ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل > تربية خاصة > ارشيف التربية الخاصة
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

ارشيف التربية الخاصة ارشيف الفصول الجامعية الماضية لتخصص تربية خاصة التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل

 
 
أدوات الموضوع
قديم 2010- 6- 17   #21
الْجَمُوحِ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الْجَمُوحِ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 41202
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2009
المشاركات: 2,029
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 15515
مؤشر المستوى: 99
الْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: مِنْ جَ ـاآمعة أوج ـاَآع دِنياآي خ ـِّريج
الدراسة: انتساب
التخصص: بَـ أح ـسْن تَخَ ـصّص لـ الألَم عَ ـينوني
المستوى: المستوى الرابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الْجَمُوحِ غير متواجد حالياً
Ei28 محتوى المحاضرة الخامسة



ال 5 :


" القواعد التفصيلية "

ثانياً: القواعد التفصيلية
1- يتلخَّصُ اعتقاد أهل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة في الجملة فيما يلي:
1- عقيدتهم في أسماء الله وصفاته :
إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه وما نفاه عنه رسوله  من غير تمثيلٍ ولا تكييف، ولا تشبيهٍ ولا تحريفٍ، ولا تأويلٍ ولا تعطيلٍ؛ كما قَالَ تَعَاْلَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير}. والله تَعَاْلَى وصف نفسه، ووصفه رسولهبأنَّه: سميعٌ، بصيرٌ، عالمٌ، متكلمٌ، حيٌ، قدير، وأنَّه مستوٍ على عرشه، فوق عباده، وأنَّه تَعَاْلَى يرضى ويسخط، ويغضب ويحب، كما يليق بجلاله وعظمته، مع الجزم بنفي الشبيه والمثيل.
2- عقيدتهم في مسائل الإيمان وسائر المغيبات:
أ- من أصول أهل السُّنَّة أنَّ الإيمان قولٌ وعمل:
يزيد وينقص، ويشمل الإيمان بكل ما أخبر اللهُ به، أو أخبر عنه رسوله ، من أمور الغيب والشَّهادة، جملةً وتفصيلاً، ومن ذلك:
1- الإيمان بالله تَعَاْلَى وتوحيده بالرُّبُوْبِيَّة، والأُلُوْهِيَّة، والأَسْمَاء وَالصِّفَات.
2- الإيمان بالملائكة، وأنَّهم عبادٌ مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأنَّهم مُوَكَّلُوْنَ بعبادة الله تَعَاْلَى، ومنهم من له وظائف وأعمالٌ أخرى، كاختصاص جبريل  بإنزال الوحي، ومَلَكُ الموت بقبض الأرواح، ومالك بخزانة النَّار، ومنهم من وُكِّلَ بكتابة الأعمال، والمقادير، وَتَسْيِّير السَّحاب، وإنزال المطر، ومنهم حَمَلَةُ العرش ...
3- الإيمان بالْكُتُبِ، المُنَزَّلَة من الله تَعَاْلَى إلى رُسُلِهِ هِدَايَةً للعباد، ومنها: الزَّبُور، والتَّوْرَاة، والإِنْجِيُل، والقُرْآن، وهو أكملها وناسخها.
4- الإيمان بالأنبياء والمرسلين جميعاً، ومن جاء ذكره منهم في الْقُرْآن الْكَرِيْم، وصحيح السُّنَّة، وجب الإيمان به على وجه الخصوص، وأنَّهم كلهم بلَّغوا رسالاتِ الله، وَدَعَواْ إلى تَوْحِيْدِهِ وحذَّروا من الشِّرك. {أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطَّاغُوت}.
وأنَّ محمداً  هو أفضلُ الخلق وخَاتَمُ النَّبِيِّين، بعثه اللهُ إلى النَّاس جميعاً، وبموته  انقطع الوحي، وَأَكَمَلَ اللهُ الدِّيْن.
5- الإيمان باليوم الآخر، وأنَّ الموت حقٌ، والإيمان بنعيم القبر وعذابه، والبعث، والنَّفخ في الصُّوْرِ، والنَّشور، والعرض، والحساب والجزاء، والصُّحف، والميزان، والصِّراط، والحوض، والجنَّة ونعيمها، والنَّار وعذابها ...
ويؤمنون بالساعة وأشراطها، ومنها: خروج الدجَّال، ونزول عيسى ، وخروج المهدي، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابَّة، وغير ذلك مما ثبت في الأحاديث.
6- الإيمان بالقدر، خيره وشره، حلوه ومُرِّه من الله تَعَاْلَى، وأنَّ الله علم كُلَّ شيءٍ قبل أنْ يكون، وكتب ذلك في اللَّوح المحفوظ، وأنَّه تَعَاْلَى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكنْ، وأنَّه تَعَاْلَى خالق كُلِّ شيءٍ، وأنَّه قدَّر الأرزاق، والآجال، والسَّعادة والشَّقاء، والهداية والضَّلال، وأنَّه تَعَاْلَى فعَّالٌ لما يريد، وأنَّه تَعَاْلَى أخذ الميثاق على بني آدم، وأَشْهَدَهُم على أنفسهم أنَّه ربهم.

أ_ الْقُرْآن :
من أصول أهل السُّنَّة أنَّ الْقُرْآن الْكَرِيْم كلام الله منزلٌ غير مخلوق، وأنَّ من زعم أنَّه مخلوقٌ فقد كفر.
ب- الرؤية :
وذلك أنَّ المؤمنين يرون ربَّهم يوم القيامة بأبصارهم، من غير كيفٍ ولا إِحاطة.
ج- الشفاعة :
فالمؤمنون يؤمنون بسائر الشَّفَاعات التي ثبتت في الْقُرْآن والسُّنَّة بشروطها يوم القيامة، وأعظمها: شَفَاعَةُ النَّبِيِّ  العظمى للخلائق يوم القيامة، وشَفَاعَتُهُ  لأهل الكبائر من أُمَّتِهِ، وغير ذلك من الشَّفَاعات له ، ولغيره من الملائكة والنَّبِيِّين والمؤمنين وغيرهم؛ كما جاءت بذلك الآثارُ الصَّحِيْحَةُ.
هـ- الإسراء والمعراج :
الإسراء إلى بيت المقدس، والمعراج إلى السماء السَّابِعَة، وسدرة المنتهى ثابتٌ للنَّبِيِّ ؛ كما جاءت بذلك الآيات والأحاديث الثَّابِتَةُ عن النَّبِيِّ .






 
قديم 2010- 6- 17   #22
اماني الشوق
أكـاديـمـي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 37285
تاريخ التسجيل: Mon Oct 2009
المشاركات: 62
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 64
اماني الشوق will become famous soon enoughاماني الشوق will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة الملك فيصل
الدراسة: انتساب
التخصص: التربيه الخاصه
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
اماني الشوق غير متواجد حالياً
رد: تكفون الي عنده مادة العقيده

 
قديم 2010- 6- 17   #23
الْجَمُوحِ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الْجَمُوحِ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 41202
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2009
المشاركات: 2,029
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 15515
مؤشر المستوى: 99
الْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: مِنْ جَ ـاآمعة أوج ـاَآع دِنياآي خ ـِّريج
الدراسة: انتساب
التخصص: بَـ أح ـسْن تَخَ ـصّص لـ الألَم عَ ـينوني
المستوى: المستوى الرابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الْجَمُوحِ غير متواجد حالياً
Ei28 محتوى المحاضرة السادسة



ال 6 :

" عقيدة أهل السنة في بقية الأصول والأحكام الاعتقادية "



ثالثاً: عقيدة أهل السنة والجماعة في بقية الأحكام
1- من أصول الدين عند أهل السُّنَّة: حب الرَّسُوْلِ :
محبةُ الرَّسُوْلِ واجبةٌ؛ حتَّى يكون الرَّسُوْلُ أحبَّ للمرء من نفسه وولده، والنَّاس أجمعين؛ فقد قَالَ : ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلِيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ))، ثُمَّ حبُّ أصحابِ رَسُوْلِ اللهِ وزوجاته أُمَّهَاتُ المؤمنين، والتَّرَضِي عنهم، وأنَّهم أفضلُ الأُمَّةِ، والكَفُّ عمَّا شَجَرَ بينهم، وأنْ بغضهم أو الطَّعْنَ في أحدٍ منهم ضلالٌ ونِفِاقٌ.
وأفضلهم: أبو بكر، ثُمَّ عمر، ثُمَّ عثمان، ثُمَّ علي، والعشرة المبشرون بالجنَّة.
كما يدين أهل السُّنَّة بحب آل بيت رَسُوْلِ اللهِ ويستوصون بهم خيراً، ويرعون لهم حقوقهم؛ كما أمر رَسُوْلِ اللهِ r، من غير غلوٍ ولا جفاء، لا إفراطٍ ولا تفريط.


