كان السلف الصالح إذا أجدبت الأرض وقحطت خرج المسلمون إلى الصلاة، شيوخاً وشباناً، تسمع التسبيح والتهليل، والاستغفار بأعين باكية، وجوارح ذليلة، وصدقات كثيرة، وخضوع وتواضع وسكينة، فيستجيب الله لهم، وقلَّ أن يعيدوا الصلاة في السنة الواحدة لكي يتفضل الله عليهم بالغيث، أما إذا استسقى العباد فلم يُسقوا، وسألوا فلم يعطوا، فإن ذلك يظهر حقيقة المجتمع بعدم امتثاله لأوامر ربه، وكان أمارة على هبوط الإيمان، وخلل في الأعمال
، وإصابتهم بموانع إجابة الدعاء؛ أكل الحرام، الربا، الرشوة،...، عقوق الوالدين، قطع الأرحام، ناهيك عن أعمال القلوب السيئة من عجب ورياء، وحسد وبغضاء، وهل في الدنيا والآخرة شرور وبلايا إلا بسبب الذنوب والمعاصي، إن للمعاصي شؤمها وللذنوب آثارها، كم أهلكت من أمة، وكم دمّرت من شعوب، وكم قصمت من قرية، وبالمعاصي تزول النعم، ويحبس المطر، بسببها تتوالى المحن، وتتداعى الفتن،
إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11].
المعاصي توجب في الأرض الخسف والزلازل، وتظهر [في المجتمع] الآفات، وتمحق الرزق والبركات، قال : ((وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)) أخرجه أحمد وابن ماجه(2)[2].
تنشر المعاصي الأمراض الفتاكة، والآفات القاتلة، والحوادث المروّعة، قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].
المعاصي تُصيِّر النعمة نقمة، والرحمة عذاباً، ألا ترون الأمطار تهدم أحياناً بفيضانات مهلِكة، وسيول عارمة، تدمّر القرى والمدن، فتذهب بكثير من الأرواح والمساكن والمزارع، بل لتُغيِّر معالم الأرض، وتحدث شراً مستطيراً، اللَّهُ الَّذِى يُرْسِلُ الرّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً [الروم:48].
اقرأوا هذا سبحان الله رحمتك سبحانك >>حتى البهائم تئنّ من ويلات المعاصي، ويدركها شؤمها، قال عكرمة رضي الله عنه: "دواب الأرض وهوامها، حتى الخنافس والعقارب يقولون: مُنعنا القطر بذنوب بني آدم"(3)[3].
إذا أردنا أن يغيِّر الله حالنا من قحط إلى غيث، ومن جدب إلى أمطار، فعلينا أن نغيّر حالنا، فنصلح ما فسد، ونطهِّر قلوبنا من الغل والحقد والحسد، نقيم الصلاة، نؤتي الزكاة، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، جدير بنا أن نغيث قلوبنا ليحل الغيث بأرضنا وبلادنا، ذلكم هو مفتاح القطر من السماء، وسبب رفع البلاء، ووعد الله لا يُخلف،
قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ [الأعراف:96].
التوبة الصادقة تغفر الذنوب مهما عظمت، فمن ظن أن ذنباً لا يسعه عفو الله فقد ظنّ بربه ظن السوء، إلا أن المذنب مع ذنبه يكون ذليلاً خائفاً مشفقاً، يخشى على نفسه من شؤمها، يلتهب فؤاده ندماً وحسرة، ويرفع يديه إلى مولاه تائباً مستغفراً، وإذا سمع واعظاً ارتجف فؤاده، وبدت معصيته بين عينيه، ويظل بعد ذلك
يسأل: ما المخرج؟
نعم، باب التوبة مفتوح، مهما تعاظمت الذنوب وتكاثرت المعاصي، واستحكمت الغفلات، فلا قنوط من رحمة الله، ولا بُعد عن الله، فالله سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.
فهلمّ - أخي المسلم - إلى رحمة الله وعفوه، هلّم إلى التوبة قبل أن يفوت الأوان،
واذكر نداء الله عز وجل: قُلْ ياعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
استكينوا إلى ربكم، ارفعوا أكف الضراعة، ابتهلوا وادعوا وتضرعوا واستغفروا، فالاستغفار مربوط بما في السماء من استدرار،
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً [نوح:10، 11].
أكثروا من الصلاة والسلام على المصطفى الهادي البشير كما جاء في الأثر، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه وأصحابه.
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:186].
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر يا رب العالمين.
اللهم ارحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم ألف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا، لنكونن من الخاسرين.
عباد الله، اقلبوا أرديتكم تأسياً برسولكم ، وألحوا في الدعاء، واستقبلوا القبلة، وادعوا وأنتم موقنون بالإجابة.
ومضة مني لكم (( أرجوا منكم قراءته كاملا ولا تتكاسلوا لكثرته إن الكسل في القراءة هو سبب إغفال القلوب اقرأو لتفقهوا .كنت أريد أن أقوم بختصارها بل حاولت فلم استطع لأنها حقاً كلمات تيقظ القلوب الغافلة و تحاكي الواقع المحزن .. أرجوا منكم الإعتبار من هذه السطورو التمعن في كل كلمة و آية عظيمة سبحان الله و بكثرة الإستغفار الله يهديكم رزقنا الله و إياكـم أمطار رحمته .. اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين ))
أختكـم كـومي ..