عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 4- 23   #4
هيبة وجودي
متميزه في ملتقى التعليم عن بعد - الدراسات الاسلاميه
 
الصورة الرمزية هيبة وجودي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 69103
تاريخ التسجيل: Sat Jan 2011
المشاركات: 2,271
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 62644
مؤشر المستوى: 138
هيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to all
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
هيبة وجودي غير متواجد حالياً
رد: محتوى غقيدة 2 جهد ام افنان

لمحاضـرة التاسعة
الحكم بغير ما أنزل الله
عناصر المحـــاضرة

عناصر المحـــاضرة :
ـ منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين .
ـ متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟ .
ـ متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً أصغر؟ .
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين:
فرض الله تعالى الحكم بشريعته، وأوجب ذلك على عباده، وجعله الغاية من تنزيل الكتاب، فقال سبحانه: - ( وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ) .
وقال تعالى: -( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ) .
وبين سبحانه اختصاصه وتفرده بالحكم، فقال: - ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) .
وجاءت الآيات القرآنية مؤكدة على أن الحكم بما أنزل الله من صفات المؤمنين، وأن التحاكم إلى غير ما أنزل الله (وهو حكم الطاغوت والجاهلية) من صفات المنافقين.
قال سبحانه: ( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ ) .
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
ويمكن أن نحدد أهمية إفراد الله تعالى بالحكم، وبيان منزلة الحكم بما أنزل الله من خلال العناصر التالية:
أ ـ منزلته من توحيد العبادة:
إن الحكم بما أنزل الله تعالى وحده هو إفراد لله تعالى بالطاعة، والطاعة نوع من أنواع العبادة، فلا تصرف إلا لله وحده لا شريك له، قال تعالى: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ).
ب ـ منزلته من التوحيد العلمي الخبري:
الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية، لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أرباباً لمتبعيهم، فقال سبحانه: - ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) .
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
جـ : منزلته من توحيد الاتباع :
والمقصود بتوحيد الاتباع تحقيق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوحيد الاتباع هو توحيد الرسول بالتحكيم والتسليم.
قال الله تعالى ( َفلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) .
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: - " يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهراً وباطنه ”.
منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين
(د) منزلته من الإيمان:
يقول عز وجل: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) .
(هـ) : تحكيم الشريعة استجابة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم :
ففيه الحياة والصلاح والخير، قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ) ، وإن رفض هذه الشريعة وعدم الاستجابة لها اتباع للهوى، وضلال شنيع في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة، يقول تعالى( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ) .
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:- " يا معشر المهاجرين: خصال خمس إن ابتليتم . بهن ، وذكر منها: " وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم " .
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
إذا تقرر أن التشريع من خصائص ربوبية الله تعالى، فالحلال ما حلله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله رسوله، فليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرع في دين الله تعالى، بل الواجب اتباع هذه الشريعة. قال تعالى:( اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )
وعليه فيكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى كفراً ناقلاً عن الملة، وناقضاً من نواقض الإيمان في عدة صور وحالات، نتحدث عن بعضها على النحو التالي:
(أ) من شرَّع غير ما أنزل الله تعالى:-
قد تقرر- بداهة – وجوب إفراد الله تعالى بالحكم والتشريع ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) فإذا كان الله تعالى هو المتفرد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة لا شريك له في هذه الصفات، فهو سبحانه – أيضاً – وحده المتفرد بالتشريع والتحليل والتحريم، فالدين لا يكون إلا ما
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
شرعه الله تعالى، وليس لأحد أن يشرع شيئاً ما جاء عن الله تعالى، ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالتشريع حق خالص لله وحده لا شريك له. من نازعه في شيء منه فهو مشرك، لقوله تعالى: - ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ) .
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: - " أي هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم من التحليل والتحريم والعبادات الباطلة والأموال الفاسدة. "
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
هذه المحنة التي نواجهها اليوم، والتي لا يصلح لدفعها ترقيع جزئي بإلغاء بعض المواد، والنص على اخرى، وإنما يصلحه أن نبدأ بتقرير السيادة المطلقة والحاكمية العليا للشريعة الإسلامية، والنص على أن كل ما يتعارض معها من القوانين أو اللوائح فهو باطل. ”
كما أن هذه القوانين والدساتير الطاغوتية عند أصحابها قد صار لها من الحرمة والتعظيم كما لو كانت شريعة إلهية، يبين ذلك الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – فيقول:
" هذه القوانين التي فرضها على المسلمين أعداء الإسلام... هي في حقيقتها دين آخر جعلوه ديناً للمسلمين بدلاً من دينهم النقي السامي، لأنهم أوجبوا عليهم طاعتها وغرسوا في قلوبهم حبها وتقديسها والعصبية لها، حتى لقد تجري على الألسنة والأقلام كثيراً من الكلمات " تقديس القانون "، " قدسية القضاء "، وأمثال ذلك من الكلمات... ثم صاروا يطلقون على هذه القوانين ودراساتها كلمة " الفقه الفقيه "، " والتشريع " و" المشرع "...وما إلى ذلك من الكلمات التي يطلقها علماء الإسلام على الشريعة وعلمائها.
