|
اللغة العربية ملتقى طلاب وطالبات تخصص اللغة العربية - التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
بسم الله الرحمن الرحيم
(وقل رب أدخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا) كما سبق وذكرت لكم أن المحتوى الموجود في متكأ المستوى الثامن لمقرر مدخل إلى علم المصطلح مختلف عن المحتوى الذي ندرسه حاليًا فكان لابد أن نُعد محتوى جديد بحسب ما ينزل لنا في المحاضرات المسجلة في موقع الجامعة إلى هذا الوقت نزلت في الموقع 7 محاضرات فقط اليوم الاثنين 14/ 6/ 1438هـ وحتى الآن لا تزال بعض المحاضرات الموجودة في موقع الجامعة تعود ملفاتها للمحاضرات القديمة لذا قد تحتاج المسألة إلى المزيد من الوقت إلى ان يتم الحصول على ملفات بوربوينت تخص محاضراتنا لذا لا تستعجلوا بطباعة الملف لأن التعديلات عليه ستكون مستمرة حتى نهاية المحاضرة الرابعة عشر وارجو من الله التوفيق والسداد لي ولكم ولا تنسوني من صالح دعائكم التعديل الأخير تم بواسطة UMJOOD_2 ; 2017- 3- 13 الساعة 05:43 PM |
2017- 3- 14 | #2 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
مافهمت يعني المحتوى الموجود في البلاك بور\ قديم؟؟
|
2017- 3- 14 | #3 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
المحاضرة الأولى نشأة المصطلحية و نموها و تعريفها • إنّ التقدّم في المعرفة البشريّة والتكنولوجيا والاقتصاد يعتمد إلى حدّ كبير على توثيق المعلومات وتبادلها. • وتُستخدَم المفاهيم، التي نعبّر عنها بالمصطلحات والرموز، أساساً لتنظيم الأفكار العلميّة وجميع المعلومات الأخرى. • غير أنّ هذا التطور السريع في المعارف الإنسانيّة أدّى إلى صعوبة إيجاد مصطلحات كافية شافية، إذ لا يوجد تطابق ولا تناسب بين عدد المفاهيم العلميّة المتنامية وعدد المصطلحات التي تعبّر عنها. • فعدد الجذور في أيّة لغة لا يتجاوز الآلاف، و يبلغ عدد المفاهيم الموجودة الملايين وهي في ازدياد ونمو مضطردين. • ففي حقل الهندسة الكهربائيّة، مثلاً، يوجد حالياً ما يربو على أربعة ملايين مفهوم، ولا يحتوي أكبر معجم لأيّة لغة على أكثر من ستمائة ألف مدخل. • ولهذا كلّه، تلجأ اللغات إلى التعبير عن المفاهيم الجديدة بالمجاز والاشتراك اللفظيّ وغيرهما من الوسائل الصرفيّة والدلاليّة. • وقد يقود ذلك إلى ارتباك واضطراب على المستوَيين الوطنيّ والدوليّ، خاصّة أن تصنيف المفاهيم وطريقة التعبير عنها يختلفان من لغة إلى أخرى ما يؤدّي إلى صعوبة في تبادل المعلومات وتنميتها. • ولهذا كان لا بدّ من توحيد المبادئ التي تتحكّم في إيجاد المفاهيم أو تغييرها وفي وضع المصطلحات المقابلة لها وتعديلها. • ومن هنا نشأ علم المصطلح الحديث ( المصطلحية) خلال القرن العشرين؛وهو علم حديث النشأة وما زال في دور النمو والتكامل. مصطلح أم اصطلاح ؟ • إنّ كلمتي " مصطلح " و " اصطلاح " مترادفتان في اللغة العربيّة. وهما مشتقّتان من "اصطلح" (وجذره صلح) بمعنى "اتفق"؛ لأنّ المصطلح أو الاصطلاح يدلّ على اتفاق أصحاب تخصّص ما على استخدامه للتعبير عن مفهوم علميّ محدّد. • ولكنّ بعضهم يحسب أنّ لفظ "مصطلح " خطأ شائع وأنّ اللفظ الصحيح هو " اصطلاح "، ويسوقُ لذلك ثلاثةَ أسباب هي: 1- إنّ المؤلِّفين العرب القدماء استعملوا لفظ " اصطلاح " فقط. 2- إنّ لفظ ( مصطلح ) غير فصيح لمخالفته قواعد اللغة العربيّة 3- إنّ المعاجم العربيّة التراثيّة لم تسجّل لفظ (مصطلح) وإنّما نجد فيها لفظ (اصطلاح) فقط. • لكن مَن يدقق النظر في المؤلَّفات العربيّة التراثيّة، يجد أنّها تشتمل على لفظَي( مصطلح) و(اصطلاح ) بوصفهما مترادفين. فعلماء الحديث كانوا أوّل من استخدم لفظ " معجم " ولفظ " مصطلح " في مؤلَّفاتهم. • كما ظهر لفظ " مصطلح " في عناوين بعض مؤلفات علماء الحديث مثل " الألفيّة في مصطلح الحديث" للزين العراقي وغيره. • كما استَخدَم لفظ "المصطلح" كُتّابٌ آخرون غير علماء الحديث مثل شهاب الدين أحمد بن يحيى المعروف بابن فضل الله العُمَري في كتابهِ " التعريف بالمصطلح الشريف" الذي يتناول الألفاظ الاصطلاحيّة المستعملة في الكتابة الديوانيّة. • واستعمل ابن خلدون لفظ (مصطلح) في(المقدمة) فقال: " الفصل الواحد والخمسون في تفسير الذوق في مصطلح أهل البيان ...". • وفي القرن الثاني عشر الهجري، استعمل محمد التهاوني لفظَي (اصطلاح) و(مصطلح ) بوصفهما مترادفَين في مقدِّمة كتابه المشهور " كشّاف اصطلاحات العلوم. • من كلِّ هذا وغيره ندرك أنّ المؤلِّفين العرب القدامى استعملوا لفظَي ( مصطلح) و( اصطلاح) بوصفهما مترادفين. • أما الادعاء بأن لفظ (مصطلح) لا يتّفق والقواعد العربيّة؛ لأنّه اسم مفعول من الفعل ( اصطلح ) وهو فعل لازم لا يتعدى إلا بحرف جرّ فنقول " اصطلحوا عليه "، وأن اسم المفعول منه يحتاج إلى نائب فاعل هو الجار والمجرور أو الظرف أو المصدر, ولهذا ينبغي أن نقول " مصطلح عليه"؛ فإنّ قواعد اللغة العربيّة تُجيز حذف الجار والمجرور منه للتخفيف عندما يصبح اسم المفعول عَلماً أو اسماً يُسمى به، فنقول " مصطلح" فقط. • أما عدم ورود لفظ ( مصطلح ) في المعاجم العربيّة إلا في معجم ( الوجيز ) لمجمع اللغة العربيّة الذي صدر سنة 1980م و " المعجم العربيّ الأساسيّ " الذي صدر سنة 1989م، فيعود السبب في ذلك إلى أنّ المعاجم لا تسجِّل جميع ألفاظ اللغة. المصطلحيّة: علم المصطلح وصناعة المصطلح: • تستخدم في الدراسات العربية عدة مترادفات للدلالة على دراسة المصطلحات وتوثيقها، مثل: المصطلحية، وعلم المصطلح، وعلم الاصطلاح، وعلم المصطلحات، والمصطلحاتية، إلخ. • غير أن الدراسات الغربية التي تتناول علم المصطلح الحديث، قد فرّقتْ بين فرعين من هذه الدراسة. أهمّيّة المصطلح: • المصطلحات هي مفاتيح العلوم، على حد تعبير الخوارزمي. • وقد قيل إنّ فهم المصطلحات نصف العِلم؛ لأنّ المصطلح هو لفظ يعبر عن مفهوم، والمعرفة مجموعة من المفاهيم التي يرتبط بعضها ببعض في شكل منظومة. • وقد ازدادت أهميّة المصطلح وتعاظم دوره في المجتمع المعاصر الذي أصبح يوصف بأنّه(مجتمع المعلومات)أو (مجتمع المعرفة) • حتّى أنّ الشبكة العالمية للمصطلحات في فينا بالنمسا اتّخذت شعار ( لا معرفة بلا مصطلح ). المصطلح في التراث العربيّ: • أدرك العرب القدماء أهمّيّة المصطلح ودوره في تحصيل العلوم. • قال القلقشندي في كتابه صبح الأعشى" :على أنّ معرفة المصطلح هي اللازم المحتَّم والمهمّ المقدَّم، لعموم الحاجة إليه واقتصار القاصر عليه...» • ونوّه التهاونيّ في مقدّمة كتابه المشهور " كشاف اصطلاحات الفنون بأهمية المصطلح تعريف المصطلح: عرّف اللغويون العرب القدامى المصطلحَ بأنّه: • لفظ يتواضع عليه القوم لأداء مدلول معيّن. • أو أنّه لفظ نُقل من اللغة العامة إلى اللغة الخاصة للتعبير عن معنى جديد. • قال الجرجاني في تعريف الاصطلاح في كتابه " التعريفات": عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسمٍ ما، يُنقل عن موضعه." ثم أضاف وكأنّه يتحدث عن بعض طرائق وضع المصطلح: " إخراج اللفظ من معنى إلى آخر، لمناسبة بينهما." • وعرّفه أبو البقاء الكفوي (ت 1094هـ/1683م) في كتابه " الكلّيّات بقوله ": الاصطلاح هو اتفاق القوم على وضع الشيء. • وقيل: إخراج الشيء عن المعنى اللغويّ إلى معنى آخر لبيان المراد." • وعرّفه مرتضى الزَّبيديّ (1145ـ1205هـ/1732ـ1790م) في معجمه " تاج العروس " بأنّه: " اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص." الشروط الواجب توفرها في المصطلح: يلخّص الدكتور أحمد مطلوب، الأمين العام للمجمع العلميّ العراقيّ، الشروط الواجب توفرها في المصطلح والتي يمكن أن نستشفّها من التعريفات السابقة في ما يأتي: 1- اتفاق العلماء عليه للدلالة على معنى من المعاني العلميّة. 2- اختلاف دلالته الجديدة عن دلالته اللغويّة الأولى. 3- وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلوله الجديد ومدلوله اللغويّ (العام). نشوء علم المصطلح الحديث: • شرع علماء الأحياء والكيمياء بأوربا في توحيد قواعد وضع المصطلحات على النطاق العالميّ منذ القرن التاسع عشر. وقد أخذت هذه الحركة في النمو تدريجياً. • وبين عامي 1906 و 1928م، صدر معجم شلومان المصوَّر للمصطلحات التقنية بست لغات وفي ستة عشر مجلداً. • وتكمن أهمّيّة هذا المعجم في أنّ تصنيفه تمّ على أيدي فريق دوليّ من الخبراء، وأنّه لم يرتِّب المصطلحات ألفبائياً، وإنما رتّبها على أساس المفاهيم والعلاقات القائمة بينها، بحيث يُسهم تصنيفُ المفاهيمِ ذاته في توضيح مدلول المصطلح وتفسيره • وشهد عام 1931م صدور كتاب " التوحيد الدوليّ للغات الهندسة، وخاصّة الهندسة الكهربائيّة " للأستاذ فيستر، الأستاذ بجامعة فينّا. • وقد عَدّ معظمُ اللغويّين والمهندسين هذا الكتابَ من المراجع المهمّة في صنعتهم وعدّوا فيستر أكبر روّاد علم المصطلح الحديث. • بعد الحرب العالمية الثانية حلت محل لجنة التقنيات للمصطلحات لجنة جديدة تسمى ( اللجنة التقنية 37) المتخصصة في وضع مبادئ المصطلحات وتنسيقها ، وهي جزء من (المنظمة العلمية للتوحيد المعياري ISO)التي تتخذ جنيف مقراً لها . • ويتولى (المعهد النسماوي للمقاييس) في فينا أمانة سر ( اللجنة التقنية).. • وفي عام 1971م تمَّ تأسيس ( مركز المعلومات الدوليّ للمصطلحات ) بالتعاون بين اليونسكو والحكومة النمساويّة في فينّا وتولى إدارته الأستاذ هلموت فلبر Felber، أستاذ علم المصطلح في جامعة فينا ذو النشاط الواسع في هذا الحقل. ومن أهم أهداف هذا المركز ما يلي: • تشجيع البحوث العلميّة في النظريّة العامّة لعلم المصطلح، ووضع المصطلحات، وتوثيقها، وعقد دورات تدريبيّة في هذا الميدان. • 2- توثيق المعلومات المتعلِّقة بالمصطلحات، والخبراء، والمشروعات، والمؤسَّسات الدوليّة العاملة في هذا الحقل • 3- تنسيق التعاون الدوليّ في حقل المصطلحات وتبادلها، وتبادل المعلومات عنها. • 4- بحث إمكانات التعاون بين بنوك المصطلحات، وأسس تبادل المعلومات بينها. • وقد عقد هذا المركز عدداً من المؤتمرات والندوات العالمية كان أولها : الندوة العالمية الأولى حول التعاون الدولي في حقل المصطلحات التي عُقدت في فينا سنة 1975م. • وقد أظهرت بوضوح حاجة المنظمات الدولية للتعاون في تبادل المعلومات حول المصطلحات ورغبتها الشديدة فيه . • ونظراً لإقبال عدد من المنظمات الدولية الكبرى على استخدام الحاسب الإلكتروني في خزن المصطلحات وتوثيقها ، وضرورة الاتفاق على أسس عالمية تيسر تبادل المعلومات ، نظم المركز في فينا في أبريل 1979م المؤتمر الأول لبنوك المصطلحات الدولية الذي كان يرمي إلى: أ-إرساء مبادئ التعاون الدولي في حقل المصطلحات العلمية والتقنية وتبادلها وشروط هذا التعاون. ب- تطوير مجموعة من الأسس الهادية التي تيسر إقامة بنوك جديدة للمصطلحات. ج- إعطاء فكرة واضحة عن المشكلات الرئيسة التي تواجه بنوك المصطلحات ،واقتراح الحلول فيها. • في عام 1979م في الفترة 27-30 نوفمبرنظم مركز المعلومات الدولي للمصطلحات بالتعاون مع أكاديمية العلوم السوفيتية ندوة عالمية حول المشكلات النظرية والمنهجية ، لبحث المعجمية وحالتها الراهنة وإمكانات تطويرها، ومشكلات تنسيق المصطلحات وتوحيدها ، ومشكلات تعليم المصطلحية ، وعلاقة المصطلحية بالعلوم الأخرى. وكان من أهم ما أوصت إليه الندوة في ختام اجتماعها ما يأتي: - ضرورة تعميق التعاون وتبادل الآراء والخبرات على المستويين الوطني والعالمي لحل المشكلات النظرية والمنهجية في المصطلحية . - ضرورة تطوير نموذج لبنك مصطلحات خاص بحقول محددة - وضع وصف لواجبات العاملين في حقل المصطلحات وطبيعة أعمالهم - تجميع المناهج الجامعية المستعملة في تدريس المصطلحية مع أخذ حاجات الأقطار النامية في النظر. · ومن المؤتمرات التي كانت عن المصطلحية (الندوة العالمية حول مشكلات الترادف والتعريب في المصطلحية) التي عقدت في كندا في يونيو 1982م. ثم الندوة الخاصة بالمصطلحية في المؤتمر العالمي للمعجميين بجامعة اكسترا في سبتمبر 1983م. تعريف علم المصطلح ( المصطلحية) ونطاقه: • يُعرَّف علم المصطلح بأنّه " العِلم الذي يبحث في العلاقة بين المفاهيم العلميّة والألفاظ اللغوية التي تعبّر عنها." • وعلم المصطلح علم مشترك بين اللسانيّات، والمنطق، وعلم الوجود، وعلم المعرفة، والتوثيق، وحقول التخصص العلمي. • ولهذا ينعته الباحثون الروس بأنَّه " علم العلوم" . • ويتناول علمُ المصطلح جوانبَ ثلاثة متّصلة من البحث العلميّ والدراسة الموضوعيّة وهي: • أوّلاً- يبحث علم المصطلح في العلاقات بين المفاهيم المتداخلة ( مثل علاقات الجنس – النوع، والكل – الجزء ) التي تتبلور في صورة منظومات مفهوميّة تشكّل الأساس في وضع المصطلحات المصنّفة التي تعبِّر عن تلك المفاهيم. وبهذا المعنى، يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من علم المنطق وعلم الوجود. • ثانياً- يبحث علم المصطلح في المصطلحات اللغويّة، والعلاقات القائمة بينها، ووسائل وضعها، وأنظمة تمثيلها في بنية علم من العلوم. وبهذا المعنى، يكون علم المصطلح فرعاً خاصاً من فروع علم المعجم ( علم المعجم وعلم تطوّر دلالات الألفاظ . • ثالثاً- يبحث علم المصطلح في الطرق العامّة المؤدِّية إلى خلق اللغة العلميّة، بصرف النظر عن التطبيقات العمليّة في لغة طبيعيّة بذاتها • وبذلك يُصبح عِلم المصطلح عِلماً مشتركا بين علوم اللغة، والمنطق، والوجود، والمعرفة، والتصنيف، والإعلاميّات، والموضوعات المُتخصِّصة. • فكلُّ هذه العلوم تتناول في جانب من جوانبها التنظيم الشكليّ للعلاقة المُعقَّدة بين المفهوم والمصطلح. • وعرّف فيستر، في أواخر حياته، عِلمَ المصطلح بأنّه العلم الذي يحكم نظام المعجم المختصّ بعلم من العلوم، وحدّد سماتِ علم المصطلح بخمس: 1-يبحث علم المصطلح في المفاهيم، للوصول إلى المصطلحات التي تعبّر عنها. 2-ينتهج علم المصطلح منهجاً وصفيّاً. 3-يهدف علم المصطلح إلى التخطيط اللغويّ، ويؤمن بالتقييس والتنميط.