2- مجانبة أهل الْبِدَع والنفاق والأهواء، وأهل الكلام:
مجانبة أهل الْبِدَع وبغضهم، والتَّحْذير منهم؛ الجَهْمِيَّةِ، والمُعْنَزِلَةِ، وَالخَوَارِجِ، وَالقَدَرِيَّةِ، وَغُلاَةُ المُرْجِئَةِ، والأشاعرة، وَغُلاَةُ الصُّوْفِّيَّةِ، وَالفَلاَسِفَةِ، وَسَائِرِ الفِرَقِ والطَّوائِف، التي جانبتْ السُّنَّة وَالْجَمَاعَة.

3- لزوم الجماعة :
يجب الاجتماع والاعتصام بحبل الله، الْقُرْآن والسُّنَّة، فإنَّ الفُرْقَةَ عن أهل الحق شذوذٌ وهَلَكَةٌ وضلالٌ.
قَالَ تَعَاْلَى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا}.

4- وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف :
يجب السَّمْع والطَّاعة لولاة الأمر بالمعروف، والتَّدَيُّن بطاعتهم في طاعة الله ما لم يؤمروا بمعصية، ولا يجوز الخروج عليهم، وإنْ جاروا، إِلاَّ أنْ يُرَى منهم كُفْرٌ بواحٌ عليه من الله برهان.

5- وجوب النصيحة لله ولرسوله ثُمَّ للأئمة المسلمين وعامتهم:
أَئِمَّةُ المسلمين هم ولاة الأمور من الأمراء والعلماء، فيجب تقديم النَّصيحة لهم، ولعامَّة المسلمين.
أمَّا النَّصِيْحَة لأَئِمَّةِ المسلمين فحبُّ صلاحهم ورشدهم وعدلهم، واجتماع الأُمَّة عليهم، وكراهية افتراق الأُمَّةِ عليهم، والبغض لمن أراد الخروج عليهم.

6- الجهاد مع الإمام براً كان أو فاجراً:
الجهاد من شعائر الدين، وذروة سنام الإِسْلام، وأنَّه قائمٌ إلى يوم القيامة.

7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
إنَّ الأمر بالمعروف والنَّهيَ عن المنكر أصلٌ من أصول الدين، ومن أعظم شعائر الإِسْلام، وهو واجبٌ على الاستطاعة.

8- أحكام المسلمين وحقوقهم:
أ- من شهد أنْ لا إله إِلاَّ الله وأنَّ محمداً رَسُوْلُ اللهِ ، وصلى صلاتنا:
فمن استقبل قبلتنا، وأظهر شعائر الإِسْلام، فهو مسلمٌ له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، حرامُ الدم والمال والعِرْض، وحسابُهُ على الله، وإساءةُ الظنَّ به، أو التَّوَقُفَ في إسلامه بِدْعَةٌ وتنطعٌ في الدين.
ب- لا يجوز تكفير أحد من أهل القبلة بذنبٍ يرتكبه:
لا نُكَفِّر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ يرتكبه، إِلاَّ من جاء تكفيره في الكتاب والسُّنَّة وقامت عليه الحُجَّة، وانتفت في حقه عَوَارِضُ الإكراه، أو الجهل، أو التَّأويل؛ كما لا يجوز الشَّكُ في كفر من حكم الله وَرَسُوْلِهِ بكفره من المشركين، واليهود، والنصارى وغيرهم.
ج- لا نجزم لأحدٍ بجنة أو نار:
لا نَشْهَدُ لأَحَدٍ بجنَّةٍ ولا بِنَار، إِلاَّ من شهد له رَسُوْلُ اللهِ.
د- ومرتكب الكبيرة في الدنيا فاسقٌ وعاصي:
حكم مرتكب الكبيرة في الدنيا أنَّه فاسقٌ وعاصي، وفي الآخرة تحت مشيئةِ اللهِ إنْ شاء عذَّبَه، وإنْ شاء غفر له، ولا يُخَلَّد في النَّار، ونرجو للمُحْسِنِ، ونخاف على المُسِيء.
هـ – الصَّلاَةُ خَلْفَ أَئِمَّةِ المسلمين (ولاة أمورهم):
نُصَلَّي خَلْفَ أَئِمَّةِ المسلمين بَرِّهِم وفَاجِرِهِم، والجهاد معهم.
و- وجوب الحب في الله والبغض في الله:
الحُبُّ في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، ومن ذلك الولاء للمؤمنين الصَّالِحين، والبراءة من المشركين والكافرين والمنافقين، وكُلُّ مسلمٍ له من الولاية بِقَدْرِ ما لديه من الإيمان والاتِّبَاع للرسول ومن البراءة بِقَدْرِ ما فيه من فِسْقٍ وَمَعْصِيَّة.
ز- كَرَامَاتُ الأَولِيَاءِ حَقٌ:
وليس كُلَّ كَرَامةٍ دليلٌ على التَّوْفِيْقِ والصَّلاح، إِلاَّ لمنْ كان على هدي رسول الله ظاهراً وباطناً.
وقد تكون الكرامةُ ابتلاء، وليس كُلَّ خارقٍ للعادة يكون كَرَامةً.





 
قديم 2010- 6- 17   #24
الْجَمُوحِ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الْجَمُوحِ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 41202
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2009
المشاركات: 2,029
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 15515
مؤشر المستوى: 99
الْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: مِنْ جَ ـاآمعة أوج ـاَآع دِنياآي خ ـِّريج
الدراسة: انتساب
التخصص: بَـ أح ـسْن تَخَ ـصّص لـ الألَم عَ ـينوني
المستوى: المستوى الرابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الْجَمُوحِ غير متواجد حالياً
Ei28 رد: تكفون الي عنده مادة العقيده

ال 7 :



" منهج القرآن العظيم في تقرير العقيدة "



منهج القرآن في معالجة قضايا التوحيد:

أولاً : منهج الْقُرْآن في تقرير التوحيد على وجه الإجمال :
قَالَ ابن القيم :
1- إنَّ الْقُرْآن إِمَّا خبرٌ عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله، فهو التَّوْحِيْد العلمي الخبري.
2- وَإِمَّا دعوةٌ إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع ما يعبد من دونه، فهو التَّوْحِيْد الإرادي الطلبي.
3- وَإِمَّا أمرٌ ونهيٌ، وإلزامٌ بطاعته وأمره ونهيه، فهو حقوق التَّوْحِيْد ومكملاته
4- وَإِمَّا خبرٌ عن إكرام أهل التَّوْحِيْد وما فعل به في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء تَوْحِيْدِهِ.
5- وَإِمَّا خبرٌ عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النَّكَالِ وما يَحُلُّ بهم في العقبى من العذاب، فهو جزاء من خرج عن حكم التَّوْحِيْد.
فالقرآن كله في التَّوْحِيْد، وحقوقه، وجزائه، وفي شأن الشِّرْكِ وأهله، وجزائهم.