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
إن شريعة الله تعالى يجب أن تكون وحدها حاكمة ومهيمنة على غيرها، وأن تكون المصدر الوحيد للتشريع، فلا ننخدع بما يقوله بعضهم بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، لما تتضمنه هذه العبارة الشركية من الإقرار والرضا بمصادر أخرى للتشريع، ولو كانت مصادر فرعية.
يقول الله تعالى:- ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ).
(ب) أن يجحد أو ينكر الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى أحقية حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في رواية لابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى :
( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ).
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
فمن ذلك ما قاله أبو يعلى:
" ومن اعتقد تحليل ما حرم الله بالنص الصريح، أو من رسوله، أو أجمع المسلمون على تحريمه فهو كافر، كمن أباح شرب الخمر ومنع الصلاة والصيام والزكاة، وكذلك من اعتقد تحريم شيء حلله الله وأباحه بالنص الصريح، أو أباحه رسوله أو المسلمون مع العلم بذلك، فهو كافر كمن حرم النكاح والبيع والشراء على الوجه الذي أباحه الله عز وجل، والوجه فيه أن في ذلك تكذيباً لله تعالى ولرسوله في خبره، وتكذيباً للمسلمين في خبرهم، ومن فعل ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين. "
ولا يغيب عنا أن هذا الجحود في حد ذاته يعد كفرا، ولو لم يكن معه تحكيم لغير الشريعة، فالجاحد كافر سواء حكم بغير ما أنزل الله أو لم يحكم.
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
(ج) أن يفضل حكم الطاغوت على حكم الله تعالى، سواء كان هذا التفضيل مطلقاً، أو مقيداً في بعض المسائل :
يقول محمود الآلوسي في تفسيره: - " لاشك في كفر من يستحسن القانون ويفضله على الشرع ويقول هو أوفق بالحكمة وأصلح للأمة، ويتميز غيظاً ويتقصف غضباً إذا قيل له في أمر: أمر الشرع فيه كذا، كما شاهدنا ذلك في بعض من خذلهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم...فلا ينبغي التوقف في تكفير من يستحسن ما هو بيّن المخالفة للشرع منها (أي القوانين) ويقدمه على الأحكام الشرعية منتقصاً لها.
ومما يلحق بمسألة تفضيل حكم الجاهلية على حكم الله تعالى: من لم يحكم بما أنزل الله تعالى استخفافاً واستهانة بحكم الله تعالى، واحتقاراً له فمن وقع في ذلك فقد خرج عن الملة؛ لأن ذلك استهزاء بدين الله تعالى، ومن ثم فهو ردة عن الإسلام، كما هو ظاهر في قوله تعالى:
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
( قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) .
يقول الفخر الرازي:- " إن الاستهزاء بالدين كفر بالله، وذلك لأن الاستهزاء يدل على الاستخفاف، والعمدة الكبرى في الإيمان تعظيم الله بأقصى الإمكان، والجمع بينهما محال.
ويقول ابن أبي العز الحنفي: - " إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر ”
(د) من ساوى بين حكم الله تعالى وحكم الطاغوت، واعتقد التماثل بينهما:
فهذا كفر ناقل عن الملة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة والمعاندة لقوله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ولقوله عز وجل:- (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) .
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
يقـول ابن كثير في تفسير هذه الآية: - " أي لا تجعلوا له أنداداً وأشباهاً وأمثالاً، " إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون " أي أنه يعلم ويشهد أنه لا إله إلا هو، وأنتم بجهلكم تشركون به غيره.
