجر عصا الرمان خلفه ...نزل الدرجات الثلاث وقال الا تخجلون من أنفسكم ، الواحد طوله طول النخلة .وعرضه عرض البغل ..لكن ما اشره عليكم اشره على أهاليكم الا ما يتبعون أداءكم يا غنم (كانه هزئنا ) ...افتح يدك يا ثور ..وكان الثور الذي على يمينه إبراهيم ..ورفع يده والخيزران تتدلى الى اخر قفاه ويضرب بكل ما أوتي من قوه وعادت إلي الذاكرة على قولت الشاعر- تذكرت والذكرى مورقة - أول مره عندما شاهدت مسرح عملية الضرب قبل ان التحق بهم ..واخذ إبراهيم بعد الضربة التاسعة يتلوى وبدأت ألوان الطيف تتشكل على وجهه البيضاوي.. ونحن خيم الصمت ورهبت الوقف علينا ..بعد ان انتهى من إبراهيم دفعه بيده الى الخلف وتقدم سالم وفعل به بمثل ما فعل بإبراهيم وتقدم حمد وهو طويل القامة والمدير يميل الى القصر وقال ما شاء الله لو كان هذا الطول على رجال لكنه على هبيله فتح يديه حمد الاثنتين مع بعض معلقهما في الهواء وترك المدير يضربه دون ان يحركها او يظهر انه يتألم فكأن المدير فهم انه لا يبالي فزاد في ضربه حتى توقعت ان تتقافز أصابعه من كفوفه حتى ان لون كفيه وأصابعه مالت الى الاحمرار الداكن ..ودفعه بقوة للخلف وتقدمت وكانت تلك أول مقابلة لي معه في ذلك الموقف لم يضربني من قبل ولم أجرب الضرب فتحت يدي وهو يقول أعجبتك هذه الشلة التعبانه؟ .- طبيعي ان لا أتكلم لأنني في موقف لا يحتج أكثر من ان استسلم وادعو الله ان ينزل على قلبه السكينة والرحمة - ضربني اول ضربة فتوقعت ان الخيزران قد مرت من خلال كفي .
وضربني بالثانية فلم احتمل وأخذت أضع يدي تحت كتفي فوجه لي ضربة قوية ومركزة على راسي - تنبئ عن خبرة المدير - ويقول افتح وانتهى من ضربنا وأنا بدأت أدور مكاني من شدة الوجع حتى اعتقدت ان يدي سوف تنزف الدم ..قال مع الباب لا يأتي أحدكم الا وولي أمره معه ......!

[English Literature]

ذهبنا كلاً الى حال سبيله فاستوقفنا إبراهيم وسالم وقال ابراهيم ويش راح تسوون بـتقولوون لهلكم ؟ ..قلنا بصوت واحد ..ويش شايفنا مجانين ..اتفقنا ان نغيب يوم او يومين حتى ينسى المدير وتهدئ الأمور على ان ندخل لنسرق دفتر الغياب في اخر اليوم ..وفعلا غبنا من اليوم التالي وطلبنا من احد - الشباب الدوافير الذي لديه تعاطف معنا - ان يمزق دفتر الغياب ..!

وكان غيابنا هذه المرة في وسط البلد غيرنا خارطة الطريق ...ونحن بالمناسبة ملتزمين ونحترم عهودا نقطعها على أنفسنا ! . ذهبنا الى قهوة شعبيه افطرنا وأخذنا نتجول في الأسواق ...وكان القدر يرسم لنا موعد مع سياح أوربيون او أمريكان لا ادري لأننا حينها لم نكن نعرف من اللغة غير donkey , shut up, dog ,yes, banana ..كان الباص ممتلئ بالسياح رجال ونساء والسائق من الجنسيات العربية ينتظر عند سوبر ماركت كبيرة بقرب حلقة للخضار ينتظرون حتى تفتح بعد الصلاة .


.أوقفنا السيارة بالقرب منهم ودخل سالم وحمد والتحقنا بهم وكنا نضحك ونستهبل عليهم وكان استأذنا في اللغة حمد وكان يقول لهم يو كرسمس يو كرسمس ونحن نردد وراءه كالببغاوات كنا نتصور بما فينا الخبل حمد اننا ندعوهم بان يزوروننا ونصافحهم واحد واحد .. طبعا اخذ السائق يختصر بنا عندما قرأ من اشكالنا اننا في الطور الاخير قبل درجة الانسان ....يقول هؤلاء سياح وضيوف عندكم احترموهم حتى يأخذون عنكم وعن منطقتكم تصور حسن .!