ثانياً : منهج الْقُرْآن في تقرير التوحيد على وجه التفصيل :
إنَّ للقرآن الكريم منهجه الخَّاص في تقرير عَقِيْدَة التَّوْحِيْد؛ وذلك لأنَّه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وَقَد سَلَكَ الْقُرْآنُ الْكَرِيْمُ في بيان حقيقة هذا التَّوْحِيْد ومقتضياته مسالكَ شتى:
1- الاستدلال على توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية :
إذا نظرنا في الآياتِ القرآنيةِ نَرَىَ أنَّها تُنَبِّهُ إلى دليل الخلق والإبداع، وهذا الدَّلِيْلُ مبنيٌ على أصلين :
أنَّ الموجودات مخلوقة.
كُلُّ مخلوق لابد له من خالق.
وَيَعْتَمِدُ هذا الدَّلِيْلُ على إثارة الفكر للتَّعَرُّفِ على خالق الموجودات جميعها، والاستدلال بذلك على وحدانيته تَعَاْلَى، وهو أَوَّلُ دليلٍ تُلْفِتُ الآياتُ النَّظَرَ إليه؛ كقوله تَعَاْلَى:
{وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}. [سورة البقرة:116-117]
ومُلَخَّصُ هذا الدليل: أنَّ كُلَّ ما في الكون مخلوقٌ، والمخلوق لابدَّ له من خالق؛ لأنَّه يستحيل أنْ يكون خلق من غير خالق، وقد كان المشركون يؤمنون بهذا الدَّلِيْل من حَيْثُ دلالته على تَوْحِيْد الرُّبُوْبِيَّة، ولا يؤمنون بدلالته على تَوْحِيْد الأُلُوْهِيَّة، قَالَ تَعَاْلَى عنهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.[سورة العنكبوت:61]
وقد أقام الْقُرْآن الحجة عليهم بتوحيد الرُّبُوْبِيَّة ليكون مُوْصِلاً لهم لِتَوْحِيْدِ الأُلُوْهِيَّة؛ حَيْثُ يقول تَعَاْلَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. [سورة البقرة:21]
والمعنى: كما أنَّ المتفرد بخلقكم وخلق الَّذِيْنَ من قبلكم، والمتفرد بِرُبُوْبِيَّة السموات والأرض، وليس لذلك رَبٌ سِواهُ، فكذلك ينبغي ألاَّ يتخذ إلهٌ سواه
2- تسفيه آلهة المشركين، والتشنيع على عابديها:
كقوله تَعَاْلَى: {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}. [سورة الأنبياء:67]
وقوله: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. [سورة الأنبياء:54]
3- تصوير ما سيكون يوم القيامة بين العابدين والمعبودين:
ذكر الْقُرْآن ما سيكون بين العابدين والمعبودين، والأتباع والمتبوعين من التبرؤ والمعادة؛ للتَّنفير من الشرك وبيان سوء عاقبة أهله؛ كقوله تَعَاْلَى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}. [سورة البقرة:166]
4- بيان أنَّ المعبودين من دون الله كالمسيح وأمه والعزير دينهم التوحيد:
ذكر الْقُرْآنُ الْكَرِيْمُ أنَّ المعبودين من الأنبياء دِيْنُهُمْ تَوْحِيْدُ الله ولا يرضون بهذا الشِّرك؛ كقوله تَعَاْلَى: {أُولَائِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}. [سورة الإسراء:57]، فالعابد لهم طلب منهم شيئاً لا يستطيعونه، ولا يرضونه، ولا يُقِرُّوْنَهُ.
5- رده سبحانه على المشركين باتخاذهم شفعاء بأنَّه لا يشفع أحدٌ إِلاَّ بإذنه:
رَدَّ اللهُ تَعَاْلَى على المشركين الَّذِيْنَ اتخذوا من دون الله وسطاء وشفعاء؛ ليشفعوا لهم عند الله، وبيَّن أنَّهم لا ينفعونهم، وأنَّ الشفاعة لله جميعاً، وأنَّه لا يشفع أحدٌ إِلاَّ بإذنه، ولا يشفع عنده إِلاَّ لمن ارتضى؛ كقوله تَعَاْلَى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. [سورة الزمر:43]
6- تقرير الْقُرْآن للتوحيد بضرب الأمثال:
لقد ضرب الله  للناس في هذا الْقُرْآن من كُلِّ مثل؛ لأَنَّ ضرب الأمثال فيه فوائد كثيرة؛ كالتذكير، والوعظ، والحثُّ، والزَّجر، والتَّقرير، وتقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس، وتشبيه الخفي بالجلي، حتى يرى المُتَخَيَّلُ في صورة المُتَحَقَّق، والمُتَوَهِّم في معرض المُتَيَقَّن، والغائب كأنَّهُ مُشَاهَد.
وقد امتن الله  على عباده بأنْ ضرب لهم الأمثال قَالَ اللهُ تَعَاْلَى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}. [سورة الإسراء:89]
وقَالَ تَعَاْلَى: {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ}. [سورة إبراهيم:45]
أ- الأمثال المضروبة لله ولما يعبد من دونه:
ضرب اللهُ تَعَاْلَى مثلاً لنفسه ولما يعبد من دونه بعدم قبول المشركين إشراك عبيدهم في ما يخصهم، فكيف يقبلون ذلك للهِ تَعَاْلَى؟.
قَالَ تَعَاْلَى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [سورة الروم:28]
وهذا المثل هو قصةُ عَبْدٍ في ملك غيره عاجزٍ عن التَّصَرُّفِ، وَحُرٌ غَنِيٌ مُتَصَرَّفٌ فيما آتاه الله، فإذا كان هذان لا يستويان عندكم مع كونهما من جنسٍ واحدٍ مشتركين في الإنسانية، فكيف تشركون بالله وتسوُّون به من هو مخلوقٌ لهُ، مقهورٌ بقدرته من آدميٍ وغيره مع تباين الصفات ؟!! وأنَّ اللهَ لا يمكن أنْ يُشْبِهَهُ شيءٌ من خلقه.
ب- أمثلة عجز آلهة المشركين:
ضرب لله مثلاً لعجز آلهة المشركين عن سماع الدُّعَاءِ وعن إجابته كذلك: فقَالَ تَعَاْلَى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَىْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَالٍ }. [سورة الرعد:14]
فقد شَبَّهَ  المشركين في دعائهم لأصنامهم، وأنَّها لا تستجيب لهم، بالعطشان الذي جلس على شفير بئر، وبسط كفيه إلى الماء، وأخذ يدعوه إلى فيه من بعيد مشيراً إليه بيده ليبل غلته، فلا هو نزل إلى البئر فشرب، ولا الماء يرتفع إليه؛ لأنَّهُ جمادٌ لا يحس بعطشه، ولا يسمع دعاءه، وهكذا الأوثان لا تحسُّ بدعاء عابديها لها، ولا تستجيب لهم؛ لأنَّهَا جماداتٌ منحوتةٌ على هيئة الأحياء.
7- تقرير الْقُرْآن للتوحيد بالأدلة العقلية :
خلق الله الإنسان وركب فيه العقل، وأَمَرَه أنْ يستخدم هذا العقل في طاعة اللهِ تَعَاْلَى، وأنْ يُفَكِّرَ في مخلوقاته، ومن أمثلة ذلك : خلق الإنسان حَيْثُ خاطب الله فيه العقل فقَالَ تَعَاْلَى: {أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُواْ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ}. [سورة الطور:35-36]؛ لأَنَّ البشر لم يخرجوا عن أحد احتمالاتٍ ثلاثة:
إمَّا أنْ يكونوا مخلوقين من غير خالق.
وإمَّا أنْ يكونوا خلقوا السموات والأرض، وخلقوا أنفسهم.
وإمَّا أنْ يكونوا مخلوقين لخالقٍ واحدٍ.
والاحتمالين الأوَّل والثَّاني باطلان أشدَّ البطلان؛ إذ يستحيل أنْ يكون الخلق جاء من غير خالق؛ لاستحالة صدور أثرٍ بلا مُؤَثَّر، وفعلٍ بلا فاعل، وخلقٍ بلا خالق؛ كما يستحيل أنْ يكونوا هم الَّذِيْنَ خلقوا أنفسهم؛ إذ يلزم منه اجتماع الضدين في الوقت نفسه: الوجود والعدم، فيكونوا خالقين مخلوقين.
وعليه فلم يبق إِلاَّ الاحتمال الثَّالث : وهو كونهم مخلوقين لخالقٍ واحد هو الله رب العالمين، فيجب إذاً إفراده بالأُلُوْهِيَّة، وإخلاص العِبَادَةِ له؛ ولذلك يقول في نهاية سورة الطور {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}. [سورة الطور:43]