وأخبر تعالى عن أهل النار أنهم يقولون – وهم في النار – لآلهتهم: - ( تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِين إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
يقول ابن القيم عن هذه الآية: - " ومعلوم أنهم ما سووهم به سبحانه في الخلق والرزق والإماتة والإحياء والملك والقدرة، وإنما سووهم به في الحب والتأله والخضوع لهم والتذلل وهذا غاية الجهل والظلم، فكيف يسوَّى من خلق من تراب برب الأرباب؟ وكيف يسوى العبيد بمالك الرقاب؟ وكيف يسوي الفقير بالذات الضعيف بالذات، العاجز بالذات، المحتاج بالذات، الذي ليس له من ذاته إلا العدم، بالغني بالذات، القادر بالذات الذي غناه وقدرته وملكه وجوده وإحسانه وعلمه ورحمته وكماله المطلق التام من لوازم ذاته؟ فأي ظلم أقبح من هذا؟ وأي حكم أشد جوراً منه؟ فإذا كانت التسوية بين الله تعالى وبين خلقه في عبادة من العبادات يعتبر شركاً وتنديداً يناقض توحيد العبادة، فكيف بمن سوى حكم الله تعالى بحكم البشر؟ .
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
(هـ) أن يجوِّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، أو يعتقد أن الحكم بما أنزل الله تعالى غير واجب، وأنه مخير فيه، فهذا كفر مناقض للإيمان، لتجويزه ما علم بالنصوص الصريحة القطعية تحريمه، حيث لم يعتقد وجوب إفراد الله تعالى بالحكم، وهو إن لم يكن جاحداً لحكم الله، لكن ما دام أنه لا يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى وحده، وذلك بتجويز الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، فهذا كفر ناقل عن الملة .
يقول القرطبي: - " إن حكم بما عنده على أنه من عند الله تعالى، فهو تبديل له يوجب الكفر”.هذا بالنسبة للحاكم .
ـ أما المحكوم بتلك القوانين الطاغوتية، فإن كفره متعلق بقبوله لغير شريعة الله، ورضاه بها، إضافة إلى ذلك فإن متابعة هذا المحكوم وقبوله لغير الشريعة من خلال تحاكمه إلى غير ما أنزل الله تعالى، لا يخلو من امتناع عن قبول حكم الله وحده، أو تجويز للحكم بالطاغوت، وقد أمروا أن يكفروا به، أو تفضيل لحكم الطاغوت على حكم الله . تعالى، أو التسوية بينهما ، يقول الله تعالى:
متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان؟
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ) .
دلت الآية على أن إرادة التحاكم إلى الطاغوت إيمان بهذا الطاغوت، ومن ثم فهو كفر بالله تعالى، حيث إن الله تعالى قد فرض على عباده الكفر بالطاغوت، والإيمان به تعالى، حيث قال سبحانه:
( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا)
ـ متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً أصغر؟
ـ متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً أصغر؟
يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً أصغر إذا حكم الحاكم أو القاضي بغير ما أنزل الله تعالى في واقعة ما مع اعتقاده وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى في هذه القضية المعينة ، فعدل عنه عصياناً وهوى وشهوة، مع اعترافه بأنه آثم في ذلك، مستحق للعقوبة.
ـ ونسوق جملة من كلام أهل العلم في هذه المسألة:-
يقول القرطبي: - " إن حكم به (أي بغير ما أنزل الله) هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين. ”
ويقول ابن تيمية: - " أما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى واتبع هواه، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة. "
يقول ابن القيم: - " إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر. "
ـ متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً أصغر؟
وقد جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى: ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ، أنه قال: - " ليس بالكفر الذي يذهبون إليه؟ " وفي رواية أنه قال:- " كفر لا ينقل عن الملة. "
وقال عطاء: "كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق ”.
وقال طاووس : " ليس بكفر ينقل عن الملة. ".
فكلام السلف الصالح – في معصية كفر دون كفر – يدور حول قضية مفردة، أو واقعة معينة في الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، عن هوى وشهوة، مع اعتقاد حرمة هذا الفعل وإثمه، وليس منهجاً عاماً، وهذا أمر ظاهر .

المحاضرة العاشــرة
أثر الذنوب والمعاصي على الإيمان
عناصر المحـــاضرة

عناصر المحـــاضرة
1- أقســـام المعاصي والذنوب .
2- آثار الذنوب والمعاصي على الإيمان.
أقسام المعاصي والذنوب
أولا : أقسام المعاصي والذنوب :
ذهب جمهور أهل السنة إلى أنالذنوب قسمان:
الأول : صغائر. الثاني : وكبائر.
وحكى الإمام ابن القيم الإجماع على ذلك حيث قال: (والذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف وبالاعتبار) ،
واستدل أهل السنة لذلك بعدة أدلة منها:
1 ـ قال تعالى : (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) :
قال الإمام الشوكاني: (أي إن تجتبوا كبائر الذنوب التي نهاكم الله عنها نكفر عنكم سيئاتكم أي ذنوبكم التي هي صغائر، وحمل السيئات على الصغائر هنا متعين لذكر الكبائر قبلها وجعل اجتنابها شرطاً لتكفير السيئات).
أقسام المعاصي والذنوب
2 ـ وقال تعالى : (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) ، وهذه الآية صريحة الدلالة في تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر على خلاف بين العلماء في المقصود باللمم ، والجمهور على أن اللمم مادون الكبائر والمراد : صغائر الذنوب، كالنظرة، والغمزة، والقبلة، ونحو ذلك.
هذا قول جمهور الصحابة ومن بعدهم، وهو قول أبي هريرة وعبد الله بن مسعود، وابن عباس ، وغيرهم .
وذكر ابن تيميه الآيات الدالة على انقسام الذنوب ومنها قوله تعالى: (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون) وقوله عز وجل:
(وقالوا مالهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) .
وقوله تعالى: (وكل صغير وكبير مستطر) .
أقسام المعاصي والذنوب
3 ـ قوله صلى الله عليه وسلم : (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)
قال النووي: (.. وتنقسم (أي المعاصي) باعتبار ذلك إلى ما تكفره الصلوات الخمس أو صوم رمضان أو الحج أو العمرة أو الوضوء أو صوم عرفة أو صوم عاشوراء أو فعل الحسنة أو غير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة، وإلى مالا يكفره ذلك كما ثبت في الصحيح " ما لم يغش كبيرة" فسمى الشرع ما تكفره الصلاة ونحوها صغائر ومالا تكفره كبائر) .
4 ـ ومن الأدلة على انقسام الذنوب إلى كبائر وصغائر الأحاديث الكثيرة في ذكر الكبائر من مثل حديث أنس رضي الله عنه قال:
(ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الكبائر أو سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله وقتل النفس، وعقوق الوالدين.. الحديث) ،فخص الكبائر ببعض الذنوب، ولو كانت الذنوب كلها كبائر لم يسم ما ذكر كبائر .
فالنصوص السابقة كما ترى صريحة في انقسام الذنوب إلى كبائر وصغائر .
. “ قال الإمام ابن بطال : ” وانقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر هو قول عامة الفقهاء
آثار الذنوب والمعاصي على الإيمان
ثانيا : آثار الذنوب والمعاصي على الإيمان :
لا شك أن للذنوب والمعاصي آثارا تعود بالسلب على القلب ، فتؤثر في قوة الإيمان ، ومن خلال هذه الآثار نعرض لما يلي :
أولا : أن المعاصي والذنوب مهما بلغت ـ ما لم تكن شركا ـ لا تخرج من الملة :
فالمسلمَ لا يَخْرُجُ مِنَ الإسلامِ بارتكابِ الذنبِ ، ما لم يَستحِلُّه، أو يُكذِّبْ بشيءٍ مِمَّا جاءَ به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ، وأهل القبلة هم المسلمون المستقبلون للكعبة ، وإن كانوا من أهل الأهواء أو من أهل المعاصي ، ما لم يكذب بشيء مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويدل عليه قول رسُولُ اللـهِ : "مَن صَلَّى صَلاتَنا، واستقبلَ قبلَتَنا، وأكَلَ ذَبيحَتَنا فهو الـمُسْلِمُ، له ما لَنا وعليه ما علينا ”.
آثار الذنوب والمعاصي على الإيمان
إذن فأهل الكبائر من أمة النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلدون في النار إذا ماتوا على التوحيد ، حتى ولو لم يتوبوا قبل موتهم ، وهم في حكم الله إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله ، قال تعالى:
( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وإن شاء عذبهم في النار بعدله ، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ، ثم يبعثهم إلى جنته ، قال تعالى :
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) ، فوجب أن يكون الغفران المعلق بالمشيئة هو غفران الذنوب سوى الشرك بالله تعالى .
.
آثار الذنوب والمعاصي على الإيمان
ثانيا : أن الإيمان باق مع ارتكاب الذنوب والمعاصي ، وذلك بالأدلة الصريحة ، ومنها :
1 ـ قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمرالله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) .
استدل أهل السنة بهاتين الآيتين على أن المؤمن لا يكفر بارتكابه الكبائر، لأن الله - عز وجل - أبقى عليه اسم الإيمان مع ارتكابه لمعصية القتل ووصفهم بالأخوة وهي هنا أخوة الدين.
2 ـ قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء) الآية ، قال ابن الجوزي: (دل قوله تعالى (من أخيه) على أن القاتل لم يخرج من الإسلام) ، واستدل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - بهذه الآية على أن الأخوة الإيمانية ثابتة مع ارتكاب المعاصي.

التعديل الأخير تم بواسطة هيبة وجودي ; 2012- 4- 23 الساعة 02:00 PM