.طبعا وهو ينصحنا اخذ حمد يضع يده على وجه السائق ويدفعه ..كفايه الأستاذ حسن تجي أنت اوجهك .. وبدا الصراع بينهم ونحن بدأنا نعتدي على السائق بالضرب والركل والسياح نزلوا مع السائق والكثرة تغلب الشجاعة بدأت الغلبة تميل لــكفتهم هربنا وهم عادوا الى - ثكناتهم - الباص ..قال حمد يا شباب ما كنا انهزمنا .؟! .قال إبراهيم لأنك السبب ويش فيك على السائق الله ياخذ عقلك ؟..كان تعرفنا على الحلوات ...قال ، يا طر جيبي طراه ..على اللي لابسه احمر شفتوا شعرها وعيونها ؟ وفيما الشباب يتغزلون في السايحات وسلة الفاكهة ..كنت أكثرهم رصانة وصمت وعقل للامنة وللهم الحمد !!! ممتـثل للمقولة التي تقول الصمت في حرم الجمال جمال ...

[English Literature]

كانت الصناديق في حلقات الخضار مغطاة بطرابيل شوي الا إبراهيم يقول يا شباب فيه طماطم معفن عند حاوية الزبالة ويش رايكم نهاجمهم ؟ ..طبعا نحن من فضل ربي علينا لا نتناقش او نتجادل كثيرا في أي أمر يطرح حتى ولو كان ضرب من الجنون والخبال.!!

.أخذنا كرتون موز كبير مملوء بالطماطم المعفن لنجعلها انتفاضة الطماطم على السياح (الكفرة ) في الباص مستخدمين عنصر المفاجأة والمباغتة –وهذه من إستراتجية الكر والفر - وعينكم ما تشوف الا النور..أي نور ..! حولنا الباص الى كتشب في ثواني .. بقوا بذكائهم وفطنتهم في داخل الباص وأغلقوا النوافذ والباب وكأنهم يشيرون لسائق الباص بان يتحرك ولكن الهجوم من طرفنا في الحقيقة كان عنيف حيث أمطرناهم بوابل من الطماطم الموجهة بدقة من أكثر من جهة حتى حُجبت الرؤية الى حد أننا لم نعد نرى من بداخل الباص الا كالأشباح ..!

وهربنا قبل ان تداهمنا الدورية وتركنا الباص مضرج بدماء الطماطم مع ذكريات سوف تبقى عالقة في رؤوس السياح تجاه المنطقة وثقافة أبنائها ...ونحن فاطسين من الضحك ..لسذاجتنا ..ركبنا سيارتنا وتوجهنا الى اقرب مسجد واغتسلنا وذهبنا الى بيوتنا ونحن نشعر بالرضاء التام تجاه ما قمنا به .. ! الله يخلف ..


على الهامش ×

اعتقد بل اجزم ان ذلك الموقف مع السياح هو التعبير الصادق على تصادم الحضارات ..الذي تكلم عنه المفكر الأمريكي صامويل هنتجتون في كتابه ذائع الصيت صدام الحضارات ..

[English Literature]

لا زلت الى هذه اللحظة استغرب نشوتنا وسعادتنا بمثل ذلك العبث وتلك الشقاوة الصبيانية التي اقل ما يقال عنها شوارعية!

عدنا بعد ذلك اليوم الدامي بالكتشب المنتهي الصلاحية وملابسنا (قلت ملابسنا بصيغة الجمع ؟! استغفرك يا ربي من الكذب ..! مع ان رفيقنا حمد حرسته الملائكة من اول ماعرفته وهو مشخص بثوب واحد ولكن ابيه صاحب حكمه ونظرة مستقبلية في عالم الاقتصاد . لأنه اختار لون بعناية يقارب للون الخلب . حتى اقرب ..يعني كأنه خشت هيلكس مغبرتها تريله وقت مطر ) لون لا يبلى ..