 
قديم 2010- 6- 17   #25
الْجَمُوحِ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الْجَمُوحِ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 41202
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2009
المشاركات: 2,029
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 15515
مؤشر المستوى: 99
الْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: مِنْ جَ ـاآمعة أوج ـاَآع دِنياآي خ ـِّريج
الدراسة: انتساب
التخصص: بَـ أح ـسْن تَخَ ـصّص لـ الألَم عَ ـينوني
المستوى: المستوى الرابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الْجَمُوحِ غير متواجد حالياً
Ei28 محتوى المحاضرة الثامنة



الـ 8 :


" منهج أهل السنة في الاستدلال وطريقة الفِرَق "

المطلب الثاني منهج الاستدلال على العقيدة عن السلف:
تعريف منهج الاستدلال:
منهج الاستدلال هو: الأصول والقواعد، والطريقة التي يتم بها تلقي الدين وتقرير العقيدة، واستنباط الأحكام من النصوص الشرعية وقواعد الشرع المبنية عليها.

تَعْرِيْفُ السَّلَف:
السَّلَفُ في اللغة: هم القوم المُتَقَدِّمُوْنَ في السَّير، ولزيدٍ سَلَفٌ كريمٌ، أي آباء متقدمون، وجمعه أسلاف.
واصطلاحاً: هم الصًّحَابَة والتَّابِعُوْن وتابعوهم بإحسان إلى يوم الدين، ممن أجمعت الأمة على عدالتهم وتزكيتهم، ولم يرموا بِبِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ أو مُفَسّقَةٍ.
وهم بهذا المعنى تعبير عن شخصيةٍ اعتبارية، ومنهجٍ مُتَّبَع، الأصل فيه الصًّحَابَة والتَّابِعُوْن وتابعوهم، وهي العُصُوْرُ المُفَضَّلَةُ، قَالَ الله جل شأنه عنهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. [سورة التوبة:100]، وبذلك يُعْلَم أنَّ مذهب السَّلَف يشمل جانبين: جانب القدوة، والمنهج المتبع، فالقدوة: هم أصحاب العُصُوْر الثَّلاثة،

والمنهج: هو الطريقة المُتَّبَعَة في هذه العُصُوْر، في الفَهْمِ العقدي، والاستدلال، والتَّقرير، والعلم، والإيمان.
وبهذا يُعْلَمُ أنَّ الوصف بالسَّلَفِيَّةِ مَدْحٌ وثناءٌ على كُلِّ من اتخذها قدوةً ومنهجاً.
إنَّ الذي لم يختلف فيه المسلمون قديماً وحديثاً هو أنَّ الطريق الذي ارتضاه لنا رُبُّنَا هو طريق الكتاب والسُّنَّة؛ ذلك لأَنَّ الله ضمن الاستقامة لمتبع الكتاب فقَالَ على لسان مؤمني الجن: {قَالُواْ ياقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِىإِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الأحقاف:30]؛ كما ضمنها لمتبع الرَّسُوْلِ الذي قَالَ له ربه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِىإِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. [سورة الشورى:52]، لكنَّ الذي جعل الْفِرَقَ الإِسْلاميةَ تنحرف عن الصراط هو إغفالها ركناً ثالثاً جاء التنويه به في الوحيين جميعاً، أَلاَ وهو فهم السَّلَف الصَّالِح للكتاب والسُّنَّة.
وقد اشتملت سُوْرَةُ الفاتحة على هذه الأركان الثَّلاثة في أكمل بيان: فقوله تَعَاْلَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} اشتمل على ركني الكتاب والسُّنَّة، وقوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم} اشتمل على فهم السَّلَف لهذا الصراط، مع أنَّه لا يشك أحدٌ في أنَّ من التزم بالكتاب والسُّنَّة فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم، إِلاَّ أنَّه لمَّا كان فهم النَّاس للكتاب والسُّنَّة منه الصحيح ومنه السقيم، اقتضى الأمر ركناً ثالثاً لرفع الخلاف، ألا وهو تقييد فهم الأخلاف بفهم الأسلاف.
وهذا يَدُلُّ على أنَّ أفضل من أنعم الله عليه بالعلم والعمل هم أصحابُ رَسُوْلِ اللهِ ؛ لأنَّهم شهدوا التنزيل، وشاهدوا من هدي الرَّسُوْلِ الْكَرِيْم r ما فهموا به التأويل السليم؛ كما قَالَ ابن مسعود : ((من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، فإنَّ الحَيَّ لا تُؤْمَنُ عليه الفتنة، أولئك أصحابُ محمدٍ ، كانوا أفضلَ هذه الأمة، وأبَرَّها قلوباً، وأعمَقَها علماً، وأقلَّها تكلفاً، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبِعُوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنَّهم كانوا على الهدى المستقيم.((


