عرض مشاركة واحدة
قديم 2012- 4- 23   #6
هيبة وجودي
متميزه في ملتقى التعليم عن بعد - الدراسات الاسلاميه
 
الصورة الرمزية هيبة وجودي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 69103
تاريخ التسجيل: Sat Jan 2011
المشاركات: 2,271
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 62644
مؤشر المستوى: 138
هيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to allهيبة وجودي is a name known to all
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات اسلامية
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
هيبة وجودي غير متواجد حالياً
رد: محتوى غقيدة 2 جهد ام افنان

المحاضرة الحادية عشــرة
من عوارض الحكم بالتكفيـــر
عناصر المحـــاضرة

عناصر المحـــاضرة :

1- الجهــــــــــــــــل . 2- الخطــــــــــــــــأ .
: أولاً: الجــهل
يطلق أهل السنة التكفير على العموم في مثل قولهم:
من استحل ما هو معلوم من الدين بالضرورة كفر، ومن قال القرآن مخلوق، أو أن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر.
ولكن تحقق التكفير على المعين لابد فيه من انتفاء عوارض أي موانع ونذكرها فيما يأتي :
1 ـ الجهل .
2 ـ الخطأ .
3 ـ الإكراه .
4 ـ التأويل .
5 ـ التقليد .
وسنتناول طلابنا الأفاضل في هذه المحاضرة اثنين عوارض التكفير ، وهما : الجهل والخطأ :

الجهـــــــــــل
أولا : الجهـــــــــــل :
من القضايا المهمة قضية العذر بالجهل وهي قضية تحتاج إلى بيان ، والمقصود بها بيان حكم من وقع منه الشرك جاهلا ، هل يكفر بذلك ؟ أم لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ؟ .
معنى الجهل :
الجهل يأتي بعدة معان منها: خلو النفس من العلم وهو المشهور.
ومنها: اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه .
ومنها: فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل سواء اعتقد فيه اعتقاداً صحيحاً أو فاسداً ومنه قوله سبحانه: ( فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة ).
الجهـــل :
الأدلة على العذر بالجهل :
1 ـ - لعل من أشهر الأدلة وأصرحِها في هذه المسألة ، حديث الرجل من بني إسرائيل الذي أمر أهله بإحراقه، و إليك نصه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: " كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذرُّوني في الريح، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيتك، فغفر له” متفق عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على هذا الحديث:
” فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذرِّيَ بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين ، لكنه كان جاهلا لا يعلم ذلك ، وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه فغفر له ” .
ونستخلص من الحديث أمرين مهمين:
الأول: أن عمل هذا الرجل كفر لأن فيه إنكاراً لقدرة الله تعالى على إعادته بعدما يحرق، ولكنه عذر بسبب جهله الذي قاده إلى هذا الظن الفاسد.
الثاني: أن هذا الرجل معه أصل الإيمان وهذا واضح في الحديث .
الجهـــل :
والحق الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة أنه يعذر بجهله حتى تبلغه الحجة الرسالية ، فإن الله تعالى يقول ( لأنذركم به ومن بلغ ) فبين تعالى أن النذارة لا تتم إلا بالبلاغ ، قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله :
” إن الكتاب والسنة قد دلا على أن الله لا يعذب أحدا إلا بعد إبلاغ الرسالة ، فمن لم تبلغه جملة لم يعذبه رأسا ، ومن بلغته جملة دون بعض التفصيل لم يعذبه إلا على إنكار ما قامت عليه الحجة الرسالية ” .
2 ـ ومن الأحاديث أيضاً ما رواه عبد الله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي – صلى الله عليه وسلم- قال: " ما هذا يا معاذ؟" قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ” لا تفعلوا، فإني لو كنت آمِراً أحداً أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها” .
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله – في تعليقه على هذا الحديث: (وفي هذا الحديث دليل على أن من سجد جاهلاً لغير الله لم يكفر) ، إلى غير ذلك من الأدلة .
الجهـــل :
ضرورة قيام الحجة على المعين :
أكد العلماء على ضرورة بلوغ الحجة للمعين، وثبوتها عنده وتمكنه من معرفتها، وكل ذلك لا يتم إلا بوجود من يحسن إقامة الحجة.
ومعنى قيام الحجة على الجاهل أي أدرك أبالحجة منع فعله شرعا بالحجة والبرهان .
قال الإمام الشافعي: رحمه الله – (لله أسماء وصفات لا يسع أحداً ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر، و أما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر) .
ويقول الإمام ابن القيم – رحمه الله – ( وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة، وعدم التمكن من معرفتها، فهذا الذي نفي الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل) .
ـ إذاً خلاصة ما سبق :
أنه لابد من قيام حجة صحيحة تَنفي عمن تقام عليه أي شبهة أو تأويل، وبذلك ندرك عظم المسئولية الملقاة على عاتق العلماء والدعاة ممن يحسن إقامة الحجة، ليقيموا الحجة على الخلق ويزيلوا الشبه عنهم.