وسالم ..يا سبحان الله ثوب غريب لم أشاهد مثله الى الآن اللون قضبي على قصبي –برسيم وقصب كوكتيل -. حتى ان احد الشباب يعلق عليه يقول يا اخي ما ادري ليش الناموس يجي معك .؟..قال إبراهيم ...لأنه يتوقعه حمضه متحركه – اثل- استفغر الله انميمة شينه . للأمانة كنت أكثرهم نظافة وشياكة اذا ما استثنينا الأكمام والياقات والطاقية التي تحولت الى وقاية !

..نزلنا إبراهيم على الخط وذهبت الى البيت وأنا متشبث بكتبي الدراسية التي لو كانت تنطق لقالت فك قيدي فغيابك عن المدرسة ادم معصمي ...!

قابلت الوالدة حفظها ربي وجعل ايامها سنين طوال وهي تنعم بالصحة والعافية وهي تكنس امام البيت بخوصه -سعفة-...واختبأت منها حتى لا ترى اثر معركة البسوس مع الصليبيين في فتح عمورية -حلقة الخضار ....-
غيرت ملابسي بسرعة لن أتجرأ وأقول أني أخذت دش !! لان الكذب حرام ..توضأت وصليت ..وطلعت وأخذت الغداء وهو عبارة عن قطعة لحم ضاني ورز -بشاور- لان أبي يحبه وعلينا ان نحبه لحبه !

دخلت علي الوالدة وأنا مختلي بالقدر -بكسر القاف-أفاجئ اللحمة وأنا اقبصها.أهيئها للبلع ... وقالت متى بتحلق شعرك يا ثور ؟ سؤال وجيه جدا..! اذا ما استنينا ثور ..! ولكنه في حينها يوازي الآن لماذا لا تحلق شواربك ؟ او قد يصل لماذا لا تنتف حواجبك ؟! لان الشعر الطويل الغجري في وقتنا يعني الشي الكثير بل هو ركيزة مهمة في إثبات الشخصية ..بل انه كالوشم الذي يضعه ابو عنتر رحمة الله عليه على عضده - باطل -.. وهنا لا بد ان اقول شهادة للتاريخ ..أنا أتمتع بفضل من الله ومنة بشعر من الدرجة الثانية على مستوى جودة الشعر حسب التصنيف العالمي... حتى اني أتذكر وانا واقف مع مجموعة من الشباب في صندوق سيارة نيسان سرعتها تتجاوز المئه لم
تتحرك شعرة واحدة في فروة راسي ..شعر عنده موقف ومبادئ وانتماء لا يتزعزع ولا يتحرك ..!

.... ذهبت الى غرفتي( ارتب كتبي !!!) ..

[English Literature]

دخلت غرفتي التي اختلي فيها مع نفسي ..والعجيب في الامر لم توسوس لي نفسي ولو مرة واحدة باني ارتكب خطأ في حق نفسي وحق اهلي عندما أتغيب عن المدرسة .. !

أولاد عمي منتظمون في دراستهم ووضعهم الدراسي مستقر هذا لم يوقظــني من غيبوبتي ! ..قد يكون... ...للغباء متعة لا يشعر بها الأذكياء ..ربما .!

أخذت ابحث عن شريط عبد الحليم حافظ ازي الهوى وحشرته في فم المسجل وشغلته وطرت مع الغناء والموسيقى ..وفتحت نافذتين تطلان على الجهة الأخرى لكي اخذ راحتي وادع النسمات تشاركني الطرب والخلوة ..!

.كان عندي عطر .(أكاد أشمه الآن !!).هو ماهو بعطر زجاجي ! هو في علبة معدنية نحيفة.لونها سماوي على اصفر... (لا ادري ذاك لونه ام اصابه الصدأ). يشابه لعطر الجسم ولكني استعمله كعطر ..كان المتوفر في البقالات ..أخذته من درج سيارة زميلي إبراهيم ..!

اليوم العصر سوف لن نذهب للعب الكرة في الوادي ..سوف نتابع فلم خطير وخطير جدا له جماهيرية توفق الخيال عندما يحضر تصمت القرية كلها ... غرندايزر...وكنا نشاهده مجموعة كبيرة في بقالة (.دار سينما على غفلة .).واذكر من الحلقات التي شاهدناها وأبقت آثرها علينا وكانت تراجيدية ومؤلمة اذكر أننا خرجنا من البقالة والصمت والحزن يخيم علينا ..بل ان بعضنا امتلأت عيونه بالدمع ..فقد أقدم المجرم فيغا ...بإرسال وحش كله صواميل ..وتصارع مع غرندايزر وخلع ذراعه بكل قوة وانتهت الحلقة على ذلك المشهد القاسي علينا.. !!