تحديد زمن السَّلَف :
وقد جاء تحديد زمن السَّلَف الَّذِيْنَ لا تجوز مخالفتهم بإحداثِ فَهْمٍ لم يفهموه، في حديث ابن مسعودٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ : ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُوْنَهُم، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِم يَمِيْنُهُ، ويَمِيْنُهُ شَهَادَتهُ)).
ولهذا الأصل أدلةٍ منها: قول الله تَعَاْلَى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} [النساء:115] والشاهد هنا في ضم مجانبة سَبِيْلِ المؤمنين إلى مُشَاقَّةَ الرَّسُوْلِ لاستحقاق هذا الوعيد الشَّديد، مع أنَّ مُشَاقَّةَ الرَّسُوْلِ وحدَهُ كفيلةٌ بذلك؛ كما قَالَ الله تَعَاْلَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَآقُّواْ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}.[محمد:32]
ومنهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة يقوم على القواعد التالية
1- حصر الاستدلال في الدليل الشرعي (الكتاب والسنة) في أمور العقيدة والشريعة.
2- مراعاة قواعد الاستدلال، فلا يضربون الأدلة الشرعية بعضها ببعض، بل يردون المتشابه إلى المحكم، والمجمل إلى المبين، ويجمعون بين نصوص الوعد والوعيد والنفي والإثبات، والعموم والخصوص، ويقولون بالنسخ في الأحكام ونحو ذلك.
3- يعتمدون تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن بالسنة والعكس، ويعتمدون معاني لغة العرب ولسانهم؛ لأنها لغة القرآن والسنة، ويردون ما يخالف ذلك.
4- يعتمدون تفسير الصحابة، وفهمهم للنصوص وأقوالهم وأعمالهم وآثارهم؛ لأنَّهم أصحاب رسول الله r وهم أفضل الأمة وأزكاها، وعاشوا وقت تنزل الوحي وأعلم باللغة ومقاصد الشرع.
5- ما بلغهم وعلموه من الدين عملوا به، وما اشتبه عليهم علمه، أو علم كيفيته، (كبعض نصوص الغيبيات والقدر) يسلمون به ويردون علمه إلى الله سبحانه وتعالى ولا يخوضون فيه.
6- يتجنبون الألفاظ البدعية في العقيدة (كالجوهر والعرض والجسم) لاحتمالها للخطأ والصواب؛ ولأن في ألفاظ الشرع غنى وكمالاً.
7- ينفون التعارض بين العقل السليم والفطرة وبين نصوص الشرع، وبين الحقيقة والشريعة وبين القدر والشرع، وما يتوهمه أهل الأهواء من التعارض بين العقل والنقل فهو من عجز عقولهم وقصورها.
8- يعنون بالإسناد وثقة الرواة وعدالتهم لحفظ الدين
أما منهج الاستدلال عند أهل الأهواء والبدع والافتراق إجمالاً فإنه يقوم على الأسس التالية :
1- عدم حصر الاستدلال على الدليل الشرعي، حتى في العقائد، (وهي توقيفية)، فإنهم يستدلون بالظنيات والأوهام ، والفلسفات ، ويسمونها (العقليات)، كما يستدلون بالحكايات والأساطير وما لا أصل له وبالأحاديث الموضوعة والآثار المكذوبة، وآراء الرجال في الدين، وما يسمونه الكشف والذوق والأحلام ونحو ذلك.
2- لا يراعون قواعد الاستدلال، فيتبعون المتشابه ولا يردونه إلى المحكم {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}(آل عمران: من الآية7)، ويضربون الأدلة بعضها ببعض، ويزعمون التعارض بينها، ويستدلون بالمجمل ولا يردونه إلى المبين، ولا يجمعون بين نصوص الوعد والوعيد، ولا النفي والإثبات، ولا العموم والخصوص.
3- يضعون لأنفسهم أصولاً يبتدعونها بأهوائهم، وينتزعون لها أدلة من القرآن والسنة، على غير المنهج الشرعي في الاستدلال، وما لا يوافق أصولهم وأهواءهم من نصوص الشرع، يردونه، أو يؤولونه.
4- يفسرون نصوص الشرع بأهوائهم، فلا يعتمدون تفسير بعضها ببعض، ولا يعتمدون معاني اللغة، وبعضهم قد يستدل ببعض وجوه اللغة بمعزل عن فهم السلف، وعن الدلالات الأخرى.
5- لا يعتمدون تفسير الصحابة والسلف الصالح، ولا فهمهم للنصوص، ولا آثارهم وعملهم وهديهم، بل يجانوبنهم، ويتبعون غير سبيل المؤمنين.
6- يخوضون فيما نهى الله عنه من نصوص القدر والصفات والسمعيات ونحوها {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}. [آل عمران: من الآية7]
7- يعتمدون الألفاظ البدعية في الصفات وسائر العقيدة (كالجسم والعرض والجوهر) .
7- يقوم منهجهم على المراء والخصومات والجدال بالباطل.
8- يتوهمون التعارض بين العقل والشرع ، وبين الحقيقة والشريعة وبين القدر والشرع ، وبين أصولهم والشرع ثم يحكمون أهواءهم وأصولهم وعقلياتهم الفاسدة ويقدمونها على الشرع .
9- ويعتمدون التأويل في العقيدة ، ويقولون على الله بغير علم {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}. [آل عمران: من الآية7]
10- ليس لهم عناية بالإسناد ؛ لتعويلهم على الأهواء وآراء الرجال، والوضع وما لا أصل له، ولذلك يعتمدون الأحاديث الموضوعة والضعيفة، وما لا أصل له، وبالمقابل قد يردون الأحاديث الصحيحة إذا خالفت أهواءهم كما سبق بيانه .









 
قديم 2010- 6- 17   #26
الْجَمُوحِ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الْجَمُوحِ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 41202
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2009
المشاركات: 2,029
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 15515
مؤشر المستوى: 99
الْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: مِنْ جَ ـاآمعة أوج ـاَآع دِنياآي خ ـِّريج
الدراسة: انتساب
التخصص: بَـ أح ـسْن تَخَ ـصّص لـ الألَم عَ ـينوني
المستوى: المستوى الرابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الْجَمُوحِ غير متواجد حالياً
Ei28 رد: تكفون الي عنده مادة العقيده



ال 9 :

" أركان الإيمان "

جاءت نصوص الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة ببيان
أركان الإيمان، وهي ستة أركان:
الإيمان بالله.
الإيمان بالملائكه.
الإيمان بالكتب.
الإيمان بالرسل.
الإيمان باليوم الآخر.
الإيمان بالقدر خيره وشره.


أدلة أركان الإيمان من الكتاب والسنة
وقال الرسول، في الحديث المتفق على صحته، حديث جبرائيل وسؤاله للنبي عن الإيمان، فقال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)). فهذه الأصول التي اتفقت عليها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه، ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا أتباع الرسل.


