الحقيقة، وفي هذه الفترة الهامة من مراحل الدراسة، وهي فترة ما قبل الاختبارات (مايقارب الأسبوعين)، وبداية حاجة كل طالب إلى استنهاض وتحفيز مهارة التذكر لديه؛ أحببت أن أكتب ما يجول في الخاطر حول هذي المهارة المهمة.

أكتب هذي السطور على عُجالة، فاعذرونا إن وقعنا في قصور هُنا أو هُناك؛ واعذرونا إن لم يكن القسم متخصصاً بمثل هذا الطرح.

###

الأمن، يعني الاطمئنان؛ ومن الأمن يُشتق مصطلح "الإيمان"، فمن يُؤمن بشيء معناه أنَّه يطمئن له ويثق به ثقةً مُطلقة.

سؤال: هل تُؤمن بذاكرتك؟! لا تُجب الآن، جاوب بعد قراءتك لهذي الخاطرة.

لنطرح تساؤلاً آخر: ما هو مقدار ما يمكن للذاكرة أن تخزنه من بيانات ومعلومات؟

الإجابة: لانهائي. مقدار ما يمكن للذاكرة أن تخزنه من معلومات لانهائي!

كيف ذلك؟! جرِّب...

كيف يمكن لك أن تجرب؛ ماذا لو سألتك، ماذا تتذكر من أمور عشتها في المرحلة المتوسطة؟

بالتأكيد لو فُتح لك المجال لتتذكر كل ما حصل لك، ستحتاج إلى مجلدات ومجلدات من المعلومات التي تستدعيها من ذاكرتك، إنك تستدعيها بكامل تفاصيلها، بالألوان والأصوات والأشكال.

سأسألك سؤال آخر: هل تتذكر كل شيء مر عليك في المرحلة المتوسطة، الإجابة قطعاً لا؛ هُنا "مربط الفرس" لماذا بعض الأمور تتخزن في الذاكرة ولا تُمسح وبعضها الآخر ننساه بعد الموقف بدقائق؟

باختصار لأنَّك اتبعت أسلوب معين في تخزين تلك المعلومة في الذاكرة، أسلوب نمارسه كل يوم بالفطرة.

هذا الأسلوب، هُو الاستمتاع بتفاصيل الموقف، والاندماج حسياً معه، فأنت تراه وتسمعه وقد يكون ملموساً لك، ولعلك تشم رائحته المميزة؛ إثارة الحواس فيها هي النقطة المركزية.

حينما تستعمل حواسك في التعامل مع معلومة ما، فإنك تزيد من معدل الانتباه والتركيز لديك؛ الانتباه والتركيز أساس الفهم والاستيعاب؛ وأي أمرٍ تفهمه وتستوعبه بشكل ملائم (ترسم له في ذهنك صورة ذهنية واضحة عالية الدقة)، لن لن لن تنساه.

لماذا لن تنساه، لأنك حينما تحاول أن تستدعيه (تتذكره) فإنك لا تستدعي نصاً مكتوباً، أو كلاماً منطوقاً؛ إنك تستدعي صورة ذهنية، صورة ثرية بالألوان ونبرات الصوت والإحساس بالبرد والحر ...إلخ.

في هذه المرحلة والتي اجتزنا قبلها مراحل التلخيص والترتيب لما نريد أن نحفظه؛ أصبحنا نعرف ما نريد أن نذاكره تماماً؛ وكمثال الملخصات التي (بفضل الله) عملتها يتضمن كل منها عدداً من الأسئلة، مثلاً مادة التحرير العربي تتكون من 755 سؤال، حينما أبدأ في المراجعة النهائية للمادة أنا أعلم أن عقلي لديه طاقة محدودة، لن أُهدرها في التفكير بأمور جانبية، أو ماذا عساني أُذاكر اليوم؟ أو ماهو شكل الأسئلة التي ستأتي بالاختبار، أو "ياويلي راح الوقت!"، لا، لقد اجتزنا هذي المرحلة.

أنا سأقضي وقت المراجعة النهائية، لمذاكرة هذه الـ755 سؤال، فقط.

وحينما آتي لكل سؤال، سأحاول أن أذاكره باستمتاع؛ وسأستدعي "خيالي الخصب" وأستعمل ما يمكنني من الحواس لـ"فهم" هذا السؤال، قد أقرأ السؤال بنبرة صوت مختلفة، قد أقف أو أجلس أو أتمشى في الغرفة، قد أطلب من أخي أن يقرأ لي بعض الأسئلة والأجوبة وأكتفي بالاستماع له بتركيز، سأبتكر ألف طريق للتعامل مع كل سؤال؛ حينما أقول "فهم" أنا أعني أن تُبدع في رسم تلك الصورة الذهنية التي ستتخزن (تتبرمج) في ذاكرتك؛ بعدها مُــســتــحــيــل تنسى.

هل عرفتم "السر" الآن؟

وبعد كل هذا، هل سيكون هناك مجال للخوف، والرهبة؟ أبداً.

أنت تؤمن بذاتك، تؤمن بجهودك، تؤمن بخطتك الدراسية؛ وبالتأكيد تُؤمن بذاكرتك. لكن كل ماسبق (ذاتك، جهدك، ذاكرتك؛ أنت بكُلِّكْ) مامصدر قوته (طاقته)؟

هناك كنز عظيم قد لا يستحضره أكثرنا، ويسبب الشعور بالرهبة، لا تتكل على نفسك، فأنت مهما عظمت مخلوقٌ ضعيف، فيروس لا يُرى بالعين قد يطرحك في فراش المرض، دائماً استحضر أن ما تملكه من قوة ومن قدرة كلها مستمدة من الله تعالى؛ عندما تستحضر أنك تستمد القوَّة والحول من الله تعالى، مالك الملك، الرحمن الرحيم، الحنّان المنّان؛ قلِّي ما الشيء الذي ستخشاه؟!

استحضر دائماً الآية: "إيّاكَ نعبُد، وإيّاك نستعين".

دائماً إن بذلت أي جهد، حطّم الصنم الصغير الضعيف الذي قد يبرز في نفسك، أعني الاغترار بالنفس الذي يقود إلى الشرك الأصغر (وهو الرياء)؛ ولعلني في هذا المجال أنصح بقراءة كتاب (حطم الصنم بداخلك). دائماً استحضر ذكر (لا حول ولا قوة لنا إلا بالله).

قُل "لا حول ولا قوة لنا إلا بالله"، و(على قولة سبيس تون) انطلققققققق...

###

أبو الحارث 3/12/2013م؛ أثناء دراسة الصحة <--- Just wanna bomb it down!