..لن تصدقوا ان قلت لكم اننا كنا نتابع ذلك الفلم الكرتوني بعاطفة جياشة وقوية الى حد أننا كنا بغباء قروي ساذج منقطع النظير نعتقد انه ليس كرتون بل حقيقة ..كنا نتمتع بلياقة رياضي محترف في مضمار الغباء ..بل واشد من هذا زميلي حمد قال لي مرة .ولعابه يسيل على شدقيه وبصوت فيه بحة ...انه يتمنى ان يتزوج بفتاة مثل هيكاروا ..! كان يحبها الأحمق الى حد كبير ..لم يصدمني لأنني في الحقيقة كنت ميال الى حد ما الى الآنسة لينا أجد فيها فتاة ناعمة وصادقة ومسالمة ..وكنت اكره عدنان عندما يقوم ببطولات استعراضية أمامها (هياط ..وتيشة ) واقرأ في ذلك رضاء وقبول من طرفها ..كنت اكره ذلك المخلوق الحافي ابو فنيلة علاقي ..! .واما سالم اقسم يمين غليظة وهو يكذب دائما الا في تلك المرة ..انه يعشق أخت دايسكي.....

آمال وطموحات سخيفة ومتواضعة وسطحية .توصلك الى حد الحزن .شباب في المرحلة المتوسطة يحبون فتيات في أفلام كرتونية ....!!الحمد لله اين وصل بنا الحال .

..قد يكون مرد ذلك انه في ظل المجتمعات المحافظة تنشئ نتوءات وشذوذ تخرج عن القاعدة والفطرة فيتفجر النبع في الشقوق و الفراغ .بالإضافة الى انخفاض منسوب مستوى الوعي ..

والشي بالشي يذكر ... اخبرنا احد كبار السن وهو يتمتع بروح الشباب ان المطربة سميرة توفيق عندما كانت تظهر على التلفاز وهي تغني وتتغنج وتغمز بعينها الواسعتين يتساقط على اثر ذلك الرمش اشد الشياب جلافة وقسوة فتجده يبتسم وهو يلتصق في الشاشة رغما عن البؤس والتجاعيد التي تحاصر ابتسامته .!.

[English Literature]

موقف إنساني لا يمكني ان أنساه للأستاذ محمود مصري جدع من الصعيد تلمس فيه حنان الأبوة والصدق وفي حصته يتساوى الجميع يتفاعلون ويشاركون بطريقة ودية وتلقائية تذوب فيها الفوارق بين أستاذ وطالب او طلبة لهم حظوة وطلبة تنابلة ..بعيد عن تعقيدات المد...رس التقليدي الصلف الذي يتعامل مع الطلبة بطريقة فوقية وجافة.

..لن انس له موقفه الإنساني ما حييت الذي تجلى في حفل كبير دعت إليه إدارة التعليم في المنطقة لإحياء أنشطة تقوم بها عادة ..ذهبنا بعد ان حدد المدير نقطة الالتقاء ووقتها ..فعلا وصلنا في الموعد وتم التعريف بمدرستنا قبل ان نندمج مع بقية المدارس المدعوة ..وللأمانة كنا الطلبة المميزين بين تلك الجموع ..تميزنا ان حضورنا كان كبير (حتى الذين أدمنوا الغياب صاموا عنه ) بالإضافة الى هيئـتـنا لا توحي بأننا طلبة مدارس اقصد الأغلبية بما فينا الطلبة الشطار ..كأننا فرقة تمثل تم أخذهم فجأة وهم في منتصف مشهد لمسرحية العيال كبرت ..

انتشرنا في فناء المدرسة كالجراد المبثوث .. وكانت بثلاثة طوابق وهذه اول مرة ندخل مدرسة بهذا الحجم وكان المدرسون الذين معنا يجلسون في غرفة مخصصة للمعلمين ما عدا الأستاذ محمود كأنه لا ينتمي الى تلك الطبقة البرجوازية وينتمي الى طبقة البروليتاريا من الكادحين (اعتقد كان لديه جذور يسارية !) وكنا مجموعة نتحلق حوليه كالناموس على النور! وهو يقص علينا أيام زمان حين كان في مثل سننا (طلع من الشلة بس نسخة مصرية !)