المحاضرة الثانية مدارس علم المصطلح 1ـ المدرسة الألمانية النمساوية: • يُعدّ أوجين فوستر الرّجل الذي وضع الأساس النظري الذي تستمد منه هذه المدرسة أهم مبادئها وتتمثل أهمّ المبادئ النظريّة التي توجّه اهتمامها بالبحث المصطلحي فيما يلي: • أولاً- اعتبار تحديد المفاهيم و تصنيفها أساس كل عمل مصطلحي. • ثانياً- تخصيص مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد و ذلك بالتخلص من الترادف والاشتراك اللّفظي وكل ما يؤدي إلى الغموض أو الالتباس في اللغة العلمية والتقنية. • ثالثاً- الانطلاق من المفاهيم والعلاقات القائمة بينها بدلاً من الانطلاق من المصطلحات للوصول إلى المفاهيم. • رابعاً- اعتماد مبدأ الاقتصاد في اللغة و مراعاة الاستعمال عند وضع المصطلحات؛ وذلك حتى يسهل تداولها بين جمهور المتكلمين. • خامساً- عدم اعتبار السياق للمصطلح أثناء وضع مفهومه أو تحديد خصائصه فالمفهوم مستقل عن السياق. • سادساً- التسليم بأنّ الجهد المصطلحي ممارسة تقييسية غايتها تحقيق مطلب التوحيد المصطلحي • سابعاً- القول بأن علم المصطلح هو علم منفتح على العلوم المجاورة في بناء مقولاته (علم المنطق – اللسانيات- علم التصنيف و الإحصاء- الإعلامية) • لقد مثّلت المدرسة الألمانية النمساوية المهاد النظري المُؤسس لعلم المصطلح، فمع ظهور مصنفات روادها بدأ هذا العلم مستقلاً بذاته من جهة موضوعه و شروط مقاربته و مناهج النظر فيه. 2- المدرسة السوفيتية: • ظهرت هذه المدرسة مع بدايات العـقد الثالث من القرن المنقـضي ومـن أهـم أعلامها لوتي Lotte وكندلكي Kandelaki ودريزن Drezenوقد عنيت هذه المدرسة بالتركيز على جملة من المحاور أهمها: الأول: التسليم بأن موضوع علم المصطلح ذو طابع لغوي و كل معالجة له لا تخرج عن الحيز اللساني. الثاني: ضرورة العناية في كل عمل مصطلحي بتحديد المفاهيم و تعيين ما يناسبها من مصطلحات. الثالث: ضرورة مراعاة الاعتبارات الاجتماعية اللسانية عند القيام بالتوليد المصطلحي. • ومن ثمة فقد بدت هذه المدرسة مركزة على الوجه اللساني للظاهرة المصطلحية، حريصة على وصلها بالسياق الاجتماعي. 3- المدرسة التشيكوسلوفاكية: تعود بدايات البحث المصطلحي في هذه المدرسة إلى بداية العقد الثالث من القرن العشرين وقد كانت محكومة بهاجس الدفاع عن شرعية استمرار لغتين هما التشيكية و السلافية وأبرز أعلامها: كيكوريك Kocourek و دروزد Drozd. و أهم المسائل التي استأثرت باهتمامها: أولاً- العناية بالتوحيد المصطلحي على الصعيدين الوطني و الدولي. ثانياً- التأكيد على خصوصية الوحدة المصطلحية (تمييزها عن الكلمة) و بيان العلاقة الضرورية بين المفهوم و التسمية. ثالثاً- فتح الوحدة المصطلحية على النص؛ وذلك لأن دراسة الوحدات المصطلحية تستوجب في نظر دروزد Drozd " اعتبار كل المظاهر اللسانية الملائمة أي: المظاهر الصرفية والمعجمية والتركيبية والدلالية". رابعاً- التسليم بأن اللغة العلمية التقنية لغة أحادية الدلالة تتسم بالدقة الدلالية والانتظام المفهومي والحياد الشعوري. • أسهمت المدرسة التشيكوسلوفاكية في رسم معالم المنهج النصي الذي لا يلغي إمكان تنزيل المصطلح ضمن سياق النص الذي ينتمي إليه، مما يجعل الوحدة المصطلحية منفتحة على الوحدات اللغويّة المجاورة في إطار علاقات تركيبية مخصوصة يمليها النص فيتسنى باستدعاء السياق رفع الالتباسات المفهومية الناتجة عن الاشتراك والترادف. • 4ـ المدرسة الكندية: • ظهرت بداية العقد السادس من القرن الماضي، وقد أفادت مما وضعه أعلام المدارس السابقة وأشهر رواد هذه المدرسة روندو Rondeau وبولنجي Boulanger. وأهم مبادئها: • أولاً- اعتبار المصطلح وحدة لغوية تتكون من تسمية ومفهوم. • ثانياً- التفريق بين الكلمات العامة والمصطلحات. • ثالثاً- وصل مبدأ التوحيد المصطلحي بالسياق الاجتماعي اللساني . • 5- المدرسة الفرنسية: • من أبرز أعلامها ألان راي Ray وكيلبير Guilbert وديبوا Dubois وراي دوبوف Deboiv. وأهم ملامح تمثلها للظاهرة المصطلحية هي : • أولاً- إنشاء نظرية للاشتقاق المعجمي خاصة بتوليد المصطلح. • ثانياً- تحديد خصائص التعريف المصطلحي. • رابعاً- وصل المصطلح بالسياق الدلالي الذي ينتمي إليه. 6- المدرسة البريطانية: أولاً- اهتمت بالتمييز بين المصطلحات والكلمات العامة . ثانياً- عنيت بمناهج تعلمية اللغات الخاصة . ثالثاً- سعت إلى تطوير شبكات بنوك المصطلحات. المحاضرة الثالثة مفاهيم في علم المصطلح والفروق بينها 1- المفهوم والمصطلح : • المفهوم فكرة أو صورة عقلية تتكون من خلال الخبرات المتتابعة التي يمر بها الفرد ، سواء كانت هذه الخبرات مباشرة أم غير مباشرة. • فعلى سبيل المثال: يتكون المفهوم الصحيح " للصلاة" من خلال خبرة المتعلم التي يكتسبها في المراحل التعليمية المختلفة، ومن خلال أدائه للصلاة على الوجه الصحيح. • وكذلك يتكون مفهوم "الإنفاق في سبيل الله " لدى المتعلم من خلال المعرفة التي تقدم له في محتوى مناهج التربية الإسلامية ومن خلال مواقف الحياة المختلفة. • ويتسم كل مفهوم بمجموعة من الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره، فمفهوم " الزكاة " يختلف مثلا عن مفهوم " الحج ". كما يشترك جميع أفراد المفهوم في الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره من المفاهيم الأخرى، " فالركوع " مثلا أحد أفراد مفهوم الصلاة يختلف عن أحد أفراد مفهوم الحج " كالطواف مثلا، ... وهكذا. • وتعتبر خاصيتا ”التجريد والتعميم“ من أهم خصائص المفهوم، فمفهوم " الإنفاق " مثلاً من المفاهيم غير المحسوسة ، ويتجسد فيما يبذل من مال في سبيل الله وهو في الوقت نفسه مفهوم عام يشمل: الإنفاق بالمال أو الجهد ، أو الوقت. • يختلف المفهوم عن المصطلح في أنّ المفهوم يركز على الصورة الذهنية، أما المصطلح فإنه يركز على الدلالة اللفظية للمفهوم، كما أنّ المفهوم أسبق من المصطلح، فكل مفهوم مصطلح، وليس العكس . • وينبغي التأكيد على أنّ المفهوم ليس هو المصطلح، وإنما هو مضمون ودلالة هذا المصطلح في ذهن المتعلم. • ولهذا يعتبر التعريف للكلمة ، أو للمصطلح هو الدلالة اللفظية للمفهوم. • وعلى ذلك يمكن القول بأن كلمة الصلاة مثلا ماهي إلا مصطلح لمفهوم معين ينتج عن إدراك العناصر المشتركة بين الحقائق التي يوجد فيها التكبير، وقراءة القرآن، والقيام، والركوع، والسجود والتشهد والسلام. • وكلمة "الحج "مصطلح لمفهوم معين ينتج عن إدراكنا للعناصر المشتركة بين المواقف: كالإحرام، والطواف حول الكعبة المشرفة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات، والنزول بالمزدلفة، والرجم، والحلق أو التقصير... • فالملاحظ مع كلمتي (الصلاة، والحج) أنه تم أولاً التعرف على أوجه الشبه والاختلاف في خصائص كل كلمة، ثم تحديد الخصائص أو العناصر المتشابهة ووضعها في مجموعات أو فئات أطلق عليها اسم المفهوم(الصلاة ـ الحج). 2-بين المعنى والمفهوم: إنّ المعنى – عند اللغويين- صورة ذهنية وُضع بإزائها لفظ ، والمفهوم – عند المناطقة- ما يمكن حصوله في الذهن . • وبعبارة أخرى فإنّ كلاً من المعنى والمفهوم يشير إلى الصورة الحاصلة في الذهن ،غير أنّ (التهانوي) في كشافه يفرق بينهما من حيث القصد ، يقول: «فمن حيث إنّ الصورة مقصودة باللفظ سُميت معنى، ومن حيث إنها حاصلة في العقل سُميت بالمفهوم» وهذا التمييز لا يجنبنا الوقوع في تداخل بين مصطلحي (مفهوم) و(معنى) إذ يصبح بمقتضاه كلُ معنى مفهوماً ،وليس كلُ مفهوم معنى. ثانياً – الكلمة والمصطلح: • لا يسمى اللفظ الذي يدل على المفهوم (كلمة) بل (اصطلاحاً) أو (مصطلحاً) ويمكننا التمييز بين الكلمة والمصطلح بعدة طرائق: • الأولى:أن نقول إنَّ للكلمة (معنى) ،على حين أن للمصطلح (مفهوماً). • الثانية: أن نقول إنّ الكلمة تنتمي إلى اللغة العامة ، أما المصطلح فينتمي إلى اللغة المتخصصة ، أي: اللغة العلمية أو التقنية لمجالٍ معرفي معيّن . • وقد يكون اللفظ عاماً وخاصاً حسب السياق، فإذا قلنا:(شعرت بالعطش فشربت الماء) فإنّ لفظ (الماء)هنا ينتمي إلى اللغة العامة. • أما إذا قلنا في درس الكيمياء : «إنّ الماء يتكون من ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأوكسجين» فلفظ (الماء)هنا مصطلح ينتمي إلى اللغة العلمية الخاصة بالكيمياء. • ولا نستطيع أن نعرِّف المفهوم بدقة ما لم نحدد موقعه من النظام المفهومي للمجال العلمي الذي ينتمي إليه. فالمفاهيم تنتظم في أنظمة مفهومية تعطيها معناها وتهبها دلالاتها • فإذا ذكرنا عبارة ” الضوء الأصفر“ مجردة فإنها تنتمي إلى اللغة العامة . • ولكن إذا أدخلنا ” الضوء الأصفر“ في نظام معلوم أصبح رمزاً أو مصطلحاً لمفهوم معين. • فعندما نضع الضوء الأحمر والضوء الأصفر والضوء الأخضر في ترتيب معين وفي إطار معيّن عند تقاطع الطرق ، أصبح لدينا منظومةٌ لإشارات المرور ، وصار لكل ضوء مفهومه الخاص به ، وتنتمي هذه إلى نظام مفهومي أوسع أو حقل مفهومي أكبر يمكن أن نطلق عليه اسم نظام المرور أو حقل المواصلات. ثالثاً- اللغة العامة واللغة الخاصة: • اللغة كما عرّفها ابن جني «أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم“. • ويكمن الغرض الرئيس لاستعمالات اللغة في التواصل اليومي، وتبادل المعلومات ، والتعبير عن الحاجات والرغبات. • ونظراً لأنّ اللغة تستعمل داخل المجتمع في بيئات متعددة ومن قبل جماعات ذات مستويات متباينة، فإنها تتأثر بتلك البيئات والمستويات. • وينشأ عن ذلك التأثر أنواع لغوية متعددة تتمثل في اللهجات الإقليمية(عراقية،مصرية،سعودية،مغربية)،والمستويات الاجتماعية (لغة الطبقة الراقية ، لغة الطبقة المتوسطة، لغة الطبقة الفقيرة، الخ). • وإضافة إلى استعمال اللغة لتحقيق الغرض العام في التواصل اليومي ، فإن جماعات معينة داخل المجتمع ، تجمعها اهتمامات علمية أو مهنية مشتركة ، تستعمل اللغة لأغراض خاصة بها . • فالأطباء ، مثلاً، يستخدمون اللغة لتبادل المعلومات الطبية فيما بينهم ، فتتأثر لغتهم بطبيعة مهنتهم وتصبح لها خصوصيات تميزها عن اللغة العامة في المستويات الصوتية والصرفية والنحوية(التركيبية) والدلالية . • ويكتسب أهل المهنة لغتهم الخاصة أثناء تدربهم على المهنة ومزاولتها،ليتمكنوا من التواصل بسهولة مع بقية أبناء المهنة. • وقد عَرَفَ اللسانيون العرب ذلك منذ أمد طويل . فعندما تحدث المبارك بن الأثير في كتابه ” النهاية في غريب الحديث والأثر“ عن اللفظ قسّمه إلى عام وخاص. • فاللغة التي تكثر فيها الألفاظ الخاصة أو المصطلحات العلمية والمهنية يمكن تسميتها باللغة الخاصة . • ويسميها بعضُ اللغويين بلغة الأغراض الخاصة لتمييزها عن اللغة العامة التي تستعمل لأغراض الحياة اليومية بمختلف جوانبها. • ويسميها بعضهم الآخر باللغة القِطاعية؛ لأنها تسخدم في قطاع معيَّن من قطاعات الحياة المتعددة.وتكثر في هذه اللغة الخاصة المصطلحات المتعلقة بالحقل العلمي الذي تدور حوله . وبعبارة أخرى، لكل حقل علمي مصطلحاتُه الخاصة به. • وكانت مدرسة براغ اللغوية تفضل الحديث عن الوظائف اللغوية بدلاً من الأغراض . وتحدد أربعة أنواع من اللغة ، ولكل نوع منها وظيفة مختلفة ، وهي على الوجه الآتي: 1- اللغة اليومية : ذات وظيفة تواصلية 2- اللغة التقنية: ذات وظيفة عمليّة تقنية 3- اللغة العلمية: ذات وظيفة نظرية- تقنية 4- اللغة الأدبية: ذات وظيفة جمالية • ويختص كل نوع من الأنواع اللغوية بأسلوب معيّن ، فللغة العامة أسلوب تواصلي يُستعمل في التواصل في الحياة اليومية بعمومها ، وللغة الأدبية أسلوب جمالي يُستخدم في الشعر والنثر الفني و بقية الأجناس الأدبية ، وللغة العلمية أسلوب عملي تُدوَّن به نتائج البحوث العلمية ، وللغة التقنية أسلوب مهني تُصاغ به الإرشادات والتعليمات المهنية. • ويكمن الفرق بين اللغة العلمية واللغة التقنية في مستوى التفكير ومستوى التجريد ، فاللغة العلمية تميل أكثر إلى التنظير والتجريد من اللغة التقنية التي تهتم بالتطبيقات العملية . أهم خصائص اللغة الخاصة: 1- الموضوعية: على حين أن اللغة العامة تعبِّر عن رغبات الفرد وتخيلاته وانفعالاته ، فإنّ اللغة الخاصة تعبّر عن مفاهيم الأشياء والذوات الخارجية ، ومن هنا فإن اللغة العامة أقرب إلى الذات على حين أن اللغة الخاصة أقرب إلى الموضوع. 2- الدقة:المصطلحات العلمية المستخدمة في اللغة الخاصة فإنها تخضع إلى نوع من التوليد المقصود القائم على أسس معيارية ، بحيث يعبر المصطلح الواحد عن المفهوم الواحد في الحقل الواحد.ولا يعبر عن المفهوم الواحد بأكثر من مصطلح واحد في الحقل العلمي الواحد. على حين لا تحتاج اللغة الأدبية لذلك بل تبتعد عنه ؛ لأن الشعر مثلاً يسعى إلى كسر القوالب اللفظية النمطية ، وابتكار استعمالات جديدة للألفاظ. 3- البساطة والوضوح: تشمل البساطة والوضوح في النص العلمي جميع المستويات اللغوية : المفرداتية ، والصرفية، والنحوية ،والدلالية ،والبلاغية ، وغيرها. فالباحث العلمي يحاول إبلاغ رسالته إلى المتلقي بطريقة بسيطة واضحة خالية من التعقيدات أو المحسنات البديعية والبلاغية. 4- الإيجاز: تنضوي خصيصة الإيجاز تحت مبدأ الاقتصاد في اللغة ، الذي يعني التعبير عن المضامين العلمية بأقل عدد من الألفاظ من غير الإخلال بالمعنى . ويخضع لخصيصة الإيجاز كل من المصطلح والتعريف والنص. رابعاً- التعريف ،هناك ثلاثة أنواع من التعريفات: 1- التعريف اللغوي:ويسميه بعضهم بالتعريف العلاقي؛لأنه يوضح معنى الكلمة في سياقها اللغوي، أي: من خلال علاقاتها مع الألفاظ الأخرى المكوِّنة للجملة . فكلمة ”العين“ يختلف معناها في الجملتين الآتيتين: «نظر إلى حاله بعين العطف» و «شرب الماء من عين جارية» وذلك بسبب سياق كلٍّ منهما. أ- التعريف بالحد: أي تحديد نوع الشيء المعرَّف وفصله. فعندما نعرِّف الإنسان بأنه“حيوان ناطق“ يدل الشق الأول من هذا التعريف على النوع الذي ينتمي إليه الإنسان أما الشق الثاني وهو النطق،فبمثابة الفصل الذي يميز الإنسان عن بقية أفراد النوع الحيواني.وهذه الخصائص الجوهرية للإنسان،أي:الحيوانية والنطق ب-التعريف بالوصف: وفيه تُذكر الخصائص الجوهرية وغير الجوهرية للشيء المعرَّف .فإذا عرّفنا الإنسان بأنه حيوان منتصب يمشي على رجلين ويسمع وينطق ، نكون قد استخدمنا تعريفاً بالوصف. 3- التعريف المصطلحي: الذي لا يعرف اللفظ ولا يعرف الشيء الذي يدل عليه اللفظ، وإنما المفهوم أو التصور الحاصل في الذهن عن الشيء. • ويتكون هذا التصور من الخصائص المنطقية والوجودية لمجموعة من الأشياء . • فالتصور الحاصل في أذهاننا عن السيارة لا يمثل سيارة مرسيدس زرقاء ، ولا سيارة بيجو حمراء؛ وإنما يمثل الخصائص المشتركة لجميع هذه السيارات المتعددة الأشكال والأنواع والمحركات . • وهذا ما يُطلق عليه في علم المصطلح الحديث اسم المفهوم . المحاضرةالرابعة ملحق بمصطلحات علم المصطلح يقال: إنّ معرفة مصطلحات العلم هي نصف العلم. وكان من أوائل الأعمال التي أنجزتها اللجنة التقنية، رقم 37 المختصة بالمصطلحات في المنظمة العالمية للتقييس بجنيف، إصدار توصيتها، رقم 1087 في شكل كتيب يحمل عنوان ”مصطلحات علم المصطلح” سنة 1969م. وتولت المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس التابعة لجامعة الدول العربية، ترجمة هذا الكتيب. فيما يأتي مجموعة من المصطلحات الخاصة بعلم المصطلح مع تعريفاتها؛ جعلناها في هذه المحاضرة حتى يكون الطالب على دراية بهذه المصطلحات التي تُغني معرفته بعلم المصطلح. المفهوم الخاص (بميدان): مفهوم ينتمي بصفة أخص إلى ميدان معين أو ينفرد هذا الميدان باستعماله. المفهوم المقترض(من ميدان): مفهوم يستعمل في ميدان ما في حين أنه ينتمي بصفة أخص إلى ميدان آخر. المحتوى المفهومي: مجموع السمات الدلالية لمفهوم ما سُمي بمصطلح ما. المقابلة: خاصية مصطلحين من لغتين مختلفتين يطلقان على مفهوم واحد. ويسمى كل من هذين المصطلحين مقابلاً بالنسبة للآخر. علم المصطلح الأحادي اللغة: دراسة في لغة واحدة لمفاهيم ميدان معين ولتسمياتها. علم المصطلح المتعدد اللغات: دراسة المفاهيم المتعلقة بميدان معين في لغتين أو أكثر، وكذلك دراسة تسمياتها قصد تجديد شبكة المقابلات التامة، أو الجزئية لهذه المفاهيم، وبالتالي تحديد شبكة المقابلات التامة، أو الجزئية بين مصطلحات، أو تسميات اللغات المتواجدة. وهذه الدراسة تسمى علم المصطلح المقارن. البحث المصطلحي: تقنية البحث عن المصطلحات المستعملة في الميادين المختصة، وذلك قصد تزويد المستعملين بلفظ، يمكنهم من الاتصال فيما بينهم بشكل وظيفي ودقيق. البحث المصطلحي الميداني: بحث مصطلحي يتعلق بموضوع ما، أي يتعلق بمجموع المصطلحات التي تنتمي إلى ميدان خاص. الرصيد المصطلحي: مجموع المصطلحات ومعلوماتها المستمدة من ميادين متعددة، والتي تضعها مؤسسة مصطلحية على ذمة المستعملين. التقييس المصطلحي: 1-هو في المعنى الشامل توحيد المصطلحات المستعملة لدى مجموعة معينة من الأشخاص. 2- هو عملية تقوم بمقتضاها هيئة رسمية بتفضيل مصطلح دون سواه، وذلك بعد دراسة اللغات المصطلحية التي تم إعدادها بدقة. لجنة العمل المصطلحي: لجنة مركبة من مُصطَلَحِين، وكذلك من أخصائيين أحياناً. وتتمثل مهمّتهم الأساسية في البحث المصطلحي. التحليل الدلالي: دراسة المحتوى المفهومي أي معنى المصطلح. مثال: فرع شجرة(محسوس)، فرع علم (مجرد) المعنى المجازي: معنى وحدة دلالية مشتملة على تحول دلالي، وخاصة من المحسوس إلى المجرد، ومن النشيط إلى الخامل. اتساع المعنى: معنى جديد لوحدة لغوية ما يضاف إلى معناها الأول. وقد يختفي المعنى الأول من الاستعمال. المرادف: الترادف هو أن يدل مصطلحان أو أكثر، في لغة ما على مفهوم واحد. المتجانس اللفظي: المتجانسات اللفظية هي مصطلحات لها نفس الشكل الكتابي (تجانس كتابي) أو الصوتي (التجانس الصوتي)؛ لكن لها معان مختلفة. مثال: خال (على الوجه) وخال (أخو الأم)، وعلى (حرف الجر) وعلا (الفعل). السمة الدلالية: إحدى الوحدات الدلالية التي يتركب منها المفهوم. مثال السمات الدلالية لمفهوم سمكة هي: حيوان/ فقري/ يعيش في الماء/ له زعانف. التحليل الشكلي: دراسة العناصر الصوتية والخطية والصرفية والتركيبية لمصطلح ما لإدراك ما بينها من علاقات. الزائدة: مورفيم يلتصق ببداية الجزء الثابت للكلمة (سابقة)، أو بنهايتها (لاحقة)، أو يقيم في وسطها(حشو)، وذلك قصد تحوير معناها أو وظيفتها أو دورها. (المورفيم): هو أصغر وحدة لغوية مجردة لها معنى. فمثلا كلمة (المزارع) تتألف من عدد من المورفيمات: الـ "تعريف"، (زرع) مورفيم معجمي يدل على "الزراعة، (مُزارع) "اسم فاعل" المشتق: كلمة أو مصطلح يتشكل عن طريق زيادة، انطلاقاً من جزء ثابت، مثال: كلمة (معقول) مشتقة من (عَقِل) الأسرة اللفظية: مجموعة من الكلمات لها جزء ثابت مشترك، مثال: كاتب، كاتبة، كتاب، مكتب. النحت: اختصار متكون من عناصر مأخوذة من كلمات عبارة مركبة. الرمز: تمثيل لمفهوم ما بطريقة حرفية أو عددية أو غيرها. مثال: كم: كيلومتر. بديل إملائي: نطلق البديل الإملائي على أحد الأشكال الكتابية لمصطلح ما: مثال: هذا: هاذا يس: ياسين. نادر: كلمة أو شكل أو عبارة، لا يمكن العثور إلا على مثال واحد لها في مدونة محددة. التوثيق: عملية جمع المصادر المكتوبة والمنطوقة المتعلقة بالميدان الذي هو بصدد الدرس، ويطلق على المصادر المجمعة اسم الوثائق. التحليل المصطلحي: تحليل غايته ضبط المفاهيم الخاصة بميدان معين ودراسة العلاقات التي تربط بينها. التحليل السياقي: ضبط المحتوى المفهومي لمصطلح في سياقه، وذلك بضبط العناصر الدلالية المتعلقة بهذا المصطلح وتحليلها. المصدر: هو كل وثيقة أو منظومة استخرجت منه معلومة مصطلحية. رمز الاستعمال: معلومة توضح قيمة استعمال مصطلح ما من وجهة نظر جغرافية أو اجتماعية، أو تواترية، أو زمنية، أو دلالية، أو تعليمية. جهوي: رمز استعمال جغرافي يسند إلى مصطلح أو إلى معنى خاص بجهة أو بجهات متعددة للغة معينة. مثال على ذلك: السمك المصبر (في المغرب). شعبي: رمز استعمال اجتماعي يشير إلى أنّ المصطلح يستعمل فقط في الأوساط الشعبية. دارج: رمز استعمال اجتماعي يشير إلى أن المصطلح يستعمل في المحادثات التي تجري في كل الأوساط؛ لكن لا يستعمل في مستوى لغوي رفيع. مهجور: رمز استعمال زمني يسند إلى مصطلح سقط من الاستعمال منذ زمن بعيد. متقادم: رمز استعمال زمني يشير إلى أنّ المصطلح في طريقه إلى الخروج من الاستعمال. مستعمل: رمز استعمال زمني يشير إلى أنّ المصطلح ينتمي إلى لغة الزمن الحاضر. مولد: رمز استعمال زمني يشير إلى أنّ المصطلح حديث الوضع. أو وقع اقتراضه من لغة أخرى منذ زمن قريب. كما تسند إلى كل استعمال جديد لكلمة موجودة في اللغة. مستهجن: رمز استعمال دلالي يسند إلى مصطلح ما، يتضمن معنى مجازاً يقدم الواقع المسمى في مظهر سلبي. شائع: رمز استعمال جغرافي يسند إلى مصطلح معروف من قبل أفراد مجموعة لغوية واحدة. معياري: رمز استعمال اجتماعي يشير إلى أن المصطلح ينتمي إلى اللغة التي تعتبر سليمة، وغالباً ما يطلق على هذا المصطلح تسمية الاستعمال السليم. المحاضرة الخامسة النظريات المصطلحية النظرية العامة والنظرية الخاصة لعلم المصطلح: كما أنّ (عِلم اللغة العامّ) يتناول دراسة طبيعة اللغة ونظامها بصورة عامّة على حين يتناول (علم اللغة الخاصّ) لغةً معينة بالدرس والتحليل، فإنّ النظريّة العامَة لعِلم المصطلح تُعنَى بالمبادئ العامّة التي تحكم وضع المصطلحات طبقاً للعلاقات القائمة بين المفاهيم العلميّة، وتعالج المشكلات المشتركة بين جميع اللغات تقريباً، وفي حقول المعرفة كافة. على حين تقتصر النظرية الخاصة في علم المصطلح، على دراسة المشكلات المتعلِّقة بمصطلحات حقل واحد من حقول المعرفة، كمصطلحات الكيمياء، أو الأحياء، في لغة معيَّنة بذاتها. 1- النظرية العامة في علم المصطلح: تبحث النظرية العامة في علم المصطلح في المفاهيم والمصطلحات التي تعبّر عنها، وتُستخدَم نتائج البحوث في هذه النظريّة أساساً لتطوير المبادئ المعجميّة والمصطلحيّة وتوحيدها على النطاق العالميّ. ومن أهم موضوعات البحث في النظرية العامّة لعلم المصطلح: طبيعة المفاهيم، وتكوينها، وخصائصها، والعلاقات فيما بينها، وطبيعة العلاقة بين المفهوم والشيء المخصوص، وتعريفات المفهوم، وكيفيّة تخصيص المصطلح للمفهوم وبالعكس، وطبيعة المصطلحات وكيفية توليدها وتوحيدها. وتُعنى النظرية العامّة لعلم المصطلح بشكل خاصّ بتحديد المبادئ المصطلحيّة الواجبة التطبيق في وضع المصطلحات وتوحيدها، وكذلك تحديد طرائق الاختيار بين المبادئ المتضاربة. فمثلاً، من المتطلبات أو الشروط الواجب توفرها في المصطلح الجيد: الدقة، والايجاز، وسهولة اللفظ، وقابليته للاشتقاق، وصحته لغوياً، وشيوعه في الاستعمال. ولكن التضارب قد يقع بين دِقّة المصطلح التي تتطلب أكثر من كلمة واحدة أحياناً وبين الإيجاز الذي ينضوي تحت مبدأ الاقتصاد في اللغة. أو قد يقع التضارب بين قابلية المصطلح للاشتقاق وبين الاستعمال الشائع. ومن الأمثلة على النقطة الأخيرة وضع كلمة (أفلك) وجمعها (أفالك) على وزن (أرنب ـ أرانب) للتعبير عن القمر الصناعي الذي يدور في فلك محدد. ولا شك أنّ الكلمة الجديدة هي أوجز من مصطلح (القمر الصناعيّ) وأكثر قابلية للاشتقاق منه. غير أنّ مصطلح (القمر الاصطناعي) قد درج في الاستعمال وحقق قدراً كبيراً من الشيوع. ففي مثل هذه الحالات تبحث النظرية العامة لعلم المصطلح في طرائق الاختيار بين المبادئ المتضاربة وترتيبها حسب أهميّتها . (سنقف في المحاضرة القادمة على أهم مراكز البحوث في النظرية العامة لعلم المصطلح) 2- النظرية الخاصة في علم المصطلح: تصف النظريّة الخاصّة المبادئ التي تحكم وضع المصطلح في حقول المعرفة المتخصِّصة كالكيمياء، والأحياء، والطبّ، وغير ذلك. ويُسهم عدد من المنظَّمات الدوليّة المتخصِّصة في تطوير النظريات الخاصة للمصطلحات، كلٌّ في حقل اختصاصها. ومن هذه المنظمات منظمة الصحّة العالمية، والهيئة الدولية للتقنيات الكهربائيّة، وغيرهما. والبحث في النظريّات الخاصّة للمصطلحيّة ما زال في دور النمو. سنأخذ مثالاً على النظرية الخاصة في علم المصطلح وتطبيقها في مهنة المحاماة. • المحامي واللغة: • لما كانت القوانين تصاغ بلغة ما، ومرافعة المحامي تجري باللغة كذلك، فإنَّ امتلاك ناصية اللغة، استيعاباً وتعبيراً، ضروري لا لمعرفة فصول القانون ومواده منطوقاً ومفهوماً فحسب، وإنما كذلك لاستخدام اللغة المؤثرة ببلاغتها من غير إطناب مملٍّ ولا إيجازٍ مخلٍّ، واختيار اللغة المؤثرة بأسلوب إلقائها المطبوع دون تكلف مصنوع. ومن الأمثلة على ثغرات القانون في المثال السابق، الثغرة المتعلقة بتعريف الإهانة .- سيكون التعريف من القانون المغربي- . ينص القانون الجنائي المغربي في الفصل (المادة) 263 على ما يأتي: ”يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحداً من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال، أو إشارات، أو تهديدات، أو إرسال أشياء، أو وضعها، أو بكتابة رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم، أو بشعورهم،أو الاحترام الواجب لسلطتهم ” في هذا الفصل، يشترط في القول الذي ينطبق عليه النموذج القانوني أن يكون بقصد المساس بشرف الموظف أو بشعوره أو بالاحترام الواجب لسلطته. ولنفرض أنّ مواطناً كان يراجع موظفاً عمومياً للحصول على شهادة رسمية، ولاحظ أنَّ الموظف كان متشاغلاً مرة بشرب القهوة، ومرة بالحديث مع زميله، ومرة بالهاتف. ثم قال المواطن للموظف: ”يا سيدي، أنت تتهاون في عملك” ويلاحظ أنّ التهاون والإهانة والهوان (وهو الذل والاحتقار) مشتقة من جذر واحد في اللغة العربية. وكان قصد المواطن من ملاحظته الإسراع في الحصول على الشهادة، وليس المساس بشرف الموظف أو بشعوره فهل ينطبق عليه العقاب في الفصل المذكور. إذن نحن هنا في حاجة، أولاً، إلى تعريف لفظ(الإهانة) تعريفاً شافياً، أو تعريفاً جامعاً مانعاً، كما يقول المناطقة، بحيث نُخرج منه القول الذي يمكن أن يُعدَّ(ملاحظة) أو(رأياً) وحرية الرأي عن التعبير يكفلها القانون. ونحن بحاجة، ثانياً إلى دحض وجود قصد الإهانة لدى الموكِّل، لأنَّ المشرِّع لا يعاقب على الجنايات والجنح إلا إذا توفر الركن المعنوي، أي إلا إذا توفرت النية الإجرامية . فنص الفصل 133 من القانون الجنائي المغربي هو: “الجنايات والجنح لا يعاقب عليها إلا إذا ارتُكبت عمداً“. وبعبارة أخرى فإنَّ محامي الدفاع يسعى إلى هدم أحد أركان الجريمة الثلاثة: 1- الركن القانوني. 2- الركن المادي . 3- الركن المعنوي. ويتأتّى كثير من الثغرات في القوانين عادة من التعريفات مناط الاختلاف بين اللغويين والمناطقة والمصطلحيين. فإذا طلبنا من أحدهم تعريف لفظ (العين)، قال اللغوي: ضعه في جملة لأعرف معناه، وقال المنطقي: أرني الشيء أو الذات الذي يدل عليه هذا اللفظ لأعرِّفه لك . وقال المصطلحي: قل لي لأي مجال علمي ينتمي مفهومه لأتمكن من تعريفه. وبعبارة أخرى، هل تريد معرفة معنى الكلمة في سياقها اللغوي، أم تتوخى معرفة خصائص الشيء الذي تدل عليه تلك الكلمة، أم خصائص المفهوم الذي تعبر عنه تلك الكلمة. * المحامي والتعريف المصطلحي: لكي يعرِّف المحامي مصطلحاً قانونياً ما، عليه أن يحدد المنظومة المفهومية التي ينتمي إليها ذلك المصطلح : هل هي منظومة القانون الجنائي، أو منظومة الأحوال الشخصية، مثلاً . فإذا أخذ شخص مال شخص آخر من غير علمه، يعد ذلك سرقة في القانون الجنائي، ولكن أخذت الزوجة شيئاً من مال زوجها من دون علمه، قد لا يعد سرقه في قانون الأحوال الشخصية في بعض الأقطار. إذن ينبغي أن يحدد المحامي موقع المفهوم في منظومته المفهومية من علاقاته بالمفاهيم المجاورة المتصلة به . ويستطيع المحامي أن يُعد قائمة بالخصائص التي يشترك فيها المفهوم موضوع البحث. مع المفاهيم الأخرى المجاورة له المتصلة به، وقائمة أخرى بالخصائص التي ينفرد بها دون سواه من المفاهيم، لتتضح الصورة. *التعريف والتفسير في مهنة المحاماة: يختار المحامي نوع التعريف الذي يخدم أغراضه، فيلجأ إلى التعريف اللغوي تارةً، ويختار التعريف المنطقي تارة أخرى، ويفضل التعريف المصطلحي مرة ثالثة . ولكنه قد يجد في بعض الحالات أنّ التعريف وحده لا يفي بالغرض، ولا بد من التفسير. وإذا كان التفسير، في معناه الفلسفي يعني محاولة إعطاء تصور لنشأة الوجود أو الكون وموقع الإنسان منه، فإنَّ التفسير، في معناه اللغوي، يعني إظهار معنى النص وكشف المقصود من الألفاظ. والفرق بين التعريف والتفسير يرمي إلى توضيح معنى نص كامل بجميع ألفاظه . والتفسير القانوني أو تفسير القوانين يعني توضيح معنى القاعدة القانونية المتضمنة في نص مكتوب. وتجدر الإشارة إلى أنّ الدراسات الإسلامية حازت قصب السبق والإبداع في مجال التفسير . فتفسير القرآن الكريم علم قائم بذاته له أصوله وقواعده. وبناء على فلسفة التفسير فقد تشكل في القانون مدرستان للتفسير : الأولى: مدرسة التفسير الضيق، أو تفسير التضييق، التي لا تسمح بمد حكم النص إلى ما لم يتناوله. الثانية: مدرسة التفسير الواسع، أو تفسير التوسع التي تدعو إلى استخدام الأدوات المنطقية واللغوية لمد حكم النص إلى غير ما جاء فيه. وهذه المدرسة تستخدم مجموعة من الأدوات اللغوية والمنطقية لتحقيق غرضها. ومن أهم هذه الأدوات ” القياس“ وهو مد حالة أو واقعة منصوص على حكمها. في القانون إلى حالة أو واقعة غير منصوص على حكمها، لاتحادهما في العلة، ويتخذ القياس شكليين: - مفهوم الموافقة: ويعني مدّ حكم الواقعة المنصوص عليها في القانون إلى واقعة غير منصوص عليها لاتحاد العلة. - مفهوم المخالفة: ويعني إعطاء واقعة غير منصوص عليها خلاف حكم الواقعة المنصوص عليها، لاختلاف العلة. - لغة القانون واللغة القانونية: - يفرق بعضهم بين لغة القانون وبين اللغة القانونية، فيستعمل المصطلح الأول للدلالة على صياغة مواد القانون أو فصوله، على حين يستعمل المصطلح الثاني للإشارة إلى اللغة التي يستعملها القضاة والمحامون وكتاب العدل وغيرهم من أبناء المهنة، وتختلف عادة عن اللغة العامة لاشتمالها على عدد كبير من المصطلحات القانونية التي لا يستعملها عامة الناس في حياتهم اليومية. وقد تطورت لغة القانون وأسلوب صياغتها بمرور الأيام، فبعد أن كانت المواد تبدأ بالعقوبة التي تلحق بالجريمة فيقال، مثلاً، يعاقب بالحبس من فعل كذا، أصبحت تبدأ بالنموذج القانوني ثم تذكر العقوبة. • الخاتمة: • يتضح مما مر ذكره أنَّ المحامي يحتاج في ممارسة مهنته إلى ثقافة واسعة من ضمنها درايته بعلم المصطلح وعلم اللغة. • ومن المفيد جداً أن تتضمن مناهج كليات الحقوق دروساً في هذين الحقلين. • ولعل هذه الحاجة تفسر لنا لماذا تبدأ دراسة القانون في الجامعات البريطانية والأمريكية بعد حصول الطالب على البكالوريوس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وليس كما هو الحال في البلاد العربية حيث يلتحق الطلاب بكليات الحقوق بعد الدراسة الثانوية مباشرة. المحاضرة السادسة النظريات المصطلحية (مراكز البحوث في النظريةالعامةلعلم المصطلح) تُعدُّ المجامعُ العلمية واللغوية والجامعاتُ، الأمكنةَ الطبيعيةَ لإجراء البحوث في النظرية العامّة لعلم المصطلح. وفي النصف الأول من القرن العشرين، كان للعلماءِ النمساويّين والجيكوسلوفاكيين والسوفيت قصبُ السبق في هذا المضمار، ثم انضمَّ إليهم عددٌ من الباحثين في جميع أنحاء العالم. ولعلَّ أهمَّ مراكز البحوث في النظريّة العامّة لعِلم المصطلح ما يأتي: 1- النمسا: يعود الفضل في انطلاقة البحث في علم المصطلح الحديث إلى الأستاذ فيستر الذي أسّس مركزاً للبحث في مدينة ”فيزلبورغ“ بالنمسا. وهذا المركز بمكتبة كبيرة متخصِّصة في المصطلحات، وأجريت فيه بحوث متعددة منذ تأسيسه. ومن أهم البحوث التي أجراها فيستر بنفسه بحث بعنوان ”التعبير عن عالم الإنسان بالكلمات” وبحث آخر بعنوان ”تصنيف الذوات والمفاهيم“ وبعد وفاة الأستاذ فيستر، واصل تلميذه الأستاذ فلبر زعامة البحث في علم المصطلح بالنمسا. 2- الجمهورية الجيكيّة: تُعدّ مدرسة براغ اللغويّة من أكبر المدارس الفكريّة في علم اللغة التي عمقت الدراسات اللغويّة، وانبثق عنها أبحاث عديدة في المعجميّة والمصطلحيّة. فالنظريّة العامّة لعلم المصطلح تُدرَّس في الجامعات الجيكيّة، كما تقوم أكاديميّة العلوم الجيكيّة بأبحاث في هذا الميدان. وقد عُقِدت ندوات علميّة متعددة حول علم المصطلح في المعاهد الجيكية العليا، كان من أهمّها الندوات التي نظَّمتها كلّيّة الزراعة في براغ وصدرت عنها سلسلة من الدراسات المصطلحية خلال الأعوام 1966م، و 1971م، و1972م. 3- كندا : نظراً للازدواجيّة اللغويّة في كندا حيث تُستعمَل اللغتان الإنكليزيّة والفرنسيّة في التعليم والإدارة، فإنّ الأبحاث العلميّة في الترجمة وعلم المصطلح تجد تشجيعاً وإقبالاً. ولهذا، كانت كندا من أوائل الدول التي بادرت إلى إنشاء بنكٍ للمصطلحات كما قامت (دائرة اللغة الفرنسيّة) في مقاطعة كوبك بنشاط كبير في الأبحاث المتعلِّقة بعلم المصطلح، وعقدت عدداً من المؤتمرات الدوليّة لبحث قضايا هذا العلم ومشكلاته، كما بادرت عام 1973م إلى إصدار دوريّة متخصّصة في المصطلحيّة عنوانها ”الوقائع المصطلحية“. 4- فرنسا: في فرنسا يضطلع عدد من المؤسسات الرسميّة بالأبحاث في حقل المصطلحات مثل: (الجمعية الفرنسية للتوحيد المعياري)، و(اللجنة الفرنسيّة لدراسة المصطلحات التقنيّة)، و(مركز دراسات اللغة الفرنسية)، و(الجمعيّة الفرنسيّة للمترجميّن)، و(أكاديميّة العلوم الفرنسيّة). ومن أجل تنسيق نشاطات هذه المؤسسات في حقل المصطلحات بادرت (اللجنة العليا للغة الفرنسيّة)، سنة 1975م، إلى تأسيس: (الجمعية الفرنسيّة للمصطلحات). وافتتحت هذه الجمعية الجديدة نشاطاتها بعقد مؤتمر دولي في باريس في حزيران 1967م لمناقشة قضايا المصطلحية. 5- روسيا: أولى الاتحاد السوفيتي، قبل انحلاله عام 1991م، اهتماماً خاصّاً بالمصطلحيّة وأبحاثها، لأنّه كان يضمّ عددا كبيراً من القوميّات ذات اللغات المختلفة. فأسّست (أكاديميةُ العلوم السوفيتيّة)، في مقرها، لجنةً للمصطلحات العلميّة والتقنيّة كان من مهامها القيامُ بأبحاث في النظريّة العامّة للمصطلحيّة. وأصدرت هذه اللجنة، عام 1961م، ”دليل إعداد وتنظيم المصطلحات العلمية والتقنية”. ونظّمت الأكاديميُّة مؤتمَرين عالميّين حول علم المصطلح: الأول : عام 1957 في لينغراد. والثاني: في أواخر نوفمبر عام 1979م في موسكو حول المشكلات النظرية والمنهجية في المصطلحية. كما قامت عدة جامعات روسية بأبحاث في علم المصطلح، وعقدت جامعة لومونوزوف في موسكو ندوتين حول الموضوع سنتي 1969م، و1971م. 6- الوطن العربي: تُجري المجامِعُ اللغويّة في العواصم العربيّة أبحاثاً في أُسس وضع المصطلحات العلميّة والتقنيّة في اللغة العربيّة. وفي عام 1969م، أناطت (جامعةُ الدول العربيّة) مهمةَ تنسيق المصطلحات في الوطن العربيّ بـ(مكتب تنسيق التعريب بالرباط) الذي شجّع الأبحاث اللغويّة والمعجميّة، والدراسات المتعلِّقة بمشكلات المصطلحات العلميّة والتقنيّة باللغة العربيّة، ونشرَ عدداً غفيراً منها في مجلته وينظّم المكتبُ بصورة دوريّة ندواتٍ ومؤتمرات للتعريب، حسب خطة تهدف إلى توفير المصطلحات العربيّة الموحَّدة في العلوم والتكنولوجيا. وقد عقد المكتبُ (ندوة توحيد منهجيات وضع المصطلح العلمي) في الرباط في الفترة ما بين الثامن عشر والعشرين من شهر شباط / فبراير 1980م. "اللسان العربيّ" التي صدر عددها الثامن والخمسون عام 2005م. 1- ضرورة وجود مناسبة أو مشاركة أو مشابهة بين مدلول المصطلح اللغوي ومدلوله الاصطلاحي، ولا يشترط في المصطلح أن يستوعب كل معناه العلمي. 2- وضع مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد ذي المضمون الواحد في الحقل الواحد. 3- تجنب تعدد الدلالات للمصطلح الواحد في الحقل الواحد، وتفضيل اللفظ المختص على اللفظ المشترك. 4- استقراء وإحياء التراث العربي وخاصة ما استعمل منه، أو ما استقر من مصطلحات علمية عربية صالحة للاستعمال الحديث وما ورد فيه من ألفاظ معربة. 5- مسايرة المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية: وهذا المنهج الدولي في اختيار المصطلحات العلمية يتمثل في: أ- مراعاة التقريب بين المصطلحات العربية والعالمية لتسهيل المقابلة بينهما للمشتغلين بالعلم والدارسين. ب- اعتماد التصنيف العشري الدولي لتصنيف المصطلحات حسب حقولها وفروعها. ج- تقسيم المفاهيم واستكمالها وتحديدها وتعريفها وترتيبها حسب كل حقل. د- اشتراك المختصين والمستهلكين في وضع المصطلحات. هـ- مواصلة البحوث والدراسات ليتيسر الاتصال الدائم بين واضعي المصطلحات ومستعمليها. 6- استخدام الوسائل اللغوية في توليد المصطلحات العلمية الجديدة بالأفضلية طبقاً للترتيب الآتي: التراث فالتوليد (بما فيه من مجاز واشتقاق وتعريب ونحت) 7- تفضيل الكلمات العربية الفصيحة المتواترة على الكلمات المعربة. 8- تجنب الكلمات العامية إلا عند الاقتضاء بشرط أن تكون مشتركة بين لهجات عربية عديدة، وأن يشار إلى عاميتها بأن توضع بين قوسين. 9- تفضيل الصيغة الجزلة الواضحة، وتجنب النافر والمحظور من الألفاظ. 10- تفضيل الكلمة التي تسمح بالاشتقاق على الكلمة التي لا تسمح به. 11- تفضيل الكلمة المفردة لأنها تساعد على تسهيل الاشتقاق والنسبة والإضافة والتثنية والجمع. 12- تفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة العامة أو المبهمة، ومراعاة اتفاق المصطلح العربي من المدلول العلمي للمصطلح الأجنبي، دون تقيد بالدلالة اللفظية للمصطلح الأجنبي. 13- في حالة المترادفات أو القريبة من الترادف تفضل اللفظة التي يوحي جذرها بالمفهوم الأصلي بصفة أوضح. 14- تفضيل الكلمة الشائعة على الكلمة النادرة أو الغريبة إلا إذا التبس معنى المصطلح العلمي بالمعنى الشائع المتداول لتلك الكلمة. 15-عند وجود ألفاظ مترادفة أو متقاربة في مدلولها، ينبغي تحديد الدلالة العلمية الدقيقة لكل واحدة منها، وانتقاء اللفظ العلمي الذي يقابلها. 16- مراعاة ما اتفق المختصون على استعماله من مصطلحات ودلالات علمية خاصة بهم، معربة كانت أو مترجمة. 17- التعريب عند الحاجة وخاصة المصطلحات ذات الصيغة العالمية ذات الأصل اليوناني أو اللاتيني أو العناصر والمركبات الكيماوية. 18- عند تعريب الألفاظ الأجنية يراعي ما يأتي: (سيكون لنا وقفة عند التعريب وقواعده لاحقا) أ- ترجيح ما سهل نطقه في رسم الألفاظ المعربة عند اختلاف نطقها في اللغات الأجنبية. ب- التغيير في شكل المصطلح حتى يصبح موافقاً للصيغة العربية ومستساغاً ج- اعتبار المصطلح المعرب عربيا، يخضع لقواعد اللغة ويجوز فيه الاشتقاق والنحت وتستخدم فيه أدوات البدء والإلحاق، مع موافقته للصيغة العربية. د- تصويب الكلمات العربية التي حرفتها اللغات الأجنية واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح. هـ - ضبط المصطلحات عامة والمعرب منها خاصة بالشكل حرصا على صحة نطقه ودقة أدائه. ومن المؤسسات العربية التي تنشط في البحث المعجميّ والمصطلحيّ، (جمعيّة المعجميّة العربيّة بتونس)، فقد نظمت بمدينة تونس ندوة علمية دولية في موضوع " المعجم العربيّ المختصّ" في المدة من 17 ـ 19 نسيان 1993م، ونشرت أعمالها في كتاب، ونظّمت ندوتها الدولية الرابعة في موضوع "مشكلات التعريف في المعجم" بمدينة تونس في المدة من 22ـ 24 حزيران 2006م. كما تصدر الجمعية دورية بعنوان ”مجلة المعجميّة“. وفي المغرب توجد (الجمعية المغربيّة للدراسات المعجميّة) التي تنظّم ندوات حول قضايا المعجم العربيّ، وتُصدِر مجلة "الدراسات المعجميّة" التي ظهر عددها الخامس في يناير 2006، وهو مخصص لأعمال الندوة التي عقدتها الجمعية حول " المتلازمات في المعاجم العربية". المحاضرة السابعة وضع المصطلحات وإعدادها وتوثيقها نعني بوضع المصطلحات وإعدادها جميع الفعاليات المتصلة، بجمع المصطلحات وتحليلها وتنسيقها، ومعرفة مرادفاتها باللغة ذاتها، أو مقابلاتها بلغة أخرى. وكذلك جمع المفاهيم الخاصة بحقل معين من حقول المعرفة ودراسة العلاقة بين المفاهيم، ثم وصف الاستعمال الموجود فعلاً للتعبير عن المفهوم بمصطلح ما، أو تخصيص مصطلح معين للمفهوم الواحد. يمر إعداد المصطلحات المعيارية بثلاث مراحل: 1- دراسة نظام المصطلحات المعمول به حاليا في حقل معين، أو بعبارة أخرى، دراسة الاستعمال الفعلي للمصطلحات في ذلك الحقل، وهي دراسة وصفية. 2- تطوير نظام المصطلحات، أي تحسين الاستعمال الفعلي للمصطلحات، وهي عملية معيارية ترمي إلى وضع المصطلحات الدقيقة، أمام المفاهيم العلمية، وذلك هو الأساس في إنتاج المصطلحات المصنفة، وأنظمة التصنيف، والمعاجم الدلالية. 3- نشر التوصيات الخاصة بالمصطلحات الموحدة المعيارية. التوحيد المعياري للمصطلحات: قد تختلف المفاهيم وأنظمتها من لغة إلى أخرى، فهي ليست بالضرورة متطابقة في جميع اللغات، فمدلول المصطلح أو المفهوم الذي يُعَبر عنه يتباين من لغة إلى أخرى. وهذه الظاهرة العلمية تشكل إحدى الصعوبات الشائكة في عملية الاتصال، أو تبادل المعلومات على الصعيدين القومي والعالمي. ومن هنا كان لا بد من توحيد المصطلحات توحيداً معيارياً ينبني على أساس الاتفاق على المفاهيم وأنظمتها أو (بعبارة أخرى على المعاني وحقولها الدلالية). ومن أجل ذلك يقوم المتخصصون بدراسات مقارنة للمعاني المختلفة للمفاهيم وأنظمة المفاهيم في اللغات المختلفة. وتضطلع بمهمة التوحيد المعياري للمصطلحات (مؤسسات وطنية) على المستوى القومي، كـ(أكاديميات العلوم أو المجامع اللغوية)، أما المستوى العالمي فتقوم (المنظمة العالمية للتوحيد المعياري) في جنيف بهذه المهمة. ويعني التوحيد المعياري بصورة عامة تخصيص مصطلح واحد للمفهوم العلمي الواحد، وذلك بالتخلص من الترادف، والاشتراك اللفظي، وكل ما يؤدي إلى الغموض أو الالتباس في اللغة العلمية والتقنية. يتم التوحيد المعياري بالخطوات الآتية: 1- تثبيت معاني المصطلحات عن طريق تعريفها. 2- تثبيت موقع كل مفهوم في نظام المفاهيم طبقاً للعلاقات المنطقية، أو الوجودية بين المفاهيم. 3-تخصيص كل مفهوم بمصطلح واضح يتم اختياره بدقة من بين المترادفات الموجودة. 4- وضع مصطلح جديد للمفهوم عندما يتعذر العثور على المصطلح المناسب من بين المترادفات الموجودة. ولقد ساعدت أبحاث النظرية العامة للمصطلحات على التوصل إلى مبادئ أساسية تحكم وضع المصطلحات. ومن هذه المبادئ مثلاً: مبدأ الانطلاق من المفاهيم والعلاقات القائمة بينها، بدلاً من الانطلاق من المصطلحات للوصول إلى المفاهيم. - مبدأ الاقتصاد في اللغة عند وضع المصطلحات تحقيقاً للسهولة في الأداء والاستيعاب. - مبدأ الأخذ بالاستعمال اللغوي، وما جرى عليه العرف من المصطلحات، وعدم تغييرها إلا لأسباب وجيهة قوية. وهناك وسائل لفظية، وصرفية، ودلالية تستخدمها اللغة من أجل توفير المصطلحات التي تعبر عن المفاهيم العلمية والتقنية الجديدة. وهذه الوسائل هي: الاشتقاق، والمجاز، والنحت، والترجمة، والتعريب. ولكل وسيلة مجال معين تصلح في أكثر من غيرها وشروط تقتضي استعمالها دون غيرها. وتجدر الإشارة إلى أن اللغة العربية، تعد من أقدر اللغات على وضع المصطلحات وتوليدها واشتقاقها ونحتها وتطويرها، وذلك للعلاقة القائمة بين الصيغ الصرفية العربية والمفاهيم العامة في الوجود. فمثلاً وزن (فِعالة) يدل على الحرفة أو شبهها، مثل: نجارة، وسباكة، وحدادة. ووزن (فُعال) يدل على المرض مثل: صداع، وكساح، وسعال. ووزن (فَعلان) يدل على تقلب واضطراب مثل: غليان. وعلى الرغم من هذه القدرة للغة العربية على مواكبة المصطلحات، واعتزازنا بها بوصفها أقدم اللغات العالمية،وأثراها لفظاً، وأدقها عبارة، فإننا نعترف بأنها تواجه مشكلة مصدرها قصور وارتباك في مضمار المصطلحات العلمية والتقنية. وما زال عدد كبير من المعاهد العلمية في الوطن العربي يستعمل لغة أجنبية كالانجليزية أو الفرنسية أو الايطالية لغة لتعليم العلوم، والهندسة، والطب. ويمكن أن نعزي النقص في المصطلحات العلمية والتقنية في الوطن العربي إلى ثلاثة أسباب رئيسية هي: 1- خلال أربعة قرون من الحكم العثماني والسيطرة الأوروبية على البلاد العربية، لم تستخدم اللغة العربية في الإدارة أو التعليم، ففقدت شيئاً من استمراريتها ونموها في هذين المجالين. 2- في تلك الفترة الطويلة، وقبيل نهضتنا العلمية المعاصرة، لم تكن هنالك اختراعات أو اكتشافات أو أبحاث علمية رصينة في الوطن العربي لكي تسبغ مصطلحات عربية على المخترعات أو المكتشفات، ونحن نعلم أن المصطلحات العلمية والتقنية يضعها المخترعون والمكتشفون والعلماء والباحثون. 3- إن تدفق المصطلحات العلمية والتقنية الجديدة كل يوم من الدول الصناعية، يجعل من العسير على العربية مجابهتها واستيعابها بالسرعة اللازمة، إذ تقدر هذه المصطلحات الجديدة بخمسين مصطلحاً يومياً. كل هذه الأسباب وغيرها، تجعل من المصطلح العلمي مشكلة تنوء بثقلها على المشتغلين بالتخطيط اللغوي في وطننا العربي. التوثيق في المصطلحية: نعني بالتوثيق في حقل المصطلحية تجميع المعلومات المتعلقة بالمصطلحات وتسجيلها ومعالجتها، ونشرها. ويتناول التوثيق ثلاثة أصناف من المعلومات المتعلقة بالمصطلحات وهي: 1- توثيق مصادر المصطلحات 2- توثيق المصطلحات 3- توثيق المعلومات عن المؤسسات المعجمية والمصطلحية. 1- توثيق مصادر المصطلحات: هذا النوع من التوثيق يقدم خدمات لا يستغنى عنها العاملون في حقل المصطلحات من باحثين ومعجميين، فهو يزودهم بالمعلومات الببليوغرافية: عنوان المصدر، واسم مؤلفه، واسم الناشر، ومكان النشر، وتاريخه، وعدد الأجزاء، والطبعة، وترتيب المصدر في السلسلة إن كان جزءاً من سلسلة من المنشورات. وأهم مصادر المصطلحات ما يأتي: 1- أدلة المبادئ التي تحكم وضع المصطلحات وتوحيدها. 2-معاجم المصطلحات الموحدة والمصطلحات العامية والتقنية في الميادين المتخصصة المختلفة. 3- الكتب التي تبحث في علم المصطلح. 4-المجلات المتخصصة. 5- المقالات والأبحاث المنشورة. ويمكن أن تنشر هذه المعلومات في كتب أو قوائم، كما يمكن أن تحفظ على أشرطة ممغنطة. ومن أهم المنجزات في توثيق مصادر المصطلحات: ببليوغرافية المعاجم العلمية والتقنية المتخصصة التي أعدها الأستاذ ” فيستر“ ونشرت اليونسكو المجلد الأول منها سنة 1955م والثاني سنة 1959م. وفي اللغة العربية نشر الأستاذ عبد الرحيم الجلبي ”ببليوغرافيا الترجمة والمعاجم للوطن العربي“ (بغداد: دار الجاحظ، 1979م). كما أعد المؤلف بالاشتراك مع الأستاذ جواد حسني، (ببليوغرافيا المعاجم المتخصصة) نشرت في مجلة (اللسان العربي) في المجلد العشرين. 2- توثيق المصطلحات: والنوع الثاني من أنواع توثيق المعلومات المتعلقة بالمصطلحات، هو: توثيق المصطلحات ذاتها، وجميع الحقائق الضرورية عنها، أو بعبارة أخرى جمع وتسجيل وتحليل المعلومات المصطلحية المتعلقة بالمفهوم العلمي والمصطلح الذي يعبر عنه، وتعريفه، والسياق الذي ورد فيه، والمصدر الذي أستقيت المعلومات منه، وقيمة المصطلح (أي إذا كان موحداً، أو مشتقاً عليه، أو مفضلاً، أو مقترحاً، الخ) ينقسم توثيق المصطلحات من حيث الوسيلة المتبعة إلى ثلاثة أنواع: 1- توثيق المصطلحات يدوياً، وذلك باستخدام البطاقات أو الجذاذات التي ترتب في مجلدات. 2- توثيق المصطلحات ميكانيكياً باستخدام (الميكروفيلم) و(الميكروفيش) 3-توثيق المصطلحات الكترونياً باستخدام الحاسب الإلكتروني في إنشاء بنوك المعلومات. (سيكون لنا حديث مفصل عن بنوك المعلومات في المحاضرات اللاحقة). 3- توثيق المعلومات عن المؤسسات المعجمية والمصطلحية: يحتاج العاملون في حقل المصطلحات إلى المؤسسات العامة في ذات الحقل على المستويات الوطنية والقومية والعلمية، وإلى معرفة المشروعات المعجمية والمصطلحية التي تقوم بها تلك المؤسسات ليسهل عليهم تبادل الخبرات والمعلومات والتعاون فيما بينهم توفيرا للوقت واقتصادا في النفقات، ولهذا أصبح من الضروري توثيق المعلومات الآتية: 1- أسماء المؤسسات العلمية والمهنية والاتحادات التي تعنى بالمصطلحات 2- أسماء خبراء المصطلحات وعناوينهم والمؤسسات التي يعملون فيها 3- المشروعات المعجمية والمصطلحية الجارية منها والمستقبلية والمشرفون عليها. |
2017- 3- 14 | #4 |
Banned
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
|
2017- 3- 14 | #5 |
Banned
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
قارني بين التسجيل وبين ملف محتوى المحاضرة لتتأكدي بنفسك
رفعت طلب للجامعة لتعديل المحتوى وبانتظار ذلك |
2017- 3- 15 | #6 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
المحاضره المسجله لدكتور والمحتوى لدكتور اخر نا قصين احنا
|
2017- 3- 15 | #7 |
أكـاديـمـي فـعّـال
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
الله يعدي هذا المستوى على خير
ناقصين لخبطه احنا |
2017- 3- 24 | #8 |
Banned
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
تم بحمد الله تعديل ملفات البور بوينت في موقع الجامعة للمحاضرات 5-6-7 بعد التواصل مع الدكتور
وبهذا تم الانتهاء من اعداد المذكرة شاملة المحاضرات من الاولى إلى التاسعة وسيتم بإذن الله ادراج باقي المحاضرات فور نزولها في الموقع لا تنسوني من صالح الدعاء الملف في المرفقات |
|
|
2017- 3- 24 | #9 |
متميز قسم اللغة العربية المستوى 5
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
وفقكِ الله يا أم الجود
|
2017- 3- 25 | #10 |
أكـاديـمـي فـضـي
|
رد: مدخل إلى علم المصطلح / د: عبد اللطيف الريح
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|