 |
|
||||||
| ملتقى الفنون الأدبية شعر,نثر,خواطر,قصص,روايات وجميع الفنون الادبية |
 |
|
|
أدوات الموضوع |
|
#1
2010- 12- 6
|
||||
|
||||
|
رقص خلف السراب [ بقلمي ]
[align=center]بسم الله
،،[/align] لا فائدة منه ، لن يعيش أكثر من سنة أوسنتين. نحن فعلنا ما بأيدينا و أمره متروك إلى الله. هكذا قال الأطباء. ولكني خيبت ظنونهم وعمري الآن أكثر من عشرين سنة. وفي كل مرة أزور الطبيب يقول لي: هه .. ياالله!! إلى الآن مازلت حياً!! أمي أخذت تندب حظها وتقول: منذ كنت صغيرا وأنا أقول [ لست بالهين ]. ولادتك لم تكن يسيرة ، حتى عندما خرجت إلى الدنيا لم تكن باكيا كبقية الأطفال. حفظت ردهات المستشفى من كثرة التجوال فيها معك، عرفت أسماء الأطباء والممرضات حتى أنهم ملوا من كثرة زياراتي لهم. أصبحت أعرف كيف تقرأ أشعة x-ray وحفظت أسماء كثيرة من الأدوية والحقن ، وتوطدت العلاقة بيني وبين الصيدلانية بعد مشاجرة معها لأنها صرفت دواء خاطئا لك وكادت تكمل على الباقي. فأصبحت تعطيني أي دواء أريده منها بدون وصفة من الطبيب. كنت تلبس على مزاجك : ثوباً وطاقية وصديرياً ونعالاً زبيرياً. تحاول تقليد الكبار، رغم أني كنت أحاول تلبيسك أفضل الملابس. في الروضة لاتحب اللعب مع البنات ، رغم أن ترتيبك الرابع بعد أخواتك الثلاث : سارة وسليمة وسوسن. دائما كتوم، لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستقوم به . تلدغ من ( تحت لتحت ) كعقرب رمل . تضرب الأطفال وتأتيني تبكي ، وعندما تأتيني أمهاتهم أدافع عنك بشراسة لبوة، حذر مترقب كالتمساح لا تحرك إلا عينيك ، عندما كنت أصطحبك إلى مجالس النساء ،تتظاهر باللعب ولكنك ترخي سمعك لحديثهن ، وحين يسخن الحديث ويشتد ضراوة ويدخل في المحظور ، كنت أنظر في قسمات وجهك ، وأرى ضحكة خبث ملجومة تريد أن تفتر من بين شفتيك الصغيرتين. كنت مدللا أكثر من بين إخواتك عند والدك. فقد كان يحملك على كفوف الراحة، يخاف عليك حتى من نسمة هواء بارد أو حر جو لاهب، ولا يرضى لأحد بضربك، فحين تلعب بالكرة داخل المنزل ، وتحطم الأثاث والتحف ، أحاول ضربك ، فتفر مني وتلجأ إلى والدك ليدافع عنك ويزجرني بقوله: لا تكسري خاطره ، دعيه يفعل ما يحلو له كم ولداً لدينا، فأعود بحمحمة خيل مكسور. . وفي كل مرة كنت أقاطع سرد حكايتهاعلّي: ـ ألا تملين من هذه السيرة يا أمي دعيني أسمع نشرة الأخبار؟! ـ ..... تشيح بوجهها عني فتسكب طرفها على الأرض ،وتبتلع رغبتها في الكلام ، ويخيم الصمت في المكان. أخذت أُنّقِبْ في القنوات الفضائية بعيداً عن تلك المناظِر المقززة التي تظهر على الشاشة ، ولطرد سحابة ملل استقرت في سماءالغرفة. ظهر