قام الحفل وانتظمت لجان التحكيم وتم توزيع المتسابقين على كافة المناشط ..وكنا متحمسون لأبناء مدرستنا نشجع بكل حماسة والأستاذ محمود يقود الجوقة والجماهير حتى ان الخبل حمد كاد ان يخرم طبلة اذن الأستاذ محمود بصوته الجهوري النشاز حتى بح صوته من فرط التشجيع المبالغ فيه. كأنه يريد ان يصل رسالة للمدير مؤداها أنه موجود وبح صوته ويبذل مجهود ولو كان على شكل صرااااخ عبثي ..!

[English Literature]

انتهت المسابقة بحصد جوائز لا باس بها لمدرستنا ولكنها لم تكن الأولى كانت بعد الوصيفة ..واتت ساعة القدر وكانت بمثابة المطرقة التي هوت على رؤوس الجميع وليس أنا لوحدي ! حين سمعت اسمي يتردد ويلعلع في الميكروفون ...انتفضت وكأن أحداً قرصني ..لم استجيب ولم استوعب الا حين نادى المشرف باسمي مرة أخرى ..ومصحوب باسم مدرستي ..الكل ينظر الي والعجب يتقافز من أعينهم ..الوحيد الذي كان يعلم بتلك المفاجأة هو الأستاذ محمود ابتسم وكأن مصر ابتسمت كلها ..وقال بلهجته الصعيدية ..اوم يله استلم قائزتك ...قمت وكأنني حاشي – ورع الجمل - طال به أمد البروك وبدء يقطع عقال كساحه - بكسر الكاف -..وسرت اقطع المسافة من مكاني إلى المنصة وكأنها رحلة المعراج ...طلعت المنصة والخوف والفرحة والتوتر تداهمني مزيج وخليط من المشاعر ..عصفت بعودي الغض الطري فجأة دون سابق إنذار استلم جائزة .!..وكأنها الفاكهة المحرمة على الفقراء !
..استلمتها ..وصافحت ...!
لا ادري كم عدد الذين صافحتهم ..!
ولا ادري هل أنا صافحت احد ..!
كانت الجائزة عبارة عن شهادة تقدير لحصولي على أفضل رسمة في المسابقة كانت لمنظر طبيعي يحمل بيئة المنطقة ...!

نزلت وأنا انظر الى الجموع وهي تحدق النظر فـــّي ..وأنا محط اهتمام الجميع ..كأنني زوج يتأبط يدي زوجته الشهادة .. أسير في دائرة الضوء ..ما أجمل نشوة الجوائز ووقعها على النفس حتى ولو كانت مزورة؟ ....نعم ..نعم.. حتى ولو كانت كذلك ..الا يوجد علاج تركيبته من الوهم ويؤدي نتيجة ايجابية على المريض ؟! أخذت أسير وكأن رجلي لا تلامس خد الأرض ..!

قصدت الأستاذ محمود ..لم انطق بأم شفه بل مررتها بلغة إشارة من شفتيا وحاجبي ..ابتسم الأستاذ محمود وقال ..مبروك على القائزة ..عرفت انه الذي وراء تلك المؤامرة الجميلة وهو من وضع اسمي المزور عليها ..كان أجمل تزوير في العالم .! . انطلقت إليه.. اول مرة احتضن في حياتي رجل غريب !!(هههه) وكأنني حينها احتضنت ليلة القدر في ساعة استجابة ..!
شعور تتهشم عند قدميها كل الأوصاف والقصائد والخواطر والحكي ...

اخذ الشباب يتحلقون بفضول ويخالطه استغراب ويطالبوني بمشاهدة الجائزة ويتأكدون ان اسمي هو الموسوم على صدرها ..! لم أجرب الخمرة في حياتي ولكني شربت حينها ما يشابه طقوسها حين أسكرتني نشوة الجائزة .! .طرت بها وكأنها شهادة براءة من ذنوبي ..اطلعت عليها أبي .فكانت الصدمة أنها لم تحرك فيه أكثر من كلمة.. تمام ..ا
احتفظت بها كعربون وفاتورة تشهد لي يوم ما .. انه كان لي موقف على منصة الاحتفال !

شكرا على مدى العمر للأستاذ الإنسان محمود