1
- الإيمان بالله تعالى:
يتضمَّنُ الإيمان بالله تعالى أربعة أمور:
الأول: الإيمان بوجود الله تعالى:
وقد دلَّ على وجوده تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.
1- أما دلالة الفطرة على وجوده سبحانه: فإنَّ كل مخلوق قد فُطِرَ على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير، أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطـرة إلاَّ من طرأ على قلبـه ما يصرفه عنها؛ لقول النبي : (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ )
2- وأما دلالة العقل على وجود الله- تعالى - فلأن هذه المخلوقات: سابقها ولاحقها، لابد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها؛ ولا يمكن أن توجد صدفة.
لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها؛ لأن الشيء لا يخلقُ نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقـًا ؟!
ولا يمكن أن توجد صدفة؛ لأن كل حادث لابد له من محدث، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، و الارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنعُ منعـًا باتـًّا أن يكون وجودها صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيـف يكـون منتظمـًا حـال بقائه وتطـوره ؟!
وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلـوقات نفسهـا بنفسها، ولا أن توجد صدفة؛ تعيَّن أن يكون لها موجد هو الله رب العالمين.
وقد ذكر الله تعالى هذا الدليل العقلي، و البرهان القطعي، حيث قال: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السموات وَالأرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}. [سورة الطور:35-36]؛ يعني: أنهم لم يُخْلَقُوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقُـوا أنفسهـم؛ فتعين أن يكـون خالقـهم هو الله تبارك و تعالى، ولهذا لما سمع جبير بن مطعم t رسول الله  يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآيات وكان جبير يومئذ مشركًا قال: (كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي).
3- وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى: فلأن الكتب السماوية كُلَّها تنطقُ بذلك، وما جاءت به من الأحكام العادلة المتضمنة لمصالح الخلق؛ دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها؛ دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به.
4- وأما أدلة الحس على وجود الله؛ فمن وجهين:
أحدهما: أننا نسمعُ ونشاهدُ من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدلُ دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال الله سبحانه: {وَنُوحًا إِذ نـَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}. [سورة الأنبياء: 76]، وقال تعالى: {إِذ تـَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}. [سورة الأنفال: 9].
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: إنَّ أعرابيـًّا دخل يوم الجمعة - والنبي يخطبُ - فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاعَ العيال، فادع الله لنا؛ فرفع يديه ودعا؛ فثار السحاب أمثال الجبال، فلم ينزل عن منبره حتى رأيتُ المطر يتحادر على لحيته. - وفي الجمعة الثانية، قام ذلك الأعرابي، أو غيره فقال: يا رسول الله - تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا؛ فرفع يديه، وقال: (اللهم حوَاليْنا ولا عَلَيْنَا، فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت).
وما زالت إجابة الداعيـن أمرًا مشهودًا إلى يومنا هذا؛ لمن صدق اللجوء إلى الله تعالى، وأتى بشرائط الإجابة.
الوجه الثاني: أنَّ آيات الأنبياء التي تسمَّى المعجزات ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود مرسلهم، وهو الله تعالى؛ لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تعالى؛ تأييدًا لرسله، ونصرًا لهم.
مثال ذلك آية موسى  حين أمره الله تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه؛ فانفلَق اثنى عشر طريقـًا يابسـًا، والماء بينها كالجبال، قال الله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}. [سورة الشعراء: 63].
ومثال ثانٍ: آية نبي الله عيسى صلى الله عليه وسلم حيث كان يحيي الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله، قال الله تعالى عنه: {وَأُحْيـِي الْمَوْتَى بـِإِذنِ اللّهِ} [سورة آل عمران: 49]، وقـال: {وَإِذ تُخْرِجُ الْمَوتَى بـِإِذنِي} [سورة المائدة:110].
ومثال ثالث: للنبي محمد صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه قريش آية، فأشار إلى القمر؛ فانفلق فرقتين، فرآه الناس، وفي ذلك قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}. [سورة القمر: 1-2].
فهذه الآيات المحسوسة التي يجريها الله تعالى؛ تأييدًا لرسله، ونصرًا لهم، تدلُ دلالة قطعية على وجوده تعالى.
الأمر الثاني مما يتضمنه الإيمان بالله: الإيمان بربوبيَّته أي بأنه وحده الرب لا شريك له ولا معين.
والرب: من له الخلق، والملك، و الأمر، فلا خالق إلا الله، ولا مالك إلا هو، و لا أمر إلا له، قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}. [سورة الأعراف: 54] وقال: {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ}. [ سـورة فاطـر: 13]
ولم يعلم أن أحدًا من الخلق أنكر ربوبية الله سبحانه، إلا أن يكون مكابرًا غير معتقد بما يقول، كما حصل من فرعون، حين قال لقومه: {أَنَا ربُّكم الأَعلى}. [سورة النازعات: 24] وقال: {يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [سورة القصص: 38]، لكن ذلك ليس عن عقيدة، قال الله تعالى: {وَجَحَدُوا بـِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [سورة النمل: 14]. وقال موسى لفرعون، فيما حكى الله عنه: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السموات وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا}. [سورة الإسراء: 102]
ولهذا كان المشركون يقرُّون بربوبية الله تعالى، مع إشراكهم به في الألوهية، قال الله تعالى: {قُل لِّمَنِ الأرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السموات السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بـِـيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجـِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُم تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [سـورة المؤمنون: 84-89]. وقال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}. [سورة الزخرف: 9].
الأمر الثالث مما يتضمنه الإيمان بالله: الإيمان بألوهيَّته أي: بأنه وحده الإله الحق لا شريك له، و(الإله) بمعنى: (المألوه) أي: (المعبود) حبًّا وتعظيمًا.
قال تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيـمُ) [ سـورة البقرة: 163]، وقـال تعالى: ( شَهِـدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُـوَ وَالْمَلاَئِكَـةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمـًا بالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة آل عمران: 18 ]، وكل من اتخذ إلهـًا مـع الله، يعبد مـن دونه؛ فألوهيته باطلة، قال الله تعالى: (ذلِكَ بـِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبـِيرُ) [سورة الحج: 62].
وتسميتها آلهـة؛ لا يعطـيها حق الألـوهيـة، قــال الله تعـالى في (اللات والعزى ومناة): {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بـِهَا مِن سُلْطَانٍ} [سورة النجم: 23].
وقال عن هود: إنه قال لقومه: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ} [سورة الأعراف: 71].
وقال عن يوسف - عليه السلام - أنه قال لصاحبي السجن: {أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بـِهَا مِن سُلْطَانٍ}. [سورة يوسف: 39، 40]
ولهذا كانت الرسل - عليهم الصلاة والسلام -يقولون لأقوامهم: {اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}. [سورة الأعراف: 59]، ولكن أبى ذلك المشركون، واتخذوا من دون الله آلهة، يعبدونهم مع الله سبحانه وتعالى، ويستنصرون بهم، ويستغيثون.
وقد أبطل الله تعالى اتخاذ المشركين هذه الآلهة ببرهانين عقليين:
الأول: أنه ليس في هذه الآلهة التي اتخذوها شيء من خصائص الألوهية، فهي مخلوقة لا تخلقُ، ولا تجلب نفعـًا لعابديها، ولا تدفع عنهم ضررًا، ولا تملك لهم حياة، ولا موتـًا، ولا يملكون شيئـًا من السموات، ولا يشاركون فيه.
قـال الله تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُـونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُـورًا) [سورة الفرقان:3]. وإذا كانت هذه حال تلك الآلهة؛ فإن اتخاذها آلهة من أسفه السفه، وأبطل الباطل.
والثاني: أن هؤلاء المشركين، كانوا يقرون بأن الله تعالى وحده الرب الخالق الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجيرُ ولا يُجارُ عليه، وهذا يستلزم أن يوحِّدوه بالألوهية، كما وحَّدوه بالربوبية، كما قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشـًا وَالسَّمَاء بـِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بـِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقـًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) [سورة البقرة: 21، 22].
وقال تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة الزخرف: 87].
الأمر الرابع مما يتضمنه الإيمان بالله: الإيمان بأسمائه وصفاته:
أي: إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله  من الأسماء، و الصفات، على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، و لا تمثيل، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بـِهَا وَذرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [سورة الأعراف: 180]، وقال تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة الروم: 27]، وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [سورة الشورى: 11]
طائفتان ضلت في توحيد الأسماء والصفات:
وقد ضلَّ في هذا الأمر طائفتان:
إحداهما: (المعطِّلة) الذين أنكروا الأسماء و الصفات، أو بعضها، زاعمين أن إثباتها لله يستلزم التشبيه، أي: تشبيه الله تعالى بخلقـه، وهذا الزعم باطل؛ لوجوه، منها:
الأول: أنه يستلزم لوازم باطلة؛ كالتناقض في كلام الله سبحانه، وذلك أن الله تعالى أثبت لنفسه الأسماء، والصفات، ونفى أن يكون كمثله شيء، ولو كان إثباتها يستلزم التشبيه؛ لزم التناقض في كلام الله، وتكذيب بعضه بعضـًا.
الثاني: أنه لا يلزم من اتفاق الشيئين في اسم أو صفة أن يكونا متماثلين، فأنت ترى الشخصين يتفقان في أن كلاًّ منهما إنسان سميع، بصير، متكلم، ولا يلزم من ذلـك أن يتماثلا في المعـاني الإنسانية، والسمع، والبصـر، والكلام، وترى الحيـوانات لها أيدٍ، وأرجلٌ، وأعينٌ، ولا يلزم من اتفاقها هذا أن تكون أيديها، وأرجلها، وأعينها متماثلة.
فإذا ظهر التباين بين المخلوقات فيما تتفقُ فيه من أسماء، أو صفات؛ فالتباين بين الخالق و المخلوق أبين وأعظم.
الطائفة الثانية: (المشبهة) الذين أثبتوا الأسماء والصفات مع تشبيه الله تعالى بخلقه، زاعمين أن هذا مقتضى دلالة النصوص؛ لأن الله تعالى يخاطب العباد بما يفهمون، وهذا الزعم باطل؛ لوجوه منها:
الأول: أن مشابهة الله تعالى لخلقـه أمر يبطله العقل، والشرع، ولا يمكن أن يكون مقتضى نصوص الكتاب والسنة أمرًا باطلاً.
الثاني: أن الله تعالى خاطبَ العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكُنْه الذي عليه ذلك المعنى؛ فهو مما استأثر الله تعـالى بعلمـه فيما يتعلق بذاته، وصفاته.
فإذا أثبت الله لنفسه أنه سميع؛ فإن السمع معلوم من حيث أصل المعنى، (وهو إدراك الأصوات) لكن حقيقة ذلك بالنسبة إلى سمع الله تعالى غير معلومة؛ لأن حقيقة السمع تتباين حتى في المخلوقات؛ فالتباين فيها بين الخالق و المخلوق أبين وأعظم.
وإذا أخبر الله تعالى عن نفسه أنه استوى على عرشه؛ فإن الاستواء من حيث أصل المعنى معلوم، لكن حقيقة الاستواء التي هو عليها غير معلومة لنا بالنسبة إلى استواء الله على عرشه؛ لأن حقيقة الاستواء تتباين في حق المخلوق، فليس الاستواء على كرسي مستقر كالاستواء على رحل بعير صعب نفور، فإذا تباينت في حق المخلوق؛ فالتباين فيها بين الخالق والمخلوق أبين وأعظم.


ثمرات الإيمان بالله تعالى:
والإيمان بالله تعالى على ما وصفنا يثمر للمؤمنين ثمرات جليلة، منها:
الأولى: تحقيق توحيد الله تعالى، بحيث لا يتعلق بغيره رجاء، ولا خوف، ولا يعبد غيره.
الثانية: كمال محبة الله تعالى، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى، وصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.