ثانيــــــــــــــا : الخطــــــــــــــــأ :
المراد بالخطأ لغة و اصطلاحاً:
الخطأ لغة : ضد الصواب،، قال تعالى: ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) أي غلطتم، وأخطأ الطريق، عدل عنه، وأخطأ الرامي الغرض: لم يصبه.
أما معنى الخطأ في الاصطلاح: فهو قريب من المعنى اللغوي، قال الحافظ ابن رحب- رحمه الله -: (الخطأ: هو أن يقصد بفعله شيئاً فيصادف فعله غير ما قصده، مثل أن يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلماً ،أو يظن أن الحق في جهته، فيصادف غير ذلك )، وقال الجرجاني: (الخطأ وهو ما ليس للإنسان فيه قصد.. كما إذا رمى شخصاً ظنه صيداً أو حربيا فإذا هو مسلم..) ، وهناك تعريفات أخرى قريبة مما ذكر وحاصلها أن الخطأ.
الخطــــأ :
العذر بالخطأ وأدلته :
اتفق الأئمة على العذر بالخطأ-كما في الجهل- وسنذكر هنا الأدلة العامة على العذر بالخطأ :
استدل أهل السنة لذلك بأدلة كثيرة، سنأخذ أهمها ومنها:
1- قوله سبحانه: ( ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آبائهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً ).
وقد أجرى البخاري قوله تعالى: ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به )، في كل شئ .
2- واستدلوا بقوله تعالى: ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها… الآية )، فقيد الوعيد على قاتل المؤمن بالتعمد ، وفرقت النصوص بين القتل المتعمد والقتل الخطأ في أحكام الدنيا والآخرة.

الخطـــــأ :
3- ومن الأدلة المشهورة قوله تعالى: ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ) وثبت في الحديث الصحيح أن الله سبحانه استجاب لهذا الدعاء فقال:فقد فعلت.
4- ومن الأحاديث المشهورة في العذر بالخطأ قوله-صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه” .
5- ونختم هذه الأدلة بحديث خاص بإعذار المجتهد المخطيء في الأحكام، وهو قوله – صلى الله عليه وسلم-: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، و إذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" .
وقد تواترت النصوص من الكتاب والسنة في إعذار المخطيء، و أن حكمه حكم الجاهل والمتأول – فلا يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه -، و أنه إن كان مجتهداً فيما يسوغ فيه الاجتهاد – فله أجر باجتهاده – ولو أخطأ – أما إن لم يكن مجتهداً وأخطأ فيأثم لتفريطه.
الخطــــــأ :
لكن يبقى تساؤل :هل يفرق في ذلك بين العقائد و الأحكام؟
بين أئمة السلف أنه لا يأثم المجتهد المخطئ لا في الأصول ولا في الفروع، نقل شيخ الإسلام الأقوال في هذه المسألة، ثم بين أن قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة، والشافعي، والثوري وداود بن علي وغيرهم أنهم (لا يؤثمون مجتهداً مخطئاً لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية ) وقالوا: ( هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين: إنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين المخطئين، لا في مسألة عملية ولا علمية ) واتفقوا على عدم التكفير بذلك .
أ .هـ



المحاضرة الثانية عشــرة
تتمة عوارض الحكم بالتكفيـــر
عناصر المحـــاضرة

تتمة عوارض التكفيـــر :
3 ـ الإكــــــــــــراه . 4- التـــــــــــــــــــــــأويل .
5 ـ التقليــــــــــــــــــــــــد
: ثالثا : الإكــــراه
قلنا أن عوارض التكفير هي :
1 ـ الجهل .
2 ـ الخطأ .
3 ـ الإكراه .
4 ـ التأويل .
5 ـ التقليد .
وسنتناول طلابنا الأفاضل في هذه المحاضرة بقية عوارض التكفير ، وهي : الإكراه ، والتأويل ، والتقليد :

الإكــــــــراه :
معنى الإكراه في اللغة :
يدور المعنى اللغوي للإكراه حول : المشقة والقهر والإجبار، ومنافاة الرضى والمحبة والاختيار.
والإكراه اصطلاحا : عرفه ابن حجر – رحمه الله – بقوله:(هو إلزام الغير بما لا يريده) .
وهو : إلزام الغير قهراً – بالوعيد بالقتل أو غيره – على فعل أمر لا يريده ولا يحبه .
متى يكون الإكراه عذراً (شروط الإكراه)؟
ليس كل من ادعى الإكراه يقبل منه، بل لابد من شروط يجب توافرها ليكون الإكراه معتبراً ومؤثراً فيما يقدم عليه المكلف من أقوال أو أفعال أو تروك، وهذه الشروط هي:
أ- أن يكون المكره قادراً على تحقيق ما أوعد به، لأن الإكراه لا يتحقق إلا بالقدرة، فإن لم يكن قادراً لم يك للإكراه معنى ولا اعتبار.
الإكــــراه :
ب- أن يكون المكره عاجزاً عن الدفع عن نفسه بالهرب أو الاستغاثة أو المقاومة ونحو ذلك.
ج- أن يغلب على ظنه وقوع الوعيد، إن لم يفعل ما طلب منه.
دـ أن يكون مما يتضرر به المكره ضرراً كثيراً كالقتل والضرب الشديد، والقيد والحبس الطويلين، فأما الشتم والسب فليس بإكراه رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير، فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس بإكراه، وإن كان من ذوي المروءات على وجه يكون إخراقاً بصاحبه وتشويها له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره .
الإكراه على الكفر:
الأصل في ذلك قوله سبحانه: (من كفر من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) .
قال أبو بكر الجصاص عن هذه الآية: (هذا أصل في جواز إظهار كلمة الكفر في حال الإكراه) .
الإكراه :
والمشهور في سبب نزولها ما رواه أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: (أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ما وراءك)؟ قال: شر يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير قال: (كيف تجد قلبك)، قال: مطمئناً بالإيمان، قال: (إن عادوا فعد) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: (واتفقوا على أنه (أي عمار ) نزل فيه (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) .
قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان): (فهو استثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظة مكرهاً، لما ناله من ضرب وأذى، وقلبه يأبى ما يقول وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله) .

رابعا : التأويــــل :
التأويل لغة :
مادة (أول) في كل استعمالاتها اللغوية تفيد معنى الرجوع، والعود، جاء في اللسان: (الأَوَل: الرجوع: آل الشيء يؤول أولاً ومآلاً: رجع ) .
إذا التأويل هو ما أول إليه أو يؤول إليه، أو تأول إليه، والكلام إنما يرجع ويعود ويستقر ويؤول إلى حقيقته التي هي عين المقصود به ، وهذا هو المعنى الوارد في الكتاب والسنة.
واصطلاحــا له ثلاثة معان:
الأول: (أن يراد بالتأويل حقيقة ما يؤول إليه الكلام، وإن وافق ظاهره، وهذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب والسنة، كقوله تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق) ، ومنه قول عائشة – رضي الله عنها -: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد: اللهم اغفر لي، يتأول القرآن) .
الثاني: يراد بلفظ التأويل: (التفسير) وهو اصطلاح كثير من المفسرين، ولهذا قال مجاهد – إمام أهل التفسير -: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه، فإنه أراد بذلك تفسيره وبيان معانيه، وهذا مما يعلمه الراسخون.
التأويـــــــــــــــل :
الثالث: أن يراد بلفظ (التأويل): صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه ظاهره إلى ما يخالف ذلك، لدليل منفصل يوجب ذلك، وهذا التأويل لا يكون إلا مخالفاً لما يدل عليه اللفظ ، وهذا هو التأويل الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمه .
العذر بالتأويل
العذر بالتأويل متفق عليه عند الأئمة – كالعذر بالجهل والخطأ يقول الإمام ابن حزم – رحمه الله -: (ومن بلغه الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طريق ثابتة، و هو مسلم، فتأول في خلافه إياه، أو رد ما بلغه بنص آخر، فلما لم تقم عليه الحجة في خطئه في ترك ما ترك، وفي الأخذ بما أخذ، فهو مأجور معذور، لقصده إلى الحق، وجهله به، وإن قامت عليه الحجة في ذلك، فعاند فلا تأويل بعد قيام الحجة ) .
وعليه فخلاصة القول أن حكم المتأول كحكم الجاهل والمكره ، لا يكفر ما لم تقم عليه الحجة ، وإن قامت وعاند فهو كافر.
خامسا : التقليــــد :
التقليد :
المراد به (تعريفه لغة واصطلاحاً):
أصل التقليد في اللغة:
وضع الشيء في العنق محيطاً به، وذلك الشيء يسمى قلادة، والجمع قلائد، ومنه تقليد الهدي، فكأن المقلد جعل الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده، ويستعمل التقليد – أيضاً – في تفويض الأمر إلى الشخص كأن الأمر جعل في عنقه كالقلادة .
أما في اصطلاح: فتكاد تنحصر تعريفات الأئمة في ثلاثة تعريفات متقاربة المعنى.
الأول: أن التقليد: قبول قول القائل وأنت لا تعلم من أين قاله، (أي لا تعرف مأخذه).
الثاني: قبول قول الغير بلا حجة.
الثالث: اتباع قول من ليس قوله حجة ، وهو قريب من الثاني.
(فخرج بقولنا: "من ليس قوله حجة" اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، واتباع أهل الإجماع، واتباع الصحابي إذا قلنا حجة فلا يسمى اتباع شيء من ذلك تقليداً لأنه اتباع للحجة..) .

التقليد :
وبذلك نلاحظ تقارب هذه التعريفات، وأن التعريف الثالث أدق، لأن من يتبع من قوله حجة لا يحتاج إلى معرفة مأخذه، أو حجته باعتباره حجة بنفسه.
هل يكون التقليد عذراً؟ :
الذي يظهر من كلام الأئمة أن العذر بالتقليد من جنس العذر بالتأول والجهل، باعتبار المقلد جاهلاً لا يفهم الدليل أو الحجة .
ويفصل الإمام ابن القيم – رحمه الله – في بيان أقسام أهل البدع فيقول:
( وأما أهل البدع الموافقون أهل الإسلام، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول فهؤلاء أقسام:
أحدها: الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له :
وهذا لا يكفر ولا يفسق، ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله غفوراً رحيماً.
التقليــــــــــــــد :
القسم الثاني: المتمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق، ولكن يترك ذلك اشتغالاً بدنياه ورئاسته ولذته ومعاشه وغير ذلك :
وهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته، فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات، فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى قبلت شهادته.
القسم الثالث: أن يسأل ويطلب ويتبين له الهدى، ويتركه تقليداً أو تعصباً، أو بغضاً ومعاداة لأصحابه :
وهذا أقل درجاته أن يكون فاسقاً، وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل .
مما سبق يتبين لنا إعذار الأئمة لمن وقع في الكفر تقليداً إن كان جاهلاً لا بصيرة له ولا فقه، أما إن كان قادراً على فهم الحجة وفرط في طلبها فإنه يأثم، ولكنه لا يكفر إلا بعد قيام الحجة والله أعلم.
أ . هـ


المحاضرة الثالثة عشــرة
نواقض الإيمـــــــــان
أولا : النواقض القولية :
عناصر المحـــاضرة :

أولا : نواقض الإيمان القولية : وفيه :
1 ـ نواقض الإيمان القولية في التوحيد . 6 ـ سب الصحابة رضي الله عنهم .
2 ـ نواقض الإيمان القولية في النبوات .
3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات .
4 ـ إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة .
5 ـ الاستهزاء بالعلماء والصالحين .

نواقص الإيمان القولية : 1 ـ نواقض الإيمان القولية في التوحيد :
1 ـ نواقض الإيمان القولية في التوحيد :
أولا : نواقض توحيد الله في ربوبيته :
وتوحيد الربوبية يعني : الاعتقاد بأن الله سبحانه هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير،و أنه المحيي المميت النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الضراء، فهو سبحانه وتعالى المتفرد بربوبية خلقه إيجاداً وإمداداً، وخلقاً، وتدبيراً.
وهذا التوحيد يخالفه وينافيه نواقض قولية كثيرة، من أهمها: الشرك في هذا التوحيد، ولا ريب أن الشرك أصل كل شر، وهو أعظم الذنوب على الإطلاق، حيث إنه الذنب الوحيد الذي نفى الله مغفرته، كما أنه يحبط العمال الصالحة جميعاً، ويوجب لصاحبه الخلود في النار.
قال الله تعالى: ـ ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) .
سب الله عز وجل والاستهزاء به :
يقول ابن تيمية: " السب هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم منه السب في عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه، وهو الذي دل عليه قوله تعالى: ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْر علمِ ) .
ـ ولا ريب أن سب الله عز وجل يعد أقبح وأشنع أنواع المكفرات القولية التي تناقض الإيمان، وذلك من عدة أوجه واعتبارات، منها ما يلي:
(أ) أن سب الله عز وجل يناقض الإيمان، فالسب أذى قولي يناقض قول القلب (التصديق)، وعمله من محبة الله وإجلاله وتعظيمه، كما أنه يناقض الإيمان الظاهر باللسان؛ لأن الإيمان يتضمن تصديقاً لله عز وجل، وانقياداً وخضوعاً له تعالى .
(ب) أن الله تعالى قال: ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ) .
يقول ابن تيمية: _ " وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته وبرسوله كفر ”.
(جـ) أن في السب تنقصاً لله تعالى، وإنتهاكاً لحرمته، بل إن السب أعظم وأشنع من مجرد الكفر" إذ السب إفراط في العداوة، مصدره شدة سفه الكافر، وحرصه على فساد الدين وإضرار أهله " .
(د) قد أجمع العلماء على كفر من سب الله تعالى، وإليك أقوالهم في هذه المسألة:
وقال القاضي عياض: " لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم ” .
وأما حكم الاستهزاء بالله تعالى، فهو نفس الحكم فيمن سب الله تعالى:
وَوَجهُ كون الاستهزاء بالله تعالى ناقضاً من نواقض الإيمان، ما جاء في قول الحق تبارك وتعالى: ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَوَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَلاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ) .
يقول الفخر الرازي في تفسيره:
" إن الاستهزاء بالدين كيف كان كفر بالله، وذلك لأن الاستهزاء يدل على الاستخفاف، والعمدة الكبرى في الإيمان تعظيم الله بأقصى الإمكان، والجمع بينهما محال ”.
ثانيا : نواقض الإيمان القولية في توحيد الأسماء والصفات :
ثانيا : نواقض الإيمان القولية في توحيد الأسماء والصفات :
إن معتقد أهل السنة والجماعة في هذا الباب هو الإيمان بما وصف الله به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.
وإن توحيد الأسماء والصفات يناقضه ويخالفه الشرك والإلحاد في أسمائه وصفاته، والإلحاد في أسمائه تعالى أنواع:
أحدها: أن يسمي الأصنام بها، كتسميتهم اللات من الإله، والعزى من العزيز، وتسميتهم الصنم إلهاً، وهذا إلحاد حقيقة، فإنهم عدلوا عن أسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة.
الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أباً، وتسمية الفلاسفة له موجباً بذاته، أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك .
الثالث: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص، كقول أخبث اليهود إنه فقير، وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه.
الرابع: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها، كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني.
خامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه، تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيراً.

ثالثا : نواقض الإيمان القولية في توحيد الألوهية :
ثالثا : نواقض الإيمان القولية في توحيد الألوهية :
وتوحيد الله في ألوهيته : هو توحيد الله تعالى بأفعال العباد، وذلك بأن تصرف جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له، وهذا التوحيد هو أصل الدين، ومن أجله أرسلت الرسل عليهم السلام وأنزلت الكتب.
يقول ابن تيمية: " إن حقيقة التوحيد أن نعبد الله وحده فلا يدعى إلا هو ولا يخشى إلا هو، ولا يتقى إلا هو، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يكون الدين إلا له، لا لأحد من الخلق، وأن لا نتخذ الملائكة والنبيين أرباباً، فكيف بالأئمة والشيوخ والعلماء والملوك وغيرهم ” .
وإذا تقرر معنى توحيد العبادة وأهميته، فإننا نشير إلى ما يضاده ويناقضه وهو الشرك، يقول ابن تيمية: " وأصل الشرك أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده، فإنه لم يعدل أحد بالله شيئاً من المخلوقات في جميع الأمور، فمن عبد غيره أو توكل عليه فهو مشرك به ” .
ثالثا : نواقض الإيمان القولية في توحيد الألوهية :
وإن حقيقة الشرك أن يأتي الإنسان بخلال وأعمال خصها الله بذاته العلية، وجعلها شعاراً للعبودية لأحد من الناس كالسجود لأحد،و الذبح باسمه، والنذر له والاستغاثة به في الشدة... كل ذلك يثبت به الشرك ويصبح الإنسان به مشركاً، وإن كان يعتقد أن هذا الإنسان، أو الملك، أو الجن الذي يسجد له، أو ينذر له، أو يذبح له، أو يستغيث به دون الله شأناً، وأن الله هو الخالق.
فمثلا قال الله تعالى في النهي عن دعاء غيره :
( وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .
وقال تعالى: ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ).
2 ـ نواقض الإيمان القولية في النبوات :
2 ـ نواقض الإيمان القولية في النبوات :
أ ـ وتكون بالطعن فيهم والاستهزاء بهم : فكل من سب نبياً من الأنبياء، أو استهزأ به … فهو بذلك كافر مرتد، له حكم مرتد.
يقول الدردير المالكي:" من سب نبياً مجمعاً على نبوته، أو عرض بسب نبي، بأن قال عند ذكره، أما أنا فلست بزان أو سارق فقد كفر“.
ويقول :-" من استخف بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو بأحد من الأنبياء، أو آذاهم … فهو كافر بالإجماع ”.
ب ـ إدعاء النبوة : وادعاء النبوة كذبا من نواقض الإيمان القولية في النبوات، وذلك لعدة اعتبارات منها ما يلي:-
(أ) أن ادعاء النبوة من أظلم الظلم، وأعظم الافتراء والكذب على الله تعالى، فلا أحد أعظم ظلماً، ولا أكبر جرماً ممن افترى على الله كذباً، فزعم أن الله أرسله، وهو ليس كذلك،قال تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) .
2 ـ نواقض الإيمان القولية في النبوات :
ولذا يقول ابن تيمية: " ومن ادعى النبوة وهو كاذب، فهو من أكفر الكفار، وأظلم الظالمين، وشر خلق الله تعالى، قال تعالى:- ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) .
(ب) أن ادعاء النبوة تكذيب لصريح القرآن الكريم، حيث نص القرآن نصاً قطعياً ظاهراً على أن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، فلا نبي بعده.
يقول تعالى:( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) .
يقول ابن كثير:- " هذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده“
وقد تواترت الأخبار عنه بقوله: - " لا نبي بعدي" ومن رد حجة القرآن والسنة فهو الكافر.
ج – أن ادعاء النبوة تكذيب للإجماع، فقد أجمع العلماء على أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فلا نبي بعده، كما أجمعوا على تكفير من ادعى النبوة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول عبد القاهر البغدادي:
" أجمع المسلمون وأهل الكتاب على أن أول من أرسل من الناس آدم عليه السلام، وآخرهم عند المسلمين محمد صلى الله عليه وسلم ".
2 ـ نواقض الإيمان القولية في النبوات :
الكتب المنزلة :
إن الأقوال التي تناقض الإيمان بالكتب المنزلة لها صور متعددة، وأمثلة كثيرة يصعب حصرها، منها: - التكذيب والإنكار لهذه الكتب أو بغضها، أو سبها والطعن فيها، أو الاستهزاء بها وانتقاصها والاستخفاف بها، أو الادعاء باختلاقها وافترائها .
قال تعالى: - ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ) .
ومن الآيات التي جاءت في شأن المستهزئين، قوله تعالى:- ( وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) .
وقد حكى أهل العلم الإجماع على كفر من أنكر الكتب المنزلة أو بعضها – ولو كانت آية واحدة – وكذا أجمعوا على كفر المستهزئ بهذه الكتب المنزلة.
3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات :
3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات :
فيما يأتي نبين الغيبيات في اختصار :
أولا : الملائكة والجن :
ومن الإيمان بالغيب: الإيمان بالملائكة عليهم السلام، والإيمان بالجن، فأما الإيمان بالملائكة فهو الإقرار الجازم بوجودهم، وأنهم من خلق الله تعالى، وهم (عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ، (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ، يقول السعدي :
" الإيمان بالملائكة أحد أصول الإيمان، ولا يتم الإيمان بالله وكتبه ورسله إلا بالإيمان بالملائكة. "
وقد أجمع العلماء على كفر من أنكر الملائكة أو الجن، أو استهزأ واستخف بالملائكة، أو سبهم، وإذا كان العلماء قد أجمعوا على كفر من أنكر آية من كتاب الله تعالى ، فما بالك بمن أنكر آيات كثيرة جداً تثبت وجود الملائكة والجن فوجود الملائكة عليهم السلام كما هو ثابت بالكتاب والسنة، فهو ثابت بالإجماع، وكذلك الجن.
قال الدردير المالكي:- " ويكفر إن سب نبياً مجمعاً على نبوته، أو ملكاً مجمعاً على ملكيته، أو ألحق به نقصاً وإن ببدنه كعرج، وشلل ” .

3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات :
ثانيا : اليوم الآخر:
الإيمان باليوم الآخر – كما هو معلوم – أحد أركان الإيمان الستة، وقد حفل القرآن الكريم بذكر هذا اليوم العظيم، ومعنى الإيمان باليوم الآخر هو التصديق الجازم بإتيانه والعمل بموجب ذلك، ويدخل في ذلك الإيمان بأشراط الساعة وأماراتها، وبالموت وما بعده من فتنة القبر وعذابه ونعيمه، وبالنفخ في الصور، وخروج الخلائق من القبور، وتفاصيل المحشر، ونشر الصحف، ونصب الموازين، وبالصراط، والحوض، والشفاعة، والجنة والنار.
يقول الإمام الطحاوي :- " ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين، ونؤمن بعذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وبسؤال منكر ونكير للميت في قبره عن ربه، ودينه، ونبيه على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، والقبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة والعرض والحساب وقراءة الكتاب والثواب والعقاب، والصراط والميزان، والجنة والنار مخلوقتان لا يفنيان أبداً ولا يبيدان" .
3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات :
وقد أجمع المسلمون على ثبوته، وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معاداً يجزيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رسله.
قال عز وجل: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ) .
ولا شك أن إنكار اليوم الآخر مناقض للإيمان، وقد أخبر الله عز وجل أن إنكار اليوم الآخر كفر برب العالمين، فقال تعالى ( وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ) .
وقال المؤمن للكافر الذي قال: ( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا) .
3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات :
د ـ إنكار الوعد أو الوعيد أو الاستهزاء به:
من المعتبر أن إنكار الوعد والوعيد من نواقض الإيمان لما يأتي :
أ ـ أن إنكار أو الاستهزاء بنصوص الوعد والوعيد تكذيب للقرآن الكريم، وقد حكم الله تعالى بالكفر على من جحد آياته، كما توعده بالعذاب المهين، وأخبر تعالى بأنه لا أحد أظلم ممن كذب بآيات الله تعالى، وأنهم لا تفتح لهم أبواب السماء، ولا يدخلون الجنة …
قال سبحانه:- (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) .
ب ـ أن إنكار نصوص الوعد والوعيد وصرفها عن ظاهرها، أو الاستهزاء بها يتضمن طعناً في الأنبياء عليهم السلام، وإن الطعن في الأنبياء كفر ورده عن الإسلام.
ج ـ أن هذا الإنكار أو الاستهزاء مخالف للإجماع، وتكذيب له، فقد أجمعوا على إثبات الوعد والوعيد والتصديق به – كما سبق ذكره ، وأجمعوا أيضاً على تكفير منكره أو المستهزئ به .
3 ـ نواقض الإيمان القولية في سائر الغيبيات :
يقول القاضي عياض : وكذلك من أنكر الجنة، أو النار، أو البعث، أو الحساب، أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه، وإجماع الأمة على صحة نقله متواتراً، وكذلك من اعترف بذلك، ولكنه قال: إن المراد بالجنة، والنار، والحشر، والنشر، والثواب، والعقاب معنى غير ظاهره وإنها لذات روحيه، ومعان باطنه.
ويحكي ابن حزم الإجماع قائلاً:- " وأن الجنة حق، وأنها دار نعيم أبداً لا تفنى، ولا يفنى أهلها بلا نهاية، وأنها أعدت للمسلمين والنبيين المتقدمين، وأتباعهم على حقيقة، كما أتوا به قبل أن ينسخ الله أديانهم بدين الإسلام ، وأن النار حق، وأنها دار عذاب أبداً لا تفنى ولا يفنى أهلها أبداً بلا نهاية وأنها أعدت لكل كافر مخالف لدين الإسلام ".

