أحمد الشعلان الحياة - 13/02/08//
دهشت لتبرع رجل أعمال إماراتي بمبلغ كبير لتمويل إنشاء جامعة نيويورك في إمارة أبوظبي، وقد دفع عمر سيف غباش خمسين مليون دولار ليشاهد أبناء الإمارة يدرسون في فرع لأفضل الجامعات الاميركية، وقد ضرب مثالاً يحتذى وقدّم حكاية وطنية تروى للأجيال القادمة ودروساً في الانتماء الوطني والمسؤولية الاجتماعية، الى جانب انها تشير الى حماسة خليجية منقطعة النظير للحاق بركب التقنية وتوطين الكوادر المؤهلة بأعلى المستويات.
دول الخليج مقبلة على طفرة في التعليم العالي، فالطائرات تغادر مدن الخليج محملة بالمبتعثين الشباب الذين يطمحون إلى الحصول على تعليم عال من منابع متطورة ومعاهد هي الأرقى اليوم بكل المقاييس، واذا كانت رحلة البعثة مكلفة او منهكة والغربة ترهق الولد والوالدين، فقد احضرت دولارات النفط الجامعات الى الخليج بدلاً من ان يذهب الخليجي اليها، والدراسة بكلفة اقل وبلا مضايقات امنية ولا رحلات طويلة، واليوم يمكن لأبناء المنطقة الدراسة في جامعة كورنيل وكلية امبريال في لندن والأكاديمية الوطنية للعلوم، إضافة الى جامعة جورجتاون وكارنيجي ميلون وفيرجينيا كومونولث وتكساس إيه آند إم ونورث وسترن، وهناك أيضاً ربط أكاديـــمي لكليات أهلية مع كبريات الجامعات أيضاً كهارفارد ومعهد ماستشوستس للتقنية وجامعة كامبريدج، وفي دبي ستبدأ الدراسة في جامعتي متشغان استيت ومعهد روشستر التقني نهاية هذا العام.
وسط هذا النشاط المحموم من المشتغلين بالتعليم العالي في بلداننا معروفة مبرراته هناك حماسة من الجامعات الغربية العريقة لا نعرف ان كان سببها المال فقط، والهدف المعلن لما تسميه تلك الجامعات بـ «البرامج الدولية» هو إعداد الطلاب لعالم مترابط، ومساعدة الأساتذة في التعرف على أحدث المستجدات في ميادين تخصصهم إضافة الى بناء علاقات دولية، لكنه أيضاً يسهم في التعرف على النابغين في مجالات البحوث، الذين بدورهم يجذبون التمويل للجامعات.
لكن الخبراء لديهم تحفظات، فعلى رغم ادعاء الجامعات، خصوصاً الاميركية منها والتي لها فروع دولية، أن نوعية التعليم التي تقدمها هناك تعادل ما يقدم في الولايات المتحدة، إلا أن كثيراً من الأساتذة يتعاقد معهم محلياً ولفترات قصيرة الأمد، وهناك أيضاً بعض التساؤلات الأميركية حول ما إذا كانت البرامج تعكس قيم وثقافة الولايات المتحدة أم الدولة المضيفة، وهناك سؤال آخر عما إذا كانت أموال دافع الضرائب الأميركي تستخدم في تعليم الطلاب الأجانب، وعما سيحدث إذا تدهورت العلاقة بين الولايات المتحدة والدولة المضيفة، كذلك يثار اهتمام عما إذا كان نشر المعرفة الأميركية سيضرّ بمقدرة الولايات المتحدة على المنافسة تقنياً.
هذه التساؤلات التي نقلتها للقارئ من محاورات صحافية هي تساؤلات اميركية صرفة، اي انك لن تسمعها في اليابان او بريطانيا او المانيا التي تمتلك أيضاً جامعات عريقة، وقد انتقد نائب جمهوري تهافت جامعات بلاده على نشر التعليم الاميركي في الخارج في سبيل تحقيق الربح، ولهذا فستعقد اللجنة الفرعية للبحوث وتعليم العلوم التابعة للجنة العلوم والتقنية في مجلس النواب هذا الصيف جلسة حول عولمة الجامعات، لمراجعة تلك السياسات وفق المنهج المعروف الذي ينادي بالحرية والديموقراطية والعدالة في اميركا فقط!


http://ksa.daralhayat.com/perspectiv...01f/story.html