قبل البدء في الموضوع أود التنبيه بأن هناك الكثير من المواضيع قد كتبت عن «الزواج المبكر، تأخر الزواج، العنوسة» وهذا لا يعني أننا نتوقف عن الكتابة بما أننا ما زلنا نعيش هذه المشاكل فلا بد من مواصلة الكتابة في مثل هذه المواضيع سواءً كانت على شكل مقالات، تأليف كتب، حوارات، ندوات كلها تعتبر رصيد ثقافي لنا والأهم من هذا هو أن نعي ما نكتبه ونطبقه على أرض الواقع.

طبيعة الحياة التي نعيشها بصفة عامة أن الرجل يستطيع الزواج من المرأة مهما كان عمره وتزداد فرصته في اختيار ما يناسبه كلما ارتفع مستواه الثقافي والاقتصادي وارتفعت مكانته الاجتماعية وكان يتمتع بسمعة حسنة وبيئة اجتماعية ذات سمعة طيبة على العكس من الفتاة فالوقت ليس بيدها فالحديث الذي قاله رسول الله عندما مثل الفتاة بالثمرة فالثمرة لها وقت للقطف وإذا جاء وقت قطفها ولم تقطف تفسد وتسقط من الشجرة من تلقاء نفسها بعد هذه المقدمة البسيطة والتي هي بمثابة المدخل لموضوع «العنوسة» وهذا الموضوع ذو أبعاد كثيرة متشعبة فكل أو أغلب افراد المجتمع يتحملون جزء ليس باليسير منه وليس البنت هي الوحيدة من يتحمله وان كانت احيانا هي السبب الرئيسي فيه وهناك أرقام وإحصائيات مخيفة قد ذكرت في أحد المقالات للكاتب المهندس «علي الشيخ» ولست بصدد مناقشة صحة هذه الإحصائيات من حيث إثباتها أو نفيها وتكمن خطورتها في عدة أمور منها:

1- توقف حياة البنت وهي بمثابة إلغاء حياتها حيث أن الحياة الطبيعية هي أن تتزوج وتمارس حياتها كزوجة وأم.

2- إنحراف الفتاة وهذا مصداقاً لحديث الرسول «إذا جائكم من ترضون خلقة ودينه فزوجه إلم تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير».

وفي الحقيقة هناك أسباب ملموسة تقف حجر عثرة في وجة الشباب وتكون عائق للزواج والتي من نتائجها العنوسة كـ «البطالة، إرتفاع تكاليف الزواج، النظرة القبلية» ولن اتكلم عن هذه الأسباب لأنه في نظري قد أُشبعت من الكثير سواءً على صفحات الأنترنت والمنتديات الثقافية لكن سوف اتطرق إلى بعض الأسباب النفسية التي تصل بالفتاة في نهاية الطريق إلى عدم الزواج والتي يطلق عليها محطة «العنوسة» ومن هذه الأسباب:

1- هناك بعض الفتيات لا يتمتعن بالثقة في أنفسهن وهذا يدل على أن الشخصية لديهم مهزوزة ويتساءلن دائما إذا كانت لديهم المقدرة على إسعاد أزواجهن وأن تكون أما ناجحة لأولادها وربما عدم الثقة جاء نتيجة ما قد رأته من تعامل والديها مع بعضهم البعض؟

2- هناك بعض الفتيات من يحملن سخطاً لا شعورياً على الرجال نتيجة البيئة والمحيط الذي عشن فيه وقد ترسبت وتمكنت منهن في حيز اللاشعور فيحتاج الأمر للبحث عن الأسباب الخاطئة في التربية والأحداث التي مرت بها داخل الأسرة كأن يكون هناك نوع من التفكك الأسري فتكبر وهي تكره الرجال أو نتيجة مشاكل لإحدى قريباتها وقد عاصرت المشكلة عن قرب لهذا فهي ترفض الزواج.

3- الفتاة المغرورة التي لا يملئ عينها إلا شاب بمواصفات ملاك خصوصاً إذا كانت هذه البنت من العوائل التي تعتبر نفسها من العوائل الكبيرة.

في الحقيقة ما دفعني إلى طرح هذا الموضوع كثرة القصص على صفحات الأنترنت والقصص الواقعية التي نسمعها على أرض الواقع والذي يندى لها الجبين لنساء يتألمن من واقعهم المرير حيث تخطى بعضهم سن الأربعين بدون زواج.

إلى هنا أكتفي وسوف أنهي الحديث بهده القصة تحت عنوان «مدرسة تصرخ»

تقول: السابعة من صباح كل يوم وقت يستفزني يستمطر أدمعي حتى أحس بأن دموعي حفرت خطوطاً على وجناتي لماذا؟

أركب خلف السائق متوجهة إلى مدرستي وكم تمنيت أن اركب في المقعد الأمامي مع زوجي ذاهبة إلى المدرسة ولكن وأنا بهذا الوضع يخالجني إحساس في كل يوم وأنا ذاهبة إلى المدرسة وكأنني ذاهبة إلى مدفني ثم تواصل حديثها وتقول: أجد زميلاتي المدرسات وهن بكامل زينتهن ومنهن من تستعرض كلام زوجها في مدحها وتغزله فيها عندما رآها قبل خروجها من البيت وأنا لا أقل عنهن من ناحية المظهر وفي بعض الأحيان يكون لباسي اجمل منهن هذا طبعاً من الناحية الشكلية أما احساسي هو لباس حداد علي.

ثم تقول: وأعظم شي يجعلني أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني عندما تأتي إحدى الأمهات للسؤال عن إبنتها وهي في سني وفي بعض الأحيان تكون أصغر مني سناً وهذا ليس حسداً وإنما هي الشفقة على نفسي وأحيانا عتابها حتى بت أشعر أننى أحمل على جبهتى لافتة أكرهها مكتوب عليها "عانس" أفكر فى كيفية اخفائها!!! حتى لو اكون زوجة ثانية ثم تصرخ وتقول: خذوا شهادتي وطالباتي وجالب السعادة الزائفة «تقصد المال» وأعطوني زوجاً ودعوني اسمع كلمة ماما.

ثم تتحدث عن الأسباب التي أوصلتها إلى هذا المستوى وتقول: في البداية كنت ممن رفعنا شعار «مواصلة الدراسة» خصوصاً أنني كنت لا زلت في سن المراهقة وأخذني الغرور بأني سوف أكون ذات موقع اجتماعي مرموق وكنت أرفض حتى التفكير المبدئي في الزواج حتى وصلت إلى المكان المرموق التي كنت اطمح له وما زال الخطاب يطرقون بابنا وكنت خائفة من طمع بعض الرجال ولم أنتبه إلا والقطار قد فات وذهبت زهرة شبابي معه واصبحت أحدث نفسي هل يعود القطار يوماً من الأيام وأكتب من المتزوجات والأمهات؟؟

أم أننى سأكون فى هذا الصف «العوانس» بعد أن كنت أشاهده؟؟

هذه القصة قد تتكرر كثيراً في مجتمنا وإن اختلفت الأسباب التي في النهاية سوف توصلنا في نهاية المطاف إلى نفس النتيجة.

إن هذه المشكلة راجعة إلى خلل وزعزعة في الفكر المشوش حول المستقبل وضعف النظر المتعقل ولا مبالغة إذا قيل إنها راجعة إلى ضعف في العقيدة والخوف الذي لا مسوغ له