2- الإيمان بالملائكة:
الملائكة: عالم غيبيٌّ، مخلوقون، عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعـالى من نور، ومنحهـم الانقياد التامَّ لأمره، والقوة على تنفيذه. قال الله تعالى: {وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبـِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}. [سورة الأنبياء : 19 ، 20]
وهم عدد كثير، لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس في قصة المعراج أن النبي  رُفع له البيت المعمور في السماء ، يُصلِّي فيه كلَّ يوم سبعون ألف ملك ، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم.

والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بوجودهم .
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ومن لم نعلم أسماءهم نؤمن بهم إجمالاً.
الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة (جبريل) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خُلق عليها، وله ستمائة جناح قد سدَّ الأفق.
وقد يتحول الملك بأمـر الله تعالى إلى هيئـة رجل، كما حصل (لجبريل) حين أرسله الله تعالى إلى مريم فتمثَّل لها بشرًا سويـًّا، وحين جاء إلى النبي  وهو جالس في أصحابه، جاءه بصفة رجلٍ شديدِ بياضِ الثياب، شديدِ سوادِ الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وسأل النبي  عن الإسلام، والإيمان، و الإحسان، والساعة، وأماراتها؛ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق، ثم قال : ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)).
وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم، ولوط كانوا على صورة رجال.
الرابع مما يتضمنه الإيمان بالملائكة: الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى؛ كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهارًا بدون ملل، ولا فُتُور.
وقد يكون لبعضهم أعمال خَاصَّة.
مثل: جبريل الأمين على وحي الله تعالى، يرسله الله به إلى الأنبياء والرسل.
وميكائيل: الموكل بالقطر أي بالمطر و النبات.
وإسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.
وملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت.
ومالك: الموكل بالنار ، وهو خازن النار.
والملائكة الموكلين بالأجـِنَّةِ في الأرحام، إذا أتم الإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكـًا وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٍّ، أو سعيد.
والملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم، وكتابتها لكل إنسان، ملكان أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال.
والملائكة الموكلين بسؤال الميت إذا وضع في قبره؛ يأتيه ملكان، يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه.
وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجسامـًا، وقالوا: إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات، وهذا تكذيب لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله ، وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَواتِ وَالأرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثـُلاثَ وَرُبَاعَ ) [سورة فاطر : 1].
وقال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) [سـورة الأنفال : 50].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحبُ فلانـًا فأحببه ؛ فيحبّه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء: إنَّ الله يحب فلاناً فأحبُّوه؛ فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض).
وفيه أيضـًا عن أبي هريرة قال: قال النبي : ((إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول ، فإذا جلس الإمام ؛ طووا الصحف ، وجاءوا يستمعون الذكر)).
وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية، كما قال الزائغون، وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون .

ثمرات الإيمان بالملائكة:
والإيمان بالملائكة، يثمر ثمراتٍ جليلةً منها:
الأولى: العلم بعظمة الله تعالى، وقوَّته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق.
الثانية: شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكَّل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
الثالثة: محبة الملائكة علـى ما قامـوا به من عبادة الله تعالى.





 
قديم 2010- 6- 17   #27
الْجَمُوحِ
أكـاديـمـي مـشـارك
 
الصورة الرمزية الْجَمُوحِ
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 41202
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2009
المشاركات: 2,029
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 15515
مؤشر المستوى: 99
الْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond reputeالْجَمُوحِ has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: مِنْ جَ ـاآمعة أوج ـاَآع دِنياآي خ ـِّريج
الدراسة: انتساب
التخصص: بَـ أح ـسْن تَخَ ـصّص لـ الألَم عَ ـينوني
المستوى: المستوى الرابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
الْجَمُوحِ غير متواجد حالياً
Ei28 محتوى المحاضرة العاشرة



ال 10:


" أركان الإيمان "


3- الإيمان بالكتب

الكتب: جمع (كتاب) بمعنى (مكتوب).
والمراد بها هنا: الكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله رحمة للخلق، وهداية لهم، ليصلُوا بها إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة.

والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن نزولها من عند الله حقًّا.
الثاني: الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه: كالقرآن الذي نزل على محمد ، والتوراة التي أنزلت على موسى ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى ، والزَّبـُور الذي أوتيه داود ، وأما ما لم نعلم اسمه؛ فنؤمن به إجمالاً.
الثالث: تصديق ما صحَّ من أخبارها، كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع: العمل بأحكام ما لم ينسخ منها، والرضا و التسليم به سواء أفهمنا حكمته أم لم نفهمها، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}. [سورة المائدة:48] أي (حاكمـًا عليه).
وعلى هذا، فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إلا ما صحَّ منها، وأقرَّه القرآن.

ثمرات الإيمان بالكتب:
والإيمان بالكتب يثمر ثمراتٍ جليلةً منها:
الأولى: العلم بعناية الله تعالى بعباده، حيث أنزل لكل قوم كتابـًا، يهديهم به.
الثانية: العلم بحكمة الله تعالى في شرعه، حيث شرَّع لكل قوم ما يناسب أحوالهم، كما قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}. [سورة المائدة:48]
الثالثة: شكر نعمة الله في ذلك.
3- الإيمان بالرسل
الرسل: جمع (رسول) بمعنى: (مُرسَل) أي مبعوث بإبلاغ شيء.
والمراد هنا: من أوحي إليه من البشر بشرع وأُمر بتبليغه.
وأول الرسل نوح عليه السلام وآخرهم محمد .
قال الله تعالى: {إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ}. [سورة النساء:163]
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك t في حديث الشَّفاعة أن النبي : ((ذكر أن الناس يأتون إلى آدم؛ ليشفع لهم، فيعتذر إليهم ويقول: ائتوا نوحـًا أول رسولٍ بعثه الله)) وذكر تمامَ الحديث.
وقال الله تعالى في محمد : {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. [سورة الأحزاب:40]
ولم تخلُ أمةٌ من رسول، يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه، أو نبي يوحى إليه بشريعة من قبله؛ ليجـددهـا، قـال الله تعـالى: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ}. [سورة فاطر:24]
والرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، قال الله تعالى عن نبيه محمد  وهو سيد الرسل، وأعظمهم جاهـًا عند الله: {قُل لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. [سورة الأعراف:188]
وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}. [سورة الجن:21-22]
وتلحقهم خصائص البشرية: من المرض، والموت، والحاجة إلى الطعام، والشراب، وغير ذلك، قال الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة و السلام في وصفه لربه تعالى: {وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. [سورة الشعراء:79-80]
وقال النبي : ((إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت؛ فذكِّروني)).
وقد وصفهم الله تعالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثَّناء عليهم؛ فقال تعالى في نوح : {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}. [سورة الإسراء:3] وقال في النبي : {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}. [سورة الفرقان:1]
وقال في إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب صلَّى الله عليهم وسلَّم: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الأيْدِى وَالأبْصَارِ}. [سورة ص:45-47]
وقال في عيسـى ابن مريـم : {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسرَائِيلَ}. [سورة الزخرف:59]

والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهـم حق من الله تعـالى، فمن كفر برسالة واحد منهم؛ فقد كفر بالجميع، كما قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}. [سورة الشعراء:105]، فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل، مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذَّبوه، وعلى هذا فالنصارى الذين كذَّبوا محمدًا  ولم يتبعوه؛ هم مكذِّبون للمسيح ابن مريم، غير متبعين له أيضـًا، لا سيَّما أنه قد بشرهم بمحمد  ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم، ينقذُهم الله به من الضَّلالة، ويهديهم إلى صراط مستقيم .
وأما من لم نعلم اسمه منهم؛ فنؤمن به إجمالاً، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}. [سورة غافر:78]
الثالث: تصديق ما صحَّ عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد  المرسل إلى جميع الناس، قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِىأَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}. [سورة النساء:65]

ثمرات الإيمان بالرسل:
وللإيمان بالرسل ثمراتٌ جليلة منها:
الأولى: العلم برحمة الله تعالى، وعنايته بعباده، حيث أرسل إليهم الرسل؛ ليهدوهم إلى صراط الله تعالى، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله؛ لأنّ العقل البشري، لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
الثالثة: مَحبَّةُ الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم، والثَّناء عليهم بما يليق بهم؛ لأنهم رسل الله تعالى، ولأنهم قاموا بعبادته، وتبليغ رسالته، والنُّصحِ لعباده.
وقد كذَّب المعاندون رسلهم زاعمين أن رسل الله تعالى لا يكونون من البشر! وقد ذكر الله تعالى هذا الزعم، وأبطله بقوله سبحانه: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً قُل لَوْ كَانَ فِى الأرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَآءِ مَلَكًا رَّسُولاً}. [سورة الإسراء:94-95]
فأبطل الله تعالى هذا الزعم بأنه لابد أن يكون الرسول بشرًا؛ لأنه مرسـل إلى أهل الأرض، وهم بشر، ولو كان أهل الأرض ملائكة؛ لنزَّل الله عليهم من السماء ملكـًا رسولاً؛ ليكون مثلهم، وهكذا حكى الله تعالى عن المكذبين للرسل أنهم قالوا: {قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ}. [سورة إبراهيم:10-11]

الإيمان باليوم الآخر:
اليوم الآخر: يوم القيامة الذي يُبْعثُ الناس فيـه؛ للحساب، والجزاء.
وسمِّي بذلك؛ لأنه لا يوم بعده، حيث يستقرُ أهل الجنة في منازلهم، وأهل النار في منازلهم.
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: الإيمان بالبعث: وهو إحياء الموتى حين ينفخُ في الصور النفخة الثانية؛ فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة غيرَ منتعلين، عراة غيرَ مستترين، غُرلاً غيرَ مختتنين، قال الله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}. [سورة الأنبياء:104]
والبعث: حقٌّ ثابت، دلَّ عليه الكتابُ، و السُّنَّةُ، وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}. [سورة المؤمنون:15-16]
وقال النبي : ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً)).
وأجمع المسلمون على ثبوته، وهو مقتضى الحكمة، حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معادًا، يجازيهم فيه على ما شرعه لهم فيما بعث به رسله، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}. [سورة المؤمنون:115] وقال لنبـِـيـِّه : {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }. [سورة القصص:85]

الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء: يحاسَبُ العبد على عمله، ويجازى عليه، وقد دلَّ على ذلك الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}. [سورة الغاشية:25-26] وقال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}. [سورة الأنعام:160] وقال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}. [سورة الأنبياء:47]
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي  قال: ((إن الله يدني المؤمن؛ فيضع عليه كنفه - أي ستره - ويسترهُ، فيقـول: أتعـرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قـَرَّرَهُ بذنوبه، ورأى أنه قد هلك؛ قال:
قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفـرها لـك اليوم؛ فيعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون؛ فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنةُ الله على الظالمين
)).
وصحَّ عن النبي : ((أن من همَّ بحسنة فعملها؛ كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأن من همَّ بسيئة فعملها؛ كتبها الله سيئة واحدة)).
وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال، وهو مقتضى الحكمة؛ فإن الله تعالى أنزل الكتب، وأرسل الرسل، وفرض على العباد قبول ما جاءوا به، و العمل بما يجب العمل به منه، وأوجب قتال المعارضين له وأحلَّ دماءهم، وذرِّيَّاتهم، ونساءهم، وأموالهم، فلو لم يكن حساب ولا جزاء؛ لكان هذا من العبث الذي ينزهُ الرب الحكيم عنه، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}. [سورة الأعراف:6-7]
الثالث: الإيمان بالجنة والنار وأنهما المآل الأبدي للخلق.
فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله، مخلصين لله، مُتَّبـِعِـين لرسوله، فيها من أنواع النعيم ((ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)).
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}. [سورة البينة:7-8]
وأما النار: فهي دار العذاب التي أعدَّها الله تعالى للكافرين الظالمين، الذين كفروا به وعصوا رسله، فيها من أنواع العذاب، والنـَّـكال ما لا يخطر على البال قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}. [سورة آل عمران:131]، وقال تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [سورة الكهف:29] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}. [سورة الأحزاب:64-66]

ثمرات الإيمان باليوم الآخر:
للإيمان باليوم الآخر ثمراتٌ جليلة منها:
الأولى: الرغبة في فعل الطاعة، والحرص عليها؛ رجاء لثواب ذلك اليوم.
الثانية: الرهبة من فعل المعصية، ومـن الرضـى بها؛ خوفـًا من عقاب ذلك اليوم.
الثالثة: تسلية المؤمن عمَّا يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة، وثوابها.
وقد أنكر الكافرون البعث بعد الموت؛ زاعمين أن ذلك غير ممكن.
وهذا الزعم باطل، دلَّ على بطلانه الشرع، والحس، والعقل.
أما الشرع: فقد قال الله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}. [سورة التغابن:7]. وقد اتفقت جميع الكتب السماوية عليه.
وأما الحس: فقد أرى الله عباده إحياء الموتى في هذه الدنيا، وفي سورة البقرة، خمسة أمثلة على ذلك، هي:
المثال الأول: قوم موسى حين قالوا له: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)}. [سورة البقرة:55] فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطبـًا بني إسرائيل: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. [سورة البقرة:56]
المثال الثاني: في قصة القتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها؛ ليخبرهم بمن قتله، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}. [سورة البقرة:72-73]
المثال الثالث: في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم فرارًا من الموت وهم ألوف؛ فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم وفي ذلك يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}. [سورة البقرة:243]
المثال الرابع: في قصة الذي مرَّ على قرية مـَيـِّتةٍ، فاستبعد أن يحييها الله تعالى؛ فأماته الله تعالى مائة سنة، ثم أحياه، وفي ذلك يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. [سورة البقرة:259]
المثال الخامس: في قصة إبراهيم الخليل، حين سأل الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى؛ فأمره الله تعالى أن يذبح أربعة من الطير، ويفرقهن أجزاء على الجبال التي حوله، ثم يناديهن؛ فتلتئم الأجزاء بعضها إلى بعض، ويأتين إلى إبراهيم سعيـًا، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. [سورة البقرة:260]
فهذه أمثلة حسِّيَّة واقعة، تدل على إمكان إحياء الموتى، وقد سبقت الإشارة إلى ما جعله الله تعالى من آيات عيسى بن مريم في إحياء الموتى، وإخراجهم من قبورهم بإذن الله تعالى.
وأما دلالة العقل: فمن وجهين:
أحدهما: أن الله تعالى فاطر السموات، والأرض، وما فيهما، خالقهما ابتداء، والقادر على ابتداء الخلق، لا يعجز عن إعادته، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. [سورة الروم:27]، وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [سورة الأنبياء:104] وقال آمرًا بالرد على من أنكر إحياء العظام وهي رميم: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}. [سورة يس:79]




 
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مادة, الى, العقيده, تكفون, عنده

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تكفون تكفون تكفون بالنشامى سيهاتيه ملتقى المواضيع العامة 1 2010- 6- 16 10:52 PM
مين عنده حل اسئلة الاحصاء اللي نزلها الدكتور ...تكفون الحقوني فيها sway ملتقى طلاب التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل 4 2010- 6- 14 11:58 PM
فزعة من جميع الاخوان والاخوات تكفون ياناس عبدالله السعد المستوى الأول - كلية الأداب 10 2010- 6- 12 01:18 PM
تسجيل المحاضرة المباشرة انجليزي قراءة mp3 النوماس المستوى الأول - كلية الأداب 6 2010- 5- 30 07:33 AM
طالبات كلية الآداب لـ ( الأحساء نيوز ) نشكو عشوائية تسجيل المواد .. ونقص هيئة التدريس mzmz منتدى كلية الآداب بالأحساء 3 2010- 5- 14 05:53 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 12:09 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
Adsense Management by Losha
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه