ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > ساحة طلاب وطالبات الإنتظام > ملتقى طلاب الانتظام جامعة الإمام عبدالرحمن (الدمام) > ملتقى كليات العلوم والأداب - جامعة الإمام عبدالرحمن > منتدى كلية الآداب بالدمام
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

منتدى كلية الآداب بالدمام منتدى كلية الآداب بالدمام ; مساحة للتعاون و تبادل الخبرات بين طالبات كلية الآداب بالدمام و نقل آخر الأخبار و المستجدات .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2012- 5- 19
الصورة الرمزية StrawberryCake
StrawberryCake
أكـاديـمـي نــشـط
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الأداب بالدمام
الدراسة: انتظام
التخصص: جغرافيا الله يسهل علي
المستوى: المستوى الرابع
بيانات الموضوع:
المشاهدات: 12047
المشاركـات: 3
 
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 99257
تاريخ التسجيل: Mon Jan 2012
العمر: 31
المشاركات: 105
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 50
مؤشر المستوى: 51
StrawberryCake will become famous soon enough
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
StrawberryCake غير متواجد حالياً
Lightbulb محاضرات التذوق الأدبي ما عدا الخامسة والسادسة

بسم الله الرحمن الرحيم




النظرية
المقدمـة
قحطت البادية في أيام هشام بن عبد الملك ، فقدمت عليه العرب ، فهابوا أن يكلموه ، وكان فيهم درواس بن حبيب ، وهو ابن ست عشرة سنة ، له ذؤابة ، وعليه شامتان ، فوقعت عين هشام بن عبد الملك عليه ، فقال لحاجبه : ما شاء أحدٌ أن يدخل عليَّ إلاَّ دخل حتى الصبيان ، فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقاً ، فقال : يا أمير المؤمنين إن للكلام نشرًا وطيًا ، وإنه لا يعرف ما في طيه إلاَّ بنشره ، فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته ، فأعجبه كلامه ، وقال له : انشره لله دَرُّك ، فقال : يا أمير المؤمنين إنه أصابتنا سنونٌ ثلاث : سنة أذابتِ الشحم ، وسنة أكلتِ اللحم ، وسنة دقَّت العظم ، وفي أيديكم فضول مال ، فإن كان لله ففرقوها على عباده ، وإن كانت لهم ، فعلام تحبسونها عنهم ؟ ، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم ، فإنَّ الله يجزي المتصدقين ، فقال هشام : ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثلاث عذرًا ، فأمر البوادي بمئة ألف دينار ، وله بمائة ألف درهم ، ثم قال : ألا حاجة ؟ قال : ما لي في خاصة نفسي دون عامة المسلمين ، فخرج من عنده وهو من أجل القوم !
هكذا كان للكلمات – التي هي اللبنة الأولى لفن الأدب – فعل السحر الذي يدفع المتلقي إلى نوع من الاستجابة العملية إزاءها ، ولقد تعددت استجابات المتلقين إزاء العمل الأدبي ، فمنهم من تقف استجابته عند حد الانفعال بالعمل ومشاركته للأديب في انفعالاته ، ومشاعره وأحاسيسه ، ومن المتلقين من ينزع إلى نوعٍ من الاستجابة الظاهرة ، ويسلك سلوكاً عملياً نحو أداء عملٍ ما كأن يعمل ، أو يبني ، أو يزرع ، أو يشن الحرب ، أو يرتكب جرماً ، أو يخفض أجنحة السلام بين الأفراد أو الشعوب . إلى غير ذلك من مظاهر تُرى وتشاهد .
والتذوق الأدبي يرتبط ارتباطاً عضويًا باللغة ؛ لأنها مادة الأدب ، ولهذه اللغة وظيفة شعرية فنية ، تنعكس في لونٍ من التعبير الجميل تتوافر فيه ألوان من الصنعة وجماليات النظم، والتصوير الفني ، وهذه هي : لغـة الأدب التـي يستخدمهـا الأدبـاء والمبدعـون ؛ لنقـل انفعـالاتهم ، وتصـوير أحـاسيسهم ومشاعرهم ، والتعبير عن رؤاهم وأفكارهم بحيث يثيرون في المتلقي أحاسيس تدفعه للتأثر، ومشاركتهم إبداعهم .
والتذوق الأدبي في أرقى معانيه يعني :
« قدرة الفرد على إدراك نواحي الجمال والقبح في العمل الأدبي مما يجعله يقبل على قراءة عملٍ ما أو النفور منه وفقاً لحظ هذا النص من مقومات الجمال . »
وانطلاقاً من أهمية هذا الموضوع الشائق والمهم لكل التخصصات والمستويات جاء تدريس هذا المقرر؛ لإكساب الدارس ملكة التذوق الأدبي الرفيع ، وليأخذ بيده ليكون قادرًا على تذوق النصوص وتحليلها .
* * *


أولاً - ( الأدب : مفهومه ووظائفه )
الأدب من الفنون الجميلة التي تهدف إلى إحداث الفائدة والمتعة على حدٍ سواء في نفس الملتقي والتأثير فيه .... فما معنى الأدب وما هي وظائفه وما هي فنونه ؟

أولاً : مفهوم الأدب :
تطورت كلمة الأدب شأنها في ذلك شأن الكائن الحي بتطور الأمة , حيث انتقل معنى هذه الكلمة من المعنى المادي ، وهو الدعوة إلى الطعام إلى معنى معنوي وهو التهذيب والتحلي بمكارم الأخلاق , حتى استقرت الكلمة على مدلولها الحالي , وهو الكلام البليغ المؤثر في نفس السامع أو القارئ , يقول ابن منظور : »الأدب مصدر قولك أدب القوم يأدِبُهم -بالكسر- أدبًا إذا دعاهم إلى طعامه , والآدبُ الداعي إلى الطعام ، قال طرفة بن العبد :
نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر
والمأدُبة التي يصنع لها هذا الصنيع ، والمأدبة : هو الطعام الذي يصنعه الرجل , ويدعو إليه الناس » هذا هو المعنى الحسي للكلمة ، ثم تطورت الكلمة إلى معنى معنوي , تمثل في الدعوة إلى التحلي بمكارم الأخلاق , والاتصاف بالخلال الحميدة . وبذلك صار معنى الأدب الذي يتأدبُ به الأديبُ من الناس , سمي أدبًا لأنه يأدب الناس إلى المحامد , وينهاهم عن القبائح , ونجد أن مدلول الكلمة في عصر بني أميّة زاد إلى هذا المعنى التهذيبي معنى آخر ، وهو المعنى التعليمي , حيث أُطلق على طائفة من المعلمين اسم المؤدبين , وهم الذين يعلمون أبناء الخلفاء والأمراء أصول الثقافة العربية الرفيعة من شعر ، وحكم ، وخطب ، ونوادر , علاوة على تعليمهم الأنساب العربية , وأيام العرب في الجاهلية والإسلام , ثم ضيق العلماء مدلول كلمة الأدب حتى قصروها على علوم اللغة العربية , حيث عنوا به ثمانية علوم ، وهي : النحو واللغة والتصريف والعروض والقوافي وصنعة الشعر وأخبار العرب وأنسابهم . ولقد تطور هذا المفهوم حتى أصبح علمًا على هذا الفن , الذي هو :
أو : ( التعبير الجميل عن تجربة صادقة مؤثرة في الآخرين )
والمراد بالتجربة هنا ما يجده الأديب في نفسه من عاطفة صادقة ؛ ينبض بها قلبه , أو فكرة ملحة يعتمل بها عقله , أو قضية من القضايا ينشغل بها وجدانه .
* * *
ثانيًا : وظائف الأدب :
للأدب مجموعة من الوظائف التي يؤديها سواء للفرد والمجتمع ، وهي كالآتي :

1- الوظيفة النفسية :
إنَّ الأديب حين يبدع عمله الأدبي فإنه يسعى إلى التنفيس عن عواطفه بفن القول ، أما المتلقي أو المتذوق للعمل الأدبي فإنه يقرأ الأعمال الأدبية لإشباع حاجاته النفسية , فتحقق له السكينة والإحساس بالراحة . لمشاركة المبدع أو المرسل في مشـاعره وإحسـاساته , فيفرح لفرحه , ويحزن لحزنه , يشاركه آماله وتطلعاته

2- الوظيفة الجمالية :
إن طرب المتلقي واستمتاعه بأي عمل أدبي إنما هو استجابة لمؤثرات فنية تثير ملكاته الفكرية والشعورية , وتبعث خبرته الجمالية , فإذا هو ينفعل بالكلمة الجميلة , والعبارة العذبة , والشعور الصادق , والتوازن الصوتي الرشيق المعبر عن المعنى , فإبداع الأديب هو الذي يبعث الخبرة الجمالية والمتعة لدى المتلقي أو المتذوق من خلال حسن وصف المبدع للأشياء , إذن الأدب باعث لمكامن الجمال النفس .

3- الوظيفة الاجتماعية :
يفترض أن يكون الأدب صورة صادقة لمجتمعه , وبذلك كان المتلقون حين يقرؤون أدباً لا يقرؤونه وحده ، إنما يقرؤون أنفسهم ومن حولهم ، وكأنهم يعيشون أحاسيسهم وأحاسيس مجتمعهم ؛ كما أن للأدب دورًا رئيسًا في بناء الإنسان وبناء المجتمع على حد سواء , فكم من كبوة تعرضت لها الأمة العربية والإسلامية وكان الأدب فيها باعثاً لها , وناهضًا للعزائم , ومشجعًا على تخطي العقبات والزلات ..وكم من المشاكل والقضايا الاجتماعية شارك الأدب في لفت النظر إليها ومناقشتها ..إذن الأدب ذاتي غيري في الوقت نفسه ؛ فهو ذاتي في صدوره عن صاحبه وفي تعبيره عن أحاسيسه ومشاعره , وهو غيري في تصويره لمشاعر الجماعة التي ينتمي إليها بما تحمله من قيم خلقية و اجتماعية وثقافية .

4- الوظيفة التاريخية :
للأدب علاقة وثيقة بالتاريخ ، والأدب تاريخ , ولكنه تاريخ من نوع خاص , إنه تاريخ لحياة أمـة من الأمم , وقد تأخذ الصلـة بين الأدب والتـاريخ عـدة صـور وضحَّها ( أحمد هيكـل ) في الآتي :

1-كتابة التاريخ في قالب أدبي , بأن يعرض التاريخ بلغة أدبية جذابة شائقة مؤثرة وممتعة , فيعرض هذا التاريخ في شكل رواية تاريخية .
2- استخدام بعض مادة هذا التاريخ القديم في كتابة عمل أدبي جديد ؛ إما لاستنهاض الهمم , أو لنقد واقع مُزرٍ , ولعل أبرز مثال على ذلك : مسرحية السلطان الحائر, فقد التقط المؤلف موقفًا تاريخيًا للفقيه عز الدين بن عبد السلام , الذي عاش أيام المماليك , وأفتى بأن المملوك لا تصح ولايته على الأحرار , وأن الحق يجب أن يعلو , حيث لا شيء ولا أحد فوق هذا الحق أو القانون .
3- الجمع بين الصورتين السابقتين , بحيث أن المبدع يعرض التاريخ في شكل أدبي أولاً , ثم يعقبه بالإدلاء برأيه , ولعل أوضح مثال على ذلك : مسرحية كليوباترة لأمير الشعراء أحمد شوقي حيثُ عرض لسيرة هذه الملكة شعرًا ، وحاول أن يجد مبررًا لأفعالها التي بدت غير لائقة بها وبمكانتها
الرفيعة ، وأنها إنما كانت حيلاً سياسية ، وتضحيات من أجل عرض مصر وكرامة الوطن .
4- استحضار بعض الشخصيات ، أو الأماكن ، أو الأحداث ، وتوظيفها توظيفًا أدبيًا بحيث يكون رمزًا ، أو تلميحًا ، أو تذكيرًا ، وأوضح مثال لذلك :(مأساة التاريخ) للشاعر عبدالرحمن العشماوي فقد تحدث فيها عن مقتل عمر بن الخطاب بطريقة شاعرية جميلة .
وللأديب أن يتعامل مع المادة التاريخية تقديمًا أو تأخيرًا ، أو حذفًا لبعض جزئيـاتها إذا كانت لا تضيف لعملـه الأدبـي شيئـاً بشـرط:
- أن تكـون له رؤى وأطروحـات يريد طرحها .
- وأن يأتي بالموثوق منها ، ويبتعد عن الروايـات الضعيفـة التي تشـوه الحقائق ...
كل هذا يتم بلغة أدبية راقية ، وبالتالي : يتحقق للأدب متعته وفنيته ، وللتاريخ قدسيته وحرمته .

5- الوظيفة التعليمية :
1- تخفيف أذهان الطلاب من أثقال الدراسة العقلية ، و صرامة التعاريف والقوانين ، والضوابط ، والحدود ، والرسوم ، والتقاسيم ، ونحو ذلك من مقومات الدراسة العلمية الجافة .
2- الإسهام في تنمية المهارات اللغوية لدى الدارسين ، من خلال الإلقاء الجيد المعبر الذي يتطلب مجموعة من المهارات كإخراج الصوت من مخرجه السليم ، و إعطائه حقه من التفخيم والترقيق ، وتنويع الصوت وتنغيمه تبعاً للحالة النفسية والموقف الذي يتطلبه ، فضلاً عن القراءة في وحدات فكرية مكتملة المعنى . ويمكِّن الطالب من مواجهة الجمهور ، فيكسبه الجرأة والشجاعة فضلاً عن أن هذه القراءة الجهورية تمكن المعلم من ملاحظة العيوب النطقية والصعوبات ، فيقوم بعلاجها ..
3- إكساب الطلاب ثروة لغوية تمكنهم من التعبير , كما يكسبهم مجموعه من الأساليب والتعبيرات التي يوظفونها في أحاديثهم أو في كتاباتهم .
4- تنمية التذوق الأدبي ، فهو يعين الطلاب على فهم النصوص الأدبية وتحليلها , كما يدربهم على النقد العلمي الموضوعي عن طريق التمييز بين الأساليب المختلفة . وهذه الملكة لا تحصل بمعرفة طائفة من القواعد والقوانين ، ولكنها تحصل بقراءة الجيد من المنظوم والمنثور، والتفطن إلى خواص الحسن والقبح في العمل الأدبي .
5- غرس القيم في نفوس الناشئة , من خلال تقديم النماذج والمثل العليا التي تدعو إلى التحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل لما يتضمنه الأدب من حكم وأمثال وعبر .
والأدب يحدث تأثيرًا في نفس القارئ أو السامع ,

ويتمثل في ثلاثة جوانب رئيسة هي :
 الجانب المعرفي أو العقلي .
 الجانب الوجداني أو النفسي .
 الجانب الأدائي أو السلوكي .

أما عن الجانب المعرفي أو العقلي فإن الأدب يعد مادة ثرية لإكساب الطلاب خبرات وتجارب مختلفة , تجارب وخبرات أصحابها الذاتية أو الموضوعية , فتزيد رصيده المعرفي والثقافي و القيمي عن
طريق إطلاعه على روائع الأعمال الأدبية .

----------------

أما عن الجانب الوجداني فلا غرو أن الأدب يؤثر في شعور وإحساسات القراء , فتجعل القارئ يرضى أو يسخط , يحب أو يكره , وكلما اتسم قول الأديب بالصدق الفني كلما استجاب له بالدرجة نفسها , ولعل من أصدق الشواهد على صدق عاطفة الحب ما قاله حسان بن ثابت رضي الله عنه مادحًا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ يقول :
وأحسن منك لم ترقط عيني وأجمـل منك لم تلـد النـسـاء
خـلقت مــــبرأ من كـــل عيب كأنـك قد خلقت كما تشـاء
حتى قالت العرب عن هذين البيتين أنه أصدق ما قالته العرب .
أما عن الجانب السلوكي :
• فأوضح مثال على ذلك حادثة أبي محجن الثقفي مع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه , حيث حبسه ؛ لأنه كان يتغني بشرب الخمر ؛ إذ يقول :
إذا ما مت فادفني إلى أصل كرمة تروي عظامي بعد موتي عروقـهـا
ولا تــدفـنِّي بالــفـلاة فـــــإنــــني أخــــاف إذا مــا مـت ألا أذوقــــهــــا
وكان سعد بن أبي وقاص قد حبسه أثناء حربه مع الفرس في يوم أغواث , فلما اشتد القتال صعد إلى سعد يستعفيه , ويسأله تسريحه للغزو مع المسلمين فزجره ورده , فنزل حتى أتى سلمى ( زوج سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ) فقال : يا سلمى هل لك إلى خير ؟ قالت : وما ذاك قال : تخلين عني وتعيرينني البلقاء , فلله على أن سلمني الله أن أرجع إليكِ حتى أضع رجلي في قيدي , فقالت : وما أنا وذاك ! فرجع يرسف في قيوده ، ويقول :
كفى حزنًا أن تطعن الخيل بالقنا وأترك مشدودًا علـى وثـاقيا
إذا قمت عناني الحديد وأغـلقت مصاريع دوني قد تصم المناديا
وقد كـنت ذا مال كـثيرٍ وإخوة فقد تركوني واحدًا لا أخا ليـا
ولله عـــــهدٌ لا أخــــيس بـعـهـــده لئن فرجت ألا أزور الحـــــوانــيــــا
فقالت سلمى : إني استخرت الله ورضيت بعهدك ( بعد ما سمعت ما قاله من شعر ) وأطلقته , وقالت : أما الفرس فلا أعيرها , ورجعت إلى بيتها ,فاقتادها وأخرجها من باب القصر وركبها , ثم دب عليها حتى إذا كان بحيال الميمنة كبر , ثم حمل على الميسرة يلعب برمحه وسلاحه بين الصفين , وكان يقصف الأعداء بسيفه قصفًا منكرًا , وتعجب الناس منه وهم لا يعرفونه , وجعل سعد يقول وهو مشرف على الناس من فوق القصر : والله لولا محبس أبي محجن لقلت هذا أبو محجن ، وهذه البلقاء .
• ومن ذلك أيضًا ما حدث مع الحطيئة , حيث كان هجاءً يهجو المسلمين , وينال من أعراضهم فنهاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فلم ينته , فأمر عمر بن الخطاب بحبسه , وأراد الحطيئة أن يكسب عطف أمير المؤمنين ، فأنشد قائلاً :
مـــــاذا تقـول لأفـراخ بـــذي مـرخ زغـبِ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ
ألقـيتَ كـاسبَهم في قعرٍ مظلـمةٍ فاغفرْ عـليك سلامُ اللهِ يا عـمـرُ
وإذا بعمر بن الخطاب يسمع قوله : ( ما ذا تقول لأفراخ بذي مرخ ) فيبكي ويعفو عنه , حقًا إن من البيان لسحرًا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
* * *

ثانياً - فنـون الأدب :
الأدب هو الكلام البليغ المؤثر في نفس السامع أو القارئ، وعليه فالأدب شجرة وارفة الظلال يخرج منها فرعان كبيران هما: الشعر والنثر.
أولاً: فن الشعـر:
الشعر من أشهر الفنون الأدبية وأكثرها ذيوعًا وانتشارًا، ولعل السبب يعود إلى أن الشعر قد واكب البشرية منذ طفولتها في أغاني المهد وترقيص الأطفال .
مفهوم الشعـر : الشعر لغة من شَعَرَ يشعر شعورًا . أما المعنى الاصطلاحي لمفهوم الشعر فهو: الكلام الموزون المقفى الذي يعبر عن عاطفة .
والفرق بين الشعر والنثر يتجلى في أربعة جوانب هي:
• الوزن والقافية والاتصال بالشعور .
• الشعر عادة أمعن في الخلق والإبداع بما ينشئه الشاعر من الصورة الخيالية.
• الذاتية في الشعر فهو ذاتي يعبر عن عواطف صاحبه ، فالغرض الأساسي من الشعر هو التعبير عن ذات الشاعر ، أما النثر فليس شرطا أن يعبر عن ذاته .
• إن الشعر يخاطب العواطف مباشرة ، وذلك لما عند الشاعر من قوة إلهام لا تكتسب بتعلم .
فنون الشعر:
إن للشعر فنونًا أربعة هي: الشعر الغنائي، والشعر الملحمي أو الدرامي، والشعر المسرحي أو التمثيلي، والشعر التعليمي.
(1) الشعر الغنائي :
و هو ذلك الشعر الذي يعبر عن تجربة الشاعر الذاتية ، فهو فن نشأ مع الإنسان الأول عندما انفعل، وأراد أن يعبر عن انفعاله هذا في شكل فني قولي : من فخر، وهجاء ، وغزل ، ورثاء ، ومديح ، ولعل من صور المدح الرائع الذي يمس شغاف القلوب ما قاله محمود سامي البارودي مادحًا سيد الأمة في قصيدته كشف الغمة:
محمدّ خاتم الرسل الذي خضعت

له البرية من عُرب ومن عجمِ
سميرُ وحي ومجنى حكمة وندى
سماحة وقري عافٍ وري ظمِ
قد أبلغ الوحيُ عنه قبل بعثته
مسامع الرسل قولاً غير منكتمِ
فداك دعوةُ إبراهيم خالقهُ
وسر ما قاله عيسى من القدمِ
وقد ارتبط فن الشعر منذ نشأته بفن الغناء ...ومن هنا جاءت تسميته بالغنائي .
ولهذا الشعر مجموعة من الخصائص أو الملامح – قديمًا وحديثًا كما يلي:
• قصر القصيدة : فالقصيدة الغنائية لا تعتمد على عنصر التتابع الزمني.
• وحدة الانطباع : تدور القصيدة الغنائية عادة حول فكرة واحدة أو صورة واحدة، ويركز الشاعر عليها في تفاصيلها، أو ما يتصل بها بحيث يكون الانطباع النهائي موحدًا.
• الاعتماد على التصوير : رغم غلبة الموسيقى على القصيدة الغنائية فإن وسيلتها التعبيرية الأولى هي الصورة التي يعتمد فيها على التشبيه والمجاز الاستعارة وغيرها .
• الذاتية : فالشاعر لا يتحدث عن الآخرين بل عن تجربة ذاتية، فموضوعه هو مشاعره .
2- الشعر الملحمي : أو الشعر القصصي ، وينقسم إلى فنيين كبيرين هما : الملحمة ، والقصة الشعرية القصيرة .
( أ) فالملحمة : قصة بطولية تُحكى شعرًا ، وهو الذي قصيدة تحكي مغامرات أبطال تاريخيين ، والشعر فيها موضوعي وليس ذاتيا ، وإن كان الشاعر لا يمكن أن يتخلَّص من الذاتية على الدوام ؛ لأنه يحتفي عادة بأبطال شعبه ، أو قبيلته ، أو دينه ..
( ب ) القصة الشعرية : وهي أقصر من الملحمة ، ولا يشترط فيها حكاية معارك وبطولات . ولقد أنكر كثيرٌ من النقاد وجود هذا الشعر في أدبنا العربي القديم .
ولكن الحق أنه إذا كان العرب لم يعرفوا الملحمة بنفس مقوماتها اليونانية ، فهذا لا يقلل من شأن الأدب العربي ، إن الأدب العربي يعرف الملاحم والقصص الشعرية القصيرة ، ولكن ليس بخصائص الأدب اليوناني ، إذ من الخطأ أن نضع مقاييس لأدب ما ونسعى إلى تطبيق هذه المقاييس على أدب آخر؛ لأن لكل أدب ذاتيته وسمته التي تفرقه عن غيره من الآداب الأخرى ، ونحن إذا أقررنا بهذه الحقيقة، فمن الممكن القول إن العرب قد عرفوا أدب الملاحم ، ولعل أبلغ مثال على ذلك حرب البسوس، ولقد دارت رحى هذه الحرب أربعين سنة، ومن أقوال جساس في هذه الحرب :
تعدت تغلب ظلمًا علينا

بلا جرم يعد ولا جناح
فلما أن رأينا واستبنا
عقاب البغي رافعة الجناح
صرفت إليه نحسًا يوم سوء
له كأسٌ من الموت المتاح
ومن أشهر الملاحم الشعرية في العصر الحديث : ملحمة الإسلام لأحمد محرم .
أما القصة الشعرية فقد وجدت في أدبنا العربي القديم ، ولعل أفضل نموذج لهذه القصة القديمة قصيدة ضيفٌ ولا قرِى ، تلك القصة التي استلهم فيها الحطيئة قصة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، حيث جاءه ضيفٌ وليس لديه طعام يقدمه لهذا الضيف ، فتقدم ابنه ليذبحه ، ليقدمه قرى لهذا الضيف، يقول الحطيئة:
وطاوي ثلاثاً عاصب البطن مرمل

ببيداء لم يعرف بها ساكنٌ رسما
أخى جفوة فيه من الأنس وحشةٌ
يرى البؤس فيها من شراسته نعمى
وأفرد في شعب عجوزًا إزاءها
ثلاثة أشباح تخالهم بَهما
وفي المشهد الثاني رأى شبحًا مقبلاً يلفه الظلام ، ويراه الأب فينكره ، فإذا به طارق ليل، فيثقل عليه الخطب، ويركبه الهم ؛ لأنه لا يملك ما يضيف به الطارق حتى إن ابنه يرثى لحاله .
رأى شبحًا وسط الظلام فراعه

فلما بدا ضيفًا تصور واهتما
فقال ابنه لما رآه بحيرة
أيا أبت اذبحني ويسر له طعما
ولا تعتذر بالعدم عل الذي طرا
يظن لنا مالاً فيوسعنا ذما
وفي المشهد الثالث يستجيب الله الدعاء ، فيرى قطيعًا من حمر الوحش ، يقدمه الفحل إلى الماء، فتريث الرجل حتى يشرب الفحل، فلما روى رمى إليه بسهم صائب.
فبيننا هم عنت علي البعد عانة

قد انتظمت من خلف مسحلها نظما
ظماء تريد الماء فانساب نحوها
على أنه منها إلى دمها أظما
فأمهلها حتى تروت عطاشها
فأرسل فيها من كنانته سهما
ومن نماذج القصة الشعرية في أدبنا العربي قصيدة الأرملة المرضعة لمعروف الرصافي، فالقصيدة لوحة رائعة لأرملة فقيرة، تمزقت عليها الثياب، ولم يعد لها ما يحميها من البرد، بل من العري، ولم يعد في ثديها ما ترضع به وليدها.
لقيتها ليتني ما كنت ألقاها

تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها
أثوابها رثةٌ والرجل حافيةٌ
والدمع تذرفه في الخد عيناها
بكت من الفقر فاحمرت مدامعها
واصفر كالورس من جوع محياها

2- الشعر المسرحي:
لا يعرف الباحثون على وجه التحديد متى ظهر هذا الشعر ، ويبدو أنه قد نشأ لحاجة إنسانية
اجتماعية . وتُرد نشأته إلى مصر القديمة ، وعُرف عند اليونان بما يدعى (بالمأساة والملهاة) .
ولم يُعرف هذا الفن في الأدب العربي قديماً ، ووجهة نظر النقاد أن العرب قد عاشوا في بيئة لا تساعد على تقوية الخيال ، فالبيئة الصحراوية يرى فيها الرائق أرضًا منبسطة لا تدع مجالاً للفكر والتأمل . أما في العصر الحديث فقد عرف الشعر المسرحي على يد أمير الشعراء أحمد شوقي ، وقد خلف سبع مسرحيات منها: مصرع كليوباترا، وقمبيز، وعلي بك الكبير، ومجنون ليلى.
4- الشعر التعليمي :
وقد نشأ نشأة عربية خالصة في أواخر الدولة الأموية ، وهو علوم نُظمت شعرًا ، لذا فهو لا يصدر عن عاطفة ، ومن هنا اختلف العلماء في جواز تسميته شعرًا فهو نظمٌ وليس شعر ، ومنه : ألفية ابن مالك في النحو ، والشاطبية في علم القراءات . ومثلث قطرب ، وغيرها من المتون ، وفي العصر الحديث جاء أمير الشعراء أحمد شوقي فبلغ الغاية في هذا اللون الشعري ، حيث نظم شعرًا على لسان الحيوان، ومن ذلك قوله:
يحكون أن أمة الأرانبِ

قد أخذت من الثرى بجانبِ
وابتهجت بالوطن الكريم
وموئل العيال والحريم
فاختاره الفيل له طريقًا
ممزقًا أصحابنا تمزيقا
والغرض من كل ألوان الشعر السابقة (الغنائي، والملحمي، والمسرحي) هي إمتاع النفس وإمتاع غيرها، لأنها تخاطب الخيال والعاطفة ؛ بخلاف الشعر التعليمي الذي يهدف إلى تحقيق غاية تعليمية .
ثانياً: فن النثر :
1- النثرُ لغةً : من نثركَ الشيء بيدكَ ترمي بِه متفرقًا مثل نثرِ الجوز واللوزِ والسكر ، والنثرُ في الاصطلاح هو الكلام غير الموزون الذي يرتفع فيه أصحابه إلى لغة فيها فن ومهارة وبلاغة ..

2- فنون النثر:
(1) الأمثال:
المثل في اللغة معناه مناظرة شيء بشيء آخر، ، وفي الاصطلاح هو القول السائر بين الناس الذي يُشبه مضربُه بموردِه ، والأمثال نوعان: أمثال حكمية كقولهم : الجار قبل الدار ، والحرب خدعة، والأمثال المبنية على الحوادث، كقولهم: وافق شن طبقه ، والصيف ضيعت اللبن ، وسبق السيف العذل . على أهلها جنت براقش ، كيف أعاودك وهذا أثر فأسك ؟ ..
(2) الخطبة :
الخطابة فن أدبي قديم، نشأ مع بداية الإنسان، فحينما توجد جماعة فلابد أن يوجد بينها اختلافات في الآراء، ولابد من وجود الجدال والمناقشة ، ومن ثم نشأت فناً يقوم على محاولة إقناع المستمعين من جهة، واستمالتهم لما يقال من جهة أخرى . فهو فن الوصول إلى قلوب الجماهير وإقناعهم عن طريق التأثير العاطفي بكلام بليغ وموجز . ولقد عرف أدبنا العربي هذا الفن واستخدمه في الدفاع عن القوم أو التحريض على القتال ونصرة الضعيف ، أي في مفاخراتهم ومنافراتهم ، في النصح والإرشاد ، وفي الحض على القتال ، أو الدعوة إلى الإسلام ..
أنواع الخطبة :
ولقد تنوعت الخطابة تنوعًا ملحوظًا بين خطابة سياسية، وخطابة المحافل، والخطابة الدينية ، ولا يخفى على أحد ما للخطابة من أثر مهم في تحفيز الهمم وشحذها .
( 3) الرسالة:
فن نثري يقوم على مخاطبة غائب أو بعيد ، وهو تأليف نثري نتوجه به إلى شخص غائب ،
لكي نعلمه أخبارنا، أو انطباعاتنا. ازدهرت في العصر الأُموي ازدهارًا واسعًا نتيجةً لاتساع الدولة الإسلامية وحاجة الخلفاء إلى مراسلة ولاتهم ونتيجةً لامتزاج الثقافة الإسلامية بالثقافات الأجنبية الأخرى وظهور ديوان الرسائل .وقد انقسمت الرسائل في تلك الفترة إلى رسائل عامة وخاصة
1- الرسائل الديوانية : وهي التي تمثل المكاتبات الرسمية التي تصدر عن الدولة، ومن نماذجها : رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل عظيم الروم بعث دحية الكلبي بها إلى هرقل قال فيها:« بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى.أما بعد: اسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن تتول فإن إثم الأكارين (أي الفلاحين)عليك ".
2- الرسائل الإخوانية ، أو الرسائل التي يتبادلها الأصدقاء والخلان .
وكان لكل منهما صفات ومميزات تميزت بها عن الأخرى, فتميزت الرسائل العامة ( الديوانية ) بالوضوح والإيجاز على عكس الرسائل الخاصة (الإخوانية ) التي امتازت بالإطناب وانتقاء الألفاظ وروعة التصوير وبراعة الخيال ، وأسلوبهما يتسم بالتلقائية والبعد عن التكلف .
4- المقامة : بفتح الميم، وهي في أصل اللغة اسم للمجلس والجماعة من الناس .
وتعد من أهم فنون الأدب العربي التي عرفت في العصر العباسي على يد بديع الزمان الهمذاني هو أول من مهد هذا الطريق وعبده ، وخلفه الحريري .
والغاية التي ارتبطت هي غاية التعليم ، وتلقين الناشئة صيغ التعبير، وهي صيغ حليت بألوان البديع ، وزينت بزخارف السجع ، فهذه أبرز سماتها .
ولقد كانت المقامة حيلة فنية أدبية استخدمها الأدباء المحترفون لاستجداء الناس ، اعتمادًا على قدرتهم الأدبية والبلاغية التي كانوا يخلبون بها الناس، ولقد اتخذ بديع الزمان أبا الفتح الإسكندري بطلاً لهذه المقامات ، وراويةً هو عيسى بن هشام، ومن شواهد المقامات للهمذاني المقامة الساسانية، وهي تجري على هذا النمط " حدثنا عيسى بن هشام قال: أحلتني دمشق بعض أسفاري، فيننا أنا يومًا على باب داري إذ طلع على من بني ساسان كتيبةٌ قد لفوا رؤوسهم، وطلوا بالمغرة لبوسهم، وتأبط كل واحد منهم حجرًا يدق به صدره ، وفيهم زعيم لهم يقول وهم يراسلونه، ويدعو ويجاوبونه، فلما رآني قال:
أريد منك رغيفًا

يعلو خوانًا نظيفا
أريد ملحًا جريشًا
أريد بقلا قطيفا
أريد جديًا رضيعًا
أريد سخلاً خروفا

-------------------------------------

5- المقالة:
يشير النقاد إلى أن ميلاد هذا الفن كان قد بزغ في الغرب إبان القرن السادس عشر ، وفي القرن الثامن عشر أصبح المقال فنًا أدبيًا قائمًا بذاته ..
وبالنسبة للمقالة في أدبنا العربي فقد كانت تعرف قديمًا باسم الرسالة، وليس المقصود الرسائل الديوانية أو الرسائل التي تتبادل بين الكتاب وإنما المقصود الرسالة التي كانت تدور حول موضوع يختاره الكاتب مثل رسائل الجاحظ ، وابن المقفع ، وابن الشهيد.
أنواع المقالة :
ولقد تنوعت المقالات بين مقالة أدبية، وسياسية، واجتماعية، وعلمية، ولقد تنوعت الأساليب في كل نوع طبقًا لطبيعة المقال من جهة ، ولطبيعة الموضوع المتناول من جهة أخرى ، ولعل في دراستنا للأدب العربي نعني أكثر بالمقالة الأدبية أكثر من غيرها، ومن نماذجها ذلك مقالة للأديب والكاتب أحمد حسن الزيات بعنوان ولدي رجاء .
6- القصة : عرف العرب الجاهليون فن القص ، وكانت القصة هي سميرهم في الليل، لكنها كانت عبارة عن وقائع وأحداث تناولت أخبار الأمم السابقة مثل أخبار العرب البائدة, وارم ذات العماد, وعام الفيل, ومأرب وسيل العرم, وغيرها. رواها القُصاصُ في أوقات سمرهم في الليل وحول مضارب خيامهم ، أما القصة بخصائصها الفنية الحديثة فلم تعرف إلا في القرن التاسع عشر.
وقد قسم النقاد القصة حسب حجمها إلى ثلاثة أنواع ، هي: القصة القصيرة والقصة والرواية :
- القصة القصيرة:
وتعد القصة القصيرة أحدث هذه الأنواع ظهورًا وأكثرها انتشارًا ..ويرجع هذا إلى صغر حجمها الذي يساعد القارئ والكاتب، كما أنها لا تحتاج لزمن طويل تستغرقه في قراءتها كالرواية والقصة.
أما عن ميلاد القصة القصيرة فقد كان القرن التاسع هو الميلاد الحقيقي لها بمعناها الفني المعاصر....
أما بالنسبة لميلاد هذا الفن في الأدب العربي فقد كان على يد محمد تيمور قبيل ثورة 1919م غضًا غير مكتمل النضج ثم ما لبث أن نما عقب هذه الثورة ونضج وتحددت سماته واتضحت قسماته.
الرواية:
ولقد نشأ فن الرواية لحاجات اجتماعية وتاريخية معقدة. وساهمت مجموعة من العوامل على بروز هذا الفن في أدبنا العربي. منها:
1. حركة الترجمة التي شهدتها البلدان العربية عامة ومصر خاصة.
2. بعث روائع الأدب العربي القديم، والاستفادة منه.
3. انتشار الطباعة، وتعدد الصحف والمجلات التي استهوت عددًا من شباب الروائيين في بداية القرن الماضي للكتابة فيها.
4. انتشار التعليم، مما أدى إلى انتشار القراءة للأعمال الأدبية (شعرًا ونثرًا).
ماهي الرواية ؟
الرواية في أبسط تعريفاتها قصص نثري واقعي كامل بذاته ذو طول معين . ولقد مرت الرواية العربية بعدة أطوار هي:
• الطور الأول: هو طور الإحياء للموروث الأدبي القديم، ولعل أبرز نموذج لها رواية محمد المويلحي حديث عيسى بن هشام، والتي استلهم فيها فن المقامة.
• الطور الثاني: هو محاكاة الآداب الغربية ، وأوضح مثال على ذلك ترجمات مصطفى لطفي المنفلوطي للفضيلة أو بول وفرجيني.
• الطور الثالث : طور الاستقلال والإبداع، حيث استوى فن الرواية على سوقه ، وبرز على الساحة الأدبية مجموعة من كبار الروائيين والقصاصين الذين أنتجوا لنا أدبًا يعبر عن أمتنا العربية وأحوالها،
وما بين القصة القصيرة ( الأُقصوصة ) والرواية تقع القصة .
7- السير:
السير نوع أدبي ذو طابع تاريخي، يسجل فيه الكاتب بوعي وفنية تاريخ حياة إنسان، ويعيد بعث صورة شخصية ملتزمًا في ذلك الصدق والحقيقة، بشرط أن تكتسي هذه الحقيقة ثوبًا أدبيًا يجعل العمل فنيًا متألقًا، من خلال متانة التركيب، وجمال التعبير ، وهذه التراجم والسير تنقسم إلى نوعين :
- سير ذاتية أو خاصة ، وهي تدور حول كاتبها، يعبر بها المؤلف عما مر به من مواقف وأحداث .
ومنها في أدبنا : تراجم سياسية مثل: أسامة بن منقذ، وتراجم حديثة مثل :أحمد أمين في حياتي.
- سير موضوعية : وهو نوع لا يكتب فيه الكاتب أو الأديب عن نفسه ، وإنما يكتب عن غيره، ولذلك تسمى تراجم غيرية ، ولعل أول هذه التراجم ماقام به ابن إسحاق حين كتب السيرة النبوية، وكما فعل الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء حين ترجم، للصحابة، وللشعراء، والأدباء، والنحاة، وللمفسرين، وللرواة، والتابعين، ومنها ماقام به عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد في العصر الحديث إذ ترجم لما يربو من ثلاثين شخصية في مجالات متعددة، فكرية، وأدبية، ودينية.
8- المسرحية النثرية:
وهي مجموعة الأفعال المترابطة التي يستدعي بعضها بعضا، وتفضي إلى نهاية ما، وتتجسد هذه الأفعال في شخوص يتحركون على المسرح ، ويطورون الحديث من خلال الحوار المتبادل، ، وتتطلب المسرحية عقدة أو مجموعة من العقد يأخذ بعضها برقاب بعض حتى تصل إلى ذروة التأزم، ثم الانفراج.
ولعل البداية الحقيقية لظهور هذا الفن قد ظهر بمجيء الحملة الفرنسية على مصر، فقد حمل بونابرت معه عند قدومه إلى مصر رجال، وقد مثلوا بعض الروايات الفرنسية بمصر لتسلية الضباط.
إذن هو نص أدبي قابل للتمثيل، والمسرحية أو هي قصة تمثل.

--------------------------------
المتلقي وتذوق النص
المتلقي هو مستقبل العمل الأدبي وقارئه سواءً كان فردا واحدا أو جماعة تقرأ هذا العمل .
— القراءة الأدبية :
قبل الإجابة عن سؤال :
كيف يقرأ المتلقي العمل الأدبي ؟؟ نسأل : ما العناصر التي يتكون منها الأثر الأدبي ؟
لنأخذ على سبيل المثال الأبيات الآتية من قصيدة ابن زيدون :
إنّي ذكرْتُكِ بالزّهـراء مشـتاقا والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَـا (1)..........
وَللنّســــــــيمِ اعْتِلالٌ في أصـائِلـِهِ كـأنّهُ رَقّ لي ، فــــاعْـتَلّ إشْــــفَـاقَـــا (2) ...........
والرّوضُ عن مائِه الفضّيّ مبتسمٌ كـما شقـَقتَ عنِ اللَّبّاتِ أطواقَـا (3) .....
يَوْمٌ كأيّامِ لَـذّاتٍ لَنا انصـرَمتْ بتْــــنَا لهـا حـينَ نـــامَ الدّهرُ سرّاقــَا........... .
نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهـرٍ جــــــــالَ النّدَى فيهِ حتى مـالَ أعناقـــَا (4)
كَــــأنّ أعْـــــيُنَهُ إذْ عـــــايَنَتْ أرَقي بَكَــــتْ لِما بي فــجـــالَ الدّمــعُ رَقَـــرَاقَـــا(5) وردٌ تـــألّــــــقَ في ضـــــــاحي مـنــــابـتِهِ فازْدادَ منهُ الضّحى في العينِ إشـــــراقـــَا (5)
لا سكّنَ اللهُ قلباً عـقّ ذكرَكُـمُ فــــلم يطـــرْ بجــــناحِ الشّــــوقِ خـــفّـــاقَـــــا
— لوْشاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى وافـــــاكُـــمُ بفـتى ً أضــناهُ ما لاقَـى ( 6)
— فإن هذه الأبيات تشتمل على :
— 1) مجموعة من الأفكار :
— 1. مشاركة الطبيعة الشـاعرفي ذكرياته .................................................. ...................................
2. وصف الشاعر لطبيعة مدينة الزهراء الجميلة . .................................................. ................................
3. معاناة الشاعر النفسية وأمنياته .
— 2) مجموعة من العواطف والانفعالات النفسية والإحساس والشعور أبرزها مشاعر الشوق والحزن الذي يغلب عليه الرجاء والأمل ، مختلطة بإحساس الهجر والحرمان .
— 3) مجوعة من الصور والأخيلة التي امدت الشاعر بلوحات متعددة بثها في تضاعيف أبياته . وجعلته يشخص مظاهر الطبيعة ويخلع عليها الحياة ، وينفث فيها الإحساس ، ويلبسها الشعور فيجعلها بشرا يتفاعلون مع ابن زيدون فيشاطرونه مشاعره وأحاسيسه ؛ فالأفق إنسان باسم طلق الوجه ، و النسيم إنسان عليل مريض ، رقٌ وأشفق على الشاعر . والماء وهو يجري متلألأ بين الرياض الخضراء فتاة جميلة قد شقت عن صدرها فبان جمالها وبياضها . والأزهار إنسان له عنق قد مال من ثقل ما يحمل ، حيث شبه الأزهار وقد أثقلها الندى فمالت أغصانها بحالة إنسان قد أثقله الحمل فمال عنقه . وقد ضمن ذلك ولم يصرح به .
— 3) مجموعة من الألفاظ الرقيقة العذبة التي اختيرت بعناية لترسم لنا تجربته الشعورية ، ثم صيغت بتراكيب معينة ، وفقًا لأسلوب معين ونظام معين , فكان لنا هذا الشعر .. وهكذا تبين لنا أن العمل الأدبي يتكون من أربع عناصر رئيسية ، وهي :
— العنصر الفكري ( المعنى ) , العنصر الوجداني ( العاطفي ) , العنصر الخيالي , العنصر الفني .
— أما العنصر الفكري , ويسمى أيضًا العقلي , فيشتمل على المعاني والأفكار والبراهيم والحجج , والأدلة والاستنتاجات والمقارنات وحركة الذهن أيًا كان نوعها سواء كان ذلك في الشعر أو في النثر .
— وأما العنصر الوجداني فهو عبارة عن العواطف البشرية والمشاعر والأحاسيس من فرح وحزن , وحب وبغض, وأمل ويأس , وحقد وشفقة , وحنين ونفور , وكآبة وانشراح , وعظمة وصغار , وفخر وانكسار , وغير ذلك مما تتكون منه النفس البشرية .
وأما العنصر الخيالي فهو الذي يمد الأديب بالصور والمشاهد التي يضمنها أدبه .
وأما العنصر الفني فيشمل : الألفاظ والتراكيب والأسلوب , وقد درج الدارسون على قسمة هذه العناصرقسمين كبيرين : أولهما المضمون ويدخل فيه الأفكار والعواطف والأخيلة , وثانيهما -الشكل , ويدخل فيه : الألفاظ والتراكيب والأسلوب .
مراحل التذوق الأدبي عند المتلقي : يمر التذوق بثلاث مراحل ، أو :
في عملية التذوق الأدبي ثلاثة أعمال لابد من القيام بها :
أولها : عمل تمهيدي من شأنه أن يضع الدارس والقارئ في جو النص ؛ يمهد له فهمه والإحاطة بعناصره : وذلك بـ : ( قراءة النص , وفهم معاني مفرداته , ومعرفة نوعه , وصاحبه , وعصره , ومناسبته )
الثاني : دراسة النص من حيث :
- مضمونه الفكري ( أي : دراسة الأفكار في موضوعها وترابطها وعمقها وصدقها وسموها وشمولها وإنسانيتها وجدتها ومدى الابتكار فيها )
- والوجداني ( العاطفي ): ( ويعني دراسة نوع العاطفة ، وسموها وصدقها، وروعتها وقوتها )
- والخيالي : ( ويعني بيان نوعه تفسيري أو تصويري أو خلاق )
الثالث : دراسته من حيث الشكل الفني ومميزاته البلاغية والأسلوبية ، ويتناول :
- دراسة الألفاظ في فصاحتها وحسن اختيارها وتآلفها فيما بينها ومدى الإيحاء فيها .
- دراسة التراكيب في بلاغتها وقوتها وإبداع صاحبها في تأليفها .
- دراسة الأسلوب في نوعه وطبيعته وقوته ، ومدى إبداعه ودلالته على شخصية صاحبه ، وارتباطه بعصره وبيئته , والفن الأدبي الذي ينتمي إليه .
مقومات التذوق الأدبي
وهي : الخصائص الفنية و الجمالية المتمثلة في الألفاظ والصورة الفنية والعاطفة والموسيقى والخيال والأفكار والصياغة ........................ أولاًـ المقومات العامة ، وتشمل:
أ – المقومات اللفظية : تعد الألفاظ اللبنات الأساسية في أي جملة, وهذه اللبنة يختلف معناها باختلاف السياق الذي ترد فيه . وقد عني نقادنا العرب القدماء بتذوق الأصوات والحروف الدالة على معنى الكلمة , ومناسبة الألفاظ للمعاني , وتحدثوا عن صفات الصوت من حيث القوة والضعف والاستعلاء ومشاكله الألفاظ لأصواتها, كذلك أولى البلاغيون البحث في الفصاحة وشروطها في اللفظ والتركيب مكانة متميزة . لذلك ينبغي النظر إلى هذه الجوانب في تذوق الألفاظ : وهي مناسبة الألفاظ لمعانيها ، وصفاتها من حيث الرقة والعذوبة أو الشدة والقوة والجزالة لما سيقت له من المعاني أيضًا . .... وهكذا !
ب – المقومات الأسلوبية :
الأسلوب هو اختيار واع يسلطه المبدع على ما توفره اللغة من سعة وطاقات فنية غنية, فينتقي المبدع منها أكثر مواءمة لمقاصده وغاياته من جهة, وللعمل الإبداعي من جهة أخرى . ........................................... ويختلف الأسلوب باختلاف المبدعين وباختلاف الغرض أو الموضوع الذي يكتب فيه فالأسلوب العلمي يخاطب العقل مخاطبة موضوعية لذلك فألفاظه وضعية عارية من كل زخرف لا يضطر القارئ إلى تأويلها ولا يلحق بها الاحتمالات , أما الأسلوب الأدبي فهو يخاطب العقل والنفس معاً وألفاظه مؤثرة منتقاة موسيقية الوقع محملة مجازًا وإيحاء ويهدف إلى التأثير في المتلقي ودفعه إلى مشاركة المبدع في انفعالاته ومشاعره وأحاسيسه وللخيال المبدع الخلاق فيه نصيب وافر.
جـ - المقومات الفكرية :
هي المعاني الذهنية التي تنقل إلينا بواسطة اللغة , والفكرة هي العنصر العقلي في النص ومظهر فكر الأديب وثقافته, وهي ضرورية للأدب و إلا فهو أدب خامل ضعيف لأنه لا يضيف إلى حصيلة خبراتنا خبرة جديدة , ولا يمدنا بمعلومات وحقائق عن الكون والناس والحياة .
وللفكرة الجيدة في رأي الدارسين مقومات منها:
1- جدة الأفكار : ولا يعني أن تكون غير مسبوقة وإنما نقصد جدة التناول والعرض , فالمبدع يحمل الأفكار من روحه, ويلونها بألوان شخصيته , فتبدو وكأنها مبتكرة. وتذوق النص الإبداعي يسعى إلى اكتشاف الطريقة الخاصة في التفكير لدى الأديب ويوضح القيم التي تضمنها نصه .
2 - ترابط الأفكار : من شروط الأدب الجيد ورود الأفكار في نسق فكري متسلسل, أي أن
تمثل كل فكرة سابقة ولاحقة في آن واحد, سابقة الفكرة تمد لها ولاحقة الفكرة نتيجة لها, بحيث لو
سقطت من النص فكرة أو حتى كلمة لتصدع بناء العمل الأدبي وفقد جماله .
3 - صحة الأفكار : ولا يعني هذا أن تكون المعاني مرادفة للصحة العقلية أو العلمية, بل أن تكون
الأفكار صادقة صدقاً أدبياً أي صادقةً في الشعور والإحساس والرؤى والتخيل, أي مطابقة الأفكار الغرض
الذي جاءت من أجله والمعاني النفسية المترتبة في ذهن مبدعها.
4 - عمق الأفكار : ولسنا نقصد هنا بالعمق الغموض والإبهام والألغاز, وإنما نقصد المعنى العميق الذي لا يدرك للوهلة الأولى وإنما يعطيك الأديب طرفاً منه تتعلق به لدى رغبتك في التأمل وكلما أغرقت في تأمله تكشفت فيه دلالات متعددة ومعانٍ كثيرة , وهي الوقت نفسه تكون ثرية أي قابلة للتأويل بحيث يستطيع كل متلقٍّ أن يضفي على النص من خبراته وثقافته ما يجعل النص الإبداعي نصوصاً متعددة تتعدد بتعداد المتلقين .
5- سمو الأفكار : وهي الأفكار التي تسهم في رفع قدر الإنسان وشأنه لأنها أجل قيمة وأكثر أثراً من الأفكار الداعية إلى التبذل والسفه أو الأفكار السلبية الواقفة موقف اللامبالاة.
د - المقومات العاطفية :
الأدب يقوم على قيمتين أساسيتين هما : قيمة شعورية , وقيمة تعبيرية , فالعواطف هي التي تدفع الأديب لإبداع عمله , والأدب لا يعد أدباً إذا خلي من العواطف التي تعبر عن نفسية مبدعها من جهة, وتهدف إلى إثارة عواطف المتلقي من جهة أخرى , وقد ذكر النقاد للعاطفة مجموعة من المقومات ، وهي :
- قوة العاطفة : و يراد بها قدرة النص الأدبي على استثارة عواطف المتلقين بحيث توجد حالة من التوحد بين شعور المبدع وشعور المتلقي ، والعاطفة القوية غالبًا ما تمنح التعابير من قوتها فيبدو التعبير موحياً حاملاً شحنة من المعنى أوسع من نطاق حروفه .
روعة العاطفة :وهي مانقف حيالها معجبين , فتعترينا الدهشة والإكبار أمام عظمتها, و العاطفة الرائعة عاطفة جليلة تتجاوز العادي والمألوف لتصبح ضرباً من التفوق .
سمو العاطفة : وهي التي تدفع إلى نوع من السلوك المثالي كحب الوطن والمروءة والوفاء .. . ولا يعني هذا أن يتحول الأدب إلى عظات ووصايا أخلاقية ,ولكن العبرة في جمالية القول الذي قد يتضمن العواطف
-----------------------------