4 ـ إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة :
4 ـ إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة :
الإنكار بمعنى الجحود، وعدم الاعتراف وانتفاء الإقرار، والمقصود بحكم معلوم من الدين بالضرورة ، ما كان ظاهراً متواتراً من أحكام الدين معلوماً عند الخاص والعام، مما أجمع عليه العلماء إجماعاً قطعياً مثل وجوب أحد مباني الإسلام كالصلاة والزكاة ونحوهما، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة مثل الربا والخمر وغيرهما ..
ومن إنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة، إنكار وجوب الصلاة أو الزكاة … أو يقول بحل الربا، أو الخمر … أو يقول بتحريم ما كان حلالاً بالإجماع كالخبز والماء ونحوهما .
وعليه فإنكار حكم معلوم من الدين بالضرورة كفراً وناقضاً من نواقض الإيمان .
يقول ابن حزم:- " واتفقوا أن من آمن بالله تعالى، وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبكل ما آتى به عليه السلام، مما نقل عنه نقل الكافة، وشك في التوحيد، أو في النبوة، أو في محمد صلى الله عليه وسلم، أو في حرف مما أتى به عليه السلام، أو في الشريعة أتى بها عليه السلام، مما نقل عنه نقل كافة، فإن من جحد شيئاً مما ذكرناه، أو شك في شيء منه، ومات على ذلك، فإنه كافر مشرك مخلد في النار أبداً.
5 ـ الاستهزاء بالعلماء والصالحين :
إن الاستهزاء بالعلماء والصالحين لأجل ما هم عليه من العلم الشرعي، واتباعهم للقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، هو في حقيقته استهزاء بآيات الله تعالى، وسخرية بشرائع دين الله عز وجل، ولا شك أن هذا الاستهزاء كفـر يناقض الإيمان، يقول الله تعالى: ( وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) ، ولم يجيء إعداد العذاب المهين إلا في حق الكفار.
وقد ذكر الله عز وجل أن الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين سبب في دخول نار جهنم، وعدم الخروج منها.
فعندما ينادي أهل النار قائلين:- ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) يقول الله تعالى جواباً عنهم:- (قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ) .
6 ـ سب الصحابة رضي الله عنهم :
6 ـ سب الصحابة رضي الله عنهم :
فالواجب علينا أن نحبهم ونجلهم ، يقول الله تعالى في شأنهم : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
ويقول سبحانه: - ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ َأثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) .
وقال صلى الله عليه وسلم: -( لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحداً أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) .

التعديل الأخير تم بواسطة هيبة وجودي ; 2012- 4- 23 الساعة 01:56 PM