علينا رجل طويل ، كث اللحية ، ممتلىء الخدين ، ذابل الشفاه . كثير الذكر والتسبيح يقلب في حبات السبحة التي كانت في يده ، بينما توسطت جبينه ثفنة شديدة السواد. وجهه يحمّر ويقطر حياء حين يرد على أسئلة المتصلين ويصف لهم صنوف الأدوية بالأعشاب والعسل وحبة البركة، بينما كان يطلب من البعض مراجعته في العيادة في حال كانت الحالة مستعصية. جذبني الشريط أسفل الشاشة . حيث أخذ يعدد الحالات المرضية الميؤس منها والتي عالجها بدون أي جراحة ، أو مواد كيميائية . تسمرت أمي في مكانها وأخذت ترهف السمع ، حيث استرعى انتباهها ذلك الرجل بطلته البهية ومحياه النوراني. التفتت إلي وصمتت عن الكلام وأنا أسمع شهقات أنفاسها وكأن المفردات تتردد في قلبها كسمك ضل طريق خروجه من شراك الصياد. ـ مالذي تودين قوله؟ ـ كنت .. كنت .. كنت أقول لو تذهب إلى هذا الرجل ربما تجد عنده علاجا لمرضك. ـ لقد أكد الأطباء لي أنه لا يوجد علاجا لمرضي. ـ لماذا لاتجرب؟ فلا يوجد داء ليس له دواء ولعل شفاء علتك تكون على يد هذا الرجل الصالح. أخذت أفكر في صمت وأنا أنظر إلى الشاشة متوسما في وجهه الخير، وأسترجع شريط الذكريات الأليمة ،والأيام العصيبة التي مرت علي في صغري ، وكيف كان المرض ينخر في أعضائي ، وكأن سكاكين تقطع أحشائي ، ومناشير حادة تغرس أسنانها في عظامي ، وكيف كنت أتلوى وأتقلب كأفعى جائعة في فراشي ، وأستجدي الممرضة لحقني بمخدر لذيذ كان يسّكن كل صرخاتي ،وتأوهاتي ، وهذياني ثم أغط بعدها في سبات عميق. انسابت على خدي دمعة حارة كمياه كبريتية حاولت منعها فأبت إلا السقوط. أودعت مشاعري في ركنٍ قصي من قلبي ، استجمعت قواي واستللت سماعة الهاتف ، اتصلت على الرقم الظاهر على الشاشة ، أتاني صوت عذب وناعم ، ورقيق كنسمة فجر صادق ، أربكني صوتها الندي فسألتها عن صحة الرقم ، فأجابتني بنعم هو رقم القناة ولكن المعالج لا يستطيع أن يستقبل مكالمتك الآن ، لأن وقت البرنامج انتهى . حزنت بشدة وتوسلت إليها بأن توصلني بالمعالج فردت علي: ـ تستطيع مقابلته في العيادة أو الانتظار إلى الأسبوع المقبل. لم أستطع الانتظار فأخذت عنوانه ، وحزمت أمتعتي وبجناح يحمل الحلم الجميل وآخر يحمل الأمل ، يممت وجهي شطره ، و حلقت فوق السحاب ، وموجات الفرح تتراقص على شواطئ قلبي وكأني موقن بأن العلاج سيكون على يديه. وصلت إلى البلد الذي يسكنه وذهبت إلى العيادة مباشرة ، التي كان الناس يرفون عليها من كل صوب فغدت كخلية نحل هائج. كانت عبارة عن شقة متواضعة في الدور العلوي مكونة من ثلاث غرف. غرفة للرجال وغرفة للنساء وأخرى يستقبل فيها المرضى ، وموظفة استقبال تنظم الدخول والخروج .
بعد دفع الرسوم الباهظة انتظرت طويلاً ثلاث، أربع، خمس ساعات ، لا أعلم بالضبط كم من الوقت مر عليّ وأنا ضامم يدي إلى صدري وأهز برجلي تارة وبكلتا رجلي تارة أخرى والحماس يتقد في صدري ، والثواني تتسرب ببطء ممل كقطرات تخرج من صنبور صدئ لم يحكم إغلاقه. لم يبقَ في الشقة أو العيادة سواي. بعد خروج آخر مريض سمحت الموظفة لي بالدخول. دلفت إلى الغرفة بخطى مرتبكة ، وبمجرد دخولي صفعتني نسمة عطر زاكية ورائحة ند كانت تفوح من المجمر . قلبت طرفي في جدران الغرفة التي لم يُحسن طلاؤها ، وفي سقفها الذي تشقق كأرض طينية يابسة تنتظر ودق السماء عليها، وشد انتباهي عصا خيزران طويلة يضعها بجانبه ، تبسم في وجهي وأومأ إلي بالجلوس إلى جانبه الآخر. شرحت له بالتفصيل الممل عن مرضي والحالة التي تنتابني ، والأدوية التي تعاطيتها، وهو يصغي إلي ، مطرقاً برأسه إلى الأرض. بعد أن انتهيت من سرد كل التفاصيل ، رفع رأسه وطلب مني قطعة من ملابسي " الملاصقة لجسدي " ، لم أتردد لحظة ، هممت بأن أنزع سروالي ولكنه أومأ بكفه كلها فتوقفت عندها . أشار بإصبعه إلى طاقيتي نزعتها وأعطيتها له. أخذ يقلبها على ذلك المجمر والدخان يتصاعد منه مكونا غيما كثيفا في أفق الغرفة . نظرت إلى قسمات وجهه التي انكمشت فجأة كدجاج مثلّج ، وأخذ يتمتم بكلمات لم أفهمها ، رفع رأسه ورشقني بنظرة ملؤها الخوف ثم أنزل رأسه مرة أخرى وطال صمته ، وطال، وطال حتى ظننته قد أغشي عليه. وضع الطاقية جانبا وألتفت إلي بكلّه وقال: ـ أطمئن لقد وجدت السحر الذي وضع لك. ـ صحيح !! وكيف ؟؟ وأين ؟؟ ومن الذي عمله؟؟ ـ كيف هذه مهنتي .. وأين ، ستجده مدفونا بجانب باب منزلك .. ومن الذي عمله.. صمت قليلا ثم قال: ـ للأسف هي زوجتك. ـ زوجتي !! ـ نعم زوجتك. نظرت إليه بنظرة بلهاء. ـ ولكني لست متزوجا؟!! تبدلت أطياف سحنته ، أخذ يبحث عن شيء في الأرض ، تلعثم في كلامه وكأنه يبحث عن مفردات سقطت سهوا في مجمره. رد علي بحنق: ـ عليك أولا أن تزيل السحر الذي دللتك عليه ومن ثم سأبحث وأتأكد من الفاعل. قد يكون الخلل في طاقيتك ربما لو أعطيتني قميصك لكان أفضل. قبلت يده ورأسه وخرجت وكلي غبطة وسرور لأني استطعت أن أكشف عن السحر ومكانه ، ولكن السؤال الذي ظل يمخر صدغي من الذي عمل لي هذا السحر؟ ..... نشرت هذه القصة على موقع آزاهير الأدبي .. بأسمي الحقيقي لذلك الحقوق محفوظة ..  
|
|
2010- 12- 6
|
#2 |
|
أكـاديـمـي مـشـارك
|
رد: رقص خلف السراب [ بقلمي ]
 الى الامام روعهـ 
|
|
|
|
2010- 12- 7
|
#3 | |
|
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: رقص خلف السراب [ بقلمي ]
اقتباس:
|
|
|
|
|
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| السراب, بقلمي, خلف, رقص |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| مـعـادلة الحيـاة ،، ( بقلمي ) | ٱلــــڑآآآقـيــــهُ | ملتقى المواضيع العامة | 15 | 2011- 3- 22 01:55 AM |
| خاطرة .... بقلمي | دلوعة الخليج | ملتقى الفنون الأدبية | 10 | 2010- 11- 14 01:14 AM |