المنحطة ولكن يشرح خطرها وأثرها السلبي على الفرد والمجتمع معاً, فالأدب لا يمكن أن يتفلت من رسالته الإنسانية أبداً.
ه - المقومات الخيالية :
الخيال : هو القدرة على رؤية مالها يُرى واستحضار ما ليس حاضرًا , أي هو تجسيد المعاني والأشياء و الأشخاص, و تمثيلها أمامنا حتى تثير مشاعر المتلقي وأحاسيسه ، وللخيال مصادر منها : ....1 – المعلومات وغزارتها .
2 – الوجدان ونصيبه من التأثر والحساسية وقوة الاستجابة
3 – الحرية التي تبعث في نفس المبدع النشاط والإقدام والابتعاد عن التوجس و الخوف , ولا بد من الإشارة هنا إلى أن قوة الخيال ترتبط بقوة العاطفة, فإذا كانت العاطفة قوية بعثت خيالاً قوياً خصباً وإلا فالخيال سيكون هزيلاً شاحباً.
وللخيال ثلاثة أنواع , هي:
1- الخيال التفسيري : ويسمى هذا النوع باسم الخيال البياني ,ومعناه أن الشاعر يريد أن يفسر عاطفته إزاء أمر ما ,وأن ينقل إليك إحساسه كما أحس تماماً فيأتي لك بصور تستطيع أن تنقل إليك هذا الإحساس أو الشعور عن طريق التشبيه والمجاز والكناية .
2– الخيال التأليفي : يتناول من الواقع المحسوس مادته ,إنه يمزج بين أشياء متنوعة من هذه المادة المحسوسة
وتخرج منها صوراً جديدة ليست في العالم الواقعي ,مثلما فعل امرؤ القيس حينما وصف فرسه .
فالخيال التأليفي هو أن تصف مايثيره فيك منظر من المناظر .
3 – الخيال الإبداعي / الخلاق/ : هو الذي يبدع العوالم ويبدع الصور والمشاهد, ويحمل المتلقين إلى آفاق وهمية يطلعون منها على وقائع العيش ويجدون فيها ما يحلمون ببلوغه, وهنا يتحول المحسوس إلى مجرد, والمادي إلى معنوي ,ولسنا ننكر أنه يستفيد من تجارب الآخرين ولكنه يضيف إليها أشياء جديدة مبتكرة أو يولف بينها بطريقة تجعلها مبتكرة .
6-المقومات التصويرية :
الصورة الفنية هي واحدة من الأدوات التي يستخدمها الأديب في بناء عمله,فبواسطة الصورة يعبر الشاعر عن أحاسيسه وأفكاره وخواطره تعبيرا ًفنياً ويصور رؤيته للوجود وللعلاقات الخفية بين عناصره ويتم ذلك عن طريق التشبيه والمجاز والكناية ... أما عن مقاييس نقدها فتتصل بـ :
• مدى قدرتها على خدمة المعنى
• واستقامتها مع السياق وصحة تركيبها
• ودقتها التعبيرية وإثارتها للمشاعر.
ثانيا – المقومات الشعرية :
للشعر مقومات خاصة علاوة على المقومات سالفة الذكر ومن هذه المقومات ما يلي :
1 – المقومات البنائية :
أ – مطلع القصيدة : اهتم النقاد اهتماماً كبيراً بمطلع القصائد, فطالبوا الشعراء أن يبذلوا جهداً في استهلال قصائدهم لأنها هي الأثر الأول الذي يواجه المتلقي فيجذب إليها ,أو يعزف عنها ومن شروط مطلع القصيدة أن يكون دالا ًعلى ما بنيت عليه مشعراً بغرض الناظم من غير تصريح ,بل بإشارة لطيفة تعذب حلاوتها في الذوق السليم .
ب – حسن التخلص :وهو الانتقال من معنى إلى معنى أو من غرض إلى غرض بحسن وتلطف حتى لا يشعر المتلقي بغرابة أو بنبو.
ج – حسن الخاتمة : والشعراء يعنون به عناية كبيرة إذ أنه آخر ما يبقى في الأسماع, وربما حفظ من دون سائر الكلام في غالب الأحوال, ويجب أن تكون الخاتمة مركزة لا تحتاج إلى شئ بعدها. 2 – المقومات الموسيقية : المقوم الموسيقي جاءنا مكتملاً منذ العصر الجاهلي ويقوم على : .................... أ – الإيقاع : ويقصد به وحدة النغمة التي تتكرر على نحو ما في الكلام أو في البيت أي توالي الحركات والسكنات على نحو منتظم في أبيات القصيدة ، والإيقاع في الشعر تمثله التفعيلة في البحر العربي...
ب – الوزن : وهو مجموع التفعيلات التي يتكون منها البيت ، ثم القصيدة ، وقد سعى بعض الباحثين إلى الربط بين موضوع القصيدة ووزنها وقافيتها ؛ أي جعلوا لكل غرضٍ وزنًا يليق به . وثمة خلاف حول صحة هذا الربط ؛ لأن الشعر والمشاعر لا يمكن أن تضبط ضبطاً دقيقاً.
ثالثاً : مقومات فن النثر
لكل فن من الفنون النثرية مقوماته الخاصة به , ولكننا سنقتصر على فنين فقط من الفنون النثرية
وهما: فن القصة القصيرة , وفن المقالة ، لأنهما صورة مصغرة لمعظم الفنون النثرية , حيث إن فن القصة القصيرة يتشابه في مقوماته مع بعض الفنون النثرية الأخرى مثل : القصة , والرواية , والمسرحية النثرية , أما عن فن (المقالة) فهي تتشابه مع فني الرسالة القديم , والخطبة.
مقومات القصة القصيرة:
تقوم القصة القصيرة على مجموعة من الأسس الفنية التي تعد قاسماً مشتركاً بين الأنواع الأدبية الثلاثة ( الرواية, القصة, القصة القصيرة ) وإنما يرجع الاختلاف إلى حجم هذه الفنون من جهة , وطريق البناء من جهة أخرى ، وهذه الأسس هي :
(أ) الفكرة:
الفكرة هي الأساس الذي يقوم علية البناء الفني للقصة , وهي المضمون أو المعنى والمقصود ، فالفكرة هي الأمر الذي من أجله خلق الكاتب شخصياته وأحداثه , فمن المؤكد أن المؤلف لم يقدم على هذا عبثاً, وإنما ليقرر فكرة ويدعمها ، أو ينفر من فكرة ما . وهو لا يكون دائماً إيجابياً في أثره .
ويقع على القارئ عبء كبير في التقاط الفكرة الأساسية للقصة , حيث لا يستقل بها جزء من القصة دون جزء ولا عنصر دون عنصر , وإنما تتوزع بعناية فائقة تبدأ مع بداية القصة, ثم تصحبها ماثلة في كل مكوناتها حتى تسهم في إحداث الأثر الكلي المرجو منها , وعند ذلك يمكن القارئ أن يحدد موقفه من تلك الفكرة .
وحين يبحث القارئ عن مصدر إعجابه بقصة قرأها سيجد أن فكرتها كان لها أثر في هذا الإعجاب ، لذلك ينبغي أن تكون على قدر كبير من الخبرة والتجارب والقدرة إلى النفاذ إلى الحقائق الأشياء بقدر المستطاع .
ب) الشخصية:
تعد الشخصية العمود الفقري للقصة ولابد أن تكون الشخصيات مقنعة فنياً بدورها داخل عالم القصة ، وهي في كل ما تقوم به من أفعال وأقوال يجب أن تكون ممكنة الحدوث أو التماثل مع واقع الحياة اليومية التي يحياها البشر بالفعل.
أن الحدث والشخصيات يتفاعلان معاً لتكوين الفعل أو الحركة في العمل القصصي . لذلك يجب على الكاتب أن يعنى برسم أبعاد شخصياته .
أبعاد الشخصيات : وهذه الأبعاد ثلاثة هي :
الجانب الخارجي: ويشمل المظهر العام والسلوك الخارجي للشخصية.
الجانب الداخلي : ويشمل الأحوال النفسية والفكرية والسلوك الناتج عنها.
الجانب الاجتماعي:ويشمل المركز الذي تشغله الشخصية في المجتمع وظروفها الاجتماعية بوجه عام .
(ج) الحبكة الفنية :
أقسام الحبكة :
( أ )- الحكايـة
ب- العقـدة والحل .
أولاً: الحكايـة :
هي عبارة عن مجموعة أحداث مرتبة ترتيباً سببياً تنتهي إلى نتيجة طبيعية لهذه الأحداث وهذه الأحداث المرتبة تدور حول موضوع عام هو التجربة الإنسانية .
ما هو الفرق بين التجربة الإنسانية والتجربة الشعورية ؟؟؟
التجربة الإنسانية : موضوعية اجتماعية بطبيعتها.
أما التجربة الشعورية : ذاتية في جوهرها.
القصة صورة للحياة الإنسانية فإن قيمتها تقاس بكمية ودرجة الحياة التي تفرضها , ومرد ذلك كله إلى الإمتاع فمتى كانت القصة ممتعة كانت مقبولة وإلا ضاعت قيمتها وإن عالجت تجارب خطيرة وحوادث هامة فعلى القاص أن يختار عناصره جامعة بين خاصتين هما :
الأولى : أن تكون من الحقائق القوية ذات الأثر البعيد في سير الحياة الإنسانية
الثانية : أن تبعث عواطف عامة قوية يشترك فيها الأفراد جميعا
التجربة القصصية لابد أن تتسم بالصدق , وهذا الصدق ليس بالضرورة أن يكون القاص قد عاناها
بنفسه بل يكفي أن يخلصها ويؤمن بها .
ثانياً: العقدة والحل:
فالعقدة هي بؤرة الفكر أو المركز الذي تلتقي عنده الأحداث حين تبلغ قمة تعبيرها عن الفكرة, وذلك أن القصاص لا يعرض فكرته عرضاً منطقياً منبسطاً مثلما يفعل الباحث الاجتماعي , وإنما يخفيها أول الأمر ويأخذ في عرض لقطات جانبية لها تصورها الأحداث المتتابعة بحيث يعطى كل حدث منها جزءاً من الصورة
الكلية التي لا تتضح معالمها الكاملة إلا بعدما تتجمع كل الأحداث حول بؤرتها.
العقدة هي أعلى درجات التكيف الخاص بالمشاعر ثم تبدأ الأشياء تتضح في مرحلة التنوير (الحل) وهذه المرحلة تفتح طرائق مختلفة إلى نهاية القصة .
(د) السرد:
يقصد به الطريق التي يصف بها الكاتب جزءاً من الحدث أو جانباً من جوانب الزمان والمكان اللذين يدور فيها أو ملمحاً من الملامح الخارجية للشخصية أو قد يتوغل في الأعماق فيصف عالمها الداخلي ، وما يدور فيه من خواطر نفسية أو حديث خاص بالذات .
أهم طرائق السرد:
السرد الوصفي: وهي طريقة تقدم السرد القصصي من منظور المشاهد البعيد الذي يصف ما يرى من خلال ضمير الغائب (هـو)و التسلسل الذي يأتي من الخارج أو عن طريق حياد المؤلف المزعوم .
مزايا السرد الوصفي:
أ- إنها وسيلة صالحة لأن يتوارى السارد فيمرر ما يشاء من أفكار , وأيديولوجيات, وتعليمات وتوجيهات , وآراء دون أن يبدو تدخله صارخاً ولا مباشراً.
ب- تجنب الكاتب من السقوط في فخ الأنا .
ج- إن اصطناع هذه الطريق يحمي السارد من إثم الكذب الذي يجعله مجرد حاكٍ يحكي لا مؤلف يؤلف .
د-إن مؤلف الطريقة تتيح للكاتب أن يعرف عن شخصياته وأحداث عمله كل شيء.
طريقة السرد الذاتي :
ويكون على لسان المتكلم ، وبذلك يجعل من نفسه وأحداث شخوص القصة شخصية واحدة .
أهمية الحوار:
• تطوير موضوع القصة.
• التخفيف من رتابة السرد.
• يساعد في رسم الشخصيات .
• يساعد في تطوير موقف في القصة أو صراع عاطفي أو حالة نفسية
• يضفي على القصة تلك اللمسة الحية التي تجعلها أكثر واقعية في نظر القارئ.
---------------------------

طبيعة التذوق الأدبي
- التذوق الأدبي هو قدرة في الطبيعة الإنسانية تجعل صاحبها مستمتعاً بالجمال في الأعمال الفنية وبالأدب خاصة .
- وقد تزامن ظهور التذوق الأدبي بظهور فن الأدب ، ولقد رأينا كتب النقد العربي تنقل لنا بعض الآراء التذوقية عند سماعهم لقصائد كبار الشعراء الجاهليين .
- ولعل أوضح مثال على تمتع الشاعر العربي بحس تذوقي ما روى أن امرأ القيس وعلقمة بن عبدة تنازعا في الشعر أيهما أشعر واحتكما إلى أم جندب زوج امرئ القيس ،ولعلها كانت شاعرة فقالت لينظم كل منكما قصيدة يصف فرسه فيها والتزما وزناً واحداً وقافية واحدة ،فصنع كل منهما بائية من وزن الطويل ،وأنشدا القصيدتين ،فقالت لزوجها :علقمة أشعر منك ، قال وكيف ؟ قالت لأنك قلت :
فـللسوط ألهوب وللساق درةٌ وللزجر منه وقع أخرج مهذبِ
فجهدت فرسك بصوتك في زجرك ومريته فأتعبته بساقك .
وقال علقمة :
فأدركهـن ثانياً من عنانه يمر كمر الرائح المتسحلب
فأدرك فرسه ثانياً من عنانك ،ولم يضربه بسوط ولم يتعبه .
أولاً : مفهوم التذوق الأدبي
تعددت تعريفات التذوق الأدبي، وقد سعى الباحث لتصنيف هذه التعريفات في خمسة محاور هي كالتالي :-
1- تعريفات أكدت أن التذوق الأدبي ملكة أو حاسة فنية .
فتحدد معاجم اللغة معنى التذوق بأنه : حسن الذوق للشعر فهامة له خبير بنقده .
- ويعرفه د/ شوقي ضيف بأنه ملكة تنشأ من طول الإنكباب على قراءة الشعر وآثار الأدباء في القديم والحديث بحيث تصبح استجابة صاحبها لما يقرأ استجابة صحيحة .وأصحاب هذا الرأي يرون أنه كي تظهر هذه الملكة لابد من مصاحبة أعمال الأدباء حتى يصقل ذهن المتلقى .
2- تعريفات أكدت أن التذوق هو الفهم الدقيق لعناصر النص الأدبي .
أي : العناصر الأساسية المكونة للعمل الأدبي ؛ من فكرة عميقة ، وموسيقى عذبة ، وعاطفة قوية ، وخيال مبتكر ، مع اعتبار أن الفهم يعين على التذوق فلا تذوق دون فهم ولا فهم دون تذوق ؛ فهو نوع من السلوك ينشأ من فهم المعاني العميقة في النص الأدبي والإحساس بجمال أسلوبه .
3- تعريفات أكدت أن التذوق هو خبرة تأملية جمالية .
وقد ركزت على الأثر الذي يتركه العمل الأدبي في نفس المتلقي ، ويتمثل في الشعور بالمتعة الفنية في أثناء
تفاعله مع العمل الأدبي ، ذلك التفاعل الذي يجعل المتلقى يتوحد مع التجربة الشعرية التي عاناها الأديب .
4- تعريفات أكدت أن التذوق هو استجابة وجدانية .
أي أن التذوق الأدبي إنما هو انفعال يدفع الفرد إلى الإقبال على القراءة و الاستمتاع في شغف وتعاطف ، وإلى تقمص الشخصيات في الأثر الأدبي والمشاركة في الأحداث والحالات الوجدانية التي تصورها الأديب .
5- تعريفات أكدت أن التذوق هو تقدير العمل الأدبي .
يرى فؤاد أبو حطب أن التذوق ما هو إلا نمط مركب من السلوك يتطلب في جوهره إصدار أحكام على قيمة العمل أو موضوع من الناحية الجمالية .
بين الذوق والتذوق :
- هناك مصطلحان متشابهان في مجال الدراسات الأدبية والنقدية هما الذوق والتذوق ، والحقيقة أن هناك علاقة وثيقة بين الذوق والتذوق الأدبي وليس بينهما خلاف كبير سوى أن التذوق الأدبي يرتبط بأحكام موضوعية وله ضوابطه ومعاييره ومستوياته التي تفوق الذوق في بعض جوانبه . إلا أن كلاً منهما يحتاجان إلى نوع من التربية ؛ فهما لا يأتيان عرضاً وإنما يحتاجان إلى معايشة النص الأدبي ، ويحتاجان كذلك إلى خبرة وثقافة ؛ لأن التذوق وإن كان ملكة فإنما ينمو بالتعهد والرعاية .
خصائص التذوق الأدبي :
أ- التذوق نشاط إيجابي : فهو يتطلب تفاعلاً واندماجاً من المتلقي مع العمل الأدبي .
ب- التذوق استجابة لمقومات العمل الأدبي : أي ما يتضمنه العمل الأدبي من خصائص فنية وجمالية من: أفكار عميقة ، وخيال مبتكر ، وعاطفة صادقة ، وألفاظ موحية ، وأسلوب شائق ، وموسيقى جميلة .
ج- الفهم يسبق التذوق : فلا بد من أن يفهم المتلقي أجزاء العمل الأدبي فهماً يقوم على الإحاطة بها جميعاً .
د- التذوق خبرة تكاملية : فلا بد أن تتكامل تلك الخبرة وتتوفر فيها عدة أبعاد هي :
1- البعد العقلي : ويقصد به استخراج الأفكار والمعاني .
2- البعد الوجداني : ويقصد به تحديد القارئ لأحاسيس الكاتب .
3- البعد الجمالي : أي القدرة على تحديد الجمال في كل كلمة أو صورة أو أسلوب وبيان قدرتها على أداء المعنى.
4- البعد الاجتماعي : وهو تحديد المرحلة العمرية، وكذلك العادات والقيم الاجتماعية السائدة والتي قصدها الأديب .
ثانيا ً: أهمية التذوق الأدبي
- إن تربية التذوق ليس وسيلة تسلية للإنسان وإنما هو من أهم مقومات وجود الإنسان بحيث يستحيل أن يكون الإنسان إنساناً دون تذوقه لمفردات الكون من حوله .
- وللأدب رسالة وغاية ،هي تهذيب الشعور والأخلاق وتنقية النفس من أدرانها وإشباع الحاجات الوجدانية وغرس القيم وتعديل السلوك ، فتذوق العمل الأدبي يساعد على ترقية الحياة عموماً .
- أهمية التذوق بالنسبة للمتذوق :
يقول الأستاذ أحمد الشايب إن صاحب الذوق السليم يقدر على :
1- تقدير الآثار الفنية والأدبية وإدراك ما في هذا العالم من جمال وانسجام .
2- الاستمتاع بهذا الجمال والشعور باللذة والسرور عند إدراكه واجتلائه .
3- محاكاة ذلك الجمال في الأعمال والأفكار .
سادساً : مصادر تكوين الذوق الأدبي :
ذكر بعض الباحثين بعض الأسس التي تسهم في تكوين التذوق الأدبي ، ومنهـا :
1-الإطلاع الواسع على الأدب الجيد من الشعر والنثر .
2-مزاولة محاكاتها والنسج على منوالها عن طريق تقليدها .
3-توفر الموهبة والاستعداد الفطري .
ومن هذه المصادر أيضّا :
1-مخالطة الصفوة من رجال الأدب ، ومطالعة الروائع العالمية لعباقرة الفن .
2-العقل المتزن :العقل الذي يحكم ويوضح الحقائق ، ويقنع بحجج الناقد استحساناً أو رفضاً.
3-العاطفة :وهي الشعور الواقع على النفس مباشرة عن طريق الحواس .
* * *

--------------------------------

المحاضرة السابعة والثامنة
موازنة بين سينية البحتري ومعارضة أحمد شوقي لها

مفهوم المعارضة
المعارضة هى فن شعرى يحاكى فيه الشاعر شاعرا آخر فى إحدى قصائده ويلتزم وزنه وقافيته ويتتبع معانيه.وقد عارض شوقي قصيدة البحتري التي مطلعها :
صنت نفسي عما يدنس نفسي
-وشوقي في معارضته يثبت أن المتذوق للعمل الأدبي بطول صحبته لأعمال الأدباء الكبار ينتقل من التقدير إلى الاستمتاع حتى يصل إلى المحاكاة حينما تتوفر دواعي الإلهام والموهبة .

سينية البُحتري :

البحتري يصف إيوان كسرى
التعريف بالشاعر :
هو أبو عبادة ، الوليد بن عبيد ، والبحتري لقب عرف به الشاعر نسبة إلى أحد أجداده " بحتر" ، ولد بمنبج قرب حلب بسوريا عام 204هـ ، اتصل بأبي تمام فتأثر به وأكتسب منه فصاحة اللسان وجمال الأسلوب ، ذهب إلى بغداد واتصل بالخلفاء والوزراء ومدحهم وخاصة الخليفة المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان ، وتوفي عام 284هـ ، برع البحتري في الوصف والغزل ..

¢مناسبة النص :
زار البحتري إيوان كسرى ، وهو قصر الأكاسرة بالمدائن جنوب بغداد إثر مقتل الخليفة المتوكل ، فأعجب به أشد الإعجاب ، واستلهم من بنائه الضخم ، ومن الرسوم الرائعة على جدرانه سينيته هذه والتي اشتكى فيها من ضيقه وهمومه وتصبر بآثار كسرى والفرس

النص:
1-- صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ
2-وتماسَكتُ حينَ زَعزَعني الدَّهـ ـرُ التماساً منه لتَعْسِي ونَكْسي
3-حَضَرَتْ رَحْلِيَ الهُمومُ فوجَّـ ـهتُ إلى أبيضِ المدائنِ عَنْسي
4- ذَكَّرتْنيِهُمُ الخُطوبُ التّوالي ولقد تُذْكِرُ الخطوبُ وتُنْسي
5- لو تراهُ عَلِمْتَ أنّ اللّيالي جَعَلَتْ فيهِ مأتماً بعدَ عُرْسِ
6-فإذا ما رأيتَ صورةَ أنطاكِيّـ ـةَ ارتَعْتَ بينَ رومٍ وفُرْسِ
7- والمنايا مواثِلٌوأنوشِرْ وانَ يُزجي الصّفوفَ تحت الدِّرَفْسِ
8-وعراكُ الرِّجالِ بينَ يَدَيْهِ فـي خُفوتٍ مِنْهُم وإغماضِ جَرسِ
9- تَصِفُ العينُ أَنَّهم جِدُّ أحياءِ لَهُم بَيْنَهُمُ إشارةُ خُرْسِ
10-يَغْتلي فيهمُ ارتيابيَ حتّى تَتَقَرَّاهُمُيَدايَ بِلَمْسِ

المفردات :


¢2- زعزعني : حركني بشدة ، نكسي : إذلالي


¢3- (رحلي : (الرَّحْلُ : كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع وغيره ، الهموم : الأحزان ، أبيض المدائن : المراد عاصمة الفرس وهي تتألف من مدائن عدة ، عنسي : ناقتي ..

¢
4-الخطوب : مفردها الخَطْبُ وهو الحال والشأن والأمر الشديد ،
¢التوالي: المتتابعة


¢5- مأتماً ( أَتَمَ ) : الجماعة من الناس في حزن ..جمع مَآتِم ، عرس : الزفاف والتزويج ..جمع أعراس ..

¢

6-أنطاكية : أنطاكية مدينة عريقة وكبيرة تقع في جنوب تركيا وتبعد عن الحدود السورية بنحو 30 كيلومترا ، ارتعت :فزعت
¢
7- المنايا: مفردها المنيّة وهي الموت ، مواثِلٌ :ماثلة وشاخصة وقائمة ، أنو شِروان : من أشهر ملوك الفرس ، يزجي :يرسل ويوجه ، الدّرفس : العلم أو الراية ..
¢
8-عراك : قتال ، خفوت : هدوء وسكون ، إغماض : خفاء ، جرس : الخفي من الصوت ..
¢
9-- جِدّ : لم يهزل ، خرس : مفردها أخرس وهو من انعقد لسانه عن الكلام
¢ ..
10- يغتلي ( غلو ) : يتعاظم ، ارتيابي ريب: الشك ، تتقرّاهم: تتّبعه لتتحقق منه ..



شرح الابيات والافكار الرئيسه في القصيدة:


- في البيتين 1-2 الفخر بالنفس


¢1- يفتخر الشاعر بنفسه حيث أنه حفظ نفسه من كل ما يسيء إليه ويلوث سمعته ، فقد ترفع عن طلب العطاء من الجبان اللئيم ..

2- وقد أراد الدهر أن يذله ويقهره لكننه تماسك أمام عوادي الدهر وقابلها بخلق قوي وعزم راسخ ..






¢1- صنت : حفظت ، يدنس : يوسخ ، جدا ( جدو) : العطاء ، جبس : اللئيم الجبان..



- في البيتين 3-4 سبب رحيل الشاعر للمدائن
¢3-يبين الشاعر سبب رحيله حيث كثرت الهموم عليه وكثرت أحزانه لمقتل الخليفة المتوكل ووزيره مما جعله في ضيق من العيش ؛ فدفعه ذلك إلى توجيه ناقته للمدينة البيضاء ليسرِّي عن نفسه بعض ما فيها من الأحزان ..

¢4- وإن أحداث الدهر والمعاناة التي يعانيها الشاعر في معيشته ومقتل المتوكل ووزيره دفعته لتذكر مصير هؤلاء القوم ، فلا عجب فإن المصائب منها ما يذكرك ومنها ما ينسيك

الأبيات من 5-10 وصف لإيوان كسرى :

¢5- يصف الشاعر إيوان كسرى الذي من يراه يوقن بأن الأيام والليالي قد جعلت الحزن سمة له بعد أن كانت لا تفارقه الأفراح.
¢
6- وقد امتلأ القصر باللوحات الجدارية الجميلة التي تصور حروب ومعارك الفرس مع الروم وقد شد انتباه الشاعر مشهدا على جدار القصر يمثل معركة دائرة بين الروم والفرس ويصفها وصفا دقيقا.
¢
7-وقد شُخِص فيها الموت وعنف اللقاء ، ويظهر فيها أنوشروان وهو يوجه جنوده ويدفعهم تحت رايته .
¢
8- وتدور رحى المعركة بين المقاتلين في سكون وهدوء وصوت خفي ، يكاد الشاعر يسمع صوت جرسا خافتا مبهما لا وضوح فيه من شدة إتقان الصورة.



¢9- فالعين بكل ما تراه من حركة تكاد تقر أنهم أحياء ولكنهم يستعملون بينهم لغة الإشارة.



10- تعاظم شكي في هذه اللوحة حتى ظننت أنهم أحياء بالفعل ، مما دفعني إلى لمسهم بيدي حتى أتأكد من كونها صورة لا حقيقة.

شوقي يعارض سينية البحتري



التعريف بالشاعر :




شاعر مصري عربي ، جركسيالأصل ، تعلم تعليمه الثانوي بالقاهرة ودرس الحقوق في فرنسا أعجب بالشعر الأموي والعباسي وتمثل أشعار البحتري وعارض الكثير من القصائد على نهج الإحيائيين ..

نفي لإسبانيا ( برشلونة ) وعاد لمصر وقد اتسعت جوانب ثقافته ما بين العربية والتركية والفرنسية ، وفي عام 1927 بويع أميرا لشعراء العرب.

وقد نظم شوقي في معظم الأغراض الشعرية القديمة كما برع في الشعر الوطني والديني والاجتماعي




¢جو القصيدة :




نفي أحمد شوقي إلى الأندلس ومر بقصر الحمراء فهاجت الذكرى في نفسه فكتب هذه القصيدة

وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها مستوحيا قصيدته هذه من سينية البحتري



¢

¢4- وعظ : نصح ، إيوان كسرى : قصر كسرى ، شفتني : وعظتني ، عبد شمس :



¢5-يرعني ( روع ) : يفزعني ، ثرى : التراب الندي ، قرطبي : نسبة إلى قرطبة ، لمست : أحسست وشعرت ، عبرة : جمعها ( عبرات) وهي العظة.


¢6-أنيس : المُؤانِسُ، وكلُّ ما يُؤْنَسُ به. وما بالدار أَنيسٌ، أي أحد ، محس : من يحسّ بالحياة ..


7- الحادثات : مفردهاحادثة وهي الأمور العظيمة أو المصائب ، النّعي ( نعي ) : الناعي، وهو الذي يأتي بخبر الموت ، عرس : الزفاف للتزويج ..


¢8-مرمر : الرُخامُ ، كلّةُ : غير حادة ، لينات : اللين ضد الخشونة وهو الناعم الأملس ، المجس : موضع اللمس.


¢9-كتائب : مفردها كتيبة وهي الجيش ، صم : لا يسمعون ، حفاظ : الدفاع عن المحارم ، موكب الدفن : الجنازة ، خرس : لا يتكلمون ..


¢10- نعشا : : سرير الميِّت، سمِّي بذلك لارتفاعه. فإذا لم يكنْ عليه ميّت فهو سرير، والمراد السفن ، العرش : سريرُ الملك ..


¢11- فاتك ( فوت) : الفوات والترك عن جهل ، التفات : الإكثار من التلفت ، التأسي (أسي ) : التجمّل والتصبّر ..

شرح الأبيات والأفكار الرئيسة للنص :



¢1-الأبيات من 1-3 الحنين والشوق للوطن :


1- إن مرور الأيام وتعاقب الليل والنهار يجعل الإنسان ينسى ما تقادم عهده من أحداث ، فأرجو منكما يا رفيقي أن تذكراني بأيام الصبا الجميلة ، وما كنت أشعر به من سعادة وسرور ، وأنا أمرح بأرض مصر الحبيبة ..


2-وأرجو منكما يا صديقيّ أن تسألا مصر الحبيبة الغالية ، هل نسيها الفؤاد أو غابت صورتها لحظة عن الوجدان ، أو تمكن الزمان من علاج ذلك القلب الذي جدّ به الشوق إليها ، فاندمل الجرح وشفي ذلك القلب ؟




3- ومما يدعو إلى العجب أن يحرمنا الاستعمار الإقامة بأرضنا ، والتمتع بخيراتها ، ويحتلها هو ومن جاء معه من جنود الغرب ، وكأننا بلابل حرمت من أشجارها التي تربت ونشأت فيها ، ولتتمتع بها طيور غريبة مختلفة الأنواع والأجناس ..


¢2- الأبيات من 4-5 (قصر الحمراء أثار في نفسه الأشجان(


-التمس البحتري العبرة والعظة في إيوان كسرى ، وشاعرنا مثله وعظته قصور الأندلس التي أقامها العرب المسلمين من القدم ..


¢
- لم يفزعه فيما رأى بقرطبة سوى الحال الذي كانت عليه والواضح من خلال القصور والحدائق والبساتين وما آل إليه العرب فيها مما أكسبه العظات الكثيرة









¢3- الأبيات 6-8 (وصف حال قصر الحمراء)

6-يتحسر الشاعر على مجد العرب الذي اندثر، فيرى قصر الحمراء لم يعد بهإنسان ، ولا يستشعر لأصحابه حياة فيه ..


7- فقد أتت المصائب المتوالية عليه ومشت في أرجائه وكأنها تحمل خبر وفاة مجد العرب فيها بعد أن كانوا يحيون فيها ..


8- فترى في القصر كتل من الرخام وقد مثلت عليها الأسود لكن أظافرها أصبحت غير حادة وصار ملمسها ناعم من بعد الخشونة ..



¢4- الأبيات 9-11 وصف خروج العرب من الأندلس
¢
9-فقد خرج المسلمون منها تاركين حضارتهم لا يملكون فعل شيء للدفاع عن محارمهم وكأنهم يسيرون في جنازة ساكتين صامتين ..



¢10- خرجوا منها مستقلين السفن وكأنها نعوشهم والتي كانت في عهد آبائهم تستخدم في إقرار الحكم لهم وإبراز قوتهم ..


11- فإذا فات الإنسان عن جهل أن يعود ويتأمل ماضيه فلن يجد ما يعينه على التجمل والتصبر على ما يصيبه ..



حين نوازن بين هاتين القصيدتين ، فإننا نوازن بين القديم والجديد ، فنجد أن البحتري يفخر بنفسه ويعبر عن ذاته ويستحضر العبرة والعظة مما آل إليه الفرس ، بينما نجد شوقي يمزج بين الذاتية والتجربة العامة ، وهو يستلهم التراث ، ويتذكر ويقول الحكمة التي تنم عن فكر عميق وتأمل دقيق ؛ لذا تفوق شوقي على البحتري ..

اتفق الشاعران في إحساسهما بالألم ؛ فشوقي يتألم لضياع مجد العرب وتراثهم في الأندلس ، والبحتري يتألم لضياع إيوان كسرى ، إلا أن عاطفة شوقي وإحساسه بالمرارة أكثر وأشد إيلاما وعمقا ..
كلاهما أجاد في التعبير ، وكذلك أجادا في التصوير ..
الأفكار بين القصيدتين :



¢

نرى البحتري يبين سبب الألم والحزن الذي أصابه ، ثم ذهابه للمدائن للتسري ، ووصفه إيوان كسرى الذي يدل على مصير الفرس وأخذ العبرة من كل ذلك . كما رأينا شوقي يبدأ قصيدته بالحنين للوطن ، ثم تعرض للتاريخ وعبره واصفا قصر الحمراء والذي يدل على المصير الذي لحق بالمسلمين وخروجهم من الأندلس مطرودين ..
فنجد الأفكار عند كليهما فيها ترابط وعمق ، واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض ، وقد مال الشاعران إلى التحليل والتعليل ، وبالرغم من تعدد الأفكار عندهما إلا أن أفكار البحتري يربطها خيط واحد وهو أخذ العبرة والعظة من أثار السابقين ، بينما أفكار شوقي يربطها رابط واحد وهو الحنين إلى الوطن والأمل في العودة إليه ..
العاطفة في القصيدتين :



¢

سيطر على كلا الشاعرين عاطفة الحزن والألم ؛ فشوقي يتألم لضياع مجد العرب وتراثهم في الأندلس ، والبحتري يتألم لضياع إيوان كسرى ، إلا أن عاطفة شوقي وإحساسه بالمرارة أكثر وأشد إيلاما وعمقا .. وقد كان لهذه العاطفة أثرها في التعبير والتصوير ..

الصور والأخيلة :


لقد عبر الشاعران عن عواطفهما بصورة دالة جميلة معبرة كان للبحتري الفضل في ابتكارها فنجد البحتري يصف تبدل حال الإيوان ( لو تراه علمت أن الليالي جعلت فيه مأتما من بعد عرس ) ويقلده شوقي في الصورة ( مشت الحادثات في القصر مشي النعي في دار عرس (

ونجد الصور عندهما جزئية جاءت لتوضيح الفكرة وإبراز العاطفة ويميل الشاعران فيها إلى التشخيص والنصان مليآن بالاستعارات والتشبيهات .كقول البحتري :( الليالي جعلت فيه مأتما ) استعارة مكنية شبه الليالي بالإنسان وحذف المشبه به وأتى بشيء من لوازمه وهو ( جعلت ) ..وقوله :( المنايا مواثل ) استعارة مكنية شبه المنايا بالإنسان وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ( مواثل

وسر جمالها التشخيص ، وهي تدل على الرعب الذي أضفته الصورة في نفس الشاعر



¢وكانت أبيات شوقي لا تقل ثراء عن أبيات البحتري من حيث الصور الجزئية أو الاستعارات كقوله :


¢وعظ البحتري إيوان كسرى) : استعارة مكنية حيث شبه الإيوان بالواعظ الناصح وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه ) وعظ(.

)شفتني القصور) : استعارة مكنية حيث شبه القصور بالواعظ الناصح وحذف المشبه به وأتى بما يدل عليه شفتني



(خرج القوم في كتائب صم عن حفاظ كموكب الدفن خرس ) تشبيه تمثيلي حيث شبه خروج المسلمين من الأندلس لا يستطيعون عمل شيء لأنفسهم ، بالذين يسيرون في جنازة صامتين لا يستطيعون تقديم شيء لأنفسهم ..

الألفاظ والأساليب بين القصيدتين :
لغة الشاعرين جزلة فخمة ، وقد أحسن الشاعران في اختيار الألفاظ التي تعبر عن المعاني ، فقد استخدما ألفاظا متجانسة مع بعضها كقول البحتري (جبس) فغرابة الكلمة جعلتنا ندرك ترفعه عما حوته من معنى الدناءة وما تضمنته من بخل ولؤم ، وهي أشد وقعا من غيرها لتصوير العواطف وإيجاد التوازن الموسيقي ، فالألفاظ بصفة عامة سهلة موحية ملائمة للجو النفسي كما أن العبارات جاءت محكمة عندهما .وقد تفنن شوقي في انتقاء ألفاظه كاختياره لفظة (اختلاف) لفظة دقيقة تدل على التعاقب باستمرار ، وهي أجمل من انقضاء التي تدل على الانتهاء.
أما الأساليب
بالنسبة للقصيدتين : نوّع الشاعران فيهما بين الأساليب الخبرية التي توحي بالحزن كقول البحتري (حضرت رحلي الهموم)*و كقول البحتري (( صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي ) أسلوب خبري الغرض منه التقرير ، وكذلك في (وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ ) ، وهو يجري مجرى الحكمة ..) وقد استخدم شوقي هذه الأساليب الخبرية للأغراض نفسها فقد ورد لديه أسلوب خبري يفيد استمراره في الحزن كقوله (مشت الحادثات ) وكقوله : (شفتني القصور من عبد شمس ) ولم يخلُ أيضا أسلوب شوقي من الخبرية التقريرية كقوله :( وإذا الدار ما بهاأنيس ) ، ( وإذا القوم ما لهم من محس ) أسلوب خبري الغرض منه التقرير



¢و قد وجدت أيضا الأساليب الإنشائية التي تثير الذهن وتحرك المشاعر وتشرك السامع والقارئ مع الشاعر في أفكاره ومشاعره كقول شوقي : (اذكرا لي عهد الصبا وأيام أنسي ) إنشائي أمر الغرض منه الالتماس

¢وكقوله : (الأسلوب في (وسلا مصر) أمر الغرض منه الالتماس
وفي قوله : ( هل سلا القلب عنها ) إنشائي استفهام الغرض منه النفي. وقوله : (أحرام على بلابله الدوح ) أسلوب إنشائي, استفهام , الغرض منه الإنكار ،




¢والبيت يجري مجرى المثل وكما يلاحظ القارئ شوقي في هذه الأبيات المختارة أكثر من الأساليب الإنشائية لأن الواقعة على النفس أشد حيث نفي من وطنه مكرها ورأى في البلد الذي نفي إليه أثار إخوته المسلمين وقد نفوا مكرهين كذلك فناسب ذلك تنوع الأساليب الإنشائية التي تساهم في تلوين التجربة ونقلها للقارئ بعكس الأساليب الخبرية التي تسير في رتابة أكثر من الإنشائية وي الأنسب للبحتري في نقل التأسي على تجربة لا ينتمي إليها حقيقة كشوقيٍ ..

الموسيقى



تأثر شوقي بالبحتري في هذا الجانب على عادة شعر المعارضات حيث التزم شوقي بموسيقى البحتري الخارجية والداخلية المتمثلة في :

الموسيقى الخارجية :


أ- الوزن الواحد وزن بحر الخفيف ، والقافية الموحدة ..


ب- التصريع في مطلع القصيدة ..


ج- الميل إلى استخدام حرف السين المكسور في القافية والذي يتلائم مع الصوت الحزين الهادئ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحاضرة التاسعة والعاشرة
قصة نظرة
التعريف بالكاتب
¢ولد يوسف إدريس- أشهر كتّاب القصة القصيرة - في محافظة الشرقية 19 من مايو سنة 1927 م وتخرج في كلية الطب سنة 1952 - وترك الطب من أجل القصة القصيرة ،وقد أصدر ثلاث عشرة مجموعة قصصيّة أولها : {أرخص الليالي} سنة 1954 التي عالج فيها المشكلة السكانية ومن هذه المجموعة قصته {نظرة} . ومن أشهر أعماله القصصيّة أيضاً مجموعة {جمهورية فَرَحات} و{آخر الدنيا} و{حادثة شرف} و{قاع المدينة} وغيرها، تميزت قصص يوسف إدريس بوجود شخصيات لم تظهر من قبل في القصة المصرية، وهذه الشخصيات تتمثّل في الفلاحين الفقراء والعاملين والعاطلين والعاملين الهامشيين والموظّفين الصِّغار وأطفال وصبية ومُراهِقين في المدارس . وتوفى أول أغسطس سنة 1991.
نظرة
«كانَ غريبًا أنْ تسألَ طفلةٌ صغيرةٌ مثلُها إنسانًا كبيرًا مثلي لا تعرِفُه في بساطةٍ وبراءَةٍ أنْ يُعَدِّلَ من وَضْعِ ما تحمِلُهُ ، وكانَ ما تحمِلُهُ معقَّدًا حقًّا ففوقَ رأسِها تستقرُّ " صِينيَّةُ بطَاطِسَ بالفُرْن "، وفوقَ هذه الصِّينيَّةِ الصغيرةِ يَسْتَوِى حَوْضٌ واسعٌ من الصَّاجِ مفروشٌ بالفطائِر المخبوزةِ، وكانَ الحوضُ قد انزلقَ رَغْمَ قَبْضَتِها الدقيقةِ التي اسْتَماتَتْ عليه حتَّى أصبحَ ما تحملُه كلُّه مهدَّدًا بالسُّقوطِ لَمْ تَطُلْ دهشَتِي وأنا أُحَدِّقُ في الطفلةِ الصغيرةِ الحَيْرَى ، وأسرَعْتُ لإنقاذِ الحِمْلِ ، وتلَمَّسْتُ سُبلاً كثيرةً وأنا أُسَوِّي الصينيةَ ، فيميلُ الحوضُ ، وأعَدِّلُ من وَضْعِ الصَّاجِ فتميلُ الصينيةُ ، ثمَّ اضبِطُهُما معًا ، فيميلُ رأسُها هيَ ولكنني نجحْتُ أخيراً في تثبيتِ الحِمْلِ، وزيادةً في الاِطْمِئنَانِ، نَصَحْتُها أن تعودَ إلى الفُرْنِ، وكانَ قريباً، حيثُ تتركُ الصاجَ وتعودُ فتأخذُه . ولستُ أدرِى ما دارَ في رأسِها فما كنتُ أَرَى لها رأسًا وقد حَجبَهُ الحِمْلُ. كلُّ ما حَدثَ أنَّها انتظرتْ قليلاً لتتأكَّدَ مِنْ قبضتِها ثم مضَتْ وهى تُغَمْغِمُ بكلامٍ كثيرٍ لم تَلْتِقِطْ أُذُنِي منه إلاكَلِمَة"سِتِّي".

ولَمْ أحَوِّلْ عينَيَّ عنها وهي تخترقُ الشارعَ العريضَ المزدَحِمَ بالسياراتِ ، ولا عنْ ثوبِها القديمِ الواسعِ المُهَلْهَلِ الذي يشبِهُ قطعةَ القماشِ التي ينظَّفُ بها الفُرنُ ، أو حتَّى عن رجلَيْها اللتَيْنِ كانَتا تطلانِ من ذيلِهِ المُمَزَّقِ كمِسمارَيْنِ رفيعَيْن ورَاقبْتُها في عَجبٍ وهى تُنْشِبُ قدَمَيْها العاريتَيْنِ كمخَالبِ الكتْكُوتِ في الأَرْضِ، وتهتزُّ وهى تتحرَّكُ ثم تنظُرُ هُنَا وهُنَاكَ بالفَتحاتِ الصغيرةِ الدّاكنةِ السوداءِ في وَجْهِها، وتخطُو خُطواتٍ ثابتةً قليلةً وقد تتمايَلُ بَعْضَ الشَّيءِ، ولكنَّها سُرْعانَ ما تَسْتأنِفُ الـمُضِىَّ ... رَاقبْتُها طويلاً حتى امتصَّتْنى كلُّ دقيقةٍ من حَركاتِها، فقد كُنْتُ أتوقَّع في كلِّ ثانيةٍ أن تَحْدُثَ الكارثةُ. وأخيراً استطاعَتِ الخادمةُ الطفلةُ أن تخترِقَ الشارعَ المزدحِمَ في بُطْءٍ كحكمةِ الكبارِ.

-------------------------------
شرح المفردات

¢يعدل : يسوّي.
¢تغمغم : تتحدث بكلام غير واضح .
¢ستّي : كلمة عامّية مصرية محرفة من سيدتي .
¢أحدّق : أنظر بدقة .
¢استأنفت : بدأت .
¢تدهمنى : تفاجئني .
¢المنكمش : أي المنقبض النحيل .
¢مخالبها الدقيقة : أي أصابع قدميها الصّغيرة .
¢تخترق : تعبر.
¢المهلهل : الممزق .
¢تنشب : تدخل وتثبت .
¢ الفتحات الصّغيرة : أي العيون الصغيرة.
¢امتصّتنى : أي جذبتني وشدتني.
¢دقيقة : حركة صغيرة .
¢ ابتلعتها الحارة : أي أخفتها .
¢تنحرف : تميل إلى الحارة .
الفكرة – المغزى
الفكرة :هذه القصة القصيرة (نظرة) تدور حول خادمة صغيرة عائدة من الفرن , وهى تحمل فوق رأسها صينية فيها بطاطس وفوقها حوض أكبر منها فيه فطائر , وكان الحوض ينزلق ويكاد يسقط رغم قبضتها الرقيقة فطلبت من الكاتب أن يعدل على رأسها ما تحمله فنصحها أن تعود إلى الفرن حيث تترك الصاج وتعود ثانياً لتأخذه ولكنها صممت على حملهما معاً فساعدها ومضت فى طريقها.. ولكنها قبل أن تدخل الحارة ألقت نظرة طويلة على الأطفال الذين يلعبون بالكرة لتسعد ولو للحظة بمشاهدتهم .
المغزى : تسليط الضوء على جانب من جوانب الحرمان والقهر والفقر الذي تعيشه تلك الطبقات المطحونة التي تمثلها الطفلة, فهي فئة محرومة مظلومة لا يرحمها المجتمع ولا يهتم بها أو يشعر بمعاناتها, وحثنا الكاتب من خلال تصرفه على ضرورة تقديم العون لهم والاهتمام بهم ..
الحبكة
جاءت الحبكة في قصة (نظرة) حبكة عضوية متماسكة لها دورها في تنمية الخط الدرامي للقصة , بدأت بالشعور الغريب من شخص الكاتب لموقف الخادمة الصغيرة التى تطلب منه مساعدتها فى حمل الصاج فوق الصينية ونجاحه فى تلك المحاولة , ثم تسارع الحدث وتحول إلى لقطات تتابعت إلى درجة شدت الأنفاس عندما اخترقت الطفلة الشارع المزدحم بالسيارات , وتمايلت بعض الشئ لثقل الحمل ,وتوقع الكاتب بحدوث الكارثة. ولكن الحل كان بحكمة الكبار التي اتصفت بها الطفلة فثبتت حملها ,ووقفت تراقب الأطفال وهم يلعبون , ثم كانت نظرتها التي ألقتها على الأطفال قبل أن تتابع طريقها حلاً لعقدتها لأنها حققت جزء من حلمها عندما نظرت إلى الأطفال وهم يلعبون , ولكننا لو أمعنا النظر لوجدنا أن العقدة الحقيقية بدأت بعد أن ألقت الطفلة النظرة التي تكاد تكون قاتلة , فالطفلة قد ابتلعتها الحارة, هل اختفت الطفلة كما نفهم من الوهلة الأولى ؟ أم ماذا ؟
الشخصيات
أولاً : الشخصية الأساسية :فالخادمة الطفلة هي الشخصية المحورية التى تدور حولها الأحداث , وهي نامية متطورة لم يذكرالكاتب شيئاً عن حياتها، بل اكتفى بتلميحات تدل على فقرها وضعفها ، وعدم رعايتها صحياً واجتماعياً، والمتأمل في هذه الشخصية يسمع آهات مخنوقة وعميقة ترجمها الصراع الداخلي المنبعث عن تمزقها بين رغبتها في أن تعيش طفولتها مثل باقي الأطفال وبين مجتمع اغتال حلمها وحملها فوق رأسها ما لاطاقة لها به, عبرت عن ذلك بكلمة ( ستى)هذا المفهوم الذي جعلالناس بين ( سيد ) و( مسود ). والكاتب اعتمد طريقة السرد الوصفي ليدلل على معاناتها فلم يجعلها شاكية تردد شكواها فى إسراف, والنظرة التي غُيبت بعدها كان لها بالغ الدلالة على رحلة البؤس التي ستبدأها بعد أن ( ابتلعتها الحارة ) وقد أتقن الكاتب في رسمها حتى كأنها بدت شخصية تلفح وجوهنا بمعاناتها إذ ركز على :
1 - حركة نحسها في :(تخترق ـ تنشب ـ تهتز ـ تتحرك ـ تنظر ـ تخطو ـ تتمايل )
2 - صوت نسمعه في : (صوت السيارات ـ وصوت الخطوات) .
3 - لون نراه في :(ثوبها القذر ـ عيونها الداكنة السوداء)
أبعاد الشخصية الأساسية
البعد الخارجي : يصف شكل الشخصية الرئيسة وهي الطفلة الصغيرة والفقيرة , يداها نحيلتان وكذلك ثوبها الممزق الذي يكشف عن رجليها النحيلتين ,.........
البعد الداخلي:رصدالكاتب ماراه في نفس الطفلة الصغيرةوماتعانيه من ظروف قاسية جعلتها تعمل كخادمة في عمر الزهور وهي تنظر بحسرة وألم الى أطفال في مثل عمرها يلعبون ويمرحون وبينما هي تشقى للحصول على لقمه العيش
البعد الاجتماعي : يصور الكاتب حالة الطفلة التي أجبرت على العمل كخادمة , وأنها لم تعش طفولتها التي تستحقها .
ثانياً : الشخصية الثانوية :
-أالأطفال الذينخلعوا أحذيتهم بإرادتهم ليلعبوا.
-بالكاتب الذي كان راوياً للقصة لم يبدِ رأياً ,ولم يعلقْعلى حدث , ولم يتحدث بلسانه , وكان كالمصباح الكاشف الذى أوضح المعاناة ولم يطغَوجوده بما يهدم البناء الفني ويمزق النسيج المحكم للقصة، وجاءت شخصيته انعكاساً للشخصية المحورية وظلاً لها .
البيئة
وإذا كان الكاتب قد أولى عناية كبيرة لوصف بطلة القصة ( الطفلة) فإنه لم يغفل الفضاء الذي كانت تتحرك فيه هذه الشخصية المثيرة . لقد بدا المكان ( الشارع )صاخباً لينسجم مع الصخب العاطفي المقرون بتحرك الفتاة فالشارع الذي شهد معاناتها بدا عريضاً مزدحما بالسيارات .مما يعطيه دلالة واضحة في القصة . ولو أن الشارع بدا غير ذلك لما تحقق المغزى من الأحداث. بمعنى أن المكان كان يلعب دور المعاكس لرغبات طفلة تنوء بحمل ثقيل خلال عودتها من الفرن إلى بيت سيدتها.
أما الزمان فإنه يبدو أكثر تعقيداً. إن الأحداث مسندة إلى الزمن الماضي . بحيث تهيمن الأفعال الماضية على كل مراحل السرد.وبالرغم من أن كل مشاهد القصة مرت في وقت وجيز من ذلك الصباح غير المحدد بدقة , فإن الانطباع العام السائد يبقى في كون الزمن غير مرتبط بهذا المشهد فحسب وإنما هو زمن مستمر مادامت الطفلة مسخرة , ومادامت سيدتها متمادية في استغلال براءتها . وما دام الكبار يغتصبون براءة الصغار. وقد كان لبداية القصة نوع من الإيحاء لهذا التقابل بين عالم الكبار القائم على الاستغلال وعالم الطفولة إنسانا كبيراً مثلي ) , يظهر ذلك منذ الجملة الأولى:( كان غريبا أن تسأل طفلة صغيرة مثلها ....)لأن الكبار هم الذين كانوا سبب بلائها.
من جماليات الصورة البلاغية
من خلال التمعن في نص القصة وجدنا أن الطباق غلب على المحسنات البديعية التي أوردها الكاتب , فما دلالة ذلك ؟
(طفلة صغيرة ـ وإنساناً كبيراً ),(أعدل ـ فتميل), (تترك ـ تأخذه) , (تنشب ـ تهتز),(هنا ـ هناك), (واقفة - يتابع )، (تتوقف – تمضى) طباق يؤكد المعنى ويقسرهبضده .
(أضبطهما معاً ـ فتميل رأسها هى)مقابلة تؤكد المعنىوتوضحه .
غلب على القصة أسلوب القصروالإطناب والتوكيد , فما دلالة ذلك ؟
1- القصر:(غريبا أن تسأل طفلة صغيرة .), (ففوق رأسها يستقر) ,(وزيادة فى الاطمئنان نصحتها أن تعود إلى الفرن)(ما كنت أرى لها رأسا ) , ( لم تلتقط أذني منه إلا كلمة ستي ) , (وقبل أن تختفى شاهدتها ), ( فقد كنت أتوقع فى كل ثانية أن تحدث الكارثة) ,(وفوق هذه الصينية يستوى),(وأخيرا استطاعت الخادمة)
2- الإطناب : (بساطة ـ براءة ), (وضع ما تحمله ـ كان ما تحمله ) ,( كان ما تحمله معقدا حقا ففوق رأسها تستقر)( وكان قريباً ) , ( تتوقف ولا تتحرك ), ( كل شىء على ما يرام الحوض والصينية فى أتم اعتدال).
3- التوكيد : ( قد انزلق ) ,( ما تحمله كله) , ( يميل رأسها هي ),
(قد حجبه الحمل) ,(أنها انتظرت قليلا).
( سبلا): جاءت جمعاًلتدل على الكثرة مما يؤكد صعوبة ضبط الحمل .
تناوبت الصور البلاعية بين كناية وتشبيه واستعارة لتعمق الإحساس بالمعنى وتوحي به بدل التصريح المباشر , فما دلالة ذلك ؟ وماأهميته ؟
- (قبضتها الدقيقة) :كناية توحى بصغر الفتاة ونحافتها
- ( استماتت عليه ) : كناية عن شدة الإمساك بالحمل
- ( وقد حجبه الحمل) : كناية عن صغر رأسها ,
- ( لم أحول عيني عنها ) : كناية عن حرصه وخوفه على الطفلة ومراقبته لهايوحى بصعوبة المرور بصعوبة المرور,
- ( ثوبها القديم المهلهل): كناية عن الفقر الشديد .
- (الفتحات الصغيرة الداكنة السوداء في وجهها) : كناية عن عينيها الصغيرتين, وفيها تشبيه أيضاً .
- (رجليها اللتين كانتا تطلان كمسمارين رفيعين) : تشبيه يدل على الضعف والهزال ويوحي بالفقر الشديد .
- قدميها العاريتين كمخالب الكتكوت في الأرض) : تشبيه يدل على فقرها وهزالها وتشبثها بالأرض حتى لا تنزلق أقدامها.
- (مخالب كتكوت)استعارة توحى بالضعف والنحافة 0
- (امتصتني كل دقيقة من حركاتها ): كناية عن شدة المتابعة والإشفاق عليها ، وفيها استعارة مكنية، حيث شبه نفسه بماء يُمتص .
-( تخترق الشارع في بطء كحكمة الكبار) : تشبيه يدل على حسن تصرفها وفيه توضيح وإيحاء بالخبرة .
-( ثوبها الذي يشبه قطعة القماش التي ينظف بها الفرن) : تشبيه يدل على منتهى القذارة ويوحي بالإهمال وعدم العناية من (ستها).
- (ابتلعتها الحارة): استعارة مكنية ، تصور الحارة حيواناً ضخماً يبتلعها وتوحي باختفائها .
مقومات القصة القصيرة
أ- مبدأ الوحدة تمثل في :
1 - وحدة { الموقف } الذي هو الأساس في بناء القصة القصيرة ؛ إذ اختار لها العنوان كلمة واحدة هي "نظرة" التي تدل على نظرة الخادمة الطفلة إلى الأطفال الذين هم في مثل سنها يمرحون ويضحكون
2- وحدة { الانطباع } التي يريدها الكاتب ؛ فقد كشف العنوان عن نظرة الكاتب إلى الطفلة من ناحية ، وإلى الواقع الاجتماعي من ناحية أخرى ، وهو يستهدف التلميح إلى قضايا هذه الطبقة المطحونة .
3 - وحدة {الشخصية } ؛ فليس فيها إلا شخصية الخادمة الطفلة ، أما الكاتب فيقوم بدور الراوي للأحداث والأطفال فلا تاثير لهم في سير الأحداث.
4 - وحدة { الفكرة } ، وهي المعاناة التي تعانيها الطفلة ، وما يجب أن نفعله نحوها .
(ب) - مبدأ التكثيف والتركيز :
تحقق التكثيف والتركيز والاقتصاد في الوصف ، وعدم الثرثرة في السرد ؛ حيث نرى الكاتب قد عبر عن معاناة الطفلة بكلمة واحدة هي : " ستي " ولم يتحدث عن تاريخ حياتها و لا نشأتها ولا حتى عن يوم كامل في حياتها .
(ج) - مبدأ تفاصيل الإنشاء :
فلقد ترابطت القصة و أحكم بناؤها واتضح عنصر التشويق في الحركة النامية المتطورة مع حركة الطفلة التلقائية .
ملامح شخصية الكاتبمن خلال القصة :
دقة الملاحظة - النزعة الإنسانية - حب الإصلاح - سعة الثقافة - القدرة على التعبير بشجاعة.
الخصائص الفنية لأسلوبه :
(أ) السهولة والوضوح واستخدام بعض الألفاظ العامية
(ب) الإيجاز والتركيز
(جـ) التحرر من قيود الصنعة.
(د) البراعة في رسم اللوحات الكلية
(هـ) القدرة على تسلسل الأحداث وترابطها
التقييم
1- بيني كيف ارتبط عنوان القصة " نظرة " بمغزى القصة .
2- بم نصح الكاتب الطفلة؟ وماذا كان موقفها ؟ وما دلالته ؟
3- هل أثر التفصيل والإطناب في القصة على مبدأ التركيز في القصة القصيرة ؟ عللي لما تقولين .
4- ضعي للقصة نهاية أخرى من خلال تغيير بعض أحداثها محافظة على الفكرة دون تغيير.
الواجب الجماعي

¢ الحمامة والثعلب ومالك الحزين .. " من قصص كليلة ودمنة ” :
زعموا أن حمامة كانت تفرخ في رأس نخلة طويلة ذاهبة في السماء، فكانت الحمامة تشرع في نقل العش إلى رأس تلك النخلة، فلا يمكن أن تنقل ما تنقل من العش وتجعله تحت البيض إلا بعد شدة وتعب ومشقة, لطول النخلة وسحقها، فإذا فرغت من النقل باضت ,ثم حضنت بيضها، فإذا فقست وأدرك فراخها جاءها ثعلبٌ قد تعاهد ذلك منها لوقت قد علمه بقدر ما ينهض فراخها، فيقف بأصل النخلة فيصيح بها ويتوعدها أن يرقي إليها , فتلقي إليه فراخها. فبينما هي ذات يوم قد أدرك لها فرخان , إذ أقبل مالك الحزين فوقع على النخلة, فلما رأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم , قال لها مالك الحزين: "يا حمامة! ما لي أراكِ كاسفة اللون سيئة الحال؟ فقالت له: " يا مالك الحزين!إن ثعلباً دهيتُ به كلما
¢كان لي فرخان جاء يهددني ويصيح في أصل النخلة، فأفرق منه , فأطرح إليه فرخي" قال لها مالك الحزين: "إذا أتاكِ ليفعل ما تقولين فقولي له:" لا ألقي إليك فرخي! فارقَ إلي وغرر بنفسك! فإذا فعلت ذلك وأكلت فرخي، طرت عنك ونجوت بنفسي". فلما علمها مالك الحزين هذه الحيلة طار فوقع على شاطئ نهر, فأقبل الثعلب في الوقت الذي عرف، فوقف تحتها، ثم صاح كما كان يفعل,فأجابته الحمامة بما علمها مالك الحزين. فقال لها الثعلب:" أخبريني من علمك هذا؟" قالت: "علمني مالك الحزين". فتوجّه الثعلب إلى مالكاً الحزين على شاطئ النهر، فوجده واقفاً, فقال له الثعلب: "يا مالك الحزين! إذا أتتك الريح عن يمينك فأين تجعل رأسك؟" قال: "عن شمالي".قال: "فإذا أتتك عن شمالك فأين تجعل رأسك؟"
قال: "أجعله عن يميني أو خلفي". قال:" فإذا أتتك الريح من كل مكان وكل ناحية فأين تجعله؟" قال: "أجعله تحت جناحي".قال: "وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك؟ ما أراه يتهيأ لك".قال: "بلى"
قال: "فأرني كيف تصنع, فلعمري يا معشر الطير, لقد فضلكن الله علينا؛ إنكن تدرين في ساعة واحدة مثلما ندري في سنة، وتبلغن ما لا نبلغ، وتدخلن رؤوسكن تحت أجنحتكن من البرد والريح. فهنيئاً لكن !فأرني كيف تصنع!" فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه ,فوثب عليه الثعلب مكانه فأخذه فهمزه همزة دقت عنقه. ثم قال:" يا عدوي نفسه، تُرى الرأي للحمامة، وتعلمها الحيلة لنفسها، وتعجز عن ذلك لنفسك، حتى يتمكن منك عدوك، ثم أجهز عليه فأكله.

-----------------------
المحاضرة الحاديه عشر
قصيدة المســـاء
خليل مطران
دَاءٌ أَلَــــــمَّ فخِلْـــتُ فيهِ شِفَــائي من صَبْوَتي ، فتَضَاعَفَتْ بُرَحَـائي
يَــا لَلضَّعيفَينِ ! اسْتــَبَدَّا بي ، ومَـــا في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَــاءِ
قَلْـــبٌ أَذَابَتـــْهُ الصَّبَــابَةُ وَالجَـوَى وَغِــلاَلَــةٌ رَثَّــتْ مِـــنَ الأَدْوَاءِ
إِنّــِي أَقَمــــْتُ عَلَى التَّعِلَّةِ بالمُــنَى في غُــــرْبَةٍ قَالُـوا : تَكُونُ دَوَائي
إِنْ يَشْفِ هَذَا الجسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا أَيُلَطِّفُ النِّــــيرَانَ طِيبُ هَوَاءِ ؟
عَبَـــثٌ طَـــوَافِي في البــــلاَدِ ، وَعِلَّةٌ في عِلــــَّةٍ مَنــــْفَايَ لاسْتِشْفَـاءِ
مُــــتـَفَــرِّدٌ بصَبَــــابَتي ، مُــــتَفَرِّدٌ بكَــــــآبَتي ، مُـــــتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْـــرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي فَيُجيبُني برِيَــاحِهِ الهَــوْجَـــاءِ
ثَـــــاوٍ عَلَى صَخْـــرٍ أَصَمَّ، وَلَيْتَ لي قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْـــرَةِ الصَّمَّـــاءِ
يَنْتَابُهَا مَـــــوْجٌ كَمَـــوْجِ مَكَــارِهِي وَيَفتُّهَـــا كَالسُّقْـــمِ في أَعْضَــائي
وَالبَحْــرُ خَفّــَاقُ الجَــوَانِبِ ضَائِـقٌ كَمَدَاً كَصَدْرِي سَـــاعَـةَ الإمْسَـاءِ
تَغْشَى البَرِيَّــــةَ كُــــدْرَةٌ ، وَكَأَنَّهَـــا صَعِدَتْ إلَى عَيْنَيَّ مِنْ أَحْشَـــائي
يَا لَلْغُرُوبِ وَمَــــا بــهِ مِـنْ عِـــبْرَةٍ لِلْمُسْتَهَـــامِ ! وَعِــــبْرَةٍ لِلـرَّائي !
أَوَلَيْسَ نَزْعَـــاً لِلنَّهَـــارِ ، وَصَرْعَـــةً لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِــمِ الأَضْــــوَاءِ ؟
أَوَلَيْسَ طَمْـــسَاً لِلْيَقِينِ ، وَمَبْعَثَـــاً لِلشَّــكِّ بَيْنَ غَــلائِلِ الظّلْمَـــاءِ ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُـــودِ إلَى مَـــدَىً وَإِبَـــادَةً لِمَعَالِــــمِ الأَشْيَــــاءِ ؟
حَتَّى يَكُـــونَ النُّــــورُ تَجْدِيدَاً لَهَا وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْــثِ عَوْدُ ذُكَـاءِ
وَلَقَدْ ذَكَــرْتُكِ وَالنَّهـَـــارُ مُــــوَدِّعٌ وَالقَـلْبُ بَيْنَ مَهَــــابَــةٍ وَرَجَـاءِ
وَخَــوَاطِـــرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِـرِي كَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَــــابِ إزَائي
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً بسَنَى الشُّعَــاعِ الغَـارِبِ المُتَرَائي
وَالشَّمْسُ في شَفَـقٍ يَسِيلُ نُضَـــارُهُ فَــوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
مَرَّتْ خِـــلاَلَ غَـمَـامَتَيْنِ تَحَــــدُّرَاًوَتَقَطَّرَتْ كَــالدَّمْعَةِ الحَمْــــرَاءِ
فَكَـــأَنَّ آخِــرُ دَمْعَةٍ لِلْكَــوْن ِ قَـدْ مُزِجَتْ بــآخِرِ أَدْمُـعِي لرِثَـــائي
وَكَأَنَّني آنَـسْــتُ يَــوْمِـي زَائِــــلاً فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَـــــائي

التعريف بالشاعر
ولد خليل مطران سنة 1872م في بعلبك من أسرة عربية أصيلة ،
وكانت أمه فلسطينية تحب الأدب ، وتقرض الشعر
وقد أجاد العربية والتركية والفرنسية .
وتنقل بين بيروت وأنقرة وباريس ، ثم استقر في مصر سنة 1892م
ولذلك لقب بشاعر القطرين ، وقد عمل في جريدة الأهرام ، وفي ترجمة مسرحيات (شكسبير ) ، توفي سنة 1949م
وهو رائد ( المدرسة الرومانسية ) في الشعر العربي المعاصر ، وله ديوان شعر مطبوع كما كانت تربطه صداقة وثيقة بكل من شوقي وحافظ.
ولد خليل مطران سنة 1872م في بعلبك من أسرة عربية أصيلة ،
وكانت أمه فلسطينية تحب الأدب ، وتقرض الشعر
وقد أجاد العربية والتركية والفرنسية .
وتنقل بين بيروت وأنقرة وباريس ، ثم استقر في مصر سنة 1892م
ولذلك لقب بشاعر القطرين ، وقد عمل في جريدة الأهرام ، وفي ترجمة مسرحيات (شكسبير ) ، توفي سنة 1949م
وهو رائد ( المدرسة الرومانسية ) في الشعر العربي المعاصر ، وله ديوان شعر مطبوع كما كانت تربطه صداقة وثيقة بكل من شوقي وحافظ.
مذهبة الشعري
إن مـطران كان على دراية واعية بتقاليد الشعر العربي الموروثة ،
قادراً على مجاراته . كون مطران لنفسه اتجاهاً شعرياً أو فلسفه في فهم غاية الشعر ،
وأهميته في تصوير معاناة الشعوب ومحاربة الظلم والبؤس
اللذان أحسهما وعاشهما في حياته الخاصة ، كما عايشهما في وطنه وفي أمته .
ويعد مجددا من أهم المجددين في نوعية الشعر وبناء القصيدة ، والاحتفاظ بالأداء الصحيح ، الخالي من الضعف ، البعيد عن التفكك ، حيث جاءت قصائد مترابطة الأجزاء ، مكتملة العناصر ، متحدة الموضوع ، فقصائده نابعة من نفسه ، مصورة لمشاعر ، معبرة عن معاناته .
تأثر الشاعر بعدة عوامل داخلية وخارجية تظهر في اتجاهاته الشعرية
العوامل الخارجية :
عاش في بيئة محبة للشعر وللأدب ناهيك بأن عمله في الترجمة أكسبه ثقافة عالمية واسعة ، وعايش مطران مدرستين معروفتين وتأثر بهما : المدرسة البرناسية التي تعتني باللغة من منطلق مبدأ الفن للفن ، والمدرسة الرومانسية التي تعتمد الوجدان و الميل إلى الطبيعة والتعلق بها بغلاف حزين كئيب كما هو واضح في القصيدة .
العوامل الداخلية :
تأثر بعوامل نفسية وحياتية ، إذ نشأ منذ صغره محباً للجمال والطبيعة ، كارهاً الظلم ، والتسلط ، والقهر ، متميزاً بحس مرهف ، وحب للحرية ، و ولوع بالعلم والثقافة
-------------------
مناسبة القصيدة

في عام 1902 مرض مطران إثر تجربة حب فاشلة ،
فأشار عليه بعض الأصدقاء أن يذهب إلى ضاحية مكس في الإسكندرية للاستشفاء ، وكان يعاني من ألم في قلبه بسبب الحب إلى جانب مرضه الجسدي ، فانتقل من القاهرة إلى الإسكندرية للاصطياف والاستشفاء ،
ظانا أن هذا يشفيه من علته ، لكن شجونه تضاعفت ، فأخذ يبث شكواه في هذه القصيدة الرائعة إلى البحر ، واصفاً غروب الشمس ، مقارناً حالته بحال المساء في أسلوب شعري تميز بقوة العاطفة ، وصدق الوجدان !
.. معاني الكلمات ..
داءٌ ألــم فــخــلـتُ فيـه شِـفــائي مــن صبوتي فتضاعفت بــرحــائي
صبوتي : شدة الشوق ، برحائي : الشدة والمشقة وخص به بعضهم شدة الحمى فإذا اشتدت الحمى فهي البُرحاء
يــا للضعيفين اســتبــدا بي ومـــا في الظلم مــثل تحــكــم الضعفاء
قلب أذابـته الصبـــابــة والجـوى وغــــلالـــــة رثـت مـــن الأدواء
الصبابة : الشوق وقيل رقته وحرارته ، والجوى : تطاول المرض والهوى الباطن ، وغلالة : شعار يلبس تحت الثوب
إني أقـــمت على التعــلة بالـمنى في غـــربــة قــالـوا تكـون دوائي
التعلة: التلهي بشيء عن شيء
إن يشف هذا الجسم طيب هوائها أيـلـطـف الـــنيران طــيبُ هواءِ؟
عــبــثُ طـــوافي في البــلادِ وعلةٌ فـي عــلَــةِ مــنفــاي لاستشْفاءِ
مُــتـفـــردٌ بصبــابـتي مــتـفــردٌ بكـــآبــتـي مُــتـفــردٌ بعنـــائِي
شاك الى البحر اضطراب خواطري فيجيبُنِي بريــاحِــه الـهـوجــاءِ
الريح الهوجاء : سريعة الهبوب ، وشديدة الهبوب .
ثــاوٍ على صـخــرٍ أصمُ وليت لي قلبـــاً كهذي الصخــرة الصماء
ثاو : مقيم ، والصماء : الشديدة الصلبة الملساء

ينْتابهــا مـــوج كمــوج مكارهيويفتها كــالسقْمِ في أعْضــــائيِ
ينتابها : يصيبها مراراً وتكراراً ، ويفتها : يحطمها وينهيها

والبحــــرُ خفاقُ الجوانب ضائقٌ كمداً كصدْري ســـاعة الإمساء
كمداً : الحزن والغم الشديد

تغْشى البريًـــةَ كـــدرةٌ وكــــأنْها صـعدتْ إلى عيني من أحشائِي
الكدرة : ما نحا نحو السواد والغبرة
ا لَلْغُرُوبِ وَمَــــا بــهِ مِـنْ عِـــبْرَةٍ لِلْمُسْتَهَـــامِ ! وَعِــــبْرَةٍ لِلـرَّائي !
المستهام : شديد الحب ، وعبرة : بفتح العين دمعة ، وبكسرها فائدة وعبرة ودرس في الحياة
أَوَلَيْسَ نَزْعَـــاً لِلنَّهَـــارِ ، وَصَرْعَـــةً لِلشَّمْسِ بَيْنَ مَآتِــمِ الأَضْــــوَاءِ ؟
نزعاً: موتاً ونهاية ، وصرعة : الصرعة الطرح على الأرض
أَوَلَيْسَ طَمْـــسَاً لِلْيَقِينِ ، وَمَبْعَثَـــاً لِلشَّــكِّ بَيْنَ غَــلائِلِ الظّلْمَـــاءِ ؟
أَوَلَيْسَ مَحْوَاً لِلوُجُـــودِ إلَى مَـــدَىً وَإِبَـــادَةً لِمَعَالِــــمِ الأَشْيَــــاءِ ؟
حَتَّى يَكُـــونَ النُّــــورُ تَجْدِيدَاً لَهَا وَيَكُونَ شِبْهَ البَعْــثِ عَوْدُ ذُكَـاءِ
عود ذكاء : الذكاء اسم علم للشمس ، والمقصود رجوع الشمس بعد الغياب

وَلَقَدْ ذَكَــرْتُكِ وَالنَّهـَـــارُ مُـوَدِّعٌ وَالقَـلْبُ بَيْنَ مَهَـابَةٍ وَرَجَـاءِ
وَخَوَاطِـرِي تَبْدُو تُجَاهَ نَوَاظِـرِيكَلْمَى كَدَامِيَةِ السَّحَابِ إزَائي
كلمى : جريحة ، دامية السحاب : السحابة الحمراء
وَالدَّمْعُ مِنْ جَفْني يَسِيلُ مُشَعْشَعَاً بسَنَى الشُّعَــاعِ الغَـارِبِ المُتَرَائي
مشعشعاً: ممزوجاً ، السنى : الضوء ، الغارب المترائي : الذي يميل للغروب ولا يزال بعضه يتراءى ويظهر
وَالشَّمْسُ في شَفَـقٍ يَسِيلُ نُضَـــارُهُ فَــوْقَ العَقِيقِ عَلَى ذُرَىً سَوْدَاءِ
النضار : الذهب ، العقيق : الياقوت أحجار كريمة لونها أحمر والمراد السحاب الأحمر ، والذرى : السحب المرتفعة كالجبال السوداء .
مَرَّتْ خِـــلاَلَ غَـمَـامَتَيْنِتَحَــــدُّرَاًوَتَقَطَّرَتْ كَــالدَّمْعَةِ الحَمْــــرَاءِ
غمامتين : سحابتين ، وتقطرت : سالت قطرات

فَكَـــأَنَّ آخِــرُ دَمْعَةٍ لِلْكَــوْن ِ قَـدْ مُزِجَتْ بــآخِرِ أَدْمُـعِي لرِثَـــائي
وَكَأَنَّني آنَـسْــتُ يَــوْمِـي زَائِــــلاً فَرَأَيْتُ في المِرْآةِ كَيْفَ مَسَـــــائي
آنست : أبصرت .
.. تحليل الأفكار ..
المقطع الأول .. تحدث الشاعر عن ( نار الشوق وآلآم المرض والغربة !! )
لقد عبرَّ في حسرة غالبة ، ويأس مطبق عن خيبة أمله في أن مرض الجسم سيشغله عن معاناة النفس .. لقد تضاعفت معاناته من الأمرين كليهما : آلام الجسد ومعاناة النفس ، وتعجب من تحكم الضعيفين : الجسم والعاطفة في كيانه ، وتأثيرهما على فكرة وعقله ، وهو حزين ، لأن عمره قد ضاع . وأصبح وحيداً يكابد لوعة الشوق والحب ولا أحد يشاركه حزنه
¢المقطع الثاني ..نجد ( شكوى الشاعر للبحر وانعكاس مشاعره على الطبيعة )
¢فقد جاءت الرياح مضطربة رداً على اضطرابه وعلى مشاعره المضطربة ، وقد أقام على صخرة صماء تمنى أن يكون له قلب مثلها حتى لا يشعر بالألم ولوعة الفراق ، ولكنها كانت تعاني من البحر الهائج الذي يأتي بشدة ليفتتها كم تفتت الأسقام والأمراض جسده ، والبحر أيضاً مضطرب وضائق وكله حزن كصدره وقت المساء ، لأنه الوقت الذي يعمه الهدوء وتلفه السكينة .
.. تابع تحليل الأفكار ..
¢المقطع الرابع والأخير ..يخاطب محبوبته مؤكدًا امتزاج مشاعره بمظاهر الكون الحزينة الباكية ساعة الغروب وأن الكون كله ساعة الغروب مرآة لمعاناته .. فهو قد تذكرها لما رأى منظر الغروب ورأى النهار يودع الكون ليحل المساء محله وقلبه حينئذ مابين الخوف والرجاء . إن مشاعره وخواطره أصبحت جريحة كالسحاب الذي تعلوه حمرة الشفق ، و الدمع ظل ينهمر من عينيه ، مشعشعاً مثل الشعاع الآخذ في الزوال مع غروب الشمس ، والأشعة الذهبية أخذت تتراءى له من منظر الغروب ، ووراءها شفق في حمرة العقيق ومرتفعات تدنو منها خيوط الظلام ! لقد مرت الشمس وسط سحابتين وكأنها دمعة حمراء يذرفها الكون لوداع النهار ، بل هي آخر دمعة يذرفها لرثائه ، وامتزجت بدموعه لتشاركه أحزانه .. هذه المناظر كلها تصور نفسه ؛ لقد أحس أن هذا اليوم هو آخر يوم في حياته ، وأن كل الذي يعانيه انعكس على الطبيعة كالمرآة تمامًا..!!
.. مدى ترابطها فكرياً ..
بدأ الشاعر هذه الأبيات عن عيشه في الإسكندرية للاستشفاء بناء على نصيحة بعض أصدقائه ، ولكنه في البيت الثاني يشك في قدرة هواء الإسكندرية على شفائه جسماً وقلباً، فلما زادت الآلام في البيت الثالث سقط في مستنقع اليأس الذي وصفه في الأبيات من الرابع إلى السابع ... وهذا دعاه للشكوى للبحر ، وتجاوبه معه ، ومشاركته الطبيعة آلامه ، ثم خص الطبيعة وحالها وقت الغروب ، وما أثاره الغروب في نفسه من خواطر الفراق والموت ، المتمثل في موت الشمس وتشييع
جثمانها وبكاء الكون الممتزج ببكاء الشاعر ... مما يعني أن الأبيات سلسة مترابطة من حيث الأفكار
الألفاظ والعبارات ..

في القصيدة ألفاظ موحية دالة ، متخيرة تؤدي المعاني في دقة ، وتدل على أن الشاعر يزنها بميزان دقيق ، ويضعها في مواضعها التي لا يحسن فيه غيرها. ومنها على سبيل المثال لا الحصر ..أن تكرار الصبوة ، والصبابة ، أذابته ، ويفتها، وتكرار لفظ الدمع والدمعة الحمراء ، وآخر دمعة وآخر أدمعي ،ونحوها لما تدل عليه من شدة معاناة آلام الهوى والحزن ، وألفاظ تصور قمة اليأس من مثل : عبث وعلة في علة ، كآبتي ، عنائي ، مآتم.. وهكذا !
وفي البيت الأول يوحي العطف بالفاء بتتابع المواقف ، وتوالي المفاجآت ... داء ألم فخلت .. فتضاعفت برحائي....
مما يشعر بأنه كان يعلق أملا عريضا على رحلته الاستشفائيه في إزالة معاناته النفسية ،
فجاءت النتائج مخيبة لأماله مضاعفة لمأساته .

¢ومن هذا القبيل أيضا تكرار بعض الصيغ والعبارات التي تدل على شدة إحساس الشاعر بمعانيها وتأثيراتها . فهو عندما يصور حاله في حرمانه وشقاءه في غرامه يختار صورا تمثل ذلك ، وتضاعف الإدراك له ، وتعمق الإحساس بخسارته ، وتعلقه بالوهم أو ما يشابه الوهم . انظر إلى كلمة (التعلة ) التي توحي بالآمال الكاذبة ، وكلمة (قالوا ) وهي بمعنى : زعموا لتوحي بالشك في فائدة هذه الرحلة !!
وأيضا صيغة الوصف باسم الفاعل المتكررة في الأبيات : متفرد......شاك إلى البحر.... ثاو على صخر أصم..... كلها ذات إيحاءات معبرة تصور ثبات اهتياج الخاطر، وتمكن الحيرة ، واستحكام البلاء ، وضياع الامل
¢وتأمل( شاك ) و( اضطراب خواطري) و( ثاو ) و(ينتابها ) و(مكارهي ) و( السقم) و ( ضائق) و( كمدا ) و( كدرة ) يطالعك جو نفسي كئيب يلف الشاعر من كل جانب كما أن تخصيص ضيق الصدر بساعة الإمساء طبيعة بشرية منذ القدم فالمساء ينذر بقدوم الليل الذي يهجم على القلوب بجيوش الهموم . وقد تردد ذلك في شعر امرئ القيس حيث يقول :
وليل كموج البحر أرخى سدوله علــــي بأنواع الهموم ليبتلى
¢ثم انظر إلى حسن التقسيم في هذه الجمل المتناسقة : ( متفرد بصبابتي ، متفرد بكآبتي ، متفرد
¢بعنائي ) لتجد الموسيقى واضحة ، وإضافة كل منها إلى ياء المتكلم للإيحاء بأنه ألمٌ خاص ، ثم تكرار كلمة متفرد لتوكيد هذا الشعور بالألم ...
¢وفي المقطع الأخير أيضًا جاءت الألفاظ موحية بالحزن مثل ( عبرة ، نزعا ، صرعة ، مآتم ، كلمى ، دامية ، دمعة،رثائي ) وكلها تتعاون في التعبير عن آلام الشاعر .
.. الأسلوب ..
مزيج من التقرير والتصوير ،أغلبه خبري لتقرير المعنى، والإنشائي قليل يتمثل في: أيلطف النيران طيب هواء؟ استفهام للنفي والاستبعاد. ليت لي قلبا كهذي الصخرة الصماء تمني يصور قوة المعاناة .. يا للغروب ! نداء للتعجب، أو ليس نزعاً للنهار وصرعة للشمس ؟ أو ليْس طمسا لليقين ...؟ أو ليس محوا للوجود ..؟ كلها جمل استفهامية للتقرير ، تؤدي دورها في شد القارئ وإثارة المشاعر ، وإبراز معاناة الشاعر .... !
وعلى الرغم من حرص الشاعر على الألفاظ الموحية المعبرة جاءت بعض الألفاظ قلقة في مكانها مثل : أحشائي دون قلبي أو صدري ، وإزائي جاءت حشوا ؛ لأن كلمة ( تجاه نواظري ) أدت المعنى ، ولكن استدعتها القافية ليس إلاّ ! وبعض الكلمات لم تلائم الجو النفسي للقصيدة مثل : الذهب ، و الياقوت الأحمر ...!
.. عاطفة الشاعر ..
تسيطر على القصيدة عاطفة واحدة هي عاطفة الحزن والألم التي جاءت قويه عميقة ، محققه بذلك وحدة الجو النفسي ، وقد كانت ثائرة مهتاجة، أضفت على عباراته طابعها الغاضب المحبط ؛ إذ يدرك عقله الواعي أسباب مصابه ، ودواعي تعاسته ، ولكن يستعصى على قلبه الواله أن يطاوع العقل في التعزي أو يوافقه على السلوان !! وهي تقرير للواقع الذي لا يتعلق صاحبه بالوهم ، ولا يحلق في آفاق الخيال، يتقبل اليأس في راحة ويتجرع الإحباط حيث لا مكان للأمل،ويصاحب العناء حيث لا مطمع له في الراحة !
.. الصور ..
أسهمت الصور في رسم معاناة الشاعر، فالقلب شيءٌ صلب يذوي ، واستبدادُ البدن والعاطفة به كاستبدادِ الظلمة ، ولوعةُ
الحب وعذابُه وحرقتُه نيرانٌ تكادُ تحرقه، والبحرُ إنسانٌ يتجاوب معه ، وحزين تخفق أمواجه حزنا وللصخرة قلب ، والموج يفتها بأمواجه ، والسواد الذي يغطي الكون إنما هو شيء مما يملأ صدره من هم ، وللنهار روح تُنزع ، والشمس كالإنسان تُصرع وتموت، وتُشيع أضواء الغروب جثمانها ، والخواطر والسحاب كلمى ودامية ، والشفق كالذهب .. وهي - أي الشمس -كالدمعة الحمراء يذرفها الكون لوداع النهار ، والكون كله مرآة لمعاناته ..!!
وهذه الصور بلا شك تدل على خيالٍ خلاق واسع ، قادر على تصوير المعاناة ، ونقلها للقارئ بدقة !
.. الموسيقى ..
ظاهرة وخفية :
الظاهرة في القافية همزة مكسورة مشبعة بالياء أحياناً تعبر عن الجو النفسي الحزين والقلب الكسير الحزين ،
والخفية في التناغم بين: الألفاظ الموحية ، والعبارات الجميلة ، والمعاني السامية ، والصور الرائعة، والعاطفة الصادقة .


====================

المحاضره ال12 والاخيره

فن المقامة :
المقامة :
هي حديث يتخذ شكل حكاية عربية أصيلة تتضمن مغامرات يقوم بها بطل معين ، ويسردها راو ٍ بطريقة أدبية بليغة ، وتختم بموعظة أو ملحة .
نشأتها :
نشأت في أواسط الدولة العباسية على يد بديع الزمان الهمذاني . ثم جاء بعده الحريري (516هـ) وكتب خمسين مقامة

الهدف من كتابة المقامة :
لم يكن قصد الهمذاني من كتابة المقامات إظهار جمال القص َّ ، أو حسن الوعظ ، أو تقديم الفائدة العلمية ، وإنما كان قصده إثارة الإعجاب واللذة لدى المتلقي ، وذلك بجمع الألفاظ الغريبة ونوادر التراكيب في أسلوب مسجوع أنيق وتقوم المقامة على شخصيتين رئيستين هما (الراوية ، والبطل )

والراوية في مقامات الهمذاني عيسى بن هشام وهو عالم وأديب .
والبطل : أبو الفتح الإسكندري .
مثال : ” المقامة المضيرية “
حدثنا عيسى بن هشام قال : كنت بالبصرة ومعي أبو الفتح الإسكندري رجل الفصاحة يدعوها فتجيبه . والبلاغة يأمرها فتطيعهُ وحضرنا معه
دعوة بعض التجار فقدمت إلينا مضيرة (1)
تتثنى على الحضارة وتترجرج في الغضارة (1)
وتؤذن بالسلامة . وتشهد لمعاوية رحمه الله بالإمامة في قصعة ٍ يزل عنها الطَّرفُ ، ويموج فيها الظّرفُ,
(1) المضيرة : لحم يطبخ باللبن المضير ( الحامض ) .
(2) الغضارة : القطعة الكبيرة – الظرف : الوعاء .

وترك مساعدة الإخوان .ولكنَّا ساعدناه على هجرها . وسألناه عن أمرها.
فقال : قصتي معها أطول من مصيبتي فيها .
ولو حدثتكم بها لم آمن المقت ، وإضاعة الوقت . قلنا هات . قال : دعاني بعض التجار إلى مضيرة وأنا ببغداد ، ولزمني ملازمة الغريم (1)، والكلب
لأصحاب الرقيم (2)
إلى أن اجبته إليها وقمنا ، فجعل طول الطريق يُثني على زوجته .
وقد غبر في ذلك الوجه الجميل وأثَّرَ في ذلك الخَدِّ الصَّقيل ِ. لرأيت منظرًا تحار فيه العُيُونُ.
وَ صَدَعِني بصفات زوجته . حتى انتهينا إلى مَحَلَّتِه.
ثم قال : يا مولاي . ترى هذه الَمَحلَّة ؟ هي أشرف محال بغداد .
قراءة في النص
تبدأ المقامة المضيرية لبديع الزمان الهمذاني بضمير المتكلم يتبناه راوٍ هو ( الأنا ) الثانية لبديع الزمان الهمذاني ، وتبدأ نقطة القص بالفعل (حدثنا) ، ثم يتولى السرد راوٍ آخر هو “عيسى بن هشام“ فيعلمنا عما حدث في بيت أحد التجار عندما قُدِمت لهم المضيرة ، إذ صرخ أبو الفتح الإسكندري لاعنًا المضيرة ،
ومعلنًا كرهه لها ولصاحبها وآكلها ، فيُرفع الطعام ليستمع الجماعة إلى حكايته مع المضيرة ، وهنا يتسلم زمام القص راوٍ ثالث هو أبو الفتح الإسكندري .
ـ نلاحظ أن القصّ ابتدأ بزمن الحاضر ، ثم انتقل إلى زمن الماضي . ويسمى هذا في القص الحديث
(الاسترجاع ) ثم انتقل المكان من البصرة المكان
المركزي إلى بغداد المكان الثانوي ،
وهنا تظهر شخصية أخرى هي شخصية التاجر ، الذي دعا أبا الفتح إلى تناول المضيرة في بيته .
ونتعرف من خلال ثرثرة الرجل غناه الفاحش ، وعدم تقديره زوجته ، وعدم محافظته على سمعتها وكرامتها ، إنه يتحدث عنها وكأنها بعض المتاع الذي يفتخر بحيازته فهي حاذقة في صنع الطعام ، ووجهها جميل وخدها صقيل ... الخ .
ونملُ منه كما ملَّ أبو الفتح ، وهو يمضى في وصف المحلة التي يقطنها .... الخ .
ويلاحظ أن طريقة بناء المقامة تقترب من بنية القصة القصيرة :
فهي تعتمد على : ضيق الحيز الزماني ، فالفترة الزمنية للأحداث قصيرة لا تتجاوز مدّة قراءة المقامة ، وكذلك على تحديد المكان وهو بيت في البصرة ، ثم هذه النهاية التي تحمل فكرة المقامة فيما يسمى في القصة القصيرة الحديثة ( لخطة التنوير ) . والفكرة تتمثل في
إدانة الثراء الفاحش الذي يأتي من طرق غير سليمة . ثم هنالك العرض الشائق للأحداث ، والشخصيات ، ثم الأساليب القصصيّة التي استخدمت كالحوار المباشر ، والمناجاة ، وتعدد الرواة ، والرجوع بالأحداث والجمل القصيرة التي تقربها من نبرة الحياة اليومية .
وتبدو العناصر غير القصصية متمثلة في العناية بالسجع وأنواع البديع الأخرى مثل الطباق والجناس ، وكثرة الكلمات المترادفة والغريبة ، وموازنة الجمل المتوالية وقصرها ,
واستخدام الصور البيانية من تشبيه وكناية ...الخ
وأخيرًا نقول إن َّ الاهتمام الزائد بالصياغة اللغوية هو الذي أضرّ بالمقامات وأساء إلى فنّيتها .


ثانيًا :
من النثر الحديث
“ الخاطرة ”


الخاطرة
كلمة الخاطرة :
مؤنث الخاطر ، والخاطر في اللغة القلب أو النفس ، فيقال مر بالخاطر ، أي حال بالنفس أو القلب ويقال عن طيب خاطر ، أي براحة بال ، كما تعني الكلمة . ما يمر بالذهن من الآراء والأفكار .
وانطلاقًا من هذا المعنى اللُّغوي يمكن أن نعرف الخاطرة بأنها هي: نص أدبي من الأنواع النثرية الحديثة يُقَدِّم اعتمادًا على الانفعال الوجداني والتدفق العاطفي لمحة ذهنية عن موضوع ما اجتماعي ، أو إنساني ، أو نفسي ، بأسلوب جدّيّ أو هزليّ.

من خلال هذا التعريف يمكن أن نتبين صفات الخاطرة بأنـها:
- تقترب من القصيدة الوجدانية ، ولا تحتاج إلى إعداد مسبق .
- لا تتطلب أدلة وبراهين على صحّتها ، لأنها وليدة فكرة عارضة,
لا تحتمل الاتفاق أو الاختلاف .
- سهلة الفهم ، صغيرة الحجم ، ليس لها في الغالب عنوان خاص ، فتظهر تحت عنوان ثابت في الصّحيفة أو المجلة ،
مثل :-
( ما قل َّ ودل َّ) ، ( فكرة ) ، ( شعاع من نور ) ، ( أفق ) ... الخ .

استنادًا إلى هذه الصفات فإن ّ الخاطرة الناجحة تتميز بما يلي:
1- الوضوح في الأسلوب حيث تكون الكلمات موحية ، وليست عاميّة نابية .
2- تسلسل الأفكار وتماسكها .
3- استخدام الخيال وبخاصة التشبيهات والرموز .
4- التناسق بين الأجزاء فلا تطغى المقدمة على العرض مثلاً أو تبتعد الخاتمة عن المقدمة .
5- الوصف الدقيق الذي يبعث الحياة في المشهد أو الموقف .
6- تجنب الاستطراد والتكرار والتركيز على فكرة معيّنة .
7- الموضوع المناسب .

وهذا نموذجًا للخاطرة من .
“ كتاب السحاب الأحمر ”
لمصطفى صادق الرافعي.

خاطرة :
“ تجاوزت شجرة من الحسك ، وشجرة من الورد ، فزهت الوردة زهوًا عاطرًا بطبيعة العطر الذي في مادتها فقالت لها الحسكة : ويحك إما هذا الزَّهو الذي أفسدتِ به محلّك من نفسي ؟ قالت الوردة في كلام هو عصر آخر :
لا تتعبي نفسك في تحقيري فلستُ أفهم لغة الشّوك إلا إذا كان يُنبتُ الورد ! ”
قراءة في النص
يقوم النص على حوارٍ ين شجرتين متجاورتين : هما
( شجرة من الشّوك ) والأخرى من ( الورد ) تبدأ شجرة الشوك الحوار باستفهام إنكاري عن سبب زهو شجرة الورد بعطرها ، فتفصح ُ لها سبب شجرة الورد عن حقيقة تغيب عنها وهي أنّ اللغة: التي تحتقر الآخرين وتنتقص من أعمالهم هي لغة لا قيمة لها ، وبخاصة إذا صدرت عمل لا يملك القدرة على العطاء والعمل .
يُلاحَظُ أنَّ النص ينبني على مشهد حواريّ . يلجأ فيه الكاتب إلى تجسيد الأشجار ، وجعلها تتكلم وتزهو ، وتظهر ذاتيته في امتداح ما تقوله شجرة الورد وتشبيهه بالعطر ، وذم شجرة الشوك .
وفي هذا فائدة لمعرفة رأي الكاتب كما تبدو الأفكار متسلسلة ، فهناك حديث عن تجاور الشجرتين ، ثم زهوِّ شجرة الورد ، ثم تقديم الحوار بينهما وينتهي النص في الجملة الأخيرة التي تشكل خاتمه الخاطرة ، وفيها يتركز هدف الكاتب الأخلاقي، ويتمثل في إدانة اللغة الشائكة التي تجرح الآخرين وتقلل من شأنهم .
إنها مثيرة للعجب تلك اللغة التي تصدر عن شجرة الشوك إنها لغة شائكة كما يوحى اسمها .
وتُلاحَظُ عناية الكاتب الواضحة بالخاتمة ؛ ففيها ظهرت خبرته في الحياة , واهتمامه بالأخلاق الحميدة , بضرورة الابتعاد عن تحقير الآخرين , والتقليل من شأن أعمالهم الخيرة وتتجلى في هذا النص صفات الخاطرة التي تتمثل في الأسلوب الأدبي المشرق الواضح, وجمال الألفاظ ورقتها , والهدف الإنساني النبيل , والصور البيانية الواضحة , وتجسيد الأشجار وكأنها مخلوقات إنسانية تدب فيها الحياة . وهي على قصرها تبرز ثقافة الكاتب الإسلامية, وحرصه على الأخلاق الفاضلة , وقدرته على تقديم المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة .



.

التعديل الأخير تم بواسطة StrawberryCake ; 2012- 5- 19 الساعة 11:28 PM
رد مع اقتباس
قديم 2012- 5- 19   #2
samaa
أكـاديـمـي نــشـط
 
الصورة الرمزية samaa
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 93053
تاريخ التسجيل: Thu Nov 2011
المشاركات: 171
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 71
مؤشر المستوى: 52
samaa will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الأداب بالدمام
الدراسة: انتظام
التخصص: تخصص جغرافيا
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
samaa غير متواجد حالياً
رد: محاضرات التذوق الأدبي ما عدا الخامسة والسادسة

مشكوره و ما قصرتي في ميزان حسناتك يارب

الله يوفقك
  رد مع اقتباس
قديم 2012- 5- 20   #3
ريم فهد
أكـاديـمـي
 
الصورة الرمزية ريم فهد
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 66153
تاريخ التسجيل: Thu Dec 2010
العمر: 32
المشاركات: 48
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 51
مؤشر المستوى: 0
ريم فهد will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الأداب بالدمام
الدراسة: انتظام
التخصص: المستوى الخامس
المستوى: المستوى الثاني
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
ريم فهد غير متواجد حالياً
رد: محاضرات التذوق الأدبي ما عدا الخامسة والسادسة

لو سمحتي انتي تبع اي دكتورة
  رد مع اقتباس
قديم 2012- 5- 20   #4
مشاعر رقيقه
أكـاديـمـي فـعّـال
 
الصورة الرمزية مشاعر رقيقه
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 82512
تاريخ التسجيل: Thu Aug 2011
المشاركات: 205
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 50
مؤشر المستوى: 54
مشاعر رقيقه will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الاداب
الدراسة: انتظام
التخصص: English
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
مشاعر رقيقه غير متواجد حالياً
رد: محاضرات التذوق الأدبي ما عدا الخامسة والسادسة

الحين كيف تكون طريقة الاسئله على القصائد والقصه الى مثل امتحان شهرر والقصيده الخارجيه الي بتجيبه كم عليه درجات
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[ السنة التحضيــرية ] : محاضرات تذوق ادبي د.منال بسيوني شاكيرا منتدى كلية الآداب بالدمام 33 2012- 12- 6 12:24 PM
التذوق الأدبي شرقاوي39 المستوى الثاني - كلية الأداب 33 2012- 5- 16 06:22 PM
التذوق الأدبي ANGEL for EVER المستوى الثاني - كلية الأداب 3 2012- 5- 15 09:45 AM
[ السنة التحضيــرية ] : التذوق الأدبي ><" Dano1 منتدى كلية الآداب بالدمام 3 2012- 4- 1 09:32 PM
[ السنة التحضيــرية ] : محاضرات التذوق الادبي.. لبى خفوقه منتدى كلية الآداب بالدمام 37 2012- 3- 15 03:18 AM